اعتبر وزير الخارجية محمد جواد ظريف ان سلطنة عمان بلد جار وشريك جيد واستراتيجي، لكننا لا نتدخل بعلاقاتها الخارجية، ولقد نقلنا وجهة نظرنا للأصدقاء في مسقط إلا أننا لا نفرض عليهم شيئاً.

وكالة مهر للأنباء - أشار محمد جواد ظريف في حوار مع صحيفة "العربي الجديد"، إلى أنه لا مشكلة لدى إيران في إعادة العلاقات مع السعودية، الا ان الكرة في الملعب السعودي، معتبراً أن هذا الأمر يتوقف على الرياض وعلى قراراتها وسلوكها الذي يتوجب عليها مراجعته بما يخفف من التوتر الإقليمي.

ولفت  إلى أن طهران تملك معلومات عن مخططات سعودية لاغتيال مسؤولين إيرانيين، نافياً تلقي طهران أي رسائل عبر مسقط، لا من واشنطن ولا من تل أبيب.

وبشأن زيارة رئيس حكومة الكيان الصهيوني الى مسقط اكد ظريف على ان طهران تنقل وجهات نظرها للدول الجارة بشفافية، وهي وجهات نظر تقوم على الوقائع دون ان تريد فرضها على أحد معتبراً ان سلطنة عمان بلد جار وشريك جيد واستراتيجي، "لكننا لا نتدخل بعلاقاتها الخارجية، وهو ذاته ما ينطبق على تركيا وروسيا، إذ لدى هذين البلدين علاقات مع إسرائيل أيضاً".

وفيما يلي نص الحوار:

*هل فعلاً لم يكن للإجراءات الأميركية الأخيرة ضد إيران أي تأثير على اقتصاد بلدكم مثلما قال الرئيس حسن روحاني؟ إن كان الحال كذلك، فلماذا تسعون على مختلف الصعد لإيجاد شركاء يرفضون العقوبات؟
بطبيعة الحال، للعقوبات تأثيرات اقتصادية لكنها لن تؤثر على سياساتنا، وما صدر من تصريحات يعني أن الحزمة الأخيرة منها لم تحمل أي جديد. فقد بدأنا بتلمس التبعات خلال الأشهر الستة الماضية، أي منذ انسحاب أميركا من الاتفاق النووي، لا بل منذ أن أدرك الفاعلون الاقتصاديون أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيتخذ هذا القرار عقب حديثه عن الاستراتيجية الجديدة إزاء طهران في أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي. منذ ذلك الوقت بدأت النتائج تنعكس على الاقتصاد، وبالنتيجة الشعب الإيراني هو الطرف المستهدف، وخلف ذلك أمل أميركي بأن يتسبب الحظر بضغط الشارع على حكومته لتغيّر سياستها، أو حتى تهديد النظام برمته.

*انقضى تاريخ 5 نوفمبر/تشرين الثاني، ولم تعلنوا عن الآليات الأوروبية رغم كل الوعود، ولم يجد الاتحاد الأوروبي حتى الآن مكاناً لاحتضان آلية "إس بي في" أو تلك الخاصة بالتبادل الاقتصادي مع إيران بشكل يعفي كل الأطراف من العقوبات. إلى أي مدى تثقون وتعولون على نية أوروبية بالذهاب حتى النهاية في مشاكسة المشروع الأميركي؟

