بعد أسبوعٍ من ضربه الساحل الجنوبي الشرقي للولايات المتحدة، والجزر المتاخمة له، والعثور على 43 جثة، بالإضافة إلى اختفاء المئات، وفقدان أكثر من 70 ألفاً في جزر الباهاماس الكبرى وأباكو لمنازلهم وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، تشير التوقعات إلى وصول تكلفة إعصار دوريان على الاقتصاد الأميركي إلى 3 مليارات دولار، تتحملها شركات التأمين في صورة تعويضات لسكان وشركات المناطق المنكوبة.

وقبل نهاية الأسبوع، ورغم عدم انحسار مخاطر الإعصار، الذي اعتبر عاصفة من الدرجة الخامسة، وهي أعلى درجة تم الوصول إليها من قبل، قدرت شركة "أير وورلدوايد الأميركية، المتخصصة في قياس المخاطر وتحليل البيانات، في بيان لها،التكلفة المبدئية للخسائر التي سببها الإعصار بما يتراوح بين 1.5 – 3 مليارات دولار، بعد أن "تهدمت المباني وهوت الأسقف، وانخلعت الأشجار، وأغرقت المياه الشوارع والمنازل والسيارات والقوارب، وتناثر حطام كل شيء"، كما جاء في بيان الشركة. 


وقالت الشركة، التي تستخدم "نماذج تعويضات التأمين"، التي يمكنها تقدير حجم التعويضات بمجرد إدخال بيانات ما سببته العواصف والأعاصير، إن هذه التكلفة تشمل "المباني السكنية والتجارية والصناعية، ومصاريف المعيشة التي يتم صرفها للمستحقين خلال فترات إصلاح المباني الخاصة بهم". 

وإذ إن العديد من المنازل في الجزر المنكوبة تكون عادةً غير مؤمن عليها، ترتفع تكلفة التأمين نظراً لتكرار العواصف والأعاصير، بينما يعد متوسط دخول ساكني الجزر من الأضعف على مستوى الولايات المتحدة. وبالتالي ربما تكون التكلفة الإجمالية للكارثة أعلى بكثير من هذا الرقم. 

ووفقًا لشركة "أير وورلدوايد"، فإن أقل من ثلث المنازل في جزيرة أباكو مؤمن عليها، بينما تصل النسبة إلى النصف في جزر البهاماس الكبرى.

وتحملت صناعة التأمين العالمية عامين متتاليين من الخسائر الفادحة الناجمة عن الكوارث الطبيعية، حين اضطرت شركات التأمين في الولايات المتحدة لدفع أكثر من 140 مليار دولار بعد ضرب أعاصير هارفي وإيرما وماريا للمناطق الشرقية الجنوبية بالبلاد ومناطق أخرى في البحر الكاريبي في عام 2017. والعام الماضي، بلغت قيمة الخسائر المؤمن عليها، والتي دفعتها بالكامل شركات التأمين، أكثر من 80 مليار دولار، وفقًا لشركة إعادة التأمين العملاقة "سويس ري".

وتتجاوز الخسائر الاقتصادية الفعلية للأعاصير عادة ما تدفعه شركات التأمين، بسبب ما يطلق عليه "خسائر غير مباشرة"، لا تغطيها تلك الشركات، ومن أبرزها ما تتسبب فيه تلك الكوارث الطبيعية من تأثير سلبي على الناتج المحلي الإجمالي، كما فقدان الوظائف. 

وتساهم الأقاليم المتاخمة للسواحل الأميركية، والتي تتحمل أغلب الخسائر غير المباشرة، في إنتاج ما يقرب من 46% من إجمالي الناتج المحلي الأميركي، ونحو 40% من الوظائف الأميركية. 

وتشير تقديرات مكتب الموازنة التابع للكونغرس إلى أن 1.2 مليون مواطن أميركي يعيشون في المناطق الساحلية المعرضة لأضرار جسيمة من الأعاصير. ويعرف المكتب "الأضرار الجسيمة" بأنها ما تزيد تكاليفه عن 5% من متوسط الدخل. ويقول المركز الوطني للأعاصير إن معظم هذه المناطق، المكتظة بالسكان، تقع على ارتفاع أقل من 10 أقدام فوق مستوى سطح البحر.

وبصفةٍ عامة، قدر المكتب التكلفة الحكومية للأضرار الناجمة عن الأعاصير بما يتجاوز 28 مليار دولار في السنة، تساهم فلوريدا بنسبة 55 % منها، وتضيف كل من ولايتي تكساس ولويزيانا 13% و 9% على التوالي. 

وتوقع المكتب زيادة هذه التكاليف لتصل إلى 39 مليار دولار بحلول عام 2075، مضيفاً "سيأتي نصف هذه الزيادة تقريباً من زيادة مشروعات التنمية بطول السواحل الأميركية، بينما يتسبب تغير المناخ في النصف الآخر". 

وربما تتمكن الجزر المنكوبة من الحصول على مساعدات من بعض جهات الإغاثة المدعومة من البنك الدولي، إلا أن الجزء الأكبر من التمويل المطلوب لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه ينتظره السكان عادة من الحكومة الفيدرالية. 

وفي لفتةٍ طيبة، أعلنت جامعة هامتون بولاية فيرجينيا استعدادها لاستقبال طلاب جامعة الباهاماس، الذين فقدوا مكان إقامتهم في المقر الشمالي بالمدينة الجامعية بسبب إعصار دوريان، مع إعفائهم من كافة مصاريف الدراسة والإقامة والوجبات، لفصل دراسي كامل، والتي تتجاوز مبلغ 20 ألف دولار. 

ويوم السبت نقلت شبكة "سي ان ان" الإخبارية أن مئات الأشخاص اصطفوا في طوابير في جزر أباكو والبهاماس، انتظاراً لقدوم عبارات لنقلهم إلى أماكن أخرى، بعيداً عن سطوة الإعصار، وقد انتظر بعضهم لساعاتٍ طويلة منذ الصباح الباكر. 

وروى العديد من المصطافين للشبكة قصصاً مروعة عما فعلوه، من كسر أسقف بيوتهم، والسباحة للوصول إلى القوارب، للتمكن من الهرب من الإعصار المدمر، بينما فقد بعض أصدقائهم حياتهم، أمام أعينهم، غرقاً.

والأسبوع الماضي، وقبل وصول إعصار دوريان إلىالولايات المتحدة، قال الرئيس دونالد ترامب إنه لم يسمع من قبل بأي إعصار وصل إلى الدرجة الخامسة، رغم أن أربعة منها ضربت الأراضي الأميركية بعد وصوله إلى البيت الأبيض مطلع عام 2017. 

وفي 2017، ضرب إعصارا إيرما وماريا، ثم إعصار مايكل في 2018، الأراضي الأميركية، وجميعهم بلغ الدرجة الخامسة، ليكون إعصار دوريان هو الرابع، من هذه الدرجة القوية، الذي يضرب الأراضي الأميركية خلال العامين الماضيين.