ولد الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر يوم الجمعة منتصف شهر شعبان سنة (255) هـ.ق. في مدينة سامراء وهي احدى مدن العراق وأشهر القابه هي: المهدي، القائم، الحجة، بقية الله. وأبوه هو الإمام الحادي عشر الحسن العسكري (ع)، وأمه السيدة الجلية "نرجس".

وقد نهى الائمة المعصومون (عليهم السلام) أتباعهم عن ذكر أسم الإمام القائم (عجل الله تعالى فرجه) واكتفوا بالقول انه سمي باسم النبي (صلى الله عليه وآله) وكنيته أيضاً كنية النبي (صلى الله عليه وآله). وليس من المناسب ولا من الجائز ذكر اسمه باللسان صراحة إلى أن يظهر.

الإعتقاد بالمهدي الموعود في سائر الأديان
إنَّ الإعتقاد بالإمام المهدي الموعود (عجل الله تعالى فرجه) كمصلح إلهي وعالمي موجود في كثير من المذاهب والأديان، فليس ذلك حصرا على الشيعة وإنَّما يشاركهم فيه أهل السنة بل وحتى أتباع الأديان الأخرى كاليهود والنصارى والزردشتيين والهندوس فهم يذعنون ويعترفون بظهور مصلح إلهي كبير وينتظرون ظهوره أيضاً.

فقد جاء في كتاب "ديد" وهو من الكتب السماوية عند الهندوس: بعد خراب الدنيا سوف يظهر ملك في آخر الزمان ويصبح أمام الخلق ومقتداهم، واسمه المنصور، ويسيطر على جميع العالم ويدخلهم في دينه، وهو يعرف كل شخص من كافر أو مؤمن، وكلما طلب من الله شيئا فإنه يحققه له .
وذكر في كتاب "كاماسب" وهو تلميذ زردشت:"سوف يظهر رجل في ارض العرب ومن ابناء هاشم، وهو رجل كبير الرأس كبير الجسم كبير الساق، وعلى دين جده، ومعه جيش جرار... ويملأ الارض قسطا وعدلا، ومن عدالته أنّه يجعل الذئب والشاة يشربان من إناء واحد"، (بشارات العهدين ص258).
وفي كتاب "زند" الذي يعتقد الزردشتيون أنه كتاب ديني: "وعندئذ يتحقق نصر كبير من قبل يزدان "إله الخير" ويقضون على أصحاب اهريمن "إله الشر" وكل قدرة أصحاب أهريمن تكمن في الأرض ولا سبيل لها إلى السماء، فيصل عالم الوجود إلى سعادته الأصيلة ويجلس بنو آدم على عرش السعادة. (بشارات العهدين ص238).
وتتحدث التوارة في سفر التكوين عن أثنى عشر إماماً من نسل النبي إسماعيل سوف يأتون فيما بعد :"وفي حق إسماعيل سمعتك وها أنا ذا باركته ونميته وسوف أزيده سيولد منه أثنا عشر سيدا وسوف أجعلهم أمّة عظيمة"، "سفر التكوين 20:17".
"… وأمّا الصالحون فإن الله يؤيدهم… وسيرث الصالحون الأرض ويسنون فيها إلى الأبد"، المزمور (أي زبور داوود) 37، البند 37ـ10، الكتاب المقدس طبع 1901".
وقد تتطرق القرآن الكريم لهذا الأمر بقوله سبحانه: "وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَبُور مِن بَعْد الذِكر أنَّ الأَرضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَالِحُون"، (سورة الأنبياء، الآية 105")
فالزبور هو كتاب داوود، والذكر هو التوراة .
ويقول تعالى: "ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين"، (سورة القصص، الآية 55).
إنّ مثل هذه الآيات التي ذكرنا نماذج منها شاهد على أنّ العالم في نهاية الأمر سيقع في أيدي عباد الله الصالحين وسوف ينتهي إليهم هذا الميراث ويصبحون قادة العالم وسادته .