هناك حاجة للحفاظ على حياة الاتفاق بهدف جني المكتسبات الاقتصادية بما يصب في مصلحة الإيرانيين، والأوروبيون نفذوا تعهدات أعلنوا عنها أمام المحافل السياسية بجدية، وكثر لم يكونوا يتوقعون موقفهم هذا بسبب العلاقات مع أميركا. لكن في ساحة التنفيذ العملي تعرض الأوروبيون لعراقيل. نحن نعلم أن الحكومات الأوروبية ما زالت غير مستعدة لتنفيذ التعهد السياسي بالتزامن ودفع ثمن اقتصادي، ويرجح هؤلاء أن يحافظوا على الإنجازات دون ثمن أساساً. هذه السياسة لن تصب في مصلحة أوروبا على المدى البعيد، بل ستحمّلها ثمناً أكبر، ومع هذا ما زلنا على اتصال مستمر مع كل الشركاء في أوروبا والصين وروسيا، ونحاول أن نجد سبلاً لمواجهة العقوبات والتخفيف من تبعاتها للحد الأدنى. صحيح أن لدى أميركا قدرة اقتصادية كبيرة، لكن كل دول العالم تقف ضد حظرها، رغم أن بعض الشركات ما زالت متخوفة من التبعات.

*وهل يكفي ذلك إلى جانب علاقاتكم مع الصين وتركيا والهند للحفاظ على عافية الاقتصاد الإيراني؟
لدى اقتصاد إيران القدرة على الاستمرار في التنمية والتطور، والعلاقات مع الدول الثانية أحد العوامل المسببة لذلك، فنحن لدينا قدرات داخلية، بشرية وطبيعية وعلمية وتقنية، وكلها تؤثر على مستقبل الاقتصاد. إن العلاقات الخارجية مهمة، لكنها ليست المسبب الوحيد لتطوير البنية الاقتصادية، وهذا ما يجعل إيران مختلفة عن دول إقليمية ثانية لا تستطيع الصمود من دون العلاقات مع الآخرين، وهذا لن يساعدنا على مواجهة العقوبات وحسب، بل تجاوزها أيضاً.

*وفي ما يخص النفط، هل تعتبرون أن الاستثناءات والإعفاءات التي منحتها الإدارة الأميركية لثماني دول، فسمحت لها بشراء النفط الإيراني مؤقتاً وبشروط، تكفي أيضاً؟
قلنا سابقاً إن أميركا لا تستطيع تصفير عداد الصادرات النفطية الإيرانية، وهذا ما حصل وسيحصل، فلن تستطيع تخفيض معدلها بشكل كبير كذلك. لدى إيران القدرة على تصدير نفطها، والسوق العالمية تحتاجه، وستثبت البلاد للجميع أنها ستحضر بقوة في هذه السوق مستقبلاً.

*هناك أنباء عن وقف تزويد الطائرات الإيرانية بالوقود في لبنان وقبلها في تركيا. ما حقيقة وجود ضغوط أميركية في هذا الصدد، وإلى أي مدى تستطيعون تجاوزها؟

لدينا العديد من السبل لكي تستمر رحلاتنا الجوية وسنستخدمها، وهي التي جربناها سابقاً وسنكررها. الأميركيون ليس لديهم القدرة على وقف رحلات إيران الجوية أو منع الحركة البحرية للناقلات الإيرانية.

*وهذا يعني أنكم ستلجؤون للالتفاف على العقوبات؟
سنلجأ لأساليب كثيرة، وليس فقط الالتفاف.

