اكد الباحث العسكري والإستراتيجي العميد الياس فرحات في حديث لقناة الميادين انه "منذ فرض العقوبات الأميركية والحصار على إيران قبل أكثر من 40 سنة، تحرص الجمهورية على التمسك بسيادتها على أراضيها وأجوائها ومياهها الإقليمية" بينما رأى العميد الركن هشام جابر "أنه لا حرب في الوقت الحاضر".

بعد عام تقريباً، على "حرب الناقلات" التي دارت بين إيران وبريطانيا، وبعد أشهر من طبول الحرب التي دُقت بين أميركا وإيران، عاد التوتر إلى الواجهة من جديد ولكن هذه المرة بمشهد مختلف.

هذا المشهد يتمثل بشكل أساسي بسباق التسلح، وتعزيز القدرات العسكرية، ففي حقبة ما بعد الحرب البارِدة، طرأ تحوّل واضح على الاستراتيجيات العسكرية العامّة والتكتيكات المُتّبعة في إدارة الصّراعات السياسية، بشكلٍ اختلطت فيه الاعتبارات الدبلوماسية والمصالح الاقتصادية بالجوانب الأمنية والعسكرية، وامتد هذا الواقع إلى سباقات التسلّح. 

منذ أيام، قالت البحرية الأميركية إن 11 زورقاً تابعاً للحرس الثوري الإيراني قاموا بعمليات "اقتراب ومضايقة خطيرة" لسفن للبحرية الأميركية في الخليج الفارسي.
الجيش الأميركي ادعى أن" الزوارق الإيرانية اقتربت لمسافة 10 ياردات من سفينة تابعة لخفر السواحل الأميركي".

حرس الثورة الإيراني ردّ ببيان أوضح فيه ملابسات ما حدث، وأكد أن القوات الأميركية قامت بتصرفات غير احترافية، وضمن هذه الأعمال قطع الطريق أمام سفينة الشهيد سياوشي خلال عودتها من مهمتها جنوب شرق جزيرة أبو موسى.

بعدها بساعات كشفت إيران الستار عن منظومتي رادار استراتيجيتين "خليج فارس" و"مراقب"، وهما راداران ثلاثيي الأبعاد.

الخطوة أزعجت أميركا وحليفتها "إسرائيل"، قبل أن تعلن طهران اليوم عن نجاح عملية إطلاق قمر صناعي مخصص للأعمال العسكرية.

الرئيس الأميركي ردّ بالطلب من البحرية الأميركية تدمير أي زوارق إيرانية في حال "تحرشت" بالسفن الأميركية، بينما اعتبرت وسائل إعلام إسرائيلية أن إطلاق القمر الصناعي الإيراني يشكّل رسالة تحدٍ أخرى مقابل الولايات المتحدة، التي ترى في برنامج الفضاء الإيراني جزءاً من برنامج الصواريخ الباليستية، معتبرة أن الأمر يتعلق بتصعيد إضافي في التوتر بين واشنطن وطهران.

ما الرسائل التي ترغب إيران بإيصالها من خلال ما كشفته مؤخراً؟

قال الباحث العسكري والإستراتيجي العميد الياس فرحات  "منذ فرض العقوبات الأميركية والحصار على إيران قبل أكثر من 40 سنة، تحرص الجمهورية على التمسك بسيادتها على أراضيها وأجوائها ومياهها الإقليمية"، لافتاً إلى "أن إيران لا تتهاون مع كل أعدائها ولا تهاب القوة البحرية الضخمة التي تحشدها الولايات المتحدة في مياه الخليج الفارسي" . 

"بعد اغتيال اللواء قاسم سليماني، ورد إيران بقصف قاعدة "عين الأسد" التي تتمركز فيها القوات الأميركية، دعت القيادة الإيرانية إلى إنسحاب القوات الأميركية من المنطقة، ومن عادة الإيرانيين أن لا يتركوا شعاراتهم من دون محاولات تنفيذها"، بحسب تعبيره.

وأضاف العميد، "يأتي تحرش 11 زورقاً سريعاً لبحرية حرس الثورة الإيراني بسفن أميركية ووصولها إلى مسافة بضعة أمتار منها بمثابة إظهار تصميم إيران على إنسحاب القوات الأميركية وإظهار قوتها وعزمها على تنفيذ القرار".

من زاوية توازن القوى بين أميركا وإيران، كيف تستطيع إيران أن ترغم الولايات المتحدة على الإنسحاب؟

واعتبر العميد انه "صحيح أن توازن القوى يميل إلى القوات الأميركية في حال حشدت مجموعات عمل بحرية، لكن إيران تركز على المقاربة العسكرية غير المتماثلة، كما جرى مؤخراً فالزوارق الإيرانية السريعة وهي مطاطية ومجهزة بصواريخ، ولديها قدرة كبيرة على المناورة على سطح المياه"، معتبراً أنها تشكل إرباكاً كبيراً لمجموعات البحرية الأميركية".

