أشار الصحفي والباحث اللبناني "علي يحيى"، إلى أن الاوضاع في السودان حتى الآن تتجه لتستنسخ المشهد المصري عبر تحكم المجلس العسكري بمسار الأمور والسياسيات الداخلية والخارجية، وهو بالتالي سيكون حكومة الظل التي ستكون الأكثر تأثيرا حتى بعد انتقال السلطة لحكم مدني.

وكالة مهر للأنباء - شيرين سمارة: استمرت الاحتجاجات في السودان بعد تولي مجلس عسكري انتقالي سدة الحكم واشتد جبروت المجلس العسكري المتمثل بقيادة محمد حمدان دقله المعروف بحميدتي، حيث قام الأخير بفض اعتصام يوم الاثنين 3 يونيو /حزيران بطريقة وحشية لا تعرف الرحمة وراح ضحيته 115 قتيل وسجل أكثر من 70 حالة اغتصاب ورميا للجثث في نهر النيل. السودان إلى أين تحاول وكالة مهر الإجابة على السؤال من خلال الصحفي والباحث اللبناني "علي يحيى.

وفيمايلي نص الحوار: 

1.ما سبب التصعيد الأخير في السودان؟

تتداخل بعض التقاطعات وتتشابه بعض المشاهد التي صنع بعضها وجوهاً جديدة تسلمت دفة الحكم في الدول التي شهدت هبات شعبية احتجاجية، فالاحتجاجات السودانية التي انطلقت بعد ارتفاع اسعار الخبز 3 اضعاف وشح الوقود وتضخم بنسبة 63% بحسب الجهاز المركزي للاحصاء السوداني، تشابه أسباب انطلاق احتجاجات اليمن التي انطلقت لاسقاط "الجرعة" اي رفع الدعم عن اسعار الوقود (وكان قبلها يحتل المرتبة 165 من 188 دولة على مؤشر التنمية البشرية)، وتزامنت مع الحراك الشعبي الجزائري لتتم احتواء المشهدين من المجالس العسكرية في السودان والجزائر، فيما لعب تجمع المهنيين السودانيين دورا مشابها للدور الذي قام به الاتحاد التونسي العام للشغل، وتقاطعت فيها التدخلات الاقليمية مع ليبيا فكما تدعم مصر والسعودية والامارات قوات المشير حفتر ضد حكومة الوفاق الوطني في طرابلس المدعومة من قطر وتركيا، ايضا يدعم ثلاثي مصر السعودية الامارات المجلس العسكري في السودان فيما تقف ضدهم تركيا وقطر، وتتجه الامور في السودان لتنحو المنحى المصري في الحكم العسكري فالمدني المرضي عنه عسكريا.

ويبرز دور الاتحاد الذي خلف منظمة الوحدة الافريقية كلاعب بارز يضغط باتجاه تسليم السلطة لحكم مدني وذلك بعدما علق مجلس السلم والأمن التابع له عضوية السودان من مؤسسات الاتحاد ممهلا المجلس العسكري حتى نهاية الشهر الحالي ومهددا بعقوبات على من يمكن ان يعرقل انتقال السلطة للمدنيين، وهو نفس ما فعله مع 18 انقلابا عسكريا في الفريقيا منذ عام 2000 بعيد توقيع اتفاقية لومي.

والتصعيد الاخير الذي جاء بعيد ايام من زيارة رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح برهان ونائبه الرجل الأقوى محمد حمدان دقله المعروف بحميدتي وقائد قوات الدعم السريع التي عرفت سابقا بالجنجويد للسعودية، وبعد تململ المجلس العسكري السوداني من اقتسام السلطة الذي يمكن أن يؤدي لتحجيم نفوذه، فكان قرار فض الاعتصام بقوات مشتركة أساسها عمليات جهاز الامن وكتائب الظل فيما استخدم الجنجويد كواجهة وهو ما ادى لزيادة الاهتمام الاقليمي والدولي بالسودان.

