وكالة مهر للأنباء، سهام محمد: لم يكن هذا الصراع في تلك البلدان صراعا بين الشعوب وقياداتها الحاكمة، بل بين جيوش أجنبية تمكنت من تجنيد عملاء محليين، مستخدمة أيديولوجية وهابية مقيتة ومدمرة. والفرق الوحيد بين سورية، ومسارح العمليات الأربعة الأخرى، هو أن الغزاة تمكنوا بسهولة من تدمير هياكل وبنى الدول الأربعة الآنفة الذكر، ما عدا سورية.
سورية، هي الوحيدة التي قاومت الغزاة، لأنها لوحدها أمة، ليس في تسامحها فحسب، بل في تنوعها الديني، وبحمايتها لممارسة شعائر كل الأديان المتواجدة على أراضيها.فالفسيفساء المجتمعية" التي تتميز بها سورية، هي هوية سورية وإستراتيجيتها الدفاعية. وتأسيسا على ذلك، فإن تحرير إدلب والشمال الشرقي للبلاد، من شأنهما أن يرسخا السلام ليس في سورية فحسب، بل أيضا في مسارح العمليات الأخرى. بيد أن ذلك لن يتحقق في المدى المنظور، إذا لم تتراجع الولايات المتحدة عن خطتها لتدمير الشرق الأوسط الموسع.
السلام في سورية، يعني هزيمة أيديولوجية ساحقة للوهابية وشاكلتها ممن يحملون الاسلام فكرا يوظفونه بحسب مصالحهم ولو على حساب شعوبهم، هذه هي الحقيقة الواضحة اليوم. اللافت اليوم أنّ هذا الانحراف الفكري، لم يقتصر على العالم الإسلامي برمته فحسب، بل انتشر في الغرب أيضا. لهذا فإن السلام في سورية سوف يفترض إدانة دولية لهذه الأيديولوجية، تماماً كما حصل في عام 1945 حين أدان العالم كله الأيديولوجية النازية. وهنا تكمن المفارقة العجيبة، حين عجز المنتصرون في الحرب العالمية الثانية عن العفو عن القادة النازيين، بينما تملك سورية القدرة على العفو لاحقا عن أبو محمد الجولاني، وأبو بكر البغدادي، لكن، في الوقت الذي لن يتسامح فيه أي سوري مع طريقة التفكير التي أدت إلى هذا الكم الهائل من المجازر.
إن أي إيديولوجية تصنع تسلسلاً هرميًا بين مجموعات بشرية، سواء قامت على أسس شبه علمية، أو دينية زائفة، فإنها تعرض الإنسانية لخطر جسيم. لقد هُزمت دول المحور شر هزيمة في عام 1945، وأُدينت النازية بوصفها انحرفا سياسيا استند إلى علم الوراثة. وأكدت الأمم المتحدة إثر ذلك على أن جميع البشر متساوون، وجديرون بالاحترام.
سورية اليوم واستنادا على دعم حلفائها في المنطقة وعلى رأسهم الجمهورية الاسلامية وروسيا والقوى المقاومة، على وشك إلحاق نفس الهزيمة بالإرهابيين، بعد أن أثبتت بدماء أبنائها أن الإيديولوجية الوهابية، ليست سوى انحرافا سياسيا عن الدين الحنيف. لذلك، سوف يترتب على المجتمع الدولي أن يؤكد مجددا أن جميع البشر متساوون، وأن جميع الأديان جديرة بالاحترام.
لقد سبق لوزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم أن وجه هذا المطلب إلى العالم في مؤتمر جنيف2 المنعقد في كانون الثاني من عام 2014، لكن أحدا من الحاضرين لم يصغ إليه في ذلك الحين، لقناعتهم الراسخة بأن الجمهورية العربية السورية لن تستمر لوقت طويل. اليوم، يمكن للجميع أن يستنتجوا أن الوزير المعلم كان على حق، بعد أن انتشرت هذه الأيديولوجية الهدامة في الغرب نفسه، حيث يندفع فتيان إلى قتل أبرياء في الشوارع، لاعتقادهم بأنهم يجاهدون في سبيل الله.
لم يعد أمام الحكومات الغربية من خيار لإنقاذ شعوبها من براثن هذه الوحوش التي رعتها، إلا أن تنصاع لمطالب الوزير وليد المعلم، وتعلن على الملأ إدانتها للعقيدة الوهابية وصانعيها ومروجيها في المنطقة، حينذاك فقط سيكون "الشرق الأوسط الموسع" مستعدا لمعانقة السلام./انتهى/