أكد الباحث والخبير السياسي العراق التركماني "مهدي البياتي" أن التركمان عازمون على مشاركة فاعلة جدا في هذه الانتخابات، بإعتبار ان مناطقهم مرت بظروف صعبة للغاية وانها محتكة مع قوى سياسية الكردية و السنية، فلابد ان يكون هناك موقف لاثبات وجود الهوية التركمانية.

وكالة مهر للأنباء- مريم معمارزاده: الانتخابات العراقية 2018 تشكل مناسبة سياسية مفصلية فائقة الاهمية، ليس لمجرد كونها سوف تحدد تشكيلة البرلمان العراقي المقبل وبالتالي تشكيلة الحكومة القادمة، بل ما يميزها عن ما سبقتها في عام 2005 هو أن هذه الانتخابات تاتي مباشرة بعد دحر الارهاب والنصرة على تنظيم داعش.

احدى اهم القضايا التي قد تطرح هو عن دور الاقليات ومكانتهم في هذه الانتخابات. في هذا السياق أجرت وكالة مهر للأنباء مقابلة مع الباحث والخبير السياسي العراقي التركماني "مهدي البياتي". فيما يلي نص المقابلة التالي:

س: يقول مراقبون إن غالبية شعارات الأحزاب والشخصيات السياسية، هي نفسها مكررة منذ عام 2005 وإلى غاية اليوم، ما هو سبب عدم تغير سياسات الاحزاب رغم تغير الوجوه في المشهد السياسي؟

ج: العراق بعد 15 سنة من الدمار والحروب والصراع مع الجماعات الارهابية ان كانت القاعدة او داعش، للأسف لم يفتح عينه يوما نحو السلام والإستقرار، لاسيما الاستقرار الامني. مذ 15 سنة القوى السياسية مشغولة بالعراك فيما بينهما على اساس العرقي والمذهبي، لتشكيل حكومات على اساس التوافق السياسي، أو بالاحرى المحاصصة السياسية. للاسف اغلب القوى السياسية تنتهج ذات السياسات التي عملت فيها في الدورات السابقة، لذلك نرى حسب استطلاع الشارع العام العراقي، أن هناك استياء عام لدى الناخبين بسبب ترشيح نفس الوجوه التي كانت سبب دمار العراق التي كانت تحكم العراق منذ 15عام.

رغم وجود بعض الوجوه الجديدة، لكن ذلك لا يعني ان التغيير سيتم من خلال هذه الوجوه الجديدة، لطالما أن قيادات الكتل والاحزاب او الحيتان السياسية هي ذاتها لم تتغير.

المرجعية الدينية في العراق أكدت مرارا وتكرارا على ان المجرب لا يجرب ولكن الحيتان السياسية الفاسدة هي اليوم مسيطرة على القمة السياسية في العراق ولا يريدون أن يغيروا الوضع الموجود والسائد على السياحة العراقية، ونحن بصراحة نواكب هذا الوضع.

س: ما هو تقييمك عن البرامج الانتخابية للمرشحين والاحزاب؟ هل هناك حلول جديدة لاعادة بناء العراق والتخلص من الفساد؟

ج: المرجعية تؤكد على أن التنافس الانتخابي لابد أن يكون على اساس برامج تعليمية وخدمية واقتصادية، لتلتقي بالواقع العراقي وترتقي به نحو الاحسن. نرى أن برنامج الكتل السياسية والقوائم المتصارعة للانتخابات اغلبها متشابهه وهي ذات الامور التي ذكرت في الفترات السابقة.

لايوجد برامج واقعية بإمكان تنفيذها على الارض الواقع، بل اغلبها تنظيرية، ونرى ان هناك تكرار للجمل وهناك برامج تقليدية للتنفيذ وللأسف لا تجدي نفعا بعد 15 سنة.

نتمنى أن الكتل التي تتنافس في الاتخابات، أن تتنافس على اساس برامج تعليمية وخدمية واقتصادية واقعية، قابلة للتنفيذ على الارض الواقع.

س: كيف ترى دور السعودية ومحاولاتها لتحديد نتائج الانتخابات او التاثير على مواقف السياسيين في العراق؟

ج: بيان المرجعية الاخير في صلاة الجمعة (4 مايو) كان بمثابة رسم خطة طريق للإصلاح السياسي في العراق، ونحن بناء على هذا البيان نؤكد على ان العراق لا يريد اي تدخل من اي جهة، سواء ان كانت السعودية او الولايات المتحدة او تركيا وغيرها، في الشؤون العراقية. الانتخابات القادمة لابد ان تكون عراقية بحتة دون اي تدخل.

هناك تدخلات موجودة في الارض الواقع، لكن المرجعية اكدت على انه لابد من ابعاد القوى الخارجية او الشخصيات المدعومة من الخارج، سواء ان كان ماليا او سياسيا، عن العملية الانتخابية وعن ما يتعلق بالعملية السياسية سيما تشكيل الحكومة المقبلة.

المرجعية اليوم عازمة وبيانها واضح جدا للقوى السياسية والحكومة القادمة التي يجب ان تشكل بايادى عراقية ودون اي تدخل اجنبي.

