ويقول بيرغين: "لا يبدو محتملا أن يقوم الرئيس ترامب بفعل شيء حقيقي لمعاقبة السعوديين على جريمة القتل، خاصة أنه أشار مرارا إلى عقود شراء الأسلحة المزعومة بقيمة 110 مليارات دولار، حجة لإبقاء العلاقات الوثيقة مع المملكة، (وهنا يخطئ ترامب في تصديق دعايته؛ لأنه إلى الآن لم يتم تنفيذ سوى جزء صغير من تلك العقود المزعومة".
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "ترامب يحتاج السعوديين أيضا لسياسته ضد إيران، ولأنها أكبر مصدر للنفط في العالم، ولذلك في يدها تحديد أسعار النفط".
ويجد بيرغين أنه "حتى لو لم تفعل إدارة ترامب الكثير لمعاقبة السعودية فإن ذلك لا يعني عدم وجود تداعيات دولية بالنسبة لمحمد بن سلمان، المعروف على نطاق واسع بالمختصر (أم بي أس(".
ويلفت الكاتب إلى أن "سجن (أم بي أس) لحوالي 200 رجل أعمال وأمير بتهم الفساد العام الماضي أقلق المستثمرين المحتملين، وكان الأمير قد استخدم فندق ريتز كارلتون في العاصمة السعودية الرياض سجنا لهؤلاء، ولم يتم إطلاق سراحهم إلا بعد أن حصل منهم على 35 مليار دولار، بحسب (أم بي أس) نفسه في مقابلة مع (بلومبيرغ نيوز)، وبالتأكيد هذه كانت أكبر فاتورة فندق في التاريخ".
ويرى بيرغين أن "مقتل خاشقجي والروايات السعودية المتعددة وغير القابلة للتصديق حول مصيره أبرز التحركات المتهورة لمحمد بن سلمان، وساعد غزوه الفاشل لليمن في 2015 على التسبب بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة، بالإضافة إلى (أم بي أس) قام العام الماضي بفرض حصار على الجارة الغنية بالغاز، قطر، وأشرف على ما كان في الواقع اختطاف و(استقالة) لرئيس الوزراء اللبناني عندما كان يزور المملكة".
ويبين الكاتب أنه "بسبب مقتل خاشقجي فشل مؤتمر ابن سلمان (دافوس الصحراء) في السعودية قبل أسبوع فشلا ذريعا، حيث انسحب منه كبار رجال الأعمال ووسائل الإعلام الغربية كلها".
ويرجح بيرغين أن "يؤثر ذلك على خطة (رؤية 2030) الطموحة لتنويع الاقتصاد السعودي، وفي الوقت الذي يتوقع فيه أن يستمر متعاقدو السلاح والنفط بالعمل مع المملكة، إلا أنه لا يتوقع أن يتعامل معها المستثمرون الآخرون الذين كان يأمل (أم بي أس) أن يجذبهم ليساعدوا على تنويع الاقتصاد".
ويقول الكاتب: "مثلا علق الملياردير البريطاني ريتشارد برانسون مشاركته في مشروعين سياحيين في السعودية، بالإضافة إلى احتمال استثمار السعودية مليار دولار في مشروعه الفضائي".
ويفيد بيرغين بأنه "بعد أن أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رسميا مقتل خاشقجي الأسبوع الماضي، فإن إدارة ترامب أشارت إلى أن تساهلها تجاه الطريقة التي تدير بها السعودية الحرب في اليمن بدأ في التبخر، وبحسب الأمم المتحدة، فإن ما لا يقل عن 16 ألف مدني قتل على مدى الأعوام الثلاثة الماضية في اليمن، معظمهم في غارات جوية سعودية".
وينوه الكاتب إلى أن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس دعا يوم الثلاثاء لوقف لإطلاق النار في اليمن، ثم القيام بإجراء مفاوضات سلام خلال شهر، وهو ما دعا إليه وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، مشيرا إلى أن أعضاء الكونغرس المستائين من الطريقة التي تدير فيها السعودية الحرب في اليمن، دعوا إلى إنهاء التعاون الاستخباراتي، والتزويد بالوقود في الجو للطائرات الحربية السعودية المنخرطة في الصراع، و"إن سيطر الديمقراطيون على الكونغرس في الانتخابات النصفية المزمع عقدها في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر، فسترتفع تلك الأصوات".
