بعد 3 ساعات ونصف على العدوان الإسرائيلي على سوريا، أرسل كيان الاحتلال طائرتي استطلاع في مهمة تجسسية إلى الضاحية الجنوبية في بيروت.

تتعدى المسألة اليوم النجاح الذي ادّعاه نتنياهو في سوريا، والفشل الاستخباراتي في الضاحية الجنوبية، لتصل إلى وضع المنطقة على صفيح ساخن.

لطالما أكد السيد نصرالله أن الحزب لن يسكت عن أي شهيد يقتل في أيّ مكان، مشدداً على أن الكيان الإسرائيلي سيتحمّل المسؤولية التامّة، هذا ما أعلنه في خطاب شهداء القنيطرة، وأكّده في خطابات سابقة.

اليوم جدّد السيّد نصرالله هذا الوعد في خطابه الذي ألقاه بمناسبة ذكرى التحرير الثاني مشيراً إلى أنّ ما حصل ليلة أمس هو خطير جداً وخرق لقواعد الاشتباك التي تأسست بعد حرب تموز، وهذا خرق كبير وخطير فأي سكوت عن هذا الخرق سيؤدي الى تكرار السيناريو العراقي في لبنان، ونحن في المقاومة لن نسمح بمسار من هذا النوع مهما كلف الثمن.

السيد نصرالله رسم معادلة جديدة في السماء قائلاً: من الآن وصاعداً سنواجه المسيرات الإسرائيلية في سماء لبنان وعندما تدخل إلى سماء لبنان سنعمل على إسقاطها وليعلم الإسرائيلي بذلك من الآن ولن ننتظر أحداً في الكون".

لم تقتصر معادلات السيد نصرالله على الاعتداء الإسرائيلي على لبنان، بل أشار إلى القصف الجوي الذي حصل بالأمس في سوريا واستشهاد اثنين من عناصر حزب الله، قائلاً: سأعيد تذكير العالم بهذا الالتزام إذا قتلت إسرائيل أياً من إخواننا في سوريا سنردّ في لبنان وليس في مزارع شبعا.

وتوجّه السيد نصرالله للجيش الإسرائيلي على الحدود بالقول "قف على الحائط على اجر ونصف وانطرنا" يوماً أو اثنين أو 3 أو 4 وأقول للإسرائيليين ما حصل ليلة أمس لن يقطع وأقول للإسرائيليين نتنياهو ينظّم انتخابات بدمائكم ويستجلب لكم النار من كل مكان".

بين معادلتي الجوّ والحائط، يبدو أن ردّ حزب الله على العدوانين الإسرائيليين مسألة وقت لا أكثر، ويبدو أننا على بعدّ أيام من هذا الردّ، وتحديداً قبل الانتخابات الإسرائيلية، وهنا تجدر الإشارة إلى التالي:

أوّلاً: لن يسمح حزب الله الذي نجح في ترسيخ معادلة ردع حمت هيبة لبنان، لن يسمح بكسر هذه المعادلة تحت أيّ ظرف من الظروف، فالهدوء الذي شهدته الجبهة اللبنانية منذ العام 2006 هو بفضل هذه المعادلة، والسكوت على العدوان الإسرائيلي يعني تمادي الأخير كما يفعل في سوريا، وبالتالي إن ردّ حزب الله هو مصلحة لبنانية بامتياز.

اليوم، صواريخ حزب الله، والطائرات المسيرة الذي أراد الكيان الإسرائيلي منعها من الوصول إلى الحزب تحت ذريعة "الهجوم المزعوم" كلها جاهزة اليوم، وتنتظر ساعة الصفر التي تحدّدها قيادة المقاومة.

ثانياٌ: نتنياهو الذي يبحث عن نصر إعلامي لاستخدامه في الانتخابات المقبلة التي ستنعقد في 17 ايلول/ سبتمبر المقبل، أي بعد أقّل من شهر، وضع مصيره السياسي، كما المنطقة، على صفيح ساخن.

سياسة نتنياهو هذه وضعته أمام انتقادات واسعة، فقد اتهم قادة ومحللون إسرائيليون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، اليوم الأحد، بأنه يستخدم الهجوم، الذي استهدف مواقع إيرانية في سوريا، لـ"أغراض سياسية".

ففي حين انتقد موشيه يعالون، القيادي في حزب "أزرق-أبيض"، والذي عمل في السابق وزيراً للحرب ورئيسا للأركان، إعلان نتنياهو مسؤولية إسرائيل عن الهجمات ضد القوات الإيرانية في سوريا، هاجم رئيس الوزراء السابق إيهود باراك، نتنياهو، ونشر مقطع فيديو على حسابه على تويتر، قال فيه "إن الخطر الوجودي الحقيقي الذي تواجهه إسرائيل، وهو أشد من خطر الإرهاب والصواريخ وحتى من إيران، هو خطر انهيار إسرائيل من الداخل، مضيفاً إن الهجوم الإسرائيلي في سوريا لا علاقة له بالردع، بل هو ثرثرة ستأتي بالضرر على إسرائيل، وظاهرة باتت ملازمة للحكومة الحالية التي تسارع إلى الإعلان عن مسؤوليتها عن هجمات خارجية، ...الثرثرة نابعة من دوافع سياسية لدى نتنياهو، وهذا صحيح دائماً، بدءاً من اللحظة التي أعلن فيها عن استيلاء إسرائيل على الأرشيف النووي الإيراني".

ثالثاٌ: أتقن السيد نصرالله حربه النفسية على الداخل الإسرائيلي الذي تفاعل سريعاً مع كلمته، وبات يعيش حالة من القلق ويحمّل نتنياهو المسؤولية، الأمر الذي يجعل الأخير يحسب ألف حساب للرد على ردّ حزب الله المرتقب.

لا نستبعد الوساطة الإسرائيلية لواشنطن للتواصل مع الحكومة اللبنانية، لكن هذا الامر لن يجدي نفعاً، وحتى لو تغاضى حزب الله عن الرد المباشر على هجوم الضاحية في الداخل الإسرائيلي، واكتفى بمواجهة المسيّرات في سماء لبنان، فإنه لن يسكت عن شهدائه في سوريا.

رابعاً: لا نعتقد أن الإسرائيلي قادر على الردّ على ردّ حزب الله، أولاً لإدراكه أن الحزب لن يقف مكتوف الأيدي، ثانياً لاقتراب موعد الانتخابات والانقسام الإسرائيلي الداخلي، ثالثاً بسبب الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية وعلى الحدود مع قطاع غزة، ورابعاً بسبب دخوله مع معركة واشنطن في بغداد، حيث تنفذ الطائرات الإسرائيلية هجمات على الحشد الشعبي ليس آخرها ما حصل قبل ساعات على الحدود السورية العراقية.

في الخلاصة، نجح السيد نصرالله في تكريس معادلتي الأرض والسماء، في حين أخطأ نتنياهو حساباته السياسية.

اليوم هو بالفعل في عنق الزجاجة، فالسكوت على ردّ حزب الله المحتوم صعب، والردّ عليه أصعب، لذلك سيبحث عن حل بأقلّ الخسائر الممكنة، كيف سيكون؟ قد يعمد إلى الرد على ردّ حزب الله بضرب شاحنات فارغة في سوريا أو مواقع لا تتواجد فيها عناصر للحزب، وبذلك يعتقد أنّه نجح في الخروج منتصراً، ولكن نعتقد أن خسارته ستكون مزدوجة الأولى في المواجهة مع حزب الله، والثانية في الانتخابات المرتقبة.