*لديكم خصوم حتى من الأطراف الأوروبية، وبعض هؤلاء يقولون إنكم لا تفعلون ما يكفي لتسهيل مهمة أوروبا لمواجهة السياسة الأميركية الخارجية، من خلال الدور الإقليمي والإصرار على الملف الصاروخي، حتى أن الرئيس الفرنسي المتمسك بالاتفاق النووي لم يزر طهران رغم أنه كان متوقعاً أن يقوم بذلك. ماذا تقولون لهؤلاء، وألا تعتقد أن هذه السياسات الإيرانية تعقّد علاقاتكم مع أوروبا؟
نتقاطع مع أوروبا في بعض الأمور ونختلف في أخرى. في الشق الإقليمي نؤمن بكوننا جزءاً من هذه المنطقة، وسياساتنا إزاءها منطقية وواقعية أكثر من تلك الغربية. لو عدنا للتاريخ سنجيب عن أسئلة كثيرة، فمن الذي دافع عن صدام حسين ومن ثم اضطر للوقوف بوجهه؟ من الذي دعم (تنظيم) "القاعدة" بوجه السوفييت واضطر لمحاربته؟ أي بلدان هي التي اعتبرت (حركة) "طالبان" جهة رسمية؟ أي دول هي التي قدمت مساعدات لـ"داعش" و"النصرة"؟ من الذي سجن رئيس وزراء بلد ثانٍ؟ وأي دول هي التي حاصرت قطر؟ بالمقابل لعبت إيران دوراً إيجابياً في كل هذه الملفات، ومنعت السعودية، المدعومة من الغرب، من إنجاح حصار قطر مثلاً. بالنتيجة ليست سياستنا هي التي تؤدي لإشكالات في المنطقة، بل هي سياسات أصدقاء أميركا والغرب. وفي ما يخص الشق العسكري، فمن الجدير أن نقارن الموازنات العسكرية، وسأتحدث عن أرقام صادرة عن مؤسسات دولية، فالإمارات اشترت أسلحة بـ22 مليار دولار والسعودية بـ67 مليار دولار ولديها صواريخ بمدى 2500 كيلومتر، في مقابل أن موازنة إيران العسكرية تتراوح بين 12 و16 ملياراً ومدى صواريخها لا يتجاوز الألفي كيلومتر. الخلاصة أن أميركا حولت المنطقة إلى مخزن سلاح هو ذاته الموجه ضد اليمنيين، أليس هذا السلاح غربياً؟ من عليه تغيير سياساته هو الغرب وليس إيران.

*وجهت دول أوروبية اتهامات مكررة لإيران بخصوص التخطيط لاستهداف المعارضة في الخارج. في أي سياق نستطيع أن نقرأ ذلك؟ ألا يؤثر على العلاقات مع أوروبا في ظل الظروف الدبلوماسية والاقتصادية الإيرانية الحساسة؟

توقيت صدور هذه الاتهامات مهم ولافت، فاتهام إيران بالتخطيط لتفجير مؤتمر المعارضة في باريس تزامن وزيارة الرئيس الإيراني إلى سويسرا والنمسا، وفي تاريخ 29 أكتوبر، أي اليوم ذاته الذي كان من المقرر أن تعلن فيه آليات "إس بي في" الأوروبية تم اعتقال فرد بتهمة التخطيط لاستهداف معارضين أهوازيين. تجدر الإشارة لحقائق أيضاً، فهناك أفراد يعيشون في الدنمارك أعلنوا مسؤوليتهم عن الهجوم  الذي وقع في الأهواز عبر قناة متلفزة مقرها لندن، وآخرون يعيشون في فرنسا يعلنون مسؤوليتهم عن عمليات قتلت 15 ألف شخص في إيران في السابق. فمن يحمي الإرهاب هو هذه الدول الأوروبية التي تسمح بلجوئهم لأراضيها، وعليها أن تفكر ملياً بهذه الحقائق، وإيران لا تريد أن تتعرض أوروبا لأي تهديد أمني، وقد أبلغنا فرنسا والدنمارك سابقاً بجهوزيتنا للتعاون ولتزويدهم بمعلومات حول أولئك (الأشخاص).

