قال المعارض السياسي للنظام السعودي "حمزة الشاخوري" ، ان المعارضة السعودية تنشط من دول مختلفة من العالم وتتحرك ضمن إطار القانون الدولي ، ولكنها في الوقت نفسه لا تعول على المجتمع الدولي لارتهانه لمنطق المصالح الاقتصادية مع النظام.

نوه القيادي المعارض والمؤسس في "ائتلاف الحرية والعدالة" السعودي حمزة الشاخوري بان أطياف المعارضة للنظام السعودي تتخذ من العمل السلمي ركيزة أساسية لتحركها، وهي تنشط سياسيا واعلامياً وحقوقياً، وتحتاج إلى مزيد من التلاقي والتنسيق لتطوير خططها وبرامجها وأنشطتها. أما العمل أو الكفاح المسلح فهو خيار خارج حسابات المعارضة وغير مطروح للنقاش. نحن في المعارضة ننشط من دول مختلفة من العالم ونعمل ونتحرك ضمن إطار القانون الدولي في المقاومة السياسية السلمية المشروعة ونستثمر جهودنا سياسياً وإعلامياً وحقوقياً، ولكننا في الوقت نفسه لا نعول على المجتمع الدولي لعلمنا بارتهانه لمنطق المصالح الاقتصادية مع النظام، فاعتمادنا أولاً على الله سبحانه وتعالى وتالياً على وعي وإرادة وصمود وتصلب شعبنا في القطيف والأحساء على وجه الخصوص.

المعارض الشاخوري وفي حديث خاص لوكالة مهر الإيرانية للأنباء قال :

النظام السعودي نظام وظيفي. صنعه الانجليز مطلع القرن الماضي ثم رعاه الأمريكان لأداء وظائف ومهام محددة. هكذا كان تاريخيا ولا زال يؤدي دوره التنفيذي لخطط ومؤامرات الغرب الاستعماري بهدف اضعاف شعوب المنطقة واختراق كيانات الدول الاسلامية للهيمنة على مقدراتها ونهب ثرواتها وتمزيق أوصالها. ضمن هذا الإطار نفهم الدور السعودي الخبيث المتحالف مع أعداء الأمة من الصهاينة والغربيين. وأما الوهابية فهي الأخرى صناعة انجليزية يتوكأ عليها النظام السعودي في تنفيذ مآربه داخلياً واقليميا. يستخدم شعاراتها الدينية تارة لقمع الأصوات والمطالب الشعبية في الداخل، وتارة لتجييش مشاعر التطرف والطائفية والمذهبية من أجل الزج بمخرجات الوهابية من التكفيريين في أتون الحروب التي يشعلها الغرب الامبريالي ضد الشعوب العربية والاسلامية، هكذا زج بمئات الآلاف على مدار العقود الخمسة الأخيرة في محارق الحروب والفتن الطائفية من أفغانستان إلى العراق وسوريا واليمن. لأنه وأدواته الوهابية حاضر دائماً وأبدا لخدمة الأجندة الصهيوأمريكية، وعليه يمكننا القطع يقينا أن المنطقة لا يمكن أن تشهد حالة الوئام والاستقرار طالما بقي النظام السعودي قائماً ومتربعاً على حكم العرش في شبه الجزيرة العربية.

وقال حمزة الشاخوري : بكل غصة وألم نقول بأن سيطرة النظام السعودي العام 1925 على الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة وخضوع المقدسات والمشاعر الاسلامية لسلطات نجد وإلى الرؤية الوهابية المتطرفة التي تُكفر مختلف المذاهب والفرق والطوائف الاسلامية، وتعيث في مهد الاسلام تدميراً وتخريباً ومحواً لمعالم وآثار النبوة وتاريخ الاسلام.. ان هذه الهيمنة السعودية والانفراد بادارة الحرمين الشريفين يحرمان المسلمين من صيانة تاريخهم وحماية المشاعر والمقدسات الاسلامية. ومنذ بسط عبدالعزيز بن سعود هيمنته على الحجاز بدأ معول الوهابية يعمل على تفريغ الحج، كأعظم عبادة جماعية يعرفها المسلمون، من فلسفته ومعانيه في اظهار وحدة المسلمين وقوتهم وبراءتهم من الولاء للأحلاف وللدول الاستكبارية في الغرب والشرق. من هنا ولدت الدعوات الاسلامية مبكراً إلى تدويل حكم مناطق الحرمين الشريفين وبناء مؤسسة دولية اسلامية تدير وترعى شؤون المدينتين المقدستين وتصون حمايتها باشراف جماعي من كافة الدول الاسلامية. هذا هو السبيل الوحيد لحماية المقدسات من الهيمنة والتفرد وتجنب فرض القيود والمنع ضد حجاج هذه الدولة أو تلك من الشعوب المسلمة، كما أن التدويل سيجعل البلد الحرام آمناً لعموم الحجاج المسلمين ويُجنبهم التعرض للاعتقال أو الاختطاف أو القتل على أيدي السلطات السعودية التي افتعلت العديد من القضايا الأمنية طوال العقود الأربعة الأخيرة راح ضحيتها آلاف الحجاج والمعتمرين فضلاً عن مئات المعتقلين من حجاج الدول الاسلامية الذين لا زال بعضهم مجهول المصير. وهنا يجب أن نذكر أيضاً بدعوة الشهيد المجاهد الفقيه الشيخ نمر النمر في المطالبة بتعمير البقيع الغرقد وبناء أضرحة أهل البيت في المدينة المنورة، التي هدمها السعوديون بمعاول الوهابية التكفيرية.