2. ما هو سبب عدم الاهتمام الدبلوماسي والإعلامي بالقضية السودانية اسوة بغيرها من القضايا في بلاد أخرى؟

لو قارنا الوضع السوري والليبي بالوضع السوداني نرى انه في الحالتين الاوليتين حدثت تقاطعات اقليمية ودولية بابعاد سياسية واقتصادية وجيواستراتيجية تتعلق باعادة صياغة السياسات الخارجية، بينما في الحالة السودانية كانت القوى الدولية وبعض الاقليمية ترى مصلحها في الوضع الحالي بعد ترويض السودان وفصل جنوبه عن شماله وتطويع وفصل السلطة عن ايران، ومن هنا غاب التحريض الاعلامي السياسي والديني الا من بعض المستهدفين منه كتركيا وقطر اللتين وقعتها اتفاقيات استراتيجية مع سلطة عمر البشير ضمنها 12 اتفاقية وقعها الرئيس السابق البشير والرئيس التركي اردوغان اهمها يتعلق بجزيرة سواكن وانشاء مجلس للتعاون الاستراتيجي .

3. هل هناك بوادر لحل الأزمة في السودان أما أن السودان سيشهد وضعا مأساويا للغاية؟

الاوضاع في السودان بحسب مسار الامور حتى الآن تتجه لتستنسخ المشهد المصري عبر تحكم المجلس العسكري بمسار الأمور والسياسيات الداخلية والخارجية، وهو بالتالي سيكون حكومة الظل التي ستكون الأكثر تأثيرا حتى بعد انتقال السلطة لحكم مدني لن يكون إلا برضا المجلس. لكن في السودان حركات مسلحة وانفصالية من الحركات الدارفورية التي تشكل قبيلة الفور عمادها كحركة تحرير السودان وأبناء قبيلة الزغاوة الذي شكلوا حركة العدل والمساواة وغيرها، وقطاع الشمال اضافة الى مسلحي حزب الأمة وغيرهم مما سينقل المشهد السوداني من أيقونة الناشطة السودانية آلاء صلاح إلى مشهد العنف المسلح والمشهد السوري.

4. فض اعتصام بهذه الطريقة الوحشية إلى أي مصير سيجر حميدتي تاجر الأبل؟ 

من المفيد للإشارة إلى أن السابقة القانونية بإصدار محكمة الجنايات الدولية أمرا باعتقال الريس السوداني السابق عمر البشير لجرائم ضد الإنسانية في دارفور وغرب السودان والتي أودت بحياة 300 الف شخص بحسب تقارير أممية، منفذها الميداني كان "حميدتي تاجر الإبل"، وهو قائد قوات الجنجويد (المشكلة من عناصر عربية) وهو الرجل الأقوى سياسيا وعسكريا في السودان الآن، إذ استقبله ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كريس دولة، بينما تنتشر قوات الدعم السريع (الاسم المستحدث للجنجويد) في شوارع العاصمة الخرطوم ومراكز الولايات، إضافة لإعادة تزخيم عملياتها في دارفور بعد التطورات الميدانية فيها، إذا نستشتف من هذا أن حميدتي في مرحلة صعود وبسط سيطرة لا موقع ضعف، والضغط الاماراتي السعودي يهدف أيضا لإبقاء قوات السودان في اليمن، إضافة لتولي المجلس العسكري صلة الربط بين مصر ليبيا والسودان بدعم اماراتي .

5.بماذا تفسر وقوف الجيش على الحياد اثناء فض الاعتصام من قبل قوات الدعم السريع؟

فقد الجيش السوداني جزءا كبيرا من نقاط قوته التي تم تجفيف منابعها عبر مراحل عدة من سياسة التمكين وتصفية ضباط المدرعات الذين أصبحوا مؤيدين عقائديين للمؤتمر الوطني الحاكم، حتى وصل الأمر بحميدتي ليقول  "لما نقول اقبضوا على الصادق المهدي يقبضوه ولما نقول فكوه يفكوه، والآن لما الحكومة تسوي جيشا يمكن أن تكلمنا", في استخفاف واضح بالجيش السوداني الذي يعتبره غير موجود. كما أنه وبعيد فض الاعتصام من قوات الدعم السريع والأمن أكد جنود سودانيين أن أسلحتهم أخذت منهم قبيل المجزرة، وبحسب معلومات خاصة حاولت فصيلة من الجيش التصدي لفض الاعتصام عند جامعة الخرطوم فتصفيتهم واعتقل 68 آخرين، إضافة ل32 ضابطا من الدفعات 55 و56 و59 و60 تحركوا بعد يوم ونصف، كما تعرض الجيش لاستقالات بارزة رئيس الاستخبارات السابق ووالي العاصمة الفريق مرتضى وراق إضافة لفريق في الجيش السوداني بعد المجزرة./انتهى/