وكالة مهر للأنباء - رؤيا فريدوني: مر على العدوان السعودي الغاشم على أرض اليمن قرابة 5 سنوات، ذلك العدوان الذي اهلك الحرث والنسل والذي افتقد إلى أبسط أنواع العدل والأخلاق والشرف في القتال، إلا أن صمود اليمنيين عامة وأنصار الله خاصة قلب الموازين السياسية وفرض معادلة جديدة لم تكن بحسبان قوات تحالف العدوان، ففي يوم الخميس الماضي أعلنت السعودية وقف عدوانها على اليمن بسبب جائحة كورونا ومحاربته بالمرتبة الاولى، إلا أن النظام السعودي كعادته لم يف بعهوده فمنذ الدقائق الاولى لإعلانهم وقف العدوان، مابرحت السعودية تستهدف مناطق عديدة كمحافظة حجة والجوف وغيرها، مثبتة للعالم بذلك أن تصريحاتها ليس لها قيمة وأن كل ما تبجحوا فيه ما هو إلا كلام فارغ للإعلام.
وعليه اجرت وكالة مهر للانباء حوارا مع رئيس مجموعة العلوم السياسية والعلاقات الدولية لجامعة "آرتوكلوي ماردين" التركية وكانت المقابلة على الشكل التالي:
س: السعودية بحجة محاربة "كورونا" أعلنت إيقاف الحرب على اليمن، ماهي غاية الرياض من هذا الإعلان ؟
السعودية تعاني من مشاكل عديدة داخلية وخارجية، وتهيئة محمد بن سلمان لاستلام زمام الأمور في السعودية دفعه لاتخاذ اجراءات مثل الاعتقالات وغيرها، ما احدث بلبلة في الداخل، إضافة إلى ذلك تقليل قيمة النفط ومنع الحج العمرة جميعها اسباب وضعت السعودية في ضيقة إقتصادية، وأيضاً النظام السعودي يعاني من فقدان الثقة على الصعيد الدولي وذلك بعد قضية قتل وتقطيع الصحفي السعودي "جمال خاشقجي".
النظام السعودي وعلى الرغم من جميع المنابع الإقتصادية والعسكرية، فشل في إيجاد نظام سياسي جديد في اليمن وعليه فالنظام السعودي يحاول منذ وقت طويل الخروج من اليمن مع حفظ ماء وجهه أما شعبه. فالظاهرأن السعودية تسعى من وراء إعلانها إيقاف الحرب على اليمن إلى تقليل العبئ الإقتصادي عليها، وجبر ثقتها الزائلة في المجتمع الدولي، وإخفاء هزائمها العسكرية في اليمن.
س: هل يمكننا أن نعتبر وقف إطلاق النار من الجانب السعودي ذريعة لوقف تقدمات أنصار الله في الميدان وأسلوب للهروب من الهزائم المستمرة؟
علينا ان نوضح بعض النقاط فيما يتعلق بالعدوان على اليمن والذي بدأ قبل 5 سنوات.
أولاً: السعودية والإمارات بعد "الربيع العربي" لا تملكان أي حظ في حل المسائل التي تحتاج إلى تدخل عسكري.
ثانياً: ليس من المتوقع أن تستطيع السعودية البقاء في اليمن بدون دعمٍ خارجي.
القضية اليمنية تاريخياً ولأسباب جيوسياسية وإقتصادية وثقافية وإلخ... لها شأن هام في أمن السعودية، وعليه فأي زعزعة أمنية في اليمن سيكون لها تأثير حتمي في الداخل السعودي، مثالاً عليه إرتباط وصول فيصل بن عبد العزيز إلى السلطة بعد الملك السابق "ملك سعود" عام 1964 بالحرب الداخلية في اليمن عام 1962 إرتباطاً مباشراً.
والآن هناك تحركات داخل السعودية من أجل تغيير النظام السياسي داخل السعودية بعد الملك "سلمان بن عبد العزيز".
فإتخاذ القرار فيما يتعلق بالحرب على اليمن وأية إحتمالية خروج منها مرتبط إرتباطاً مستقيماً بلعبة الحكم في السعودية، فالسعودية وبعد 5 أعوام من العدوان على اليمن وبسبب ضعف نظامها لم تستطع تحقيق نتائجها المرجوة من تلك الحرب وتعمل في هذه الأثناء على إستمرارية الحرب بالإتكاء على مصادر أخرى "كالإقتصاد والدبلوماسية".
س: كيف تقيم ردة فعل حركة "أنصار الله" اليمنية بعد إعلان إيقاف النار من الجانب السعودي ونقضه؟
انصار الله منذ بداية إعلان السعودية وقف إطلاق النار لم يأخذوا كلامهم على محمل الجد واعتبروه كذباً منذ اللحظة الاولى وأكدوا على أن المعتدين بقوا مستمرين بأعمالهم العدائية في الجبهات الحدودية، وطالما أكد أنصار الله بان الحل السياسي الدائم والفعال للمسألة اليمنية هو إيقاف الإعتداءات وخروج المسلحين من داخل اليمن ورفع الحصار عن الأراضي اليمنية.
الإمارات بسحب قواتها من اليمن أبقت السعودية وحيدة في هذه المواجهة، ومن جهة أخرى يسعى أنصار الله إلى استغلال هذه النقاط لتثبيت قوتهم داخل البلاد.
أعتقد أن إعلان وقف إطلاق النار من الجانب السعودي ما هو إلا خطوة في سبيل كسب فرصة وتأمين الدعم الدولي للعبة الحكم داخل السعودية.
س: هل يمكن إعتبار إعلان وقف إطلاق النار من الجانب السعودي فرصة لليمن في سبيل العودة لمحادثات سلام الأمم المتحدة؟
لا أعتقد أن إعلان إيقاف إطلاق النار من شأنه أن يُبدِء محادثات سياسية شاملة في اليمن.
عدم الإستقرار السياسي داخل اليمن من شأنه إضعاف النفوذ السياسي لمحمد بن سلمان داخل السعودية.
في الوقت الذي من المستبعد أن يحصل ترتيبات سياسية داخل اليمن لصالح السعودية، من الممكن أن يمنع قرار وقف إطلاق النار، امتداد عدم الإستقرار الموجود في اليمن إلى الداخل السعودي.
س: كيف تقيم موقف الامم المتحدة من إعلان وقف إطلاق النار في اليمن ؟
نحن نعيش في فترة ضعف قرارات المنظمات الدولية وخاصة في الأمم المتحدة وذلك بعد الحرب العالمية الثانية، وبالأخص إذا ما كانت الأزمة الواقعة لا تهدد احد اللاعبين الدوليين الأساسيين فإن الأمم المتحدة تبرز ردة فعل سلبية وباردة، فإن تحرك الأمم المتحدة في سبيل إيقاف الحرب في اليمن من اجل مواجهة فايروس"كورونا" يقوي فرضيتنا.
فقد مضى على الأزمة اليمنية 5 أعوام ولم نرىخطوات جدية من قبل الأمم المتحدة من شانها إيقاف الحرب في اليمن!
ففي الفترة الاخيرة وبسبب تبعات فايروس "كورونا" على الدول الغربية أعلنت الأمم المتحدة رغبة جدية في وقف إطلاق النار في اليمن، الأمر الذي يوضح أن محاربة "كورونا" أهم من الأزمة الإنسانية في اليمن. /انتهى/