وذكر أنه ما كان ينبغي للدول الاسلامية التي خسرت ارواح المئات والعشرات من أرواح موطنيها الحجاج على مدار العقود ال4 الأخيرة، وفي مقدمة هذه الدول الجمهورية الاسلامية في إيران إلى جانب الباكستان وتونس والجزائر وعدد من الدول الأفريقية الأخرى.. ما كان ينبغي لهم التعويل على خيارات التفاهم البيني مع السلطات السعودية، وكان ينبغي منذ بدئ تلك الحوادث وظهور معالم التدبير الاجرامي لها، أن تذهب تلك الدول بشكل جماعي أو على انفراد إلى رفع تلك القضايا الى المحاكم الدولية والمطالبة باجراء تحقيق دولي مستقل لمعرفة حقيقة وتفاصيل تلك الحوادث، سواء في أسباب حدوثها أو في أساليب ووسائل التعامل معها بعد وقوعها ومدى قدرة السعوديين وجاهزيتهم في انقاذ المصابين والجرحى والتعامل من جثامين الضحايا وفق ما يحمي كرامة الميت ويصون حرمته.

ولفت إلى انه زمن حكم الصبية والطائشين، ولا شيء جديد أكثر من الحماقة في كشف الغطاء الذي تستر به آل سعود طوال عقود مضت من حكمهم ومن عمر تحالفهم مع الانجليز والصهيونية العالمية. علينا أن نتذكر هنا اتفاقية عبدالعزيز بن سعود مع الانجليز بالتنازل عن فلسطين مقابل حماية عرشه في نجد والحجاز ووصفه للصهاينة المحتلين بـ"اخواننا اليهود" في أول عملية خداع للوعي العربي والاسلامي عبر المساواة بين اليهود والصهاينة المحتلين. وتتدرج المؤامرات السعودية ضد فلسطين بانكشاف دور الملك فهد في اتفاقية كامب ديفيد، ولاحقا لقاءات تركي الفيصل وزير الاستخبارات السعودية الأسبق وبندر بن سلطان السفير الأبرز للنظام السعودي في أمريكا ورئيس مجلس الأمن الوطني لاحقاً قبل أن يصار إلى عزله وتهميشه وغيابه عن المشهد السياسي بعد فشل خططه في سوريا والعراق. اذن الدور السعودي ضد القدس والشعب الفلسطيني ليس وليد الساعة، وهو قديم بعمر النظام السعودي نفسه. وما دور محمد بن سلمان اليوم إلا تتويج وإظهار لما كان مستوراً طوال العقود الماضية من تاريخ أسرته. السعوديون قد يعتبرون ذلك شجاعة من "الأمير" المراهق لكنه سلوك يعبر عن الطيش والرعونة وانعدام الرزانة السياسية إن صحّ التعبير. بن سلمان سلّم إلى الأمريكان وبشكل مبكر بعد وصول والده إلى عرش الملك صكاً مفتوحاً وشيكاً موقعاً على بياض يمنحهم بموجبه استعداده لتنفيذ كل الخطط الصهيوأمريكية مقابل تمكينه من الوصول إلى عرش الملك في نجد، ودعم طموحه وخططه في تصفية خصومه ومنافسيه داخل أسرة بن سعود.. في هذا السياق وضمن رؤيتنا لوظيفية النظام السعودي فإن أي من الملوك والأمراء السعوديون لا يملكون القدرة على رفض الإملاءت الأمريكية، فأمراء الرياض الذين ربطوا مصيرهم بالارتهان إلى الوصاية الأمريكية يدركون ان الاستجابة للمطالب الأمريكية بخصوص صفقة القرن وسياسات تهويد القدس وتنفيذ خطة الشرق الأوسط الجديد ثمنها حماية عرش ملكهم. ومن هنا أطلق السعوديون العنان إلى صحافتهم المقروءة والمرئية وإلى كتابهم وجيوشهم الالكترونية لسكب سيل سخافات التطبيع بطرق غاية في الدنائة والخسة والانحطاط تكشف عن مدى انسلاخ ربائب النظام السعودي من قيم الدين والأخلاق الاسلامية ومن الشهامة والنخوة العربية والاستهتار بمقدسات المسملين والمسيحيين في فلسطين وبالدم الفلسطيني وبمعاناة وآلام الشعب العربي المسلم في فلسطين.

