وكالة مهر للأنباء، شیرین سمارة: اختفاء "جمال خاشقجي منذ 2 تشرين الأول اظهر للعيان كم التضارب السعودي الداخلي والغليان الذي تعيشه السعودية ليس فقط بسبب معارضيها وانما تآكل الداخل وعدم التنسيق فيما بينهم حول قضية ما كما انه ليسا خفي على احد اخفاق السعودية على جميع الاصعدة وعملية اغتيال خاشقجي الفاشلة خير دليل على ذلك حيث انها لم تتمكن من اتمامها على اكمل وجه دون ان تثير الضجة التي اكتسبتها القضية عالمياً.
للاخفاق السعودي في عملية اغتيال خاشقجي تفاسير عدة منها اما ان القائمين على العملية وعلى رأسهم المدبر ولي العهد "محمد بن سلمان" لم يكن في حسبانهم ما حصل او ان خلل او ثغرة ما اوقعت بهم على عكس المعتاد في عمليات اختطافهم السابقة. او يمكن ايعاز هذا الفشل إلى اختراق أمني داخل الاستخبارات السعودية التي نفذت العملية بأمر من بن سلمان. اما التفسير الثالث وليس الاخير تغطية الحدث عالمية من قبل صحف وقنوات عالمية من اجل الضغط على السعودية ليس من اجل حلبها هذه المرة وانما لمأرب أميركية اخرى مما يجعلك تتسائل ان كانت السعودية في قبضة ترامب او العكس؟ وهذا ما يرجحه المعارض السعودي المشهور "مجتهد" في احدى تغريداته اليوم تعليقاً على اعتراف السعودية بمقتل خاشقجي.
وما يؤكد هذا التفسير عن غيره تصريحات ترامب ومواقفه المتذبذبة حول القضية والتي تأخر بها لعدة ايام، تارة يود ان يعاقب السعودية في حال ثبت ضلوعها في مقتل خاشقجي باقسى العقوبات وتارة اخرى يقول ان مارقين هم من قتلوا جمال خاشقجي. على الرغم من ادعاءه انه اطلع على تسيجلات تؤكد تقطيع خاشقجي وتأكيده على اهمية العلاقات التركية السعودية وتصديقه التفسير السعودي الصادر اليوم بشأن مصير خاشقجي وملابسات موته. اما الأمر المحير وغير المفهوم مقاطعة بعض الدول الأوروبية لمنتدى الرياض حيث كانت أميركا اخرهم عندما صرح وزير الخزانة الأميركية انه لن يحضر المنتدى. لماذا هذا الضغط على السعودية وكيف يمكن تفسيره غير على النحو الذي سبق انفاً.
كما انه علت مؤخرا اصوات داخل الكونغرس الأميركي تطالب بعزل بن سلمان، مما يجعلك تتسائل ما الذي قصر به الصبي المتهور بن سلمان كي يثور العالم ضده؟ بينما كانت الامور تسير لصالحه في اغلب الجولات. كما ان العالم اليوم يشكك بالرواية السعودية الضعيفة حول مقتل خاشقجي ومن بينهم السيناتور الجمهوري "ليندسي غراهام" الذي طالب بعزل ترامب منذ ايام ووعد انه لن يتعامل مع السعودية طالما بن سلمان في الحكم. كما انه شكك كغيره بالرواية التي اطلقتها السعودية اليوم مغردا على تويتر و"أقل ما يمكن أن أقوله هو إنني متشكك في الرواية السعودية الجديدة"، مضيفا أن من الصعب أن تكون للرواية السعودية أية مصداقية بعد أن قالت في البداية إن خاشقجي غادر القنصلية.
كما انه النائب الديمقراطي بمجلس النواب الأميركي قال في لقاءه مع قناة سي ان ان الأميركية اليوم إنه قد يكون لصهر الرئيس دونالد ترامب، مستشاره، جاريد كوشنر، علاقة بـ"مقتل" الصحفي السعودي جمال خاشقجي وان إن العديد من الأدلة التي تتناقلها وسائل الإعلام، تدعم ادعاءه حول إمكانية أن يكون لكوشنر، "علاقة بمقتل خاشقجي" حيث اشار إلى ادعاءات حيال تم تناقلها في الاعلام ان كوشنر قدم عبر الاستخبارات الأميركية قائمة اغتيالات لولي العهد السعودي "محمد بن سلمان الاخير تحرك وفقاً لهذه القائمة.
يبدو ان العالم مجتمع على امور عدة منها اولاً ارهاب السعودية الذي تمثل له فقط باختفاء خاشقجي ورواية السعودية الأولى عن القضية التي افسحت للعالم المجال بالتشكيك اكثر بالرواية المتضاربة التي قُدمت مؤخراً. وثانياً مسألة بديل بن سلمان التي بدأت منذ ايام تطفو على السطح عند عودة خالد بن سلمان الى السعودية الذي كان بمنصب سفير السعودية في أميركا واعلنت صحيفة نيويورك تايمز عن مصادر أميركية يوم الثلاثاء الماضي أنه لن يعود سفيرا للبلاد في الولايات المتحدة الأميريكية. وثالثاً استهزاء وعدم تصديق بيان وتصريحات العاهل السعودي "سلمان بن عبد العزيز" التي صدرت فجر اليوم حول مقتل خاشقجي والتشكيلة الوزارية الجديدة والاقالات التي لحقت بعدة شخصيات على رأسهم المستشار البارز في الديوان الملكي السعودي "مسعود القحطاني" نائب رئيس الاستخبارات العامة اللواء أحمد عسيري.
البيان السعودي المتأخر لم يسعف السعودي ولم يبرأها من دم خاشقجي بل جعل منها اضحوكة للعالم باخراجها السيء لمسرحية ضعيفة لا تليق بحجم ما اقترفته من جريمة بحق خاشقجي وانما اثارت ضدها العالم من جديد مطالباً اياها بالحقيقة وليس غير الحقيقة وانما فتح امامها باب جديدا لا نعلم هل ستحكم اغلاقه في حال وجدت المفتاح المناسب حول مطالبة العالم بأين جثة خاشقجي؟