أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري أن تهديدات الدول الغربية بالعدوان على سوريا ومناوراتها وتضليلها لن يحيد سوريا عن الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها وصد أي عدوان مهما كان مصدره وهي لن تسمح لأحد كبيرا كان أم صغيرا دائم العضوية أو غير دائم العضوية أن يكرر في سورية ما فعلوه في العراق وليبيا.

وأفادت وكالة مهر للأنباء ، نقلاً عن سانا أن الجعفري قال خلال جلسة لمجلس الأمن حول الوضع في سورية اليوم إن أولئك الذين خرجوا للتو من القاعة ذكروا في بياناتهم أن اليوم هو يوم حزين لنظام عدم الانتشار وأنا أريد أن أحرك ذاكرتهم بعض الشيء لأقول لهم إن انتهاك نظام عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل هو اختصاص تفردت به هذه الدول الغربية فالولايات المتحدة الامريكية استخدمت السلاح النووي في اليابان والبيولوجي والكيميائي في فيتنام واليورانيوم المنضب في العراق.

وأضاف الجعفري: كما استخدمت فرنسا عينات بشرية جزائرية عندما قامت بأول تجربة ذرية في الصحراء الجزائرية في عام 1960 حيث وضعوا جزائريين أحياء بعد تقييدهم إلى أعمدة في الصحراء وألقوا عليهم القنبلة الذرية الفرنسية الأولى بينما أجرت بريطانيا كل تجاربها النووية في مستعمراتها الجزرية الصغيرة في المحيطات ثم تخرج علينا السفيرة البريطانية لتقول إن اليوم هو يوم حزين لـ “شعب دوما” وانا أعرف أن هناك سكانا في دوما وليسوا شعبا في حين هناك شعب سوري وليس شعبا في دوما.

وقال الجعفري: أريد أن أقتبس شيئا من أديب بريطاني بعيدا عن ماركس ولينين وكل من ذكروا سأقول إن شكسبير قال في يوم من الأيام: “الكذب يشوهك..فكن صادقا أو اصمت”.

وتابع الجعفري إن المندوبة البريطانية قالت إن روسيا ليست مخولة بالذهاب إلى دوما والوقوف على ما إذا استخدمت مواد كيميائية في دوما أم لا .. هي وجدت أنه ليس من صلاحية أصدقائنا الروس الموجودين على الأرض أن يذهبوا إلى دوما ويعاينوا المنطقة.. كلام عجيب .. لماذا لم تقل بريطانيا هذا الكلام لنفسها عندما أرسلت استخباراتها إلى خان شيخون وخولت نفسها أن تأخذ عينات منها حسب ما ادعت هي وفرنسا آنذاك وأخذوها إلى مخابر ادعوا أنها مخابر بريطانية وفرنسية دون التنسيق مع آلية التحقيق المشتركة وبعثة تقصي الحقائق فهذا تناقض عجيب حيث يجيزون لأنفسهم ما لا يجيزون لغيرهم .

بريطانيا وقعت قبل فترة اتفاقا مع ولي عهد النظام السعودي لبيعه أسلحة بقيمة 100 مليار دولار وذلك للاستمرار بقتل اليمنيين وافتعال حروب جديدة بالمنطقة.

وقال الجعفري: إن بريطانيا وقعت قبل فترة اتفاقا مع ولي عهد النظام السعودي لبيعه أسلحة بقيمة 100 مليار دولار .. يعني أكثر بكثير مما يسمى صفقة اليمامة وذلك للاستمرار بقتل اليمنيين وافتعال حروب جديدة بالمنطقة مع ايران وسورية وتوريط المنطقة كلها بحروب لا تنتهي.. هذا ما تستطيع أن تفعله بريطانيا.. وكان المهاتما غاندي الذي يعرف البريطانيين جيدا محقا عندما قال وأقتبس.. “إذا وقع شجار بين سمكتين في أعماق البحر فاعرفوا أن سبب هذا  الشجار بريطانيا”.