وتطرق المحلل السياسي إلى انه لا يزال وضع الأهالي في العوامية يسوده التوجس والاحتقان، لا يزال الآلآف في العوامية والقطيف يعانون فقد أحبتهم الشهداء والمعتقلين، وبالخصوص في العوامية التي تعرضت للاجتياح الوحشي في مايو2017 واستمر 100 يوم لا يزال مشهد الظلم والكبت والاضطهاد مخيماً، الحصار وإن تم تخفيفه وإزالة الحواجز عن أغلب الطرق والممرات الداخلية بين الأحياء السكنية، إلا أن البلدة لا تزال تحت الحصار الذي يطوق أطرافها الخارجية ويعزلها عن جوارها من البلدات والقرى، ما يحتم على أهالي العوامية المرور عبر الحواجز والثكنات العسكرية أثناء دخولهم وخروجهم من وإلى البلدة. كما لا يزال مئات النازحين من العوامية يعيشون خارجها لأسباب متعددة أهمها عدم هدم منازلهم وعدم قدرتهم على توفير منازل بديلة داخل البلدة بعد أن تم هدم وتجريف حي المسوّرة التاريخي وحي كربلاء والمنيرة والمنصوري وعدد من الأحياء الأخرى وكلها لا تزال تحت سيطرة السلطات السعودية رغم أن الغالبية من أصحاب المنازل في هذه الأحياء لم يتم تعويضهم مادياً والبعض تم تعويضه بقيمة غير مجزية ولا تؤمن له منزلاً بديلاً.  السكان الأصليون في الأحساء والقطيف وغالبيتهم من الشيعة, خصوصاً اذا استثنينا نواتج سياسات وخطط التغيير الديمغرافي التي نفذها آل سعود خلال الـ50 عاماً الأخيرة، لا يزال السكان الأصلي في المنطقة يواجه حرباً طائفية تستهدف استئصال وجوده ومحو هويته اتكاء على خطط وبرامج التهميش السياسي والاقتصادي والاداري والحصار الثقافي والاعلامي.

وأشار الشاخوري لعددٍ من النقاط :

بخصوص إمكانية انطلاق ثورة سلمية ضد حكام آل سعود، يستدعي بعض التفصيل، ولكن باختصار أقول أن القطيف والأحساء شكلتا تاريخياً حاضنة لثورات والانتفاضات السلمية ضد الحكم السعودي. ولا يمكن لنا أن نتصور ثورة شعبية عامة لأسباب مختلفة أهمها عدم وجود هوية وطنية واحدة أو حس وشعور قومي يربط ويجمع سكان مناطق شبه الجزيرة العربية. ولا نغفل هنا عن دور النظام السعودي في تشتيب وتمزيق الشعب عبر برامج وخطط التطييف والتحريض المذهبي والقبلي والمناطقي. مع ذلك تبقى احتمالات الانفجار الشعبي واردة كردة فعل على سياسات النظام سواء لأسباب معيشية جرّاء التردي الاقتصادي، أو لأسباب تتعلق باصطدام توجهات بن سلمان مع أعراف المجتمع المحافظ في نجد خصوصاً.

وقال : حسب اطلاعي ومعلوماتي أن كافة أطياف المعارضة للنظام السعودي تتخذ من العمل السلمي ركيزة أساسية لتحركها، وهي تنشط سياسيا واعلامياً وحقوقياً، وتحتاج إلى مزيد من التلاقي والتنسيق لتطوير خططها وبرامجها وأنشطتها. أما العمل أو الكفاح المسلح فهو خيار خارج حسابات المعارضة وغير مطروح للنقاش. نحن في المعارضة ننشط من دول مختلفة من العالم ونعمل ونتحرك ضمن إطار القانون الدولي في المقاومة السياسية السلمية المشروعة ونستثمر جهودنا سياسياً وإعلامياً وحقوقياً، ولكننا في الوقت نفسه لا نعول على المجتمع الدولي لعلمنا بارتهانه لمنطق المصالح الاقتصادية مع النظام، فاعتمادنا أولاً على الله سبحانه وتعالى وتالياً على وعي وإرادة وصمود وتصلب شعبنا في القطيف والأحساء على وجه الخصوص./انتهى/

أجرى الحوار: محمد فاطمي زاده