ونقل موقع "المدن" عن المصدر، أن الوفد المصري جاء في هذا التوقيت "الحساس" لنقاش مسألة غزة ومنع الذهاب إلى حرب، في إطار جملة العوامل التي تحافظ على بقاء "الإستقرار السياسي والأمني" في مصر؛ ذلك أن القطاع بمثابة الحديقة الخلفية لأمن الدولة المصرية وإستقرارها.
ويقول المحلل السياسي الإسرائيلي ايلي نيسان في حديث إذاعي إن العلاقة بين السياسي ونتنياهو تعتبر الأقوى في تاريخ العلاقة بين البلدين، إذ إن هذه العلاقة ضمنت تنسيقاً سياسياً وامنياً أشد من أي وقت مضى.
ويلتزم المستوى الأمني والسياسي في تل ابيب الصمت إزاء التظاهرات الاحتجاجية الأخيرة في مصر، لكن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تتابع التطورات بقلق بالغ، خشية أن تتحول الاحتجاجات إلى "كرة ثلج" ضخمة يصعب على النظام المصري صدها.
المسؤولون في کیان الإحتلال يحرصون أيضا على عدم التعليق في وسائل الإعلام على ما يجري في مصر، خوفاً من أن يلحق ذلك الضرر بالرئيس المصري، الذي يحظى بدعم غير مسبوق في الحكمة الصهيونية ويعتبر شريكاً استراتيجياً وأمنياً، لأسباب موضوعية وظرفية عديدة.
لكن صحفا عبرية اعتبرت ان هذه المستويات الرسمية الإسرائيلية باتت اقل خوفاً الآن على حكم السيسي، مقارنة بالأيام الأولى لخروج التظاهرات؛ ذلك أن تقديراتها تُغلب قدرته على تجاوز هذه التظاهرات.
مسؤولو الاستخبارات في الكيان الصهيوني يعتقدون أن نظام الرئيس السيسي مستقر، وأن الجيش المصري ما يزال يدعمه وموال له، ولهذا السبب فإن السيسي بقي في نيويورك ولم يهرع إلى مصر خلال الاحتجاجات في نهاية الأسبوع الماضي، وفق بعض القراءات الصهيونية.
ومع ذلك، فإن ديناميكية الاحتجاجات في الميادين هي معروفة جيداً، ولا يعرف أحد متى يمكنها الخروج عن السيطرة، خاصة إذا سقط قتلى، وبالتالي فإن من نافل القول أن يتم التاكيد على أن الإحتلال الإسرائيلي تراقب التطورات، على أمل أن يتمكن النظام المصري من إيجاد الطريقة المُثلى للتعامل مع الاحتجاجات.
في المقابل، وعلى عكس المستوى الرسمي في الكيان الصهيوني، هناك مقالات كثيرة في الصحف الإسرائيلية التي تطرقت إلى التطورات التي شهدتها مصر في الأيام الماضية، حيث ذهب الصحافي الإسرائيلي يوني بن مناحيم الى أبعد من ذلك، حينما نوه أن إسرائيل تعمل أيضاً في الدوائر الحكومية الأميركية والكونغرس، لتأمين تقديم المساعدات الاقتصادية الأميركية لمصر، بغية ضمان الاستقرار المستمر لحكم الرئيس السيسي، وبالتالي القضاء على الإحتجاجات.
وقبل ساعات من إحتجاجات كانت مقررة الجمعة الماضية في عدد من المناطق المصرية، استبق محرر الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس" تسيفي برئيل، بالقول: "اليوم من المتوقع استئناف التظاهرات في القاهرة، لكن نظام السيسي غمر الشوارع بالفعل بقوات الشرطة، مذكّرا المواطنين بالقانون الذي يحظر التظاهرات، ومما لا شك فيه أنه يعطل الإتصالات عبر الإنترنت ويستمر في اعتقال الناشطين.. لكن من المشكوك فيه ما إذا كانت مصر ستشهد قريباً احتجاجات مماثلة لتلك التي حدثت في يناير 2011، إلا أن الظروف والأسباب مشابهة لتلك التي كانت سائدة في نهاية عهد مبارك".
ويشدد برئيل أنه "لا الفقر الهائل الذي يعاني جرّاءه أكثر من نصف السكان، ولا الرقابة الجهنمية المفروضة على وسائل الإعلام، هما مَن أعادا مشاهد ثورة الربيع العربي، بل الفساد العميق الذي أصاب النظام، والفيلات والقصور التي بناها السيسي، والرشاوى التي يأخذها ضباط كبار في الجيش، وأموال الجمهور التي تذهب إلى مشاريع استعراضية بدلاً من إيجاد فرص عمل – كلها أمور أشعلت النيران التي ليس معروفاً إلى أين ستمتد".
وذهبت صحيفة "يديعوت احرونوت" إلى الإيحاء بوقوف جهات إسلامية خلف الإحتجاجات وبشكل يتساوق مع دعاية النظام المصري، عندما ذكرت في عنوانها "يوم ثانٍ للإحتجاجات في مصر.. تصف السيسي بعدو الله".
وبالرغم من أن صحيفة "إسرائيل اليوم" تعتبر مقربة من نتنياهو الذي تربطه بكيمياء قوية مع السيسي، إلا انها لم تتوانَ عن حسم خلفية هذه الإحتجاجات في عنوانها: "سئم الشعب المصري بعد ثماني سنوات سيئة".
اللافت أن الإذاعة الإسرائيلية "مكان" كانت تغطي أي نبأ عن الإحتجاجات في مصر، بشكل وثيق، لدرجة أنها كانت تضع عناوين رئيسية عن تطورات مصر على موقعها الإلكتروني في بعض الأحيان، لكن تغطيتها ظهرت بأسلوب "الموجة"، فنرى عنواناً يواكب أولى هذه الإحتجاجات هو "تظاهرات في أنحاء مختلفة من مصر للمطالبة برحيل الرئيس السيسي"، ثم لاحقاً بعنوان يُظهر سيطرة النظام على الموقف، عبر القول "إن السلطات اعتقلت العشرات خلال المظاهرات المناهضة للسيسي"./انتهى/