*تعرّض مشروع أميركا القاضي بتأسيس "الناتو العربي" الرامي لمحاصرة إيران لنكسة أخيراً على خلفية الأزمة الخليجية وجريمة قتل جمال خاشقجي، ويبدو اليوم أن أميركا مستعجلة لإحياء المشروع. هل أنتم فعلاً لا تخشونه، أم أن استخفافكم به هو جزء من الدبلوماسية الإيرانية القائمة على الحرب النفسية ضد الخصوم؟
نحن لم نبدأ بأي حرب نفسية ضد أحد، ونحرص على النظر بواقعية لما يجري في المنطقة. نعتقد أن هذه السياسات لا تصب في مصلحة الإقليم وأمنه، وقدمنا مقترحاتنا سابقاً من قبيل تشكيل مجمع الحوار الإقليمي وإجراء صيغ التعاون بين دول المنطقة. للأسف هناك عدد من الدول التي تسعى لشراء الأمن، ونحن من جهتنا نؤمن بأن الأمن لا يُشترى، وإنما يُصنع بيد القوى الإقليمية، كما أننا على قناعة بأن أميركا تريد نهب ثروات المنطقة، وثمن هذه السياسات التخريبية تدفعه دول المنطقة نفسها. ومن ناحية أخرى تبذل أميركا والكيان الصهيوني جهوداً منظّمة لإبعاد القضية الفلسطينية عن أنظار الجميع وقلب المعادلات، وهناك دول عربية تشجع على التطبيع اليوم، وتعبّد الطريق لمعاداة إيران، وعلى الأصدقاء في العالم العربي أن يمعنوا النظر جيداً في البوصلة التي يتحركون نحوها.

*ولكن إيران تواجه اليوم نوعاً من العتب حتى في ما يرتبط بالقضية الفلسطينية، وانتقادكم لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي لسلطنة عمان كان "ناعماً" بالنسبة للبعض، فما رأيك بذلك؟ وما المعلومات التي تمتلكونها حول دور مسقط في صفقة القرن. وفي الشق الثاني من السؤال كم كان ملف إيران حاضراً على الطاولة الإسرائيلية العمانية؟
*نحن ننقل وجهات نظرنا للدول الجارة بشفافية، وهي وجهات نظر تقوم على الوقائع ولا نريد فرضها على أحد. إيران مؤمنة بأن صفقة القرن لن تحصل، لأنها تتجاهل حقوق الفلسطينيين، وكثر هم من حاولوا المساومة على ذلك. في هذا السياق موقفنا واضح وننقله للأطراف العربية المجاورة من دون أي مجاملة وبلا تدخل في قراراتها. وفي ما يتعلق بالملف الإيراني على الطاولة العمانية الإسرائيلية، بكل تأكيد يريد الكيان الصهيوني فرض سياسات وخلق عداوة بين إيران والدول العربية، ولن يتوقف عن ذلك، وعلى الدول العربية أن تتخذ قراراتها الأنسب.

*لكنّ مسقط شريك استراتيجي لطهران؟

نعم، سلطنة عمان بلد جار وشريك جيد واستراتيجي، لكننا لا نتدخل بعلاقاتها الخارجية، وهو ذاته ما ينطبق على تركيا وروسيا، إذ لدى هذين البلدين علاقات مع إسرائيل أيضاً، ولقد نقلنا وجهة نظرنا للأصدقاء في مسقط إلا أننا لا نفرض عليهم شيئاً، والدول الجارة تعلم أن إيران غير موافقة على هذه السياسات التي لا تصب في مصلحة المنطقة.


*هل وصلتكم أي رسائل جديدة من الوسيط العماني حملها من إسرائيل أو من أميركا؟
لا من أميركا ولا من إسرائيل.

*هل نتوقع مستقبلاً أن نسمع عن وساطة عُمانية جديدة بينكم وبين أميركا على شاكلة الدور الذي أدته السلطنة طيلة سنوات؟ وهل ستعودون لطاولة الحوار التي دعا إليها ترامب للتفاوض إذا ما لبّى الشروط الإيرانية؟
قلنا سابقاً إن أي تفاوض مشروط باحترام متقابل، لا بالثقة المتبادلة، هذا الاحترام يبدأ من الطرف الآخر ومن التزامه بتعهداته، وفي أي وقت نلحظ فيه أن أميركا لبّت ذلك، ففي حينه من الممكن الحديث عن التفاوض، أما في الوقت الراهن فعلى ماذا سنتحاور؟ لقد تباحثنا لسنوات مع أميركا ووصلنا لنتيجة تلخصت بالاتفاق النووي، إلا أننا لا نضمن اليوم ألا تتخذ واشنطن الخطوة ذاتها وتقرر التخلي عن التزاماتها.

