قال سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم لدى لقائه بعدد من مسؤولي ومدراء وسائل الإعلام الإيرانية النشطة بأن الإعلاميون اليوم يقفون في مقدمة المدافعين عن حقوق الإسلام، مؤكداً في الوقت نفسه بأن هدف الناشطين في وسائل الإعلام ينبغي أن يصب في سياق الإسلام والقرآن الكريم والشعب.

وشدد سماحته في اللقاء الذي جمعه مع وسائل الإعلام الناشطة في المجالات السياسية والتوعوية بمقر إقامته في مدينة قم المقدسة بأن وسائل الإعلام تلعب دوراً كبيراً في الدفاع عن الإسلام والبشرية جمعاء، بجانب الآخرين الذين يقومون أيضاً بمسؤولياتهم، لافتاً بأن الصدق والتفاني والعمل المضني في سبيل الله يمنح الإنسان ميزات خاصة.

وجاءت كلمة سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم كالتالي:

"السلام عليكم أيها الأخوة الكرام المؤمنون العاملون المجاهدون في سبيل الله..
أنتم جبهةٌ من أهم جبهات الدفاع والجهاد في سبيل الله ونصرة الحق، الجبهة الإعلامية هي جبهة بارزة في ساحة الجهاد الإسلامي، وتؤدي دوراً ضخما ايجابيا في سبيل خدمة الإسلام وخدمة البشرية وكلمة الحق في الأرض.
إذا كانت هناك جبهات ثانوية من بين جبهات الجهاد فأنتم لستم هي، وإنما أنتم جبهة من أهم جبهات الجهاد، وما من فكرة حق أو فكرة باطل إلا وتحتاج إلى أسبابٍ تقوم عليها في تواجدها في قلوب الناس وفي أوضاعهم وفي عرصة الحياة.
القرآن وهو أكبر حق في الأرض من جهة، والشيوعية والرأسمالية والمادية من جهة أخرى، كلٌ من هذا وذاك محتاجٌ إلى الإعلام، القرآن هو أكبر حق ولا يوجد لسان أبلغ منه، ولا حقٌ أنصع منه، وليس من كتابٍ ولا مبدأ يحمل أطروحة أنجح من أطروحة القرآن للحياة، بل لا أطروحة مثل أطروحة القرآن، ولا فكر كفكر القرآن ولا حق بمستوى حق القرآن، إلا أنه مع ذلك كله، ومع السبق الذي لا يمكن أن يناله كتابٌ أو فكرٌ في الأرض والذي يتمتع به القرآن إلا أنّ الإسلام وهو فكرة القرآن تحتاج إلى إعلام، إلى إعلامٍ ليس على يد فئةٍ خاصة فقط، إنما هو إعلام يشترك فيه كل مسلم بحسب إمكانه.
ما من شيخٍ ولا عجوزٍ ذكرٍ أو أنثى، وما من ناشئٍ وما من شابٍ وما من أحدٍ يُعفى عن حَمْل كلمة الإسلام للناس، ويؤدي دوراً في الدفاع عن الفكر الإسلامي وعن الفكر القرآني، كُلنا مسؤولون عن ذلك. وتمتازون عن غيركم بما نِلتُم في هذا الفن من إجادةٍ ومن توفرٍ على خبرة ومن تراكم تجارب.
أنتم في طليعة المسؤولية عن الدور الإعلامي الناجح في الإسلام، وإن كان كل الآخرين من المسلمين والمسلمات يحمل مسؤولية بمقداره في هذا المجال.
ويمتاز الإعلام الإسلامي عن الإعلام الآخر بالصدق وبصحة الهدف وسلامة النية والإخلاص للإنسانية ومناصرة الحق والعدل، وكلمة الصدق تحتاج إلى إخراج فني كما هي كلمة الكذب، كلمة الكذب تفتقد مقوّماً للقبول، وتمتلك مقوِّماً لغزو النفوس والقلوب، تفتقد الحقانيَّة والهادفيَّة الصحيحة والإخلاص للإنسان وعمق الفكرة، إلا أنها تتذرَّع وتتوسل بالناحية الفنيّة والإجادة الفنيّة، وتحاول أن تتوفر على سِحْر الكلمة المستعار من الفن الذي يُخرج هذه الكلمة إخراجاً خاصاً.