وأضاف الجعفري إن المندوبة الأمريكية قالت “إن هناك وحشا وحيدا يقف اليوم في وجه العالم كله” وهو وحش مول وسلح الإرهابيين على مدى سبع سنوات في سورية.. وأنا أقول ان هذا الوحش هو الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا الذين رعوا الإرهاب في سورية على مدى سبع سنوات وقبل ذلك في العراق وقبلها في أفغانستان وليبيا.. رعوا تنظيمات إرهابية من /القاعدة/ و/طالبان/ و/داعش/ وصولا إلى /جبهة النصرة/ و/جيش الاسلام/ و/فيلق الرحمن/ و/الخوذ البيضاء/ التي تعتبر آخر اختراعات المخابرات البريطانية.

وقال الجعفري: إن الوحش الذي تحدثت عنه هو الذي يكذب ليدمر ويعتدي ويحتل ويرسل قواته آلاف الأميال إلى كل مكان بالعالم لزعزعة الاستقرار والسلم والأمن الدوليين.. الوحش هو ذاك الأمريكي الذي يرفض حتى الآن تسليم وتدمير ترسانته الكيميائية.. الولايات المتحدة حتى الآن ترفض تدمير ترسانتها.. لكنهم لا يتورعون عن إعطاء الدروس للآخرين في مضمار التخلص من الاسلحة الكيميائية.

وأوضح الجعفري إن المندوب الفرنسي قال إنه روع بالصور التي رآها لكنه لا يروع بصور المئات من المدنيين الذين قتلتهم الطائرات الفرنسية في قرية توخار بريف منبج عام 2016 حيث سقطت 200 ضحية من المدنيين.. عائلات بأكملها قتلتها الطائرات الفرنسية.. وطبعا هذه الصور لم يرها السفير الفرنسي ولا روع بها .. وبالتالي فإن كلمة معايير مزدوجة أصبحت خفيفة على هؤلاء الناس.

وبين الجعفري أن وزارة الخارجية وردا على حملة الافتراءات التي أطلقتها بعض الدول الغربية ضد الجمهورية العربية السورية على خلفية الاستخدام المزعوم للسلاح الكيميائي في مدينة دوما بالغوطة الشرقية بتاريخ السابع من نيسان وجهت اليوم دعوة رسمية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لإرسال فريق من بعثة تقصي الحقائق لزيارة دوما والتحقيق في الادعاءات المتعلقة بحادثة الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية في المدينة والوقوف على الحقائق المتعلقة بهذه المزاعم.

الجمهورية العربية السورية ترحب بزيارة فريق تقصي الحقائق وتؤكد حرصها على التعاون الكامل وتقديم كل أوجه المساعدة اللازمة لقيام هذه البعثة بعملها ولضمان سلامة أعضاء فريقها.

وأوضح الجعفري أن الجمهورية العربية السورية ترحب بزيارة فريق تقصي الحقائق وتؤكد حرصها على التعاون الكامل وتقديم كل أوجه المساعدة اللازمة لقيام هذه البعثة بعملها ولضمان سلامة أعضاء فريقها بما في ذلك تسهيل اجراء المقابلات وأخذ عينات وفقا لوثيقة الشروط المرجعية وتتطلع إلى أن تقوم البعثة بعملها بشفافية وحرفية كاملتين والاعتماد على أدلة ملموسة ذات مصداقية وعندما ستصل لجنة تقصي الحقائق “إذا وصلت” ستجد مدينة دوما محررة وستصل إلى أي مكان تريده.

وشدد الجعفري على أن مقدمي مشروع القرار الأمريكي لا يسعون وراء إجلاء الحقيقة لأنها بكل بساطة ستدينهم مع وكلائهم الإرهابيين على الأرض إذ بدلا من انتظار زيارة بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية ومعرفة فيما إذا جرى فعلا استخدام للمواد الكيميائية السامة في دوما نراهم يدفعون بمشاريع قرارات غير توافقية لا تهدف إلى توضيح الحقيقة وإنما لإنشاء آليات غير موضوعية تخرج بنتائج مسبقة تؤيد أجنداتهم واتهاماتهم السياسية مع إدراكهم المسبق بأن إعادة استنساخ تجربة ما كان يعرف بـ/آلية التحقيق المشتركة/ لن يكون مقبولا من قبل الدول التي تسعى فعلا داخل هذا المجلس إلى الوصول لحقيقة من يستخدم المواد الكيميائية السامة ضد المدنيين السوريين.

الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا هم من أفشلوا ما كان يعرف بآلية التحقيق المشتركة وهم من أسقطوها نتيجة إصرارهم على تسييس عملها وممارستهم الضغط والابتزاز على قياداتها

وقال الجعفري “إنني أؤكد على حقيقة أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا هم من أفشلوا ما كان يعرف بآلية التحقيق المشتركة وهم من أسقطوها نتيجة إصرارهم على تسييس عملها وممارستهم الضغط والابتزاز على قياداتها التي تخلت عن منهجية العمل والمصداقية والحرفية فأصدرت تقارير مفبركة تتهم الحكومة السورية استنادا إلى مصادر مفتوحة وشهادات مزورة وأدلة مفبركة وردت وترد في معظمها من مجموعات إرهابية في مقدمتها تنظيم جبهة النصرة الإرهابي وذراعه التضليلي الإعلامي بريطاني المنشأ /الخوذ البيضاء/”.

وتابع الجعفري “إن ما نشهده اليوم في هذا المجلس هو سيناريو مشابه لما حصل قبل عام تماما عندما قامت الولايات المتحدة الأمريكية بشن عدوان غاشم على قاعدة الشعيرات الجوية بناء على حجج واهية وذرائع مفبركة عن استخدام الجيش العربي السوري للسلاح الكيميائي في خان شيخون ثبت زيفها عندما منعت الولايات المتحدة وحلفاؤها آلية التحقيق من زيارة خان شيخون ومنعت خبراء الآلية من أخذ عينات من القاعدة العسكرية المذكورة”.

ولفت الجعفري إلى أن النهج العدواني للولايات المتحدة الأمريكية وشركائها بقي قائما عبر التاريخ على التضليل والكذب والهيمنة وعلى “قانون القوة” مبينا أن هذا النهج بطبيعته الوحشية لم ولن يحترم في يوم من الأيام قوة القانون ولم ولن يقيم وزنا أو اعتبارا للشرعية الدولية.

وقال الجعفري “إن ما تشهده سورية منذ سبع سنوات وحتى اليوم هو مثال صارخ على استمرار شهية تكرار الأكاذيب والتضليل والقصص الملفقة التي كانت مارستها الولايات المتحدة وبريطانيا في هذه القاعة لتدمير العراق واحتلاله تحت ذريعة كذبة كبرى هي أسلحة الدمار الشامل وأجد نفسي مضطرا كل مرة لأذكركم بموقف وزير الخارجية الأمريكية الأسبق كولن باول حين جلس في هذه القاعة ليعرض أشرطة مسجلة ووثائق وخرائط وصورا تبين لاحقا أنها من إنتاج وتزوير وفبركة أجهزة الاستخبارات الأمريكية لخدمة أجندة غزو العراق المعدة مسبقا في ذلك الحين”.

وأضاف الجعفري: “لتتنبهوا معي إلى حقيقة مريرة بطبيعتها.. فعالمنا شهد عبر قرون طويلة عهودا متكررة من الاستعمار والهيمنة كانت أهدافها احتلال أراض أو سرقة ثروات شعوب أو فرض أجندات جيوسياسية.. أما اليوم فقد وصل السقوط السياسي الأخلاقي بهذه الدول إلى درجة تدمير دولة مثل ليبيا وقتل شعبها بهدف التغطية على قضية رشوة وفساد مالي تورط فيها رئيس دولة دائمة العضوية في هذا المجلس تتشدق بقيم الديمقراطية والحرية وإلى درجة أن تفرض دولة دائمة العضوية على دول نفطية أن تسدد فواتير استمرار عدوانها وتدخلها العسكري في سورية وهي علاقة لا يمكن وصفها إلا بأنها علاقة بين فاسد يملك المال وبين مرتزق يملك السلاح والقوة .. إلى أن وصل الأمر اليوم لأن تسعى دول دائمة العضوية لشن عدوان على دول ذات سيادة فقط للتغطية على أزمات حكوماتها الداخلية وصراع النخب السياسية فيها”.

