أفادت صحيفة "ذا أميركان كونسروتيو" أن المسؤولين العسكريين الأمريكيين كانوا على علم بأن السعوديين سيهزمون في اليمن، لا محالة، وأنهم كانوا يقولون لسنوات إن السعوديين لن يكسبوا الحرب في اليمن، وكان علينا أن لم نتخلَ عن الحوثيين.

العدوان على اليمن هلل له الاعلام السعودي داخل وخارج السعودية وحاول إقناع الرأي العام السعودي والعربي بضرورة التدخل في اليمن لان الامر بحسب ما روج له اعلامهم  يتعلق بالدفاع عن النفس ضد عدو خارجي اسمه الحوثيون.

الاعلام  السعودي حاول تصوير الحوثيين على انهم اعداء الامة الاسلامية وانهم اخطر من "اسرائيل" على هذه الامة وان محاربتهم وقتلهم التزام ديني وواجب مقدس. واضافة الى الاعلاميين جيشت السعودية علماءها لاصدار فتاوى تتماشى مع روجت له وسائل الاعلام. اما الغرض من تجييش العلماء فكان واضحا و هو تبرير العدوان الظالم و اخراص الاصوات المعارضة للحملة التطهيرية التي خطط لها السعودية  وكانت تروم ابادة الحوثيين واتباعهم. وتنصيب مستبد ظالم على رأس اليمن يقدم فروض الطاعة والولاء لاولياء نعمته في السعودية.

هكذا تعاملت السعودية او بالاحرى ولي ولي العهد محمد بن سلمان نجل الملك السعودي مع هذه الحرب. فهذا الرجل الذي يتحكم في زمام امور السعودية وخاصة بالسياسة الخارجية للبلاد اظهر عبر اتخاذه قرار الحرب بسرعة فائقة وتماديه فيها برغم ما خلفته من ماسي ومعاناة انسانية بانه رجل دموي يفتقد للحكمة وبعد النظر وبعيد كل البعد على ان يكون خبيرا في الاستراتيجيات العسكرية.

لكن الحرب لم تدم 3 اسابيع كما كان مخططا لها. وظهر جليا لساسة السعودية بانهم دخلوا مستنقعا قد لا يخرجوا منه كما دخلوه. فباليمن رجال احرار تواقون للحرية يريدون ان تكون اليمن يمنهم والارض ارضهم والسماء سماؤهم. رجال وهبوا انفسهم للدفاع عن بلادهم ضد أي عدوان خارجي يرفضون الاستبداد والتحكم والتبعية لنظام عجوز يحكمه مستبدون لا يؤمنون بالديموقراطية. وينفقون مليارات الدولارات لاسقاط انظمة وتنصيب اخرى مستبدة تابعة لهم.

عندما عجزت الغارات الجوية للطيران السعودي على اضعاف المقاومة. بدأ العدوان في ضرب اهداف مدنية. وعلى عكس ما روجت له وسائل اعلامهم وتصريحات الناطقين الرسميين باسم العدوان.  فضرب الاهداف المدنية لم يكن عن طريق الخطأ بل كان يدخل ضمن استراتيجية جديدة تهدف الى ارهاب المدنيين وجعلهم يثورون على المقاومة ويتنكرون لها.

السعودية اظهرت خلال هذا العدوان بانها دولة مستبدة تتوهم بانها قادرة على تركيع الشعب اليمني كما فعلت في الداخل مع الشعب السعودي.

قتلها المدنيين من الاطفال والنساء والشيوخ واستعمالها للاسلحة المحظورة دوليا و خاصة الذخائر العنقودية المحظورة في 117 دولة  في عدوانها ضد اليمن اظهر الوجه القبيح للنظام الذي لا يمكن وصفه الا بانه نظام همجي بربري لا يحترم الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الانسان. يخرق القانون الانساني الدولي والقانون الدولي ويضرب عرض الحائط كل ما تنص عليه الديانة الاسلامية السمحة التي يوهمون الشعوب العربية بانهم احرص الدول على التشبث بمبادئها.