أما كلمتكم -وهي كلمة القرآن وكلمة الحق إن شاء الله- فتتمتع بالمقوِّم الذاتي للقبول، وهو كونها كلمة صدق وكلمة حق وكلمة لا يمكن أن تُحَجّ وإنما هي التي تحج كل كلمة، هذا مقوِّم ذاتي للكملة التي تحملونها، ويبقى عليكم المقوِّم العَرَضي والمقوِّم الخارجي وهو مقوِّم فنيَّة الكلمة.
ولن تنجح كلمتكم ولن تنفذَ النفاذ المطلوب لها إلا بأن تستعينوا بالله تبارك وتعالى وتطرحوا الغرور النفسي إلى جانب، وكلّما حققتم نجاحاً فالعقل والدين يقضي عليكم أن لا تنسبوه إلى أنفسكم “وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى”، فإياي وإياكم من الغرور.
إخلاصكم لله تبارك وتعالى وإستعانتكم به وبذل الجهد الكبير في سبيله، وفي التوّفر على الإسلوب الناجح في النشر وفي الإعلام، كل ذلك يعطي إمتيازاً لعملكم، وأنتم أعرف مني بما أقول.
ووفقكم الله لكل خير وجنبكم كل شر، وخَدم الله بكم الإسلام وأهله.
أما الجزاء، فماذا تريدون من جزاء إعلامكم؟
أما الجزاء الذي أعدّه الله لكم فجزاءٌ لا تملكون أن تتصوّروه وأنْ تُقدِّروه. الإعلاميون لأمريكا ولروسيا ولكل الآخرين يحصلون مكاسب، ويحصلون على امتيازات وعلى عطايا وعلى جاه وعلى سمعة وعلى مواقع وعلى ضمانات، إلا أن كل ذلك مُلخصٌ في أنه شيءٌ للدنيا، والدنيا التي هي اليوم بيدي غداً ليس في يدي شيئاً منها، اليوم أملك القصور وأملك الجاه وأملك زينة الحياة الدنيا وأملك الحماية وأملك نفاذ الكلمة، بعد ساعة واحدة أنا لستُ موجوداً، وكل ما كان لي في الدنيا ذهب من يدي، كل ما في الدنيا لا يزيد عليها قيمة، كل نعم الدنيا لا تزيد عليها قيمةً، وعليٌ عليه السلام يقول لها “غُرّي غيري”.. كاذبة.. المَلكُ جالسٌ على كرسيه بعد ساعة في قبره، أليس كذلك؟
ترامب هذا الذي يتراءى له أنه يحكم الكون وليس الدنيا فقط، أندري متى رحيله؟ أيدري هو نفسه عن رحيله؟ لا يدري، أنت الإعلامي هل ستزيد على ترامب سمعة وسيطرة وجاهًا؟
لا شيء لطالب الدنيا، طالب الدنيا فقير، فإن المليون الذي في يدي، والذي لا أضمن بقائه هو ليس لي بالحقيقة، وما من شيء لأحدٍ من الدنيا قد خرج من ملك الله لملك ممن هو في يده، هل خرج شيء من ملك الله عزّ وجلَّ وصار ملكي؟ صار ملكك؟ لا. أنا أنفاسي، نبضات قلبي، بصري، سمعي، المال الذي هو في يدي، الكرسي الذي أجلس عليه، كل ذلك مملوكٌ لله يسحبه في أي لحظة من اللحظات، فأنا فقير أم لستُ فقيراً؟ ترامب فقير أو ليس بفقير؟ فقير..
فلنحذر الشيطان وكل موقع من المواقع فيه إغراءات، ويثير غروراً، وكل نجاحٍ يسجله إنسانٌ في مجال عمله ينعكس على نفسيته لوجه الله عز وجل في هذه المهمة الكبيرة وتتحملون مسؤوليتكم بصدقٍ وإخلاصٍ وإجادة. اللسان لا يملك أن يقدم لكم كلمة الشكر المناسبة./انتهى/