وكالة مهر للأنباء ـــ علی نصرالله*: ايران التي احتفلت بانتصار الثورة وبأيام عشرة الفجر - من 1 إلى 10 شباط - وأحيت باعتزاز وعلى نحو واسع ذكرى الانتصارات التي حققتها الثورة، هل يستذكر الإيرانيون بهذه المناسبة قائد ثورتهم ورجالاتها وأحداثها فقط؟ أم أنهم يستلهمون منها؛ ويتقدمون يوماً بعد آخر خطوات على الطريق ذاته؟.
بعيداً عن السياسة، وبعيداً عن الأيديولوجيا، وبعيداً عن العاطفة والانفعالات بالاتجاهين، وبتجرد تام يمكن لأصدقاء إيران؛ ولأعدائها؛ أن يكتشفوا الإجابة التي لا شك ستكون مدهشة للبعض؛ وصادمة للبعض الآخر؛ بمجرد الإطلاع على الأرقام التي تحققت؛ وعلى ترتيب المكانة التي باتت تحتلها إيران حيث هي اليوم في صف الدول الأُوَل على مستوى العالم في جميع المجالات العلمية والتقنية.
دعكم من الهراء الذي يعلكه الصهاينة والأعراب، ودعكم من حملات التضليل الغربية ضد إيران، وحسبكم أن تجدوا الحقيقة كل الحقيقة في جنون نتنياهو هذه الأيام وفي اضطرار واشنطن للخضوع لنصوص الاتفاق النووي خلافا لرغبتها اذ ما من خيارات متاحة أمامها، فمن جهة تكابد مشقة الانسحاب منفردة من الاتفاق النووي، ومن جهة أخرى تكتوي بنيران العجز عن تنفيذ عدوان ضد ايران يثلج قلوب الصهاينة ويحقق لها ما تريد.
قد لا يعترض الغرب وأميركا على هراء الأعراب؛ ولا على ضجيج نتنياهو؛ وقد يُحرض الغرب وأميركا الأعراب والصهاينة على إظهار المزيد من العجرفة والحقد والعداء لتبرر أميركا والغرب مواقفهما، لكن الغرب وأميركا يعرفان تماماً لماذا قبلا التفاوض مع إيران، وهما كطرف واحد يدركان أن طهران لا تقيم وزناً لهراء الأعراب ولا لضجيج الصهاينة ولا لأي فرقة كومبارس أخرى، وربما لدى الغرب وأميركا يقين بأن طهران تزداد ثقة وقوة مع مرور الوقت، وبأن ما يمكن الاتفاق عليه معها اليوم؛ قد يكون الحصول عليه في الغد أمراً صعباً وأكثر تعقيداً.
في كل جولة تفاوض كان يضع الغرب وأميركا أمامهما المؤشرات الرقمية التي حققتها إيران في العقود الثلاثة الماضية رغم الحرب والحصار والعقوبات، وهما إذ يتلمسان حقيقة أنها تحتل المركز الأول عالمياً في مجال الإنتاج العلمي المنشور؛ مسجلة بذلك رقماً قياسياً غير مسبوق في هذا المجال ( بالمناسبة فإن الإنتاج العلمي الإيراني يتضاعف كل ثلاث سنوات، ومعدل النمو فيه يصل إلى 11 ضعفاً للمعدل العالمي )، فإنهما يدركان صعوبة المهمة والموقف في المستقبل الذي تؤسس له الجمهورية الإسلامية باقتدار.
معلومٌ أن الغرب وأميركا كطرف دولي استعماري يسعى للهيمنة على العالم؛ لا يتحاور إلا مع القوي؛ ومسلمٌ به أنه لا يتفاوض مع خصومه إلا عندما يشعر بالعجز عن إخضاعهم، وحاله مع إيران تكاد لا تخرج عن هذه القاعدة، فهل يفهم الأعراب شيئاً عن هذه المعادلات التي هم خارجها بحكم تبعيتهم وجاهليتهم؟ وهل يتعرف الصهاينة إلى حدود جديدة لا يمكنهم تخطيها؛ ولا يمكن للغرب وأميركا من خلفهم تجاوزها؟.
إيران في الساحة الدولية ليست خزان نفط وغاز كما هو حال البعض في المنطقة؛ وليست ملفاً نووياً مفتوحاً إلى ما لا نهاية، إيران دولة باتت في صف الدول الأُوَل عالمياً؛ وهي قوة علمية عسكرية اقتصادية مؤثرة؛ وهي رقم سياسي دولي فاعل؛ وهي خط ثوري لا ينحرف؛ وهي نصير لفلسطين لا يهادن؛ وهي ظهير لقضايا العرب والمسلمين لا يلين؛ وقبل هذا وذاك هي دولة راسخة لها مشروعها التنموي العاقل؛ ولها طموحها الإعماري والحضاري الحكيم؛ ولديها من الصلابة ما يجعلها ثابتة على المبدأ وعصية على الأخذ والتهديد./انتهى/
*امین تحریر للشوون الاقتصادیه فی جریدة الثورة فی سوریا