*تحدثت تقارير إعلامية أخيراً عن مبعوث سعودي من قبل ولي العهد زار طهران، وأن الملف اليمني كان أحد المواضيع التي حملها الموفد المزعوم، هل تنفون هذا الكلام أم تؤكدون صحته؟
لا يوجد لدي أي معلومات حول صحة ذلك، ولا أعتقد أساساً أنه ممكن.

*هل أنتم مستعدون لاستقبال موفد سعودي؟ وما الذي ستضعونه على الطاولة؟
ليس لدينا أدنى مشكلة في إعادة العلاقات مع السعودية إلى سياق طبيعي، وهذا الأمر يتوقف على الرياض وعلى قراراتها وسلوكها الذي يتوجب عليها مراجعته بما يخفف من التوتر الإقليمي، هذه السياسة الموجهة لإيران ولسورية وللعراق ولقطر واليمن، كلها تأتي من جهة السعودية وليس من قبلنا.

*تفيد أنباء معركة الحديدة بأن أوضاع حليفكم الحوثي ليست بأفضل أحوالها، وبأن هناك نية لحسمها إماراتياً وسعودياً للذهاب إلى مفاوضات السويد بموازين قوى تصب في مصلحتهم. أين إيران من هذه المعادلة؟ وهل أنتم في أجواء خسارة الملف اليمني؟
شهدنا على سياسة تخريبية في هذا البلد انعكست مصائب على شعبه. من اليوم الأول أظهرنا استعداداً لحل الأزمة اليمنية، ومنذ قصف التحالف لليمن قالت إيران إن الحل العسكري لن يوصل لنتيجة هناك. اعتقدت الرياض أنها تستطيع حسم ملف اليمن في أسابيع ومرت سنوات من دون نتيجة، حاولوا كثيراً حسم تطورات الحديدة ميدانياً، لكن المشكلة لدى بعض الدول الجارة أنها لا تؤمن بالحل السياسي، وتريد حل الأمور عسكرياً بغطاء سياسي، هذا غير قابل للتحقق. يجب إقرار وقف إطلاق نار شامل عملياً، وفي النهاية سيصل الجميع إلى نتيجة بضرورة وقف الأعمال العسكرية وإيصال المساعدات للمدنيين ودعم تشكيل حكومة يمنية شاملة وإجراء حوار يمني يمني. هذه النقاط الأربع أعلنت عنها إيران في إبريل/نيسان 2014.

*هل سنرى إيران تفاوض في الملف اليمني على غرار السوري؟ وهل لديكم شروط لوضعها على طاولة التفاوض الحوثية السعودية المحتملة؟
لا يوجد لدينا أي شرط. نحن نريد إنهاء هذه الأزمة، وعلى الدول أن تلعب دوراً يسهل تطبيق الحل لا أن تفرض سبل الحل نفسه، وهذا ما نفعله في الملفين السوري واليمني.

*ما تعليقك على الأنباء الواردة حول تخطيط السعودية لاغتيال مسؤولين إيرانيين بارزين ومن بينهم قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، وتشكيلها غرفة لشن حرب اقتصادية لمحاربة إيران؟