س: هل هناك تغيير بالنسبة للانتخابات الماضية من حيث نسبة مشاركة الاقليات؟ وما هي الحل الافضل لضمان حقوق الاقليات في العراق؟

ج: بالنسبة للأقليات هناك قوانين وبرامج (كانت قد توجد من قبل) لضمان وجودهم في البرلمان. فهذه الاقليات سواء إن كانوا من الايزديين والمسيحيين والكرد الفيليين وغيرهم، لديهم مقاعد اضافية فضلا عن المقاعد المخصصة للمكونات الاخرى المذكورة في الدستور العراقي. لكل محافظة هناك مقعدا او مقعدين قد خصص للأقليات من أجل ضمان وجودهم في البرلمان العراقي والعملية السياسية في العراق، وايضا هناك دائرة انتخابية واحدة خصصت للأقليات في كل المحافظات في العراق.

جميع القوانين والتشريعات العراقية ومنذ 15 سنة مبنية على اساس نظام المحاصصة والتوافق السياسي بين الفرقاء السياسيين من مكونات الاغلبية وهم العرب الشيعة والسنة والكرد، ولذلك المكونات الاخرى حقوقهم ذهبت مهب الرياح بسبب هذا النظام والاجراءات الجائرة لحيتان القوى السياسية المذكورة في الاعلى.

س: ما هو مستوى مشاركة المرشحين التركمان في الانتخابات؟ وفي اي اصطفافات او تحالفات يمكن درج التركمان؟

ج: التركمان هم عازمون بمشاركة فاعلة جدا في هذه الانتخابات بسبب ما حلت بهم من مشاكل أمنية وسياسية وفي مايخص بتقرير مصيرهم في العراق. هذه المشاركة ستكون من خلال كتل سياسية لها حضور سياسي واسع جدا بالمحافظات. مثلا في كركوك هناك قائمة تركمانية بحتة وهي قائمة "جبهة تركمان كركوك"، والمرشحين في هذه القائمة من مختلف التوجهات الإيديولجية والسياسية وايضا التركمان في كركوك داخلون في قائمة "فتح" ولديهم حضور واسع جدا بهذه القائمة، وايضا بتلعفر ليدهم حضور بقائمة فتح وقوائم أخرى، لديها حظ كبير في صعود المرشح من خلالها.

كل ذلك يدل على ان التركمان سوى ان كانو الناخبين او المرشحين عازمون للتغيير. المناطق التركمانية باتت حساسة جدا من الناحية السياسية والامنية وانها مرت بظروف عصيبة للغاية، فلابد أن يكون هناك وجود سياسي لهذه المناطق ووجوه سياسية جديدة تمثل هذه المناطق بالساحة السياسية في العراق. وبإعتباران هذه المناطق محتكة مع قوى سياسية اخرى، سواء ان كانوا الكرد او العرب السنة، فلابد ان يكون هناك موقف لاثبات وجود الهوية التركمانية.

س: هل هناك تحالف بين التيارات التركمانية واخرى تيارات عراقية؟

ج: كما ذكرت بمحافظة صلاح الدين القوى السياسية التركمانية داخلة مع قائمة الفتح بإعتبارها قائمة ذات كثافة للوجود العربي الشيعي وذات حضور أكثر بمحافظة صلاح الدين، وبمدينة كركوك ايضا تشارك مع قوائم اخرى مثل قائمة فتح وقائمة النصر، لكن الوجود الاقوى والاكثر جماهيرية هو في قائمة جبهة تركمان كركوك، التي تتشكل من التركمان الشيعة والسنة.

وفي ديالى ايضا هناك مرشحين تركمان يشاركون في عدة قوائم وهي ذات كثافة من العرب الشيعة، كقائمة الحكمة وقائمة النصر وقائمة فتح.

س: هل ترى ان فكرة حكومة الاغلبية السياسية تمثل الحل الافضل لتمرير المشاريع وتجنب عرقلتها بدلا عن الحكومة الوحدة الوطنية والتي تتشكل عن رئيس كردي ورئيس وزراء شيعي و رئيس مجلس نواب سني؟

ج: بعد التجربة السياسية التي خاض بها العراق منذ 15 سنة، تبين أن حكومات الوحدة الوطنية التي حكمته من خلال نظام المحاصصة خلال هذه السنوات، قد فشلت في ادارة منظومة الدولة. لذلك نحن نرى كمواطنين عراقيين بالدرجة الاساس، لابد ان يكون هناك حكومة اغلبية وبجانبها قوى المعارضة تقيم أداء الحكومة الاغلبية، كما هو الحال في كثير من الدول في العالم.

لكن هذه الحكومة الأغلبية يجب أن تكون دون تهميش القوى السياسية الاخرى، وهذه المنظومة يجب ان لا تكون من ساحة الصراع بين القوى السياسية، بل يجب أن تكون على اساس مهني وعلى اساس برامج اقتصادية تعليمية ومهنية من اجل خدمة المواطن وليس من اجل الصراع السياسي.

لو نجحنا في تشكيل حكومة اغلبية بعيدا عن المحاصصة، سوف ننجح بادارة منظومة الدولة اسوة ببقية البلدان الاخرى.

س: ما هي تاثير الروابط العشائرية والانقسامات الطائفية في هذه الانتخابات؟

ج: الشيء الملفت لهذه الانتخابات حسب احصاءنا للأغلب الكتل السياسية، انه لا يوجد هناك قائمة خاصة للشيعة، او قائمة خاصة للسنة، فأغلب الكتل التي تشارك في هذا الماراثون الانتخابي هي مختلطة تتشكل من عرب الشيعة، عرب السنة، وكرد وتركمان ومسيح.

استطعنا بعد 15 السنة ان ننجح بهذه الخطوة واستطعنا ان نقدم الأمور الوطنية على الامور الطائفية والعرقية./انتهى/.