وكالة مهر - محمد مظهري: في احتجاجات غير مسبوقة دخلت أسبوعها الثالث، شهد لبنان نزول المواطنين الى الشوارع للتعبير عن مطالبهم المعيشية ما ادى الى قطع طرق رئيسية وفرعية في مناطق عدة قبل أن يسارع الجيش بفتح معظمها. هذا وبعد 13 يومًا من الاحتجاجات على الفساد السياسي والاضطرابات الاقتصادية أعلن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته ليلف الغموض المرحلة المقبلة بينما المحتجون ينتظرون الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة. وفي هذا السياق أجرت وكالة مهر للأنباء حوارا مع المحامية اللبنانية والباحثة في الشؤون القانونية والسياسية سندريللا مرهج. فيما يلي نص الحوار:
1. ما هي المطالب الحقيقية للشعب والحراك؟
بداية لا بدّ أن نوضح من أن الوضع الاقتصادي والمالي والمعيشي الذي وصل إليه لبنان سبب في نفوس اللبنانيين غضبا ونقمة على الطبقة الحاكمة التي استأثرت بالسلطة منذ ٣٠ عاما. تبيّن بعد ارتفاع التضخم وعجز الموازنة وازدياد الدين العام وفوائده أن الدولة اللبنانية عاجزة عن وضع سياسات اقتصادية تنقل لبنان من حالة اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج.
لذا، عمدت الحكومات على زيادة الضرائب المباشرة وغير المباشرة كوسيلة لسد العجز كان آخرها ريت ما على تطبيق اتصالات الواتس اب فانفجر الشارع . عمدت كل الأحزاب ومنذ ما قبل الانتخابات النيابية على الاعتراف بأن الفساد وسرقة المال العام مستشر ولكن لم يكن هنالك من آلية فاعلة لمكافحته. انتفض الشعب مطالبا بإسقاط الحكومة، مكافحة الفساد، إعادة المال المنهوب ، تغيير النظام الطائفي والتحول إلى دولة مدنية ، تأمين الضمان الصحي وضمان الشيخوخة ، العدالة ورفع الظلم ، الاعتراف بالمجتمع المدني عبر المطالبة بنوع جديد من الحكومات: او تكنوقراط او مستقلين او نصف سياسية نصف مستقلين. تكون حكومة انقاذ. يريد الشعب قانون انتخابات نسبي حقيقي وتغيير الوجوه في السلطة. يطالب بانتخابات نيابية مبكرة ومحاسبة فعلية لنهاهبي المال العام. لا نتوقف عند صغائر الشعارات التي ترفعها فئات مختلفة من الناس .ما ذكرت هو الإرادة العامة .
س: هل تتوقعين ان الحراك يكون تمهيدا لالغاء اتفاقية الطائف ونظام المحاصصة؟
إن تحليلي لما يجري على الساحة اللبنانية مفتوح لاحتمالات عدة ، أبرزها ما يلي: لا يمكن إلغاء اتفاق الطائف ونسفه. نحن هنا نتحدث عن دستور . لكن، اتفاق الطائف بحد ذاته لم يُنفذ بكل بنوده اهمه تحقيق النظام اللاطائفي.
اضافة لذلك ، ثبت ان الدستور تشوبه ثغرات عدة وفيه بعض المواد المتناقضة التي قد تؤسس لخلافات خطيرة. عندما يهتف الشعب بتغيير النظام فهذا لا يعني الفراغ المطلق. الجميع يعلم أن آلية التغيير يجب أن تسلك السبل الدستورية والهيكليات القانونية لذا بدأ الحراك السلمي . لانه اول آلية دستورية كفلها الدستور وكذلك كفله القانون الدولي. لا أحد في لبنان يريد الإطاحة بالمؤسسات الدستورية ولكن نحن كمستقلين مع شريحة كبيرة من المثقفين نطالب بحماية البنية الدستورية عبر تطويرها . يجب انشاء'هيئات رقابية جديدة و انشاء مؤسسات إدارية حديثة. الدولة تحتاج اعمارا على مستوى المؤسسات. الفوضى موجودة اصلا واوصلت إلى ما نحن عليه . هل قطاع الكهرباء والنفط والمواصلات فاعلا؟ هل النظام المصرفي بحالته قادر على حماية الدولة من الهيمنة والإملاءات الخارجية ؟ طبعا لا . ضمن الأطر المؤسساتية نسعى لبناء دولة مقاومة حديثة متطورة مكتفية ذاتيا.
س: الا ترين علامات لمواجهات طائفية في الاحداث الاخيرة؟
الحقيقة يجب أن تقال . والساكت عن الحق شيطان أخرس. توحد اللبنانيون تحت راية العلم بطوائفهم ومذاهبهم كلها .كلا لا قيادة للثورة. انها شكل حديث غير تقليدي حيث لا قادة للثوار. بعض المجموعات التي تشكلت على الأرض وعبر التطبيقات عفوية او تجمعها أفكار مشتركة. لم يقد اي حزب الحراك ونحن كنا في كل ساحات الاعتصامات والمسيرات مع الثوار ورأينا ولمسنا عن كثب ما يحصل . بعض الأحزاب أرادت المطية على الحراك وانزلت مناصرينها ولكنها لم تستطع القيادة وهي اتخذت هذا القرار بعدما رأت قواعدها في الشارع دون قرار منها. فاستقالوا من الحكومة.
اليوم نعم، يحاول البعض في الداخل لمصالح فئوية استغلال الحراك وفي الخارج يحاولون خلق الفتنة وضرب السلم الأهلي. اعتقد تأخر الحكومة في الاستقالة شرع الباب أمام هذه المؤامرات التي ليست بحديثة. كان يجب على الحكومة أن تستقيل من اليوم الثالث للثورة لكان الناس أخلوا الساحات خاصة أن الجيش اللبناني اعتمد سياسة حكيمة بعدم استعمال القوة والعنف بل التفاوض.
س: كيف ترين لبنان في مرحلة مابعد الحريري؟
انا لدي نظرة إيجابية. هذا لا يعني أن نتخلى عن القلق ممن يحاولون ضرب حزب الله والمقاومة . أجد أن هذه الثورة حققت عبورا نوعيا نحو غد أفضل على المستويات التالية:
١- الشعب رسخ المعادلة الذهبية " الجيش والشعب والمقاومة" باثبات أنه حاضر يحاسب ويراقب ويقاوم الفساد وهو صمام الامان للمقاومة. رغم المخاوف والمندسين لم تتوجه الثورة ضد المقاومة ابدا.
٢- تدحرجت رؤوس عدة لا تستحق سدة المسؤولية لأسباب عدة .
٣- ثبت وجود جمهور كبير لا سيما مسيحي كحلفاء للمقاومة هم من المستقلين وليس فقط الأحزاب التقليدية .
٤- لا بد للمستقلين وللمجتمع المدني من دور في بناء الوطن في المرحلة المقبلة
٥- املنا يقع على القادة السياسيين بضبط قواعدهم من الخطابات التحريضية والفتنوية ومن بعض الممارسات لأن بعض من انتهى سياسيا لن يقبل الهزيمة إلا ومعها الخراب. /انتهى/