وكالة مهر للأنباء_ محمد مظهري - ديانا المحمود: تشكل العلاقات بين الشعوب الاسلامية هاجساً لبعض المفكرين، باحثين عن روابط حقيقة بعيداً عن الكليات قوامها تفاصيل المجتمعات وتنوعها وجماليات الفن والدين ، حول هذا الموضوع التقت وكالة مهر للأنباء مع الأكاديمي اللبناني أستاذ كلية التربية في الجامعة اللبنانية محمد محسن عليق، الذي تناول موضوع العلاقات العربية الايرانية، موضحاً أنها تحتاج إلى تعزيز عبر المنظمات والمؤسسات فهي لا تزال في إطار شخصي عن طريق بعض المراكز الثقافية التابعة لايران ، لكن الدور الأهم يكون لمراكز الاعلام والثقافة المحلية إلى جانب مواقع التواصل الاجتماعي، ولاسيما التي تستخدم لغة الآخر، داعياً المختصين في هذا المجال لتقديم المواد الفكرية والثقافية الايرانية إلى العالم العربي.
ترجمة الكتب أول خطوة تغني المكتبة العربية بمعلومات عن ايران بعيداً عن التشويش الموجه من قبل الأعداءوعن تجربة الخريجين العرب من الجامعات الايرانية، التي خاضها الأكاديمي "محمد محسن عليق" في جامعة "تربيت مدرس" الايرانية يقول أن الطالب العربي في ايران يجب أن يبني جسراً لتبادل بين بلده وايران، وذلك عبر دعم مؤسساتي توجه هذه الجهود، مردفاً أن ترجمة الكتب أول خطوة تغني المكتبة العربية بمعلومات عن ايران بعيداً عن التشويش الموجه من قبل الأعداء، إلى جانب القنوات المتلفزة المتخصصة في المجال العلمي، مشيراً إلى نجاح قناة "آي فيلم" في إيصال مضمون فني اجتماعي إلى درجة ما إلى المشاهد العربي لكن المجالات الأخرى لم تفعل بشكل جيد حتى الآن.
وأضاف الأكاديمي اللبناني أن التواصل موجود بالطبع لكن يجب أن يتصف بالاستمرار ويتخطى الحواجز الموجودة لدى الطرفين نحو الآخر، مضيفاً أن اغلب الشعوب العربية مطلعة على بعض القضايا السياسية التي يروج لها الغرب أكثر من قضايا أخرى، فعلى سبيل المثال هناك العلوم التقنية والطبية المتطورة في ايران وهناك ايضاً الانجازات في العلوم الانسانية والفنية والثقافية التي يعنى بها الانسان في العالم الاسلامي بشكل ويجب نقلها إلى اللغات المختلفة.
هناك ضرورة القيام بحركة ترجمة ذكية مستمرةوأردف "عليق" قائلاً: هناك ضرورة للقيام بحركة ترجمة ذكية مستمرة تشمل نقل الأفكار والنظريات والتجارب في مختلف المجالات، وتقديم مواد غنية لاسيما في المجال العلمي، تحمل كليات وتفاصيل فالمجتمع يتأثر بالتفاصيل أحياناً اكثر من الكليات الأمر الذي حدث مع الثقافة الغربية حيث أعجب الأفراد بتفاصيل الحياة اليومية ونمط الحياة.
ورأى الأكاديمي اللبناني أن بعض الأخبار المكررة تصبح محبطة مع مرور الزمن ويجب عدم التركيز عليها بل التركيز على ما هو جذاب للمجتمع، محذراً من الدعاية الغربية المنظمة التي تستهدف ايران وتنشر في العالم العربي، حيث يتم تشويه هذه الحقائق، والتركيز على بعض الجوانب البعيدة عن اهتمامات الشباب اليوم، فالقضايا السياسية الكبرى تهم شرائح أما القضايا الاجتماعية فتجذب جميع شرائح المجتمع.
التنوع الموجود في ايران أحد الظواهر الجميلة التي تجمعه بالعالم العربيوأشار "عليق" إلى أن التنوع الموجود في ايران أحد الظواهر الجميلة التي تجمعه بالعالم العربي الذي يتنوع بمذاهبه وقومياته، منوهاً إلى أهمية نقل هذه تفاصيل العادات والتقاليد الممكنة والحذر من الوقوع في فخ الاختلاف الذي يحرض عليه الغرب، ولاسيما في حالة الحروب الحالية فيجب العمل بشكل جذري ومتواصل.
وحول اقبال القراء في لبنان على قراءة الكتب الايرانية المترجمة، يقول الأكاديمي اللبناني أن الناس في لبنان يحبون الثقافات المجهولة وبالنسبة لهم الثقافة الايرانية لم تكتشف بعد فيقبلون على قراءة الكتب المتوفرة عن ايران، فهم لا يهتمون فقط بالشأن السياسي والملفات الأشهر عن ايران كالنووي والعقوبات بل أن الناس ترغب في معرفة تفاصيل أخرى، فخبر فني أو ثقافي يسر الناس ويستقطبها.
الأزمات التي تمر بها المنطقة من حروب وغيرها هي فرصة لبناء جسور أعمق لتعزيز العلاقاتورأى أستاذ التربية في الجامعة اللبنانية أن الأزمات التي تمر بها المنطقة من حروب وغيرها هي فرصة لبناء جسور أعمق لتعزيز العلاقات، هي فرصة للتلاقي، مردفاً أن هناك أعمال حالياً لكنها تحتاج إلى تطوير ودعم فعلينا أن لا نكتفي بهذا القدر.
