وكالة مهر للانباء نقلاً عن "القبس"، بدأ الهلع ينتاب الناس في العديد من البلدان، بسبب فيروس كورونا المستجد، الذي تحول على ما يبدو ليصبح أكثر فتكاً، حيث كثّفت الصين خلال الساعات الأخيرة من جهودها لاحتواء الفيروس الجديد الغامض، وعزلت أكثر من أربعين مليون شخص، وألغت احتفالات كبيرة كانت مقررة امس، إلا أن منظمة الصحة العالمية لم تعلن بعد حالة الطوارئ الدولية. وبانتظار هذا الإعلان، بدأ الفيروس المميت يتمدد نحو بلدان جديدة منها فرنسا، وأستراليا، وماليزيا.
محاكاة مرعبة
وتوقع خبراء صحة أميركيون، أن يقتل فيروس «كورونا»، عشرات الملايين من الناس في العالم خلال عام ونصف العام. وفي تحذير مثير للقلق، توقع خبراء صحة أميركيون بارزون، قبل 3 أشهر من تفشي «فيروس كورونا» في الصين، أن يقتل الفيروس قرابة 65 مليون شخص في العالم. وقام العلماء في مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي، بتصميم نموذج وبائي افتراضي على جهاز كمبيوتر كجزء من الأبحاث في أكتوبر الماضي. وتوقعت المحاكاة أن يتم القضاء على 65 مليون شخص من كل أنحاء العالم خلال 18 شهرا فقط، وفقا لما ذكرته صحيفة «ديلي ميل» البريطانية. ونقلت الصحيفة البريطانية عن أحد كبار الباحثين في مركز جونز هوبكنز، وهو الدكتور إريك تونر، قوله إنه لم يشعر بالصدمة عندما ظهرت أنباء عن انتشار فيروس كورونا في ووهان في أواخر ديسمبر الماضي، مضيفا «لقد اعتقدت لفترة طويلة أن الفيروس الأكثر احتمالا الذي قد يسبب حدوث وباء جديد سيكون فيروس كورونا». وتابع قائلا «لا نعرف بعد مدى قدرته على نقل العدوى. نحن نعلم أنه ينتشر من خلال انتقاله من شخص لآخر، لكننا لا نعرف إلى أي مدى، والانطباع الأولي هو أن هذا أكثر اعتدالا بكثير من فيروس السارس، لذلك فالأمر مطمئن، لكن من ناحية أخرى، قد يكون أكثر قابلية للانتقال من السارس». يشار إلى أن فيروسات كورونا تسبب التهابات في الجهاز التنفسي، ويمكن أن تؤدي إلى أمراض مثل الالتهاب الرئوي أو نزلات البرد. وكان أحد هذه الفيروسات مسؤولا أيضا عن تفشي مرض الالتهاب الرئوي الحاد «السارس» في الصين أوائل عام 2000، والذي أصاب نحو 8000 شخص وسبب وفاة 774 شخصا. وتشير المحاكاة التي أجراها الدكتور تونر على الكمبيوتر إلى أنه بعد 6 أشهر، ستعاني كل دولة في العالم تقريبا إصابات بفيروس كورونا، وفي غضون 18 شهرا، يمكن أن يموت 65 مليون شخص من جرّاء الإصابة بالفيروس.
