تلقى بنيامين نتنياهو، هزيمة مركبة في انتخابات «الكنيست الـ22» أمس، من شأنها فتح الطريق أمام إنهاء مسيرته السياسية، وربما دفعه إلى ما حاول تجنبه طويلا: السجن على خلفية اتهامه بالفساد والرشى.

نتيجة الانتخابات التي يمكن وصفها بالكارثية، مركبة من فشلين اثنين: الفشل في إيصال حزب «الليكود» إلى الفوز بالمرتبة الأولى في عدد المقاعد في «الكنيست»، والفشل في جعل الأحزاب اليمينية والدينية التي تقف إلى جانبه تحوز نصف عدد المقاعد زائدا واحدا، أي 61 مقعدا.

وبعدما كان الأمل لدى نتنياهو معقودا على النجاح في المسعيين معا، وأن يؤديا إلى التكليف شبه التلقائي له بتشكيل الحكومة، وكذلك سهولة تشكيلها عمليا، فإن الفشل فيهما من شأنه دفع الرجل إلى الهاوية التي جهد بما يفوق طاقته كي يتجنبها. وبات مصير نتنياهو اليوم معلقا على معطيين اثنين، وعلى جملة تطورات لاحقة لا يمكن تقديرها الآن، مرتبطة بقرارات ومواقف يتخذها خصومه السياسيون، من داخل معسكره اليميني ومن خارجه أيضا، بل وداخل حزبه حيث المتربصون به كثر، وينظرون إليه بوصفه الشخصية التي تعوق «الليكود» وتمنع عنه السلطة.
المعطى الأول يرتبط بالنتائج الرسمية للانتخابات، علما أن تقارب العينات كما وردت في قنوات التلفزة أمس يرجح أن تكون قريبة جدا من النتيجة النهائية، المرتقب أن تصدر خلال أيام. أما المعطى الثاني، فيرتبط بموقف خصمه من اليمين، وهو رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان. فإذا تراجع ليبرمان عن مواقفه، وقرر تأييد حكومة يمينية تجمعه إلى جانب الأحزاب «الحريدية»، فسيكون هذا القرار خشبة الخلاص لنتنياهو، علما أن صدور موقف كهذا عن ليبرمان يعد متعذرا، خاصة أنه أعلن تمسكه بحكومة وحدة وطنية من دون «الحريديم» والعرب الفلسطينيين.

النتائج الأولية أظهرت أن «أزرق أبيض» تجاوز «الليكود» بمقعد واحد


في الوقت نفسه، وإن كانت كل المعطيات تشير إلى نتيجة كارثية لنتنياهو، إلا أن سيناريوات المكائد والحيل والقدرة على دفع الآخرين إلى الانشقاق عن أحزابهم وائتلافاتهم المبنية على الوعود السخية بتوزيع حصص الحكومة المقبلة، من شأنها تغيير المعطيات، حتى إن جاءت النتائج الرسمية للانتخابات متطابقة مع النتائج الأولية. استنادا إلى ذلك، يتطلع نتنياهو إلى توافق مع تحالف «العمل - غيشر» الذي بات عمليا بلا هوية سياسية إلا في ما يتعلق بالشأن الاقتصادي المعيشي، وكذلك إلى جزء من حزب «أزرق أبيض»، الحزب الهجين من ثلاثة أحزاب يجمعها فقط التطلع إلى السلطة.
لكن هل يمكن نتنياهو، فعليا، النجاح في تغيير المعطيات؟ مستوى الشك مرتفع جدا هذه المرة. في المقابل، تبدو حكومة وحدة وطنية، من دون «الحريديم» وكيانات سياسية صغيرة، السيناريو الأكثر ترجيحا للمرحلة المقبلة بحسب المعطيات الحالية، ضمن مداورة بين «أزرق وأبيض» و«الليكود»، مع نتنياهو أو من دونه. وكانت النتائج الأولية قد أظهرت أن «أزرق أبيض» برئاسة بني غانتس تجاوز «الليكود» بمقعد واحد، أي 34 مقعدا مقابل 33، فيما فاز معسكر اليمين والأحزاب الدينية بـ54 مقعدا مقابل 58 للمعسكر الآخر بما يشمل «القائمة العربية المشتركة». أما ليبرمان، «بيضة القبان» أيضا في هذه الانتخابات، الذي يمسك عمليا بمصير نتنياهو السياسي، ومن ثم القضائي، فقد فاز بما بين 8 و10 مقاعد، أي ضاعف عدد مقاعده عما كان عليه في الانتخابات الماضية.