لا تخفى على أحد الأهمية الكبيرة التي تحظى بها اللغة العربية في إيران ، إلا أن هناك بعض الإشكاليات التي تُطرح على العالم العربي ، وخاصة ان اليوم يصادف اليوم العالمي للغة العربية ، إذ إنه تناسى دوره في هذا الصدد من أجل تكريس وتثبيت اللغة العربية لغير الناطقين بها ، لما تحمل هذه اللغة من ثقل تراثي وحضاري عريقين.

وكالة مهر للأنباء ــــ أحمد عبيات :  أخطّ بعض الحدود التي رسمتها ببالي كباحث ومهتم بالشأن العربي والدراسات المعنية بالعربية لكنني تنتابني بعض الأسئلة حول مدى اهتمام العرب بلغتهم التي تزخر بالإمكانيات النادرة التي قلّما نشاهد لغةً ما لَها ما للعربية، إننا في إيران نعيش بعض التحديات في مجال اللغة العربية منها عدم توافر كتب وكرّاسات وأقراص تتسم بالسهولة والانسيابية وأيضا الضوء مسلّط فيها على الجانب المعاظل وغير المرن للغة العربية، منها الصرف والنحو الذي بحاجة إلى إعادة ترسيم لضوابط تدريسه وقواعد بيانه وهنا يستبين الدور المختفي للباحثين في العالم العربي خاصة والأساتذة في الجامعات الإيرانية على وجه عام.

ان اللغة العربية هي أكثر اللغات تحدثاً ونطقاً ضمن مجموعة اللغات السامية، وإحدى أكثر اللغات انتشاراً في العالم، يتحدثها أكثر من 467 مليون نسمة، الذين يتوزعون في العالم العربي، إلى جانب ذلك لغة ما يتجاوز مليار ونصف مسلم، بعيدا عن المراكز والمعاهد والمهتمين باللغة العربية الذين يزيدون بسرعة واسعة الانتشار وبوتيرة قلّ نظيرها في العالم بأسره.

بالرغم من ذلك، إلا أن اللغة تعيش وسط العرب بحالة من الإهمال والإزدراء من قبل متحدثيها، حيث ترى اللبناني إذا أراد أن يظهر قدراته ويبرز عضلاته يلجأ إلى الرطانة الفرنسية والخليجي يترنح ويتململ بها وإذا تكلم لا يكاد يُبين، والمغرب العربي يمرّ بنفس المأساة والتراجيدية التي تبعث على الحزن والأسف الشديد.

أمّا في إيران وباقي الأقطار الإسلامية ، فإن الوضع ليس محمودا لعدم وجود أطر سليمة وتخطيط منظم لهيكلية التدريس العربي باعتباره منظومة قيمية دينية حضارية أخلاقية تتسم بالقوة الفريدة، وهناك تجاهل كبير لهذه اللغة من قبل العلماء والنقاد العرب لوضع حدّ لهذه الأزمة التي تجاوزت كل الحدود، والعمل على تبسيط قواعدها وتقديم كل ما من شأنه أن يسهل على القارئ والمتابع للعربية في أن توفر له الأرضيات اللازمة من أجل إجراء عمليات المحادثة والاستماع والكتابة والقراءة بتقنيات حداثية عصرية بعيدة كل البعد عن التكلف والحوشي من الألفاظ الذي يعرقل مسار الاستكمال لوضع خطى وئيدة في الاستمرار باحتضان العربية كذخر تراثي وحضاري هائل، وذلك استنادا إلى قول "أهل مكة أدرى بشعابها" فإن العرب هم أولى في أن يعملوا على تبسيط قواعد اللغة العربية، وتكييف مناخ تعلمها للمتلقين والناطقين بغيرها وتقديمها للدارسين وهواة العربية بقالب سهل مرن وإطار يتميز بالبساطة والتحفيز والتشجيع، في وقت نرى أن اللغة الفرنسية والألمانية والإنجليزية وغيرها من اللغات يبرمج لها ويخطط ويعمل عليها ليل نهار من أجل نشر هذه اللغات.

بناء على ما تقدم أودّ الإشارة على أهمّ الملاحظات التي يجب أن يأخذها العلماء والنقاد والنحاة والباحثون والمعاهد للناطقين بغير العربية في العالم العربي بالاعتبار وفهم المسؤولية التاريخية والمصيرية الملقاة على عاتقهم من أجل حمل وزر العربية والعمل على خدمتها بما أنهم حملتها ومن ينطقون بها ويفخرون بمجدها التليد وتراثها المجيد.

*أهمية التواصل مع الأقطار الإسلامية لرؤية المشاكل التي تتعرض لها العربية وكشف حلول لسدّ ثغراتها!

*الاطلاع عن كثب على المناهج المتبعة للعربية في النظام التعليمي للبلدان الإسلامية!

*إقامة دورات وندوات لكشف دور العربية وحملتها في بناء حضارة عالمية!

*ربط معاهد اللغة العربية للناطقين بغيرها بشكل جدي وتقديم ما لهذه المعاهد من الإمكانيات بسهولة!

*إخضاع التقنيات الحديثة والعصرية بما في ذلك البصرية والسمعية  في خدمة تعليم اللغة العربية وآدابها لغير الناطقين بها من المسلمين وغير العرب والتميز في تعليمها وتقديم ثقافتها بتقنيات متطورة!

*أخذ التطورات التي تحققها الإنجليزية وباقي اللغات بالاعتبار ودراسة أسباب تقدم هذه اللغات واتساع رقعتها الجغرافية وسر الإقبال الكثيف على هذه اللغات!

*إعداد معلمين متخصصين يقومون بتدريس العربية لغير الناطقين بها في الأقطار غير العربية والإسلامية في العالم بشكل حقيقي لا مجردّ إطلاق بيانات وحسب!

*تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها وسط بيئة جاذبة تشجع الناطقين بغيرها للاستمرار في مواصلتها من خلال برامج وأنشطة نوعية منافسة تلبي احتياجات المهتمين والراغبين في العربية!

*خلق أدوات حديثة وتطوير آليات احترافية للتواصل مع الطلاب والجامعيين وكل هواة العربية وتقديم الدعم اللازم لهم!

*التركيز على وسائل التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي في نشر العربية، بما أنها تحولت إلى المكان المحبذ والأكثر شعبية منه إلى العالم الواقعي!

*العمل على وضع كتب على مستويات مختلفة وحسب الفئات العمرية مزودة بأقراص مدمجة تسهل على القارئ التعلم من خلالها بما أنها تخلق مناخا يستهوي ويستقطب القارئ أكثر من الكتب الورقية وهذا لا يعني التغافل عن دور الكتب!