وفاة طبيب
وأعلنت الصين امس، عن وفاة طبيب بعد إصابته بفيروس كورونا، وفقا لما نقلته وسائل إعلامية، ووصلت امس فرق مسعفين من مدن شنغهاي وجوانغ دونغ، ومن جيش التحرير الشعبي الصيني إلى مدينة ووهان وسط الصين، حيث بؤرة تفشي السلالة الجديدة من فيروس كورونا، لتقديم العون الطبي للمصابين. وتوفي الطبيب ليانغ وودونغ (62 عاما) صباح امس بعد علاجه المرضى في ووهان، وفق ما ذكرت وسائل الإعلام الحكومية، كما أفاد موقع تشاينا غلوبال تايمز على الإنترنت بأن طبيبا آخر كان يعالج المرضى في ووهان توفي متأثرا بنوبة قلبية في وقت لاحق امس؛ ولم يتضح ما إذا كان جيانغ جيجون (51 عاما) مصابا بالفيروس. وعمل الدكتور ليانغ في مستشفى هوبي شينخوا في ووهان، وهو أول حالة وفاة معروفة بين الموظفين الذين يعالجون المرضى في المدينة. ووضعت السلطات الصينية 1200 من المسعفين رهن الاستدعاء في مدينة ووهان فقط، في حين أعلنت اللجنة الوطنية للصحة في الصين ارتفاع حصيلة الوفيات في البلاد جراء الإصابة بالفيروس إلى 41 شخصا، ووصول حالات الإصابة المؤكدة إلى 1287 شخصا في 30 إقليما حتى امس، منها 500 حالة في ووهان، عاصمة إقليم هوبي، غير أن الخبراء يتوقعون أن يكون العدد الحقيقي للإصابات بالفيروس بالآلاف. وأوضحت السلطات أن من بين الضحايا الذين لقوا حتفهم بسبب الفيروس، 39 حالة في ووهان، في حين توفي شخصان آخران في إقليمي هيبي وهيلونغيانغ. يشار إلى أن معظم حالات الوفاة كانت لأشخاص في الخمسينات أو أكبر سنا، وفقا لوسائل إعلام صينية. وفي محاولة لاحتواء تفشي الفيروس، عزلت الصين 12 مدينة و43 مليون شخص (ما قد يوازي سكان بولندا أو كندا)، بعدما أوقفت وسائل النقل العام عن العمل، وعلقت التجمعات العامة بما في ذلك الاحتفالات برأس السنة الصينية الجديدة.
إرشادات جديدة
وأصدر مجلس الدولة الصيني امس إرشادات جديدة خاصة بالسفر، من أجل الحد من انتشار الفيروس، تشمل وضع أجهزة لقياس درجة حرارة الجسم في نقاط العبور الرئيسية. كما دعا المجلس أيضا إلى تعزيز إجراءات الصحة العامة على متن القطارات والطائرات، حيث يسافر الملايين في عطلة نهاية الأسبوع للاحتفال ببداية العام القمري الجديد. وخصصت السلطات الصينية 14 ألفا من أطقم الملابس الوقائية والقفازات لمدينة ووهان فقط. ووضعت مدينة ووهان (11 مليون نسمة) تحت الحجر الصحي منذ الخميس، وظلت شوارعها مقفرة والمحال التجارية مُغلقة وحركة السير تقتصر على الحدّ الأدنى، وصار ارتداء الأقنعة الواقية إلزاميّا تحت طائلة القانون. وبدأت الصيدليات في المدينة تعاني نفاد الإمدادات الطبية، كما أخذت المستشفيات تمتلئ بأفراد من العامة يبدو عليهم التوتر والعصبية الشديدان.
قلق
ويزداد إلغاء الاحتفالات وإغلاق المواقع لمنع انتشار الفيروس، وبدأت العطلة الطويلة للعام الصيني الجديد الجمعة قبيل بدء سنة الفأر امس. وتؤدي عادة هذه العطلة إلى مئات الملايين من التنقلات، مما يفاقم العدوى. وفي مؤشر على حالة القلق التي سادت جميع أنحاء الصين، أعلنت السلطات إغلاق أقسام من سور الصين العظيم ومواقع رمزية مثل مقابر«مينغ»، وسيُبقي ملعب بكين الوطني الذي شُيّد للألعاب الأولمبية عام 2008 أبوابه مغلقة حتى آخر الشهر الجاري. وفي بكين، أغلقت «المدينة المحرمة»- وهي القصر الإمبراطوري القديم- أبوابها منذ الخميس حتى إشعار آخر، وأُلغيت احتفالات رأس السنة الجديدة التي تجمع عادةً مئات الملايين من الناس في الحدائق للاحتفال، وارتدى موظفو المترو زيًّا لحماية أنفسهم، وقاسوا حرارة أجسام المسافرين عند مدخل المحطة. وطلب مسؤولو الحكومة في العاصمة بكين، وفي شنغهاي، من السكان العائدين من مناطق مصابة، البقاء في منازلهم لمدة 14 يوما، لمنع انتشار الفيروس، وفق ما قالته وسائل إعلام محلية. في السياق نفسه، أقرّت منظمة الصحة العالمية بوجود «حالة طوارئ في الصين»، لكنها اعتبرت- عقب اجتماع لها على مدى يومين في جنيف- أن «من المبكر جدا التحدّث عن حالة طوارئ صحية عالمية».