وعن المبادرات العربية لنشر الثقافة في ايران عبر المعارض والأنشطة، يقول هناك بعض الأنشطة لكنها تحتاج إلى تفعيل أقوى عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي، فيمكن القيام بأنشطة مشتركة يتم فيها تقديم صورة إيجابية عن تاريخ العلاقات بين ايران والعرب، وإبعاد الصورة السلبية التي يرسمها البعض بأن ايران والعرب هم في صراع دائم، فهناك إيضاً علماء وكتب ومساهمات علمية تملأ التاريخ هي ناتجة عن تفاعل حضاري بين العرب وايران.
كما أردف الباحث اللبناني "عليق" أن أهم القضايا المشتركة بين العالم العربي وايران هو القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن مشهد الفتى السعودي الذي يبتعد عن العلم الاسرئيلي ويقف إلى جانب العلم الايراني، يعني الكثير بالنسبة لشعوب المنطقة، يجب أن نركز على هذه الملفات، فربما بعض الحكومات العربية طبعت مع الكيان الصهيوني إلا ان الشعوب تنبض بحب فلسطين، وهذا قاسم مشترك كبير مع ايران التي تحيي في كل مناسباتها بفلسطين.
نزع الحواجز الطائفية بين ايران والعرب يحتاج إلى جهد كبيروقال الباحث قائلاً أن نزع الحواجز الطائفية بين ايران والعرب يحتاج إلى جهد كبير فالعدو يستهدف هذه المسألة، داعياً إلى الإضاءة على التعاون الايجابي بين الطوائف في ايران وتقديمها كنموذج مهم، وإعادتها في مختلف القوالب الثقافية، وتكرارها، موضحاً أن منهج الغرب يقوم على تكرار بعض القضايا حتى تنفذ وتتغلغل في أفكار الشعوب، مشيراً إلى مناسبة أخيرة بدأت تصبح رسماً في بعض الدول العربية وهي الاحتفال بعيد الأب وفق التقويم الغربي، مضيفاً هنا أغلب المسلمين لا يعلم أن ايران تحتفل بهذه المناسبة في يوم مولد الإمام علي بن أبي طالب (ع) وهو الشخصية الاسلامية المحبوبة عند السنة قبل الشيعة.
وعن المنهج الأكاديمي للتقريب بين الطوائف في لبنان؛ علق الباحث أن لبنان خرج من الحرب الداخلية عام 1990 بهدنة دون سلام حقيقي، وأغلب الناس يربون أولادهم على مفاهيم طائفية والمدارس ايضاً مقسمة لا تخدم مشروع التوحيد، فيما يجب تعزيز مفاهيم أجدر وأهم على سبيل المثال قيمة النظافة وقيمة الصداقة وقيمة الانسان وقيمة المحبة.
وأشار أستاذ التربية في الجامعة اللبنانية إلى أن المفكرين في ايران وضعوا نظرية تربية اسلامية تهتم بالجسد والروح والأخلاق والعلم، ويجب أن يتم الإضاءة عليها وتقديمها في العالم الاسلامي، فهذه التجربة ناجحة ودليل ذلك الناتج الصناعي الذي خرجت به هذه التجربة التربوية العلمية الناجحة، داعياً المترجمين والصحفيين لتقديم الشخصيات التربوية الاكاديمية الايرانية في العالم والتعريف بنظرياتهم.
وأردف الأكاديمي اللبناني أن المجتمع الاسلامي محكوم بثلاث تيارات : الأول منبهر بالغرب والثاني رجعي يرغب بالعودة إلى الوراء ورفض كل جديد والثالث يرى أن الجمع ممكن بين الاسلام والعصر الجديد والعلاقات الانسانية الأمر الذي يطرحه المفكر الايراني مطهري، وهو ما يجب العمل عليه؛ تيار حضاري يقول أننا نحن المسلمون لا نختلف عن بقية البشر يمكننا أن نبدع بأنفسنا بعيداً عن التحجر والالتقاط.
الاسلام يدعو إلى الفن لكن هناك سوء فهم تاريخي يعيق ذلك أحياناًوعن الفن والجمالية أوضح "عليق" أن الفن بين المسلمين مظلوم على الرغم من أن الاسلام يدعو إلى الفن لكن هناك سوء تفاهم تاريخي يعيق ذلك أحياناً، والثورة الاسلامية في ايران جاءت وغيرت هذه النظرة فالیوم قائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي هو من يشجع الشعر والشعراء اليوم، مردفاً أن الفن الاسلامي يؤسس لعقائد اسلامية سليمة، فكل فكرة لا تأخذ شكل الفن لا يكتب لها الخلود، وحتى لو كانت فكرة صحيحة، فلا بقاء دون فن، ومن أسرار بقاء القرآن الكريم هو إعجازه الفني في اللغة وعليه فأن كل فكر يجب أن يتجلى بالفن.
وذكر الأكاديمي اللبناني أن كاريكاتور واحد يمكن أن يؤثر في قضية ما أكثر من ألف بيان، فجميع قوالب الفن من السينما والرواية للموسيقى للشعر وغيره هي أسلحة تستخدم بمحبة لترسيخ الفكر، مستنكراً التحريمات غير الشرعية التي يسوق لها البعض عن جهل وخلط بين المفاهيم، مؤكداً على أهمية نقل هذه الفنون الجمالية بين الشعوب العربية وايران لتعميق جسور التواصل والعلاقات. /انتهى/