بعد فشل الزرفي في الحصول على الدعم لتشكيل الحكومة، جاء دور رئيس المخابرات العراقية "مصطفى الكاظمي" ليقوم بهذه المهمة حيث يجد الأخير نفسه يواجه تحديات صعبة، خاصة في ظل الوضع الإقليمي والدولي الحالي.

وكالة مهر للأنباء، أعلن رئيس الوزراء المكلف السابق عدنان الزرفي تنازله عن مهمة رئاسة الحكومة العراقية، وعقد الزرفي مؤتمرا صحافياً يوم الخميس اعلن فيه تنازله عن المهمة التي أنيطت به لرئاسة الحكومة العراقية التي كلّف بها.

وكانت مصادر قد أكدت في وقت سابق وجود مساع من قيادات القوى الشيعية البارزة لحث المكلف عدنان الزرفي على الاعتذار عن التكليف برئاسة الحكومة.
 
إلى ذلك، أفادت كواليس الاتفاقات حول رئيس الحكومة العتيدة شروطاً منها تنفيذ قرار مجلس النواب العراقي القاضي بإخراج القوات الأجنبية من العراق.

وأعلن عدد من القوى العراقية رفضهم تكليف عدنان الزرفي بتأليف الحكومة العراقية. وعقب اجتماع في منزل رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي، أكد تحالف الفتح وائتلاف دولة القانون وكتلتا العقد الوطني والنهج الوطني موقفهم الرافض لهذه الخطوة.

و كلّف الرئيس العراقي برهم صالح في 17 آذار/ مارس الماضي عدنان الزرفي لتشكيل الحكومة العراقية، وهو الأمين العام لحركة الوفاء العراقية، وشغل منصب محافظ النجف سابقاً.

من هو مصطفى الكاظمي المرشح الجديد لرئاسة حكومة العراق؟

أعلن كل من تحالف القوى العراقية و رئاسة حكومة منطقة كردستان، الأربعاء، عن دعمهما لترشيح رئيس جھاز المخابرات، مصطفى الكاظمي لرئاسة الحكومة الجديدة.

وولد مصطفى عبد اللطيف مشتت في بغداد عام 1967، وهو يحمل اجازة جامعية بالقانون.

واختار اسم (مصطفى الكاظمي) خلال عمله كصحفي في عدد من وسائل الإعلام المحلية ، قبل أن يصبح رئيس تحرير مجلة “الأسبوعية” التي كان يملك امتيازها “برهم صالح” رئيس الجمهورية العراقي الحالي.

كان الكاظمي معارضاً ناشطاً لديكتاتور العراق السابق صدام حسين، عاش سنوات في المنفى، لكنه لم ينضم إلى أي من الأحزاب السياسية العراقية .

عيّنه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي في منصب رئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي في حزيران من عام 2016، بعد أن حاز “مكانة مرموقة” كوسيط سياسي بين الأطراف العراقية المختلفة في الأزمات المتلاحقة، وحاز كذلك على دعم من حزب الدعوة.

لدى الكاظمي أكثر من 15 عاماً من الخدمة في العراق، جُلها في مجال حل النزاعات، كما عمل الكاظمي على “إصلاح الجهاز بالتركيز على إخراج السياسة من العمل المخابراتي”.

“مصطفى الكاظمي” على رأس قائمة المرشحين الأبرز الذين يحظون بقبول الشارع العراقي منحه دوره كمدير تنفيذي لمؤسسة الذاكرة العراقية – وهي منظمة تأسست لغرض توثيق جرائم النظام السابق-، فرصة التخصص في الستراتيجيات الأرشيفية، و”اكتسب خبرة في توثيق الشهادات وجمع الأفلام عن ضحايا النظام السابق على أساس المسؤولية في حفظ الحدث العراقي كوثيقة تاريخية، بالإضافة إلى الإشراف على عمل فرق متعددة في دول عدة”.

أدار الكاظمي من بغداد ولندن مؤسسة الحوار الإنساني، وهي منظمة مستقلة تسعى لسد الثغرات بين المجتمعات والثقافات والتأسيس للحوار بديلاً عن العنف في حل الأزمات من خلال تعاون يقطع الحدود الجغرافية والاجتماعية.

عمل مصطفى الكاظمي كاتب عمود ومديراً لتحرير قسم العراق في موقع المونيتور الدولي، وركزت مقالاته على تكريس روح السلم الاجتماعي في العراق، والتأسيس لحفظ المستقبل ومكانة البلد التاريخية، وكشف الإخفاقات والارتباكات التي صاحبت تجربة النظام السياسي وسبل معالجتها. كما نشر خلال مسيرته المهنية العديد من الكتب من أبرزها (مسألة العراق – المصالحة بين الماضي والمستقبل).

التحديات التي يواجهها الكاظمي؟

ستتمتع حكومة الكاظمي بفترة قصيرة مدتها عام واحد، وخلال هذه الفترة سيتعين عليها توفير مساحة للانتخابات البرلمانية المبكرة، بالإضافة إلى قانون الموازنة لعام 2020.

كما يواجه الكاظمي العديد من التحديات المهمة خلال هذه الفترة، أحدها تحدي فيروس كورونا والآخر هو الأزمة الاقتصادية، وكذلك مطالب المتظاهرين لتحسين ظروف المعيشة والرفاه العام.

يعتبر طرد القوات الأمريكية من العراق أحد أهم التحديات التي تواجه البرلمان العراقي، وستواجهه حكومة الكاظمي، ويعتمد بقاء إدارته - كما يقول البعض - على التزام الكاظمي بالقرار البرلماني.

نظرا الى التقلص الشديد لأسعار النفط العالمي، يجب عليه إعادة تنظيم اقتصاد البلاد وإظهار مهارته في إرضاء الولايات المتحدة في تمديد إعفاء العراق من عقوبات واشنطن ضد طهران.

وبحسب بعض المراقبين، فإن مصطفى الكاظمي شخصية شيعية معتدلة وغير حزبية ولها علاقة متوازنة مع الجميع. من وجهة نظر هؤلاء المراقبين، يتمتع بشخصية كاريزمية وهو يتمتع بشعبية وليس لديه قضية فساد. في الواقع، لم تكن الشخصيات التي قدمتها الأحزاب السياسية العراقية حتى الآن تحظى بشعبية كبيرة، ويمكن القول أن الكاظمي هو شخص ليس معاديًا لأي شخص وله علاقات حميمة مع جميع الجهات السياسية في العراق، بالإضافة إلى علاقة متوازنة مع واشنطن وطهران.

إنه يعرف جيدًا كيف يكون صديقًا لطرفين غير مرتبطين. استقبل الكاظمي بحرارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال اجتماع عام 2017 مع العبادي في الرياض واحتضنه. في الواقع، كانت علاقاته الغربية والشرقية هي التي مهدت الطريق لهذا الرجل في الظل. إنه مفاوض قوي وممثل سياسي ذو نباهة لديه 30 يومًا لعدم الوقوع في نهاية سلفيه محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي.

وأخيرًا، يدرك الكاظمي تمامًا الموقع الجغرافي للعراق وأهمية إيران للعراق، وكذلك الروابط الثقافية والدينية بين دولتي العراق وإيران، فضلاً عن دور إيران في مساعدة العراق على التغلب على أزماته.

ومع ذلك، قد بدأت المهمة التي أنيطت اليه، ويبقى أن نرى أين سيكون ماله بالرغم من الاستقبال الحار للأحزاب السياسية له، والذي من المتوقع أن سيكون رئيسا للوزراء في العراق ويقوم بالمهام التي فوّضت اليه./انتهى/