هل تحجب الأقنعة فيروس كورونا؟
أشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى تشجيع السلطات الصينية للناس في مدينة ووهان على ارتداء أقنعة واقية في الأماكن العامة للمساعدة في منع انتشار فيروس كورونا الجديد. لكن السؤال هو: هل هي فعالة؟ يقول العديد من المختصين في الأمراض المعدية إن الأقنعة الرخيصة المؤقتة التي تغطي الأنف والفم قد تساعد في منع انتشار العدوى إذا ارتديت بشكل صحيح واستخدمت باستمرار، لكن لا يوجد دليل علمي معتبر على فعاليتها خارج محيط الرعاية الصحية. وقد ركزت معظم أفضل الدراسات، وهي تجارب عشوائية مراقبة، على مدى حماية الأقنعة الواقية للعاملين في الرعاية الصحية في المستشفيات من انتقال العدوى، ووجدت أن الاستخدام المنتظم لها قد ساعد في ذلك. وتقول الدكتورة جولي فايشامبيان رئيسة لجنة الصحة العامة لجمعية الأمراض المعدية الأميركية إن الأقنعة هي بالفعل «خط الدفاع الأخير». وتضيف «نشعر بالقلق إزاء شعور الناس بأنهم يحصلون على حماية من القناع أكثر مما هم عليه في الواقع. وغسل اليدين وتجنب الأشخاص المصابين بالمرض أهم من ارتداء القناع. ولأن الأقنعة الواقية غير موائمة تماماً أو محكمة الغلق، فإنها تترك فجوات حول الفم، ولذلك لا تقوم بتنقية كل الهواء الداخل».
رذاذ
وقال الدكتور أميش أداليا طبيب الأمراض المعدية في مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي إن الأقنعة ستمنع معظم رذاذ الجهاز التنفسي من عطس وبهر «كحة» الآخرين من دخول فمك وأنفك. وفيروسات كورونا تنتشر بشكل أساسي عبر الرذاذ. لكن المشكلة الأكبر هي أن الناس لا يستخدمون الأقنعة بشكل صحيح. وأضاف الدكتور أداليا «معظم الناس سيدخلون أيديهم تحت القناع لحك الوجه أو فرك الأنف، ما يجعل الملوثات في اتصال مع الأنف والفم. ولا يمكنك خلعه عندما تتلقى مكالمة هاتفية».
الصحة العالمية: "من المبكر إعلان حالة طوارئ دولية"
أعلنت منظمة الصحة العالمية أنه «من المبكر جدّا» اعتبار فيروس كورونا الجديد الذي ظهر في الصين وبدأ ينتشر في العالم «حالة طوارئ صحية عامة على نطاق دولي». وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس خلال مؤتمر صحافي في جنيف «لا يخطئن أحدكم الأمر.. إنها حالة طوارئ في الصين، لكنها ليست بعدُ حالة طوارئ صحية عالمية.. قد تصبح كذلك». وأضاف أن لا دليل حتى اليوم على انتقال العدوى من إنسان إلى آخر خارج الصين. وأعلن غيبريسوس ذلك بعدما راجعت لجنة الطوارئ في منظمة الصحة والمؤلفة من 16 خبيرا مستقلا، أحدث الأدلة ورفعت توصياتها التي قَبِلها. وقال «نعلم أن هناك انتقالا للعدوى من إنسان إلى إنسان في الصين، لكن يبدو أن الأمر يقتصر حتى الآن على مجموعات أسرية وعلى العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يعتنون بالمرضى المصابين.. ليس هناك أي دليل على انتقال العدوى من إنسان إلى آخر خارج الصين، لكن هذا لا يعني أن هذا الأمر لن يحدث». وتابع غيبريسوس أن «المنظمة لا توصي بفرض أي قيود على الحدود أو على السفر والتجارة في الوقت الراهن» بسبب تفشي كورونا. ولا تعلن منظمة الصحة حالة الطوارئ العالمية إلا في حالات وبائية نادرة تتطلب استجابة دولية حازمة، مثل ما حدث مع إنفلونزا الخنازير «إتش1إن1» عام 2009، وفيروس «زيكا» عام 2016، وإيبولا الذي اجتاح قسما من غرب أفريقيا بين عامي 2014 و2016 وجمهورية الكونغو الديموقراطية عام 2018.
