وكالة مهر للأنباء-فاطمة صالحي: من المقرر أن يكشف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تفاصيل الخطة الأميركية لتصفية الحقوق الفلسطينية المعروفة بـ"صفقة القرن" في ظل توجيه الدعوة لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إلی واشنطن.
واللافت أن تجاهل الإدارة الأميركية الكامل للطرف الفلسطيني، الذي يجري اطلاعه على تفاصيل الخطة، ولم توجه إليه دعوة لزيارة البيت الأبيض، وهو ما يؤكد أن الصفقة تعول على تجاوز القيادة الفلسطينية والتعويل على دور قادة دول عربية، للضغط على القيادة الفلسطينية للتعامل مع الخطة الأميركية.
وأكد عضو مجلس النواب الأردني رئيس لجنة الأخوة البرلمانية الاردنية مع فلسطين والعراق و لبنان وسوريا "طارق خوري" في حواره الخاص مع وكالة مهر للأنباء ردا علی سؤال حول امكانية نجاح صفقة القرن بأنه "بداية، أودّ أن أشير إلى أنّ الوضع الدولي لم يعد ملائماً لكي تفرض أمريكا حلولاً على هواها للمنطقة كما شهدنا بعد غزو العراق للكويت وانهيار الاتحاد السوفياتي مطلع التسعينات، ذلك أنّ هناك قوى دولية، روسيا والصين تحديداً، عادت بقوة إلى المشهد الإقليمي بمواقف تنطلق من قرارات ما يسمى "الشرعية الدولية"، لا سيما القرارين 242 و194 المتعلقين بانسحاب قوات الاحتلال وحقّ العودة، واللذين نجد أنّ الصفقة الأميركية المشؤومة "صفقة القرن" قد تجاهلتهما تماماً".
وتابع النائب الأردني بأنه "أما على مستوى الشارع العربي، فلا يمكن إغفال دور القوى الحية على امتداد العالم العربي في رفض هذه الصفقة، لا سيما في فلسطين المحتلة، وهذه القوى هي رأس الحربة الذي نعول عليه في مواجهة كل المشاريع والصفقات التي يراد بها تصفية قضية فلسطين والتي تتم مع الأسف بغطاء عربي. ولا بدّ أن أشيد هنا بدور إيران في دعم المقاومة كنهج وخيار استراتيجي ثابت ضدّ سياسات الهيمنة الأمريكية منذ انتصار ثورتها عام 1979، وسيكون لدعمها محور المقاومة الدور الكبير في إسقاط الصفقة".
وفي شأن رد الدول العربية وتحديدا الأردن علی المؤامرة الأمريكية صرح بأنه "يجب التمييز في هذا الخصوص بين مواقف الأنظمة والشعوب فمعظم الأنظمة العربية المتعاقبة، لا سيما ما عُرِف يوماً بـ"محور الاعتدال"، قد خذلت القضية الفلسطينية وذهبت باتجاه حلول منفردة (اتفاقيات الإذعان مع مصر والأردن "كامب دايفيد" و"ووادي عربة") على حساب الحلّ العادل والشامل لهذه القضية. وانطلاقاً من ذلك، يمكن القول إنّ تعامل معظم الأنظمة العربية مع هذه القضية المركزية ينطلق من مصالح سياسية ضيقة تُسلِّم بمشيئة أمريكا تجاه الحلول السياسية في المنطقة والتي تخدم في نهاية المطاف العدو الصهيوني".
وأضاف بأنه "في ما يتعلق بمواقف الشعوب العربية فقد بات واضحاً أنّ الخيار التاريخي لهذه الشعوب هو الانحياز الكامل لقضية فلسطين كونها قضية حقّ غير قابلة للتفاوض أو المساومة. وبالنسبة إلى الأردن، فإنّ المملكة الأردنية حكومة وملكاً قد أعلنت موقفها منذ البداية برفض الصفقة وقد سمعنا على لسان جلالة الملك عبدالله شخصياً عن كمّ الضغوط التي تعرّض لها للتخلّي عن فلسطين وعن القدس لكنّه رفض ذلك بشكل قاطع. كما أنّ الوصاية الهاشمية على المقدّسات مستهدفة أيضاً من قبل الأمريكيين في هذه الصفقة".
وصرح بأنه "أما بالنسبة إلى أبناء شعبنا في الأردن فقد حسموا خيارهم منذ البداية برفض أي مسار تفاوضي مع عدوّ لا يفهم إلا لغة الحديد والنار. ودائماً ما يضجّ الشارع الأردني باحتجاجات وموجات رفض عارمة للانتهاكات الصهيونية. الأردنيون يطالبون دائماً بإلغاء الاتفاقية التي تُسمّى زوراً "اتفاقية سلام" وبإغلاق سفارة العدو الصهيوني، وحتى الآن لم يهدأ الشارع الأردني حيال اتفاقية الغاز، تحت شعار "غاز الاحتلال احتلال" ولن يستكين أبناء شعبنا حتى إلغاء هذه الاتفاقية المذلة، وإعادة النظر في آليات وسبل التعاون مع العدو الصهيوني".
وردا علی سؤال حول اتخاذ خطوات عملية من جانب الدول العربية ضد الصفقة شدد علی أنه "بعد خروج مصر من معادلة الصراع مع العدو الصهيوني وبعد الحرب على سورية، بدأ مركز الثقل في النظام الإقليمي العربي يتحول لحساب جهات معروفة لا تملك غير المال لتوجيه دفة السياسات العربية من دون أفق استراتيجي واضح ووفق نهج أضرّ بالأمن القومي العربي وقد شهدناه مراراً سواء في الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 أو في المؤامرة والحرب على سورية".
وأضاف "بالتالي فإنّ النظام الرسمي العربي قد سقط من معادلة مواجهة السياسات الأمريكية الداعمة للكيان الصهيوني في المنطقة، لكنّ الأمل يبقى معقوداً على قلة من الدول العربية لا تزال على مقاومتها لتلك السياسات والرافضة للتطبيع مع العدو الصهيوني، لا سيما سورية ولبنان".
وفي شأن أهداف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من إعلان صفقة القرن في هذه الظروف الدولية وفي هذا التوقيت صرح بأنه "لقد أنهكت الولايات المتحدة الأميركية في السنوات العشر الأخيرة الدول العربية بموجات التغيير الدموي التي أسمتها "الربيع العربي"، وبذلك رأت الإدارة الأمريكية أنّ الفرصة أصبحت سانحة لتمرير مخططات التآمر على فلسطين وتصفية قضيتها المحقة تحت مسمى "صفقة القرن". وقد شهدنا مقدّمات لتمرير هذه الصفقة منذ بداية عهد ترامب بقرار وقف المساهمة الأمريكية في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، إضافة إلى قراره المستفز بنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة كاعتراف أمريكي ملموس وغير مسبوق بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني. كما أنّ اقتراب موعد الإعلان عن بنود الصفقة إلى العلن في هذه المرحلة الدقيقة يرتبط بحسابات انتخابية لترامب إرضاء للوبي اليهودي على أعتاب الانتخابات الرئاسية المقبلة".