العدوان على اليمن كلف السعودية مليارات الدولارات كان يمكن استثمارها في دعم الشعوب العربية والاسلامية الفقيرة التي تئن تحت وطأة الفقر في اسيا وافريقيا. كان يمكن استثمار جزء منها في دعم المقاومة الفلسطينية واعادة اعمار غزة. لكن ساسة السعودية المهووسون بالتحكم والتدخل في شؤون البلدان العربية لا يستثمرون اموال السعوديين الا في زرع الفتن في هذه  البلدان ودعم الجماعات الارهابية المتطرفة. فما يعرف 'بداعش الارهابية' انتجها الفكر الوهابي المتطرف ومولتها اموال البترودولار السعودية بتواطؤ مع دول غربية. فهذه الجماعات المتطرفة زرعتها السعودية في دول كالعراق وسوريا واليمن. وكان الغرض من زرعها اسقاط الانظمة القائمة في هذه البلدان او زرع الفتن بها لانها بلدان يعتبرها النظام السعودي عصية على التطويع ومتمردة. 

بالنسبة لليمن فقد اخطأ النظام السعودي التقدير عند اتخاذه قرار غزو هذا البلد. ويبدو  بان نجل الملك سلمان وهو الحاكم الحقيقي قد اقدم على مغامرة سيكون لها ما بعدها. وستكون لها تبعات وخيمة على النظام السعودي.

بعد مرور 20 شهرا على العدوان وجدت السعودية التي استثمرت اموالا طائلة لتبرير الحرب عبر وسائل الاعلام الغربية ايضا ووكالات متخصصة في التواصل نفسها في موقف المدافع والمبرر للعدوان. فجرائمها ضد الانسانية التي ارتكبتها والتي تجاوزت حدا لا يطاق بدأت تسقط كل التبريرات التي كانت تقدمها للمجتمعات والانظمة الغربية وبدأ دعم هذه الدول يتراجع مع طول امد العدوان وما خلفه من الاف الضحايا المدنيين وتجويع لملايين من الشعب اليمني.

فداخل مجلس حقوق الانسان مثلا بدأت دول غربية كهولاندا والسويد تناهضان المشروع السعودي وتطالبان بوقف الجرائم السعودية.  

داخل العديد من الدول العربية بدأ تنامي الوعي بالمخطط السعودي الرامي لاضعاف اليمن وجعله دولة محطمة يسهل التحكم بها وبسياستها. وقد لعب الاعلام الحر دورا مهما في فضح جرائم وانتهاكات السعودية في اليمن. وكانت قناة العالم في مقدمة هذا الاعلام الذي وان كان لا يملك نفس امكانيات الاعلام السعودي الا انه استطاع بفضل مصداقيته وعمله على الارض قلب المعادلة التي خططت لها السعودية. فهذا الاعلام فضح جرائم السعودية ووثقها بالصوت والصورة وأوصل للرأي العام العربي والدولي صورة اخرى غير تلك التي كان يروجها الاعلام السعودي. صورة  اظهرت حجم الدمار و حجم المآسي ومعاناة اليمنيين.

على الارض وبرغم مرور 20 شهرا على العدوان لم تتمكن السعودية من الوصول الى اهدافها. فهي  لم تقض على الحوثيين ولم تدخل الاستقرار للبلاد. على العكس فقد تقوى الحوثيون وكبدوا العدوان خسائر مهمة على امتداد العدوان. كما ازدادت شعبيتهم وازداد التفاف الجماهير الشعبية حولهم.

الحوثيون اعطووا درسا للجبابرة في الصمود والدفاع عن الارض. واكدوا للسعودية بان الخنوع والخضوع ليس من شيمهم ولا من شيم الشعب اليمني الأبي الذي وان طال الزمن او قصر سينتصر على صواريخ الملك سلمان وابنه محمد.

فماذا ربحت السعودية من عدوانها على اليمن اذن؟

الحقيقة ان السعودية لم تربح غير ازدياد الناقمين عليها وعلى سياستها في المنطقة. السعودية اياديها ملوثة بدماء اليمنيين وجرائمها لن تبقى دون مساءلة او عقاب. فساسة السعودية سيحاسبون امام الله وسيحاسبهم ابناء اليمن على جرائهم. وستتابعهم منظمات حقوقية دولية بسبب هذه الجرائم التي ستظل نقطا سوداء في تاريخ النظام الحاكم حاليا في السعودية.

السعودية خسرت مليارات الدولارات في عدوان لم يساهم الا في تشويه سمعتها ووضعها ضمن لائحة الدول المرتكبة لجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية. اما الشعب اليمني القوي بايمانه وعزيمته والملتف حول المقاومة فهو معروف عنه الصبر وتجاوز المحن. وسيتجاوز هذه المحنة ويخرج منها مرفوع الرأس وسيعيد بناء ما دمره العدوان. لكنه لن ينسى ابدا ايادي الغدر التي بطشت به وخلفت الاف اليتامي والارامل والمعطوبين من النساء والاطفال والرجال./انتهى/