يعتبر الإستقلال في القرار السياسي عملة نادرة في زمن الإصطفافات السياسية والدولية التي قسمت العالم في القرن العشرين إلى شطرين أحدهما تبنى المنظومة الرأسمالية الغربية والآخر تبنى المنظومة الإشتراكية الشرقية.

وكالة مهر للأنباء ــــ أحمد القزويني:ولعل أهم ما ميز الثورة الإسلامية في إيران بعد إنتصارها في الحادي عشر من فبراير شباط عام 1979 هو إستقلال قرارها وإبتعادها عن التخندق والإصطفافات السياسية الذي بلغ ذروته بين الكتلة الشرقية بزعامة الإتحاد السوفياتي السابق والكتلة الغربية بزعامة الولايات المتحدة.

وإستقلالية القرار السياسي في إيران الثورة هو الذي جعلها محط أنظار العالم وإعجاب الشعوب التواقة إلى الحرية والتخلص من التبعية وتسلط الأنظمة المستبدة، ولذلك فقد وجدت الثورة الإسلامية طريقها - وبكل سهولة - إلى قلوب الناس على اختلاف ألوانهم وقومياتهم وأديانهم ومذاهبهم فيما أثارت تخوف وقلق أنظمة التسلط والهيمنة والدول الكبرى التي تقف ورائها.

وكان تخوف هذه الأنظمة من حدوث ثورات مماثلة في بلدان تعيش ظروف ومشاكل مشابهة لما كانت تعانيه إيران قبل الثورة، كما كان فزع هذه الأنظمة الأكبر من المفاهيم العقائدية التي حملتها الثورة الإسلامية والتي بشرت بموجات كبيرة وهائلة من الصحوات الإسلامية التي لا تكتفي ببعض التغيرات الشكلية او إعادة تأهيل وهندسة الأنظمة القائمة بل تتطلع إلى اقتلاع هذه الأنظمة بسبب إنتمائها الفكري والسياسي.

ولعل من الإجحاف القول بأن النظام الإسلامي في إيران هو من سعى إلى ما سمي بتصدير الثورة إلى خارج البلد فتفاعل الشعوب المختلفة - التواقعة إلى الإنعتاق من الأنظمة الإستبدادية- مع ما تحمله الثورة الإسلامية من رسائل وقيم على صعيد الحرية والاستقلال والعزة الاسلامية هو الذي فسح المجال أمام وصول صدى الثورة إلى خارج حدود إيران الجغرافية.

وقد أكّد الإمام الخميني الراحل على هذا المعنى في إحدى خطاباته قائلا: حينما نقول إن ثورتنا يجب أن تصدّر إلى كل أنحاء العالم فلا يفهم من ذلك على نحو خاطئ؛ إنّنا نريد فتح البلدان، فنحن نعتبر كل بلدان المسلمين منّا ويجب أن تبقى كل البلدان في مكانها، ومعنى تصدير الثورة هو أن تستيقظ كل الشعوب، وتستيقظ كل الحكومات.

لكن أبواق أعداء الثورة أصرت على تخويف الشعوب - وخاصة شعوب المنطقة - وإرعابها مما اعتبروه خطرا قادماً من إيران قد ينقض عليها في أية لحظة ليغير تواجهاتها العقائدة والمذهبية.

وقد اعترف الأعداء أنفسهم بأن شعوب المنطقة هي من تأثرت بالثورة الإسلامية وأعجبت بها فيما لم تشكل هذه الثورة خطراً إلا على مصالح الدول الكبرى وإطماعها في المنطقة.

وقد كتب أحد كبار المسؤولين في وكالة الإستخبارات الأمريكية الـ C.I.A يقول: إن الثورة الايرانية كانت عاملاً وسيطاً نقل حالة السياسة الاسلامية إلى قلب الفكر السياسي في العالم، فيما تأثر بقدرات هذه الثورة حتى من لم تكن له أدنى رغبة في حزم أمتعته والتوجه إلى طهران. ويعتبر المسؤول الأمريكي إن الإمام الخميني الراحل عمل بأسلوب صحيح حينما استطاع اسقاط الشاه بكل ما له من قوة وبكل الدعم الأمريكي الذي كان وراءه ، وبهذا يكون قد أهان وهزم الولايات المتحدة أيضاً.

ويتحدث خبير آخر عن تأثير الثورة الإسلامية ووصوله إلى خارج الحدود الإقليمية والمذهبية فيقول: إن نجاح الثورة الاسلامية في ايران عزز ثقة الاخوان المسلمين بأهدافهم لبناء نظام اسلامي في مصر فيما أعتبر آخر إن أهمية الثورة ستتعدى حدود ايران والشرق الأوسط والعالم الاسلامي المترامي والسبب بسيط جداً هو إنّها آخر الثورات الكبرى في العصر الحديث.