كان لدينا معلومات عن ذلك. السعودية تدعم مجموعات إرهابية في إيران منذ سنوات، وقد أعلنت الرياض رسمياً في وقت سابق أنها ستجر الحرب للعمق الإيراني، وشهدنا بعدها زيادة في نشاط مجموعات مسلحة وإرهابية شرقي البلاد، وأخرى كداعش التي هاجمت البرلمان. هذه السياسات السعودية ليست حديثة، ونحن على اطلاع عليها. النظام السعودي يسعى إلى فرض سيطرته، وما جاء أخيراً يفنّد كل الادعاءات التي روجت أن إيران تقوم بنشاطات ضد الرياض ويثبت عكسها، فهي التي تدعم التشدد كي توجه ضربة لإيران. ما ذكرته (صحيفة) نيويورك تايمز هو مجرد زاوية صغيرة من السلوك السعودي إزاءنا، ونأمل أن تُفتح عيون بقية الأطراف على ما تفعله الرياض التي حاصرت قطر وتقصف اليمن وسجنت رئيس وزراء لبنان (سعد الحريري) وارتكبت جريمة بحق الصحافي جمال خاشقجي، وهو ما تتابعه تركيا بشكل جاد الآن.

*بالحديث عن تركيا، يجدر القول إن علاقاتكم صامدة وقوية، اختلفتم في سورية كثيراً وعدتم واتفقتم في العراق، خصوصاً حين رفضتم الاستفتاء على انفصال إقليم كردستان العراق، والآن تركيا تقف معكم ضد العقوبات. أين هي الخلافات المعلنة والضمنية، وما محددات العلاقة وما الذي ينغصها من وجهة نظرك بصراحة؟
علاقاتنا مع تركيا جيدة للغاية، بل إنها استراتيجية، لكن ذلك لا يعني التقاطع في وجهات النظر على كل شيء. اختلفنا بالفعل على نقاط رئيسة حول سورية، وقمنا بتقليصها فوصلنا معاً لنتيجة أن الإرهاب يضر الجميع، وبأن المجموعات الانفصالية بمثابة تهديد قد يجر المنطقة لنزاع جديد. نعلم معاً أن الدعم الأميركي لبعض الأطراف التي قد تهدد وحدة سورية وإيجاد نزاعات أهلية يعني مشكلة. لا يمكن أن نسمح بفتح المجال لخلاف قومي في سورية والعراق، هذا خطر للغاية، ونعم نتقاطع مع تركيا برفض استفتاء الانفصال في العراق ونقف ضد سيناريوهات مماثلة في سورية، وربما نكون على خلاف في ما يتعلق بأبعاد محددة ترتبط بتطبيق الحل السياسي في سورية وهذا طبيعي، نحن بلدان مؤثران وعلينا تسهيل المهمة على السوريين للجلوس إلى طاولة الحوار وتقرير مصير بلادهم.

*في سورية هناك تقارير تفيد أن الجهات المحسوبة على الحرس الثوري الإيراني، أكانت إيرانية أو لبنانية، قد انسحبت من الجنوب السوري وتحديداً من المنطقة المحاذية للجولان المحتل بموجب اتفاق روسي إسرائيلي، بينما تفيد تقارير أخرى بالعكس، ما حقيقة ذلك؟
لم يكن هناك قوات إيرانية في الجنوب السوري لكي تنسحب بالأساس.

*ماذا عن "حزب الله"؟
هذا ينطبق على "حزب الله" اللبناني أيضاً، ووفقاً لمعلومات وصلتنا من الحزب نفسه فوجودهم إن حصل كان بشكل مؤقت ولمواجهة الإرهاب. مساعدتنا لسورية جاءت أساساً لمكافحة الإرهاب، وحضور "حزب الله" في هذا البلد جاء بناءً على طلب من الحكومة السورية، ولا يوجد أي أهداف أخرى.

*هل أفهم من تصريحك أنه لا خلاف مع موسكو حول الوجود الإيراني والمحسوبين عليها في الجنوب السوري؟
وفقاً لمعلوماتي، قد يكون هناك اختلاف في وجهات النظر على بعض النقاط من الناحية الميدانية على الأرض، لكنّي لم أسمع أي شيء عن حصول خلاف حول نوع وشكل الوجود الإيراني في سورية عموماً.