ويقول بيرغين إن "التشكك نحو السعوديين الآن أصبح على مستوى الحزبين، فطالبت يوم الأربعاء مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين ترامب بتعليق المفاوضات حول الاتفاقية الأميركية السعودية النووية المدنية؛ بسبب القلق المتعلق بإدارة السعودية للحرب في اليمن ومقتل خاشقجي".
ويشير الكاتب إلى أن لدى دولة قطر الصغيرة أكبر مخزون من الغاز في العالم، بالإضافة إلى أنها تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسطـ حيث تقوم بتنسيق الحرب ضد داعش وحركة طالبان، وهي أيضا منطلق الغارات الجوية على المجموعتين.
ويورد بيرغين نقلا عن مسؤول أميركي سابق لديه علم بالترتيبات بشأن القاعدة في قطر، قوله إن القطريين يدفعون 90% من تكاليف القاعدة، مشيرا إلى أن "هذا ترتيب يجب أن يعجب ترامب، قاعدة أميركية تدفع تقريبا تكاليفها كلها دولة أخرى، كما أن قطر تحتوي على مراكز إقليمية لعدة جامعات أميركية رائدة، مثل جورج تاون وكورنيل".
ويجد الكاتب أنه "لذلك كان غريبا أن اتفق الرئيس ترامب مع الحصار، الذي بدأ في شهر حزيران/ يونيو، وجاء ذلك بعد زيارة ترامب للسعودية، التي كانت أولى زياراته للخارج، حيث استقبل بحفاوة كبيرة".
ويلفت بيرغين إلى أنه عندما بدأ الحصار، اصطف ترامب مباشرة إلى جانبه، حيث غرد قائلا: "من الجيد أن أرى أن زيارة السعودية مع الملك و50 بلدا آخر بدأت تؤتي أكلها، حيث قالوا إنهم سيتخذون موقفا صلبا من تمويل التطرف، والأصابع كلها كانت تشير إلى قطر، ربما تكون هذه بداية نهاية رعب الإرهاب".
وينقل الموقع عن المدير السابق لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي الأميركي خلال رئاسة أوباما ورئاسة ترامب، جوشوا غيلتزر، قوله إن "القطريين كانوا بشكل عام شركاء مهمين في مكافحة الإرهاب، وكانت أكبر نقطة خلاف تتعلق بتمويل الإرهاب، وشعوري هو أنهم أدركوا مع مرور الوقت المخاوف المتعلقة بهذه القضية، ويعملون على ضبط مقاربتهم لذلك الجانب المهم من التعامل مع تحدي الإرهاب".
ويقول الكاتب: "أدرك ترامب متأخرا بأن الحصار على قطر لا معنى له من وجهة نظر الأمن القومي الأميركي، وحاول أن يضغط على السعودية لرفع الحصار، لكن دون نجاح إلى الآن".
ويضيف بيرغين: "اليوم تبدو قطر حليفا طبيعيا لأميركا أكثر من السعودية، فتتمتع قطر بثاني أعلى دخل للفرد في العالم، وبمقاييس الخليج الفارسي لديها مقاربة معتدلة تجاه العادات الاجتماعية، وهي أيضا مقر لشبكة الجزيرة الإخبارية، التي تعد أحد المصادر المستقلة القليلة للأخبار في العالم العربي، كما أنها تستمر في استضافة أهم قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط".
وينوه الكاتب إلى أن "قطر تستضيف مكتبا لحركة طالبان، وبعد 17 عاما من الحرب في أفغانستان، وعدم وجود نهاية منظورة لها، أثبتت إدارة ترامب بأنها مستعدة بأن تدخل في مفاوضات مباشرة مع حركة طالبان، حيث يتم ذلك في قطر".
ويرى بيرغين أنه "يبدو أن القطريين استطاعوا تحمل الحصار بشكل جيد، وقد خشوا في لحظة ما من أن الحصار كان مقدمة للغزو من جارتهم الأكبر، السعودية، لكن لم يحصل ذلك".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "الآن، إن السعوديين هم الذين عليهم أن يقلقوا كيف ينظر بقية العالم إليهم، بالرغم من أهميتهم العالمية في أسواق النفط، وهذا هو مجرد أحد التداعيات غير المتوقعة لقيامهم بقتل صحافي في القنصلية السعودية في اسطنبول".