"تتطور الأمور إلى درجة خطيرة في حال حصول مواجهة مسلحة، وهي إفتراضياً تؤدي إلى خسائر من الجانبين، لكن الفرق هو أن الجانب الأميركي لا يحتمل خسائر وخصوصاً بشرية، فيما الإيرانيون يتمتعون بعقيدة دينية وقتالية تمكنهم من استغلال الاستشهاد لمزيد من الإصرار على تحقيق الأهداف"، بحسب تعبيره.

 من ينتصر في هذه المواجهة لو حصلت؟

المواجهة المتوقعة بين القوات الأميركية المؤلفة من حاملة طائرات ومجموعات عمل مرافقة لها وسفن إنزال، ومن جهة إيران لديها مدمرات وفرقاطات بحرية تقليدية، يعتبر العميد فرحات أن الجانب المهم فيها، هو أن إيران تمتلك أكثر من 1000 زورق سريع قادر على قلب سير المعارك، بالإضافة إلى غواصات تتمركز في مياه الخليج الفارسي وبحر عمان تعمل بشكل كمائن سرية تستخدم طوربيداتها.

وأشار إلى أن المواجهة غير المتماثلة في حال استغرقت طويلاً،  فهي تسير لمصلحة أبناء الأرض أي الإيرانيين حيث بإمكانهم الاستفادة من خط التموين السريع لتعزيز القوات عند الحاجة.

وحول توقيت التحركات الإيرانية، قال العميد إنها تأتي في وقت تحتاج إيران لتأكيد قرارها بانسحاب القوات الأميركية، تزامناً مع عيد القوات المسلحة الإيرانية ودخول أسلحة جديدة إلى الخدمة في الدفاع الجوي وصواريخ الإنذار ودبابة T90.

ولفت إلى أنها "مجموعة رسائل إيرانية إلى الولايات المتحدة ودول المنطقة، حول تمسكها بحقوقها ومبادئها ورفضها الاحتلال الإسرائيلي، وتمسكها بمصالحها".

إيران لا تريد الحرب في المنطقة

بدوره قال العميد الركن الدكتور هشام جابر رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات "إنه لا حرب في الوقت الحاضر "، مشيراً إلى "أنه لا أحد مستعد لتحمل تداعيات هذه الحرب، لأنها ستكون كارثية، خصوصاً في ظل انتشار وباء كورونا".

وأوضح أن منطقة الخليج الفارسي هي منطقه بالغة الحساسية، وذلك لأنها تعج بالسفن الحربية، خاصةً الأميركية والسفن البحرية الإيرانية.

واعتبر جابر أن "الإحتكاك الذي قامت به إيران على مقربة وعلى مرمى حجر من البحرية الأميركية، يأتي من مبدأ "إظهار القوة"، وتحسباً لما يمكن أن يُقدم عليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب"، مشيراً إلى أن ترامب حالياً في مأزق ولا أمل له بتجديد ولايته التي قامت أساساً على مبدأ إعادة الجنود الأميركيين وسلامة هؤلاء الجنود".

في السياق، قال جابر "أنا لا أعتقد أن الوضع الحالي المأساوي في أميركا، يسمح بإشعال الحرب"، مضيفاً "إنما يمكن أن يرتكب ترامب مغامرة أو حماقة لخلط الأوراق ليخلق واقعاً معيناً يساعده على إلتفاف الشعب الأميركي حوله".

وأشار إلى أنه "في حال أشعلت أميركا الحرب على إيران وكانت هي التي تقوم بالضربه الأولى، حتماً ستنطلق آلاف الصواريخ الإيرانية لاستهداف القواعد العسكرية الأميركية في منطقة "، بحسب تعبيره.

وأكد جابر أن القوات الأميركية حالياً ليست في حالة جهوزية تامة بل على العكس، مضيفاً "يقدر المراقبون أن الجهوزية العسكرية الأميركية خاصة في الأسلحة الإستراتيجية انخفضت إلى حد 60 أو 50%".

وأشار إلى أن حاملة الطائرات الأميركية النووية (روزفيلت)، قد سُحبت إلى الشاطئ بسبب الإصابات بفيروس كورونا، قائلاً "أميركا تعجز عن معالجة المواطنين الأميركيين في التصدي لهذا الوباء.

وشدد أن إيران ليس لها مصلحة من الأساس بأن "تتحرش" بالقوات الأميركية وتقتل جنوداً أميركيين، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى ردة فعل حتمية من الجانب الأميركي، قائلاً إن إيران لن تعطي ترامب هذه الفرصة الذهبية لكي يشعل الحرب ضدها.