كتب المتخصص في الشؤون الدولية ، مالك عساف ، في ذكرى انتصار الثورة الإسلامية، الحادي عشر من شباط/ فبراير عام 1979 سجل حدثاً تاريخياً كبيراً هز منطقة الشرق الأوسط برمتها وأحدث تغييراً استراتيجياً على المستويين الإقليمي والدولي وأوجد مفاهيم ومعايير جديدة بعيدة عن الإصطفافات السياسية التي فرضتها ما عرفت في ذلك الوقت بالحرب الباردة.

وكالة مهر للأنباء ــــ مالك عساف: إنها الثورة الإسلامية في إيران، ثورة فريدة قادها رجل فريد أيضاً لم يشهد التاريخ المعاصر مثيل له، فقد تمكن من الجمع بين الدين والحياة والعقيدة والسياسة والفكر والتطبيق ليخرج بنموذج من الحكم تطلعت إليه الشعوب والحكومات على اختلاف ألوانها وإنتمائاتها الفكرية والدينية.

الثورة الإسلامية في إيران حدثت في وقت كانت تمر فيها المنطقة بتعقيدات كبيرة نتيجة الصراع مع الإحتلال الصهيوني وخروج بلد عربي كبير كمصر من حلبة هذا الصراع بعد المبادرة التي تقدم بها الرئيس المصري الأسبق أنور السادات وانخرط من خلالها في مسيرة التسوية مع الصهاينة والتي إنتهت بتوقيع إتفاقية كامب ديفيد الشهيرة وأحدثت شرخاً كبيراً في الجبهة العربية.

وجاءت الثورة الإسلامية في إيران كتطور نوعي كبير على مستوى العالم، فمع احتدام الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي السابق التي قسمت العالم إلى شطرين؛ أحدهما يميل إلى الشيوعية - الإشتراكية ومشتقاتها والآخر يميل إلى الرأسمالية الليبرالية وأنواعها،  فرفعت الثورة الإسلامية شعار "لا شرقية ولا غربية؛ جمهورية إسلامية" لتكون الخيار الثالث الذي ضرب تلك الإصطفافات عرض الحائط وشكل تحولا كبيرا وشجاعاً في نفس الوقت.

وقد ظهرت أولى معالم هذا التحول الجديد على المستوى السياسي وفي الأيام الأولى لإنتصار الثورة الإسلامية حيث أعلن النظام الإسلامي الفتي عن قطع العلاقة مع الكيان الصهيوني وقام بطرد السفير الاسرائيلي من الأراضي الإيرانية ورفع العلم الفلسطيني بدل علم الكيان.

وعلى المستوى الثقافي لعبت الثورة الايرانية دوراً كبيراً  في عملية تنمية القيم الاخلاقية والإنسانية، والعودة الى الإصالة وإزالة مظاهر الفساد في المجتمع وقامت بتعزيز الوعي الشعبي وتنمية القيم المعنوية والدينية والإنسانية.

كما قامت الثورة بمكافحة الجهل والأمنية مما أسهمت في تطوير الأمن الإجتماعي لدى أبناء الشعب.وبتعزيز روح الوحدة والإخاء داخل أبناء المجتمع وأشاعت الخطاب الثوري والديني بينهم.

أما على المستوى الإعلامي فقد فسحت الثورة المجال أمام إنتشار المطبوعات والمجلات والصحف والدوريات بشكل واسع وأطلقت العنان للحريات السياسية والإجتماعية التي يكلفها الدستور والأنظمة القانونية.

ومنحت الثورة الإسلامية دوراً أكبر للمرأة لتشارك الرجل في المجالات المختلفة لا سيما السياسية منها وتعزز حضور المرأة السياسي من خلال الترشح لعضوية مجلس الشورى الإسلامي والمجالس البلدية والقروية.وفي ذكرى إنتصارها التاسع والثلاثين تواصل الثورة الإسلامية تقدمها وتعزيز مكانتها ودورها الإقليمي والدولي بكل فخر واعتزاز./انتهى/