الإعتقاد بالمهدي الموعود (عجل الله تعالى فرجه) في الوثائق الإسلامية
لقد أخبر نبي الإسلام الكريم (ص) وكل واحد من الأئمة الأطهار (سلام الله عليهم) في مرات عديدة ومناسبات متنوعة عن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) وظهوره ونهضته وغيبته الطويلة وسائر خصائصه وميزاته، وقد نقل هذه الأخبار والأحاديث كثير من أصحابهم وأتباعه، وذكر مؤلف كتاب "الإمام المهدي" أسماء خمسين شخصا من صحابة النبي (صلى الله عليه وآله) وأسماء خمسين من التابعين "وهم الذين لم يدركوا النبي (صلى الله عليه وآله) لكنهم رأوا صحابته" من نقلوا الأحاديث المتعلقة بالإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه).
وبعض الشعراء الكبار والمعروفين قد نظم مضمون هذه الأحاديث في قصائد سبقت ولادة المهدي (عجل الله تعالى فرجه) بعشرات السنين بل بما يتجاوز القرن من الزمان .
فالكميت شاعر شيعي مناضل وشجاع أنشد شعرا يتعلق بالإمام الموعود وقرأه في محضر الإمام الباقر (سلام الله عليه)، وتساءل فيه عن نهضة ذلك الإمام الكريم. وإسماعيل الحميري بعد أن لقي الإمام الصادق (سلام الله عليه) وحظي بالهداية على يديه أنشده قصيدة طويلة.
والبعض الآخر من الشعراء ـ ممن عاصر الأئمة (سلام الله عليه) أو ممن تتلمذ على المعاصرين لهم ـ .
وقد ذكر كثير من علماء السنة والشيعة الأحاديث والأخبار المتعلقة بالإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) في كتبهم "ذكرت اسماء (106) أشخاص من هؤلاء في كتاب "نويد أمن وأمان" ص 92ـ95، وأسماء (38) شخصا منهم في كتاب "المهدي المنتظر" تأليف محمد حسن آل ياسين ص 80ـ 82).
والأحاديث والأخبار المتعلقة به (عجل الله تعالى فرجه) كثيرة إلى الحد الذي لا تصل  كثرة الأحاديث الواردة في أي موضوع من المواضيع الإسلامية، وأما قطعية صدور هذه الأحاديث فهي أمر مسلّم بين علماء أهل السنة والشيعة، فعلاوة على علماء الشيعة هناك طائفة من علماء السنة صرحت بكون هذه الأحاديث متواترة وقطعية، ومن جملتهم (السجزي) صاحب كتاب (مناقب الشافعي) وهو متوفى سنة 363 هجرية قمرية حيث يقول: انّ الأخبار المتعلقة بالمهدي (عجل الله تعالى فرجه) والمنقولة عن رسول الإسلام الكريم قد وصلت إلى حد التواتر (كتاب المهدي المنتظر ص 85).

الغيبة الصغرى والكبرى
بعد استشهاد والده الامام الحادي عشر (ع) امتدّت الغيبة الصغرى من عام (260) هجري قمري إلى عام (329)، أي ما يقرب من (69) عاما (عدّ المرحوم آية الله السيد محسن الامين في كتاب (أعيان الشيعة) مدة الغيبة الصغرى (74) عاماً، وقال ان مبدأها هو تاريخ ميلاد الإمام القائم (عجل الله تعالى فرجه). (ج4، القسم الثالث، ص15)، ومنذ ذلك الحين وحتى يظهر الإمام القائم (عجل الله تعالى فرجه) فهي مرحلة الغيبة الكبرى، وفي أثناء الغيبة الصغرى لم تنقطع تماماً علاقة الناس بالإمام (عجل الله تعالى فرجه) لكنها كانت محدودة، وكل فرد من افراد الشيعة كان يستطيع ـ بوساطة نواب الإمام الخاصين وهم من كبار رجالات الشيعة ـ ان يعرض مشاكله ومسائله على الإمام ويظفر بالجواب عليها من هؤلاء، وفي بعض الأحيان كان يحظى بلقاء الإمام نفسه، ويمكن عدّ هذه المرحلة التمهيد والاعداد للغيبة الكبرى التي انقطع فيها ارتباط الناس بالإمام تماماً وكلّف الناس بالرجوع في شؤونهم إلى نواب الإمام العامين، أي الفقهاء ومن لهم تخصص في الاحكام الشرعية.
ولو انّ الغيبة الكبرى حدثت مفاجأة ومن دون تمهيد لكان من الممكن ان يؤدي ذلك إلى انحراف في الأفكار فلا تصبح الأذهان معدة لقبولها، لكنه قد أعدت الأذهان تدريجياً طيلة فترة الغيبة الصغرى ثم بدأت الغيبة الكبرى. والارتباط بالإمام عن طريق نوابه الخاصين ولقاء بعض الشيعة له خلال مرحلة الغيبة الصغرى قد ساهم في تثبيت موضوع ولادته وحياته الشريفة، ولو انّ الغيبة الكبرى قد تحققت من دون هذه المقدمات فلعل هذه المواضيع لا تكون واضحة بالشكل المطلوب، ولأمكن ان يحدث للبعض شك وترديد في ذلك، ومن هنا فالله سبحانه قد جعل بحكمته غيبة امام العصر (عجل الله تعالى فرجه) كما أخبر بها من قبل النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (سلام الله عليهم) ـ بشكلين: غيبة أخفّ ومدّتها أقصر للاعداد الغيبة الكبرى والأولى تسمّى بـ (الغيبة الصغرى) وتأتي بعدها الغيبة الطويلة المسماة بـ (الغيبة الكبرى)، وذلك لتثبيت اتباع أهل البيت (سلام الله عليهم) على ايمانهم واتباعهم وائلا يخسروا عقيدتهم القلبية بالإمام وليعيشوا في انتظاره وتوقع الفرج الالهي، وخلال فترة الغيبة عليهم ان يتمسكوا بدين الله ويصوغوا أنفسهم ويبنوا ذواتهم ويعملوا بواجباتهم الدينية حتى يصدر الأمر الالهي بظهور وقيام امام العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه) حتى ينالوا السعادة الكاملة والفلاح التام.
اللَّهُم صلّ عليه وعلى آبائه الطاهرين وعَجّل فرجه الشريف وسَهّل مخرجه واقض جميع حوائجه برحمتك يا ارحم الراحمين.