مع بدء أعمال مؤتمر وارسو المعني "بدعم مستقبل سلام وأمن الشرق الأوسط" عبر خبراء بالشؤون الأميركية عن خيبة أملهم، معتبرين أن هدف المؤتمر يتمثل في سياستين اتخذت فيهما إدارة الرئيس دونالد ترامب مواقف متطرفة، طبقا لأنماط العلاقات الدولية وعلاقةواشنطن بحلفائها.
السياسة الأولى جاءت مع اعتراف ترامب، وعلى النقيض من كل من سبقه من رؤساء جمهوريين وديمقراطيين، بالقدس عاصمة إسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها، حيث افتتحت السفارة الجديدة ابنته إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر الذي يوصف بأنه عراب صفقة القرن.
والسياسة الثانية تمثلت في انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الموقع بين إيرانوالدول الست الكبرى.
ونال نقل السفارة للقدس رفضا عربيا ودوليا واسعا، كما نال انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي رفضا وتنديدا عالميا واسعا.
ويدل مستوى المشاركة على عزلة الإدارة الأميركية عالميا عندما يتعلق الأمر بالموقف من الفلسطينيين ومن إيران. ويقول أندرو ميلر المسؤول السابق بالخارجية ومجلس الأمن القومي -لصحيفة بوليتيكو- إن مستوى تمثيل الدول المشاركة في المؤتمر يعكس عدم اكتراث كبير بمؤتمر وارسو، و"إن أي إدارة أخرى كانت ستسعى لعقد مؤتمر شامل بخصوص مستقبل الشرق الأوسط لكنا شاهدنا مستوى مرتفعا من المشاركة".
ورفضت أطراف مهمة حضور المؤتمر مثل روسيا والمفوضية الأوروبية والفلسطينيون وتركياوقطر، مع تمثيل متواضع لعدد من الدول مثل مصر وفرنسا وألمانيا، ولم تشارك من القوى الأوروبية بوزير الخارجية إلا بريطانيا، بينما يشارك بقوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يريد استغلال المؤتمر لدعم حملته الانتخابية.
ولا يوجد جدول أعمال واضح للمؤتمر. وبالرغم من تلقي الجزيرة نت جدول وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو فإنه لا يتضمن أي إشارة لجدول المؤتمر. حيث يبدأ بومبيو يومه بلقاء نتنياهو صباحا ثم يفتتح أعمال المؤتمر في التاسعة بالتوقيت المحلي، وفي التاسعة والنصف يشارك في الجلسة العامة ثم يتناول الغداء مع المشاركين لبحث قضية اللاجئين، ويعقب ذلك لقاءان بوزيري خارجية النمسا وكوريا الجنوبية، وفي الثالثة النصف يختتم المؤتمر.
وفي مقال لها بدورية نيو ريبليك، رأت الخبيرة بمؤسسة راند البحثية داليا داسا كاي أن إدارة ترامب لم تستفد من تجارب الماضي عند التخطيط لمؤتمر وارسو، فقبل ثلاثين عاما قاد وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر جهودا كبيرة لجمع أطراف النزاع العربي الإسرائيلي في مؤتمر مدريد، لكن طريقة إعداد المؤتمر وتحديد أهدافه لا يمكن إلا أن ينتج عنه إلا الفشل، حسب رأيها.
أما مراسل صحيفة هآرتس في واشنطن آمير تيبون فانتهى لخلاصة مفادها أن "صفقة القرن" لن تعقد بين الإسرائيليين والعرب، بل بين نتنياهو وقوى اليمين المتطرف الإسرائيلي، حيث سيحمي نتنياهو مستوطنات اليمين الإسرائيلي كي يدعمه أمام ما يتعرض له من اتهامات ومخالفات قانونية وقضائية.
ولم يحدد بومبيو -خلال لقاءات صحفية أجراها الأربعاء- كيف يمكن تقييم نجاح أو فشل المؤتمر، ودفع ذلك بالسفير الأميركي الأسبق لدى إسرائيل دانيال شابيرو للقول في تغريدة "إن مؤتمر وارسو يعكس لحد كبير عزلة جهود إدارة ترامب في جهودها ضد إيران".
أما الباحث بمعهد ويلسون والمسؤول السابق بالخارجية ديفيد أرون ميلر فغرد مؤكدا أن المؤتمر يكشف ضعف أميركا وليس قوتها.
المصدر : الجزيرة