خريطة انتشار الفيروس
في ما يأتي خريطة انتشار المرض خارج الصين، وفق آخر البيانات الرسمية:
تايلند
سُجلت أول إصابة خارج الصين في تايلند يوم 8 يناير الجاري، لامرأة عائدة من مدينة ووهان، ثم سُجلت ثلاث حالات أخرى.
فرنسا
أكدت وزارة الصحة الفرنسية، ثالث إصابة في أراضيها بفيروس كورونا المستجد. وكان الأشخاص الثلاثة قد أقاموا في الصين، ونُقِلوا إلى مستشفيات في بوردو (جنوب غربي فرنسا) وفي باريس، وقد اتُخِذت إجراءات لـ«عزلهم».
كوريا الجنوبية
أول إصابة في كوريا الجنوبية كانت لصينية تبلغ 35 عاما، وصلت إلى سيئول من مدينة ووهان، كما سُجلت إصابة امرأة خمسينية كانت تعمل في المدينة.
الولايات المتحدة
أدخِل رجل ثلاثيني زار منطقة ووهان وعاد منها في 15 يناير إلى مستشفى قرب سياتل. كما سجّلت حالة أخرى أمس لدى ستينية تسكن في شيكاغو وصلت من مدينة ووهان يوم 13 يناير.
اليابان
الحالة الأولى في اليابان سجّلت لثلاثيني أدخل إلى المستشفى في 10 يناير، كما سجّلت حالة أخرى لأربعيني يسكن في ووهان.
سنغافورة
أعلنت سنغافورة في 23 الجاري عن الإصابة الأولى، وهي لرجل يبلغ 66 عاما بعد ثلاثة أيام من وصوله من مدينة ووهان ، وثبتت إصابة ابنه الذي رافقه والبالغ 37 عاما، وكذلك كان حال امرأة خمسينية. نيبال جرى الإعلان عن أول حالة في 24 يناير في نيبال، لدى طالب جامعي.
تايوان
الحالة الأولى التي سجّلت في تايوان كانت لامرأة خمسينية وصلت من مقر إقامتها في ووهان.
فيتنام
أدخل صينيان -رجل وابنه- إلى المستشفى في 17 و18 يناير.
هونغ كونغ
ثبتت إصابة شخصين زارا ووهان. وأعلنت هونغ كونغ، امس حالة الطوارئ بسبب الفيروس المثير للقلق، وأوقفت الزيارات الرسمية إلى الصين.
ماكاو
أعلنت سلطات ماكاو في 22 يناير إصابة سيدة أعمال تبلغ 52 عاما، وصلت قبل ثلاثة أيام بالقطار الآتي من مدينة تشوهاي الصينية.
أستراليا
سجلت أستراليا الجمعة حالة إصابة مؤكدة في ولاية فيكتوريا، مع نقل المريض إلى المستشفى في حالة مستقرة في إحدى ضواحي ملبورن، وفق ما قال مسؤولو الصحة. وقالت جيني ميكاكوس وزيرة الصحة بولاية فيكتوريا، إن المريض وهو صيني في الخمسينات من العمر، وصل من الصين في 19 يناير.
ماليزيا
أعلنت ماليزيا امس عن أول ثلاث حالات إصابة مؤكدة بفيروس كورونا فيها.