لن نسمح لأحد كبيرا كان أم صغيرا دائم العضوية أو غير دائم العضوية أن يكرر في سورية ما فعلوه في العراق وليبيا

وتابع الجعفري: “إننا نؤمن في سورية وبعد سبع سنوات من حرب إرهابية قذرة شنت وفرضت علينا بأن الخيارات واضحة وهي في الوقت نفسه تشكل تحديا كبيرا مفروضا على عاتق السواد الأعظم داخل هذا المجلس كي يقف في وجه هذا التضليل والكذب وفي مواجهة هذا السقوط السياسي الذي تحاول الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا جر مجلس الأمن باتجاهه .. القرار لكم اليوم أيها السادة .. اليوم وفي المستقبل .. وتأكدوا أن الرأي العام العالمي وشعوبكم وشعوب العالم الحرة ستكون هي الحكم على ممارستكم لمسؤولياتكم في الانتصار للشرعية الدولية وفي صون السلم والأمن الدوليين بل وفي حماية العالم بأسره من إرهاب أسود تستثمره الدول الثلاث دائمة العضوية لتقويض استقرار الدول وتقرير مصائر شعوبها“.

وأردف الجعفري: “أدعوكم إلى خيار الانتصار لنظام سياسي عالمي أخلاقي متعدد الأقطاب يؤءمن بالقانون الدولي وبحق الدول والشعوب في تقرير مستقبلها وبرفض سياسة الهيمنة العسكرية والسياسية والاقتصادية”.

وجدد الجعفري إدانة الجمهورية العربية السورية الشديدة لأي استخدام للأسلحة الكيميائية من قبل أي كان وتحت أي ظرف وفي أي مكان وحرصها الكامل على التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لكشف حقيقة الادعاءات التي تقوم بالترويج لها بعض الأطراف الغربية وذلك لتبرير نواياها العدوانية خدمة لأهدافها السياسية مبينا أن أساطيلهم موجودة الآن شرق البحر المتوسط وهم يعرفون أنهم كانوا يقصدون من هذه الجلسة الحصول على الفيتو لكي يبدؤوا عدوانهم.

وختم الجعفري: “أقول لهذه الأطراف إن تهديدكم بالعدوان ومناوراتكم وتضليلكم وكذبكم وإرهابكم لن يحيدنا كدولة مؤسسة لهذه المنظمة الأممية عن ممارسة واجبنا وحقنا بموجب الميثاق وبموجب دستورنا الوطني في الحفاظ على سيادة بلدنا ووحدة أراضينا وفي صد أي عدوان مهما كان مصدره ولن نسمح لأحد كبيرا كان أم صغيرا دائم العضوية أو غير دائم العضوية أن يكرر في سورية ما فعلوه في العراق وليبيا”.

وفي اتصال مع التلفزيون السوري وصف الجعفري ما جرى في مجلس الأمن اليوم بأنه “أشبه ما يكون بمسرحية” تكلفوا عليها الكثير وهدفهم هو كسر شوكة روسيا والصين وبوليفيا واثيوبيا مبينا أنهم يكررون أخطاءهم باستمرار ولن ينجحوا بما يقومون به.

وأشار الجعفري الى أن الغرب أصيب بهزائم الواحدة تلو الأخرى في مجلس الأمن ولا يستطيع إحراز أي تقدم لا في مجلس الأمن ولا في استخدام سلاح الإرهاب ولا في التلاعب بالرأي العام “أي انكشفت اللعبة”.

وأوضح الجعفري أن الدول الغربية لا تريد وصول بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الاسلحة الكيميائية الى دوما لأنها ستكشف زيف ادعاءاتهم وسيخرجون خاسرين من هذه السينما التي صنعوها مبينا أن هذا الأمر شبيه بما حصل حين استخدمت التنظيمات الارهابية المواد الكيميائية في خان العسل عام 2013.

ولفت الجعفري الى أن الولايات المتحدة الامريكية كانت تعلم بأنها ستصدم بالفيتو الروسي لكنها تريد تبرير تحرك عسكري ضد سورية خارج اطار مجلس الأمن مبينا أن المناخ الدولي تغير كثيرا وسورية لديها أصدقاء كثر وحلفاء أقوياء ولن يتكرر فيها ما حصل في العراق أو ليبيا.

وأشار الجعفري الى أن الغرب لديه وكلاء صغار يلعبون دور المرتزقة ومن المحتمل أن يقوم بتشكيل تحالف يجند فيه ادواته وعملاءه من عربان وغير عربان وهو احتمال وارد فهناك ادوات رخيصة في الخليج تتلقى التعليمات ودول اخرى جاهزة للانضمام الى هذا التحالف خارج اطار الشرعية الدولية./انتهى/