وكالة مهر للأنباء – أحمدأبوزهري: حملت تغريدة الناطق العسكري باسم كتائب القسام (أبي عبيدة) مضامين ودلالات بالغة الأهمية، وهي تنقل رسائل مختلفة يمكن أن تشكل عاملًا محرضًا لعائلات الجنود الأسرى، وتفرض ظروفًا ضاغطة على المستوى الأمني والسياسي للاحتلال، وتجعلهم في موقف حرج، وتظهر مدى الرعونة والتخبط في إدارة هذا الملف، بعد سيل الأكاذيب والتسريبات الوهمية التي يطلقها الاحتلال، عن قرب التوصل إلى اتفاق وإنهاء قضية الجنود الأسرى.
فأعادت القسام الملف إلى الواجهة من جديد، وهي تفرض قواعد لم يألفها الاحتلال، خصوصًا مع تماديه وقصفه المتواصل للأهداف المدنية في قطاع غزة، محاولًا ممارسة الضغوط على المقاومة وإبقاءها رهينة الابتزاز الحربي الإسرائيلي، وتقييد نشاطها ضد الأهداف الإسرائيلية.
لتنقلب المعادلة خلال لحظات بعد أن أفصحت القسام أن القصف الإسرائيلي على غزة في (مايو 2019م) أدى إلى إصابة الجنود الإسرائيليين دون الإفصاح عن تفاصيل أخرى عن طبيعة الإصابات، ومصيرهم بعد هذا الاستهداف، لتضع المستوى السياسي والأمني الإسرائيلي أمام تحديات جديدة وتحملهم المسؤولية عن مصير الجنود المأسورين لدى المقاومة.
ويربك المشهد الإسرائيلي من جديد في أكثر الملفات سخونة وحساسية، وقد مني فيه الاحتلال بخيبات متكررة، وإخفاقات مهولة بعد سنوات طويلة من الجهد الأمني والاستخباري، الذي أفضى إلى نتائج صفرية، لم تقد الإسرائيليين إلى وجهة معقولة، وإجابة منطقية، عن مكان وجودهم أو مصيرهم، أو اقتفاء آثار الدوائر القريبة من هذا الملف، من عناصر (وحدة الظل القسامية).
الأمر الذي بدوره دفع (الرقيب العسكري) لمحاولة منع نشر أو تداول تفاصيل هذه التغريدة، لما تحمل من ارتدادات سياسية وأمنية على الداخل الإسرائيلي، فضلًا عن تأثيرها المعنوي على الجنود الإسرائيليين الذين يمارسون مهام قتالية في عدة مناطق، ويمكن أن يكونوا عرضة لهذا المصير في أي لحظة، وبذلك تنخفض لديهم الدافعية للقتال، أو المجازفة بأنفسهم، وقد تتولد لديهم قناعات أن القيادة يمكن أن تتخلى عنهم مثل زملائهم الذين وقعوا في الأسر.
هذا إضافة إلى الخشية من ردات الفعل من عائلات الجنود، التي تعتقد أن القسام تقول الحقيقة وأنهم أحياء، وأن نتنياهو يكذب عليهم، وهو من يعرض أبناءهم للخطر، ولا يأبه لمصيرهم بتصرفاته الطائشة، وهو يستهدف قطاع غزة دون أن يتخذ إجراءات كفيلة تمنع إصابة الجنود هذا من جانب، ومن جانب آخر عدم استعداده لمفاوضات حقيقية وجادة يمكن أن تؤدي إلى الإفراج عن الجنود الأسرى.
لكن سرعان ما تسربت إلى الوسط الإسرائيلي، ما دفع الخبراء والمختصين الصهاينة إلى التقليل من شأنها ومحاولة تفريغها من مضمونها الحقيقي، وعدّها ضمن الحرب الدعائية التي تشنها كتائب القسام، غير أن عائلات الجنود تعلم أن بنيامين نتنياهو يكذب ولا يريد فعل شيء لأنه لا يجرؤ على دفع الثمن أمام مطالب المقاومة بالإفراج عن الأسرى، مع استعراضه الإفراج عن السجينة الإسرائيلية (نعمة يسخار) المدانة في روسيا بتهريب المخدرات.
ويبدو أن القسام أيضًا كانت حريصة على إظهار بعض أوراق القوة في وجه الاحتلال مع (الصفقة المشؤومة)، وارتفاع وتيرة الانتهاكات بحق الأسرى، لتعلن تضامنها مع الأسرى من جانب، وتصفع العدو في عز زهوه وتضع النقاط على الحروف من جانب آخر، فالأيام المقبلة ربما تشهد حراكًا قريبًا وتدخلًا عاجلًا من الوسطاء لإعادة التباحث في هذا الملف، وفي أكثر الأحوال سيكون ذلك يجري في الكواليس، وهذا مرهون بالموقف الإسرائيلي وجديته. /انتهى/