دفع الوضع الفاسد في الكيان الغاصب المئات الى الخروج في شوارع تل الربيع (تل أبيب) للاحتجاج على اتفاق حكومة الوحدة بين نتنياهو وبيني غانتس، وذلك قبل يومٍ واحد فقط من بدء محكمة العدل العليا في الكيان الإسرائيلي الاستماع إلى شرعية تشكيل الحكومة المقترحة.

وزراء.. وفقراء

"36 وزيرًا، ألا تشعرون بالخجل؟" ربما تُلخص هذه العبارة التي رفعها المُتظاهرون الحالة التي وصل إليها المجتمع في الكيان الإسرائيلي، حيث بات من الواضح أنّ حكومة نتنياهو ومن أجل الحفاظ على وجودها بعد تعثر عملية التشكيل طيلة العام الفائت وبعد ثلاثة انتخابات، قامت بزيادة عدد الوزراء لرقم هو الأعلى منذ تشكيل الكيان في 1948، وذلك في محاولة من نتنياهو تمرير تشكيل الحكومة والحفاظ على التوازنات التي أهلته لتشكيل هذه الحكومة.

ويُعد السبب الرئيسي لخروج هذه التظاهرات هو الاعتراض على ارتفاع نسبة البطالة في الكيان الإسرائيلي المتأثر بالأزمة الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا، حيث وصلت نسبة البطالة في الكيان إلى نحو 27% بعد انتشار الفايروس، ليقوم بعدها النشطاء بحركة "العلم الأسود" بإطلاق سلسلة تظاهرات شملت أرجاء الكيان تحت شعار "لا لفساد الحكومة"، حيث حمل المتظاهرون لافتات كتب عليها "لقد سئمنا الفساد" و"حكومة الطوارئ، حكومة الفساد" قاصدين بذلك الحكومة التي شكلها نتنياهو وبيني غانتس.

إذن؛ فمن الواضح أنّ الحكومة والائتلاف الحكومي في الكيان الإسرائيلي يتعاملون مع الديموقراطية كلباسٍ يُفصلونه على مقاسهم، ولهذا الغرض تقوم الحكومة بإهدار الأموال العامة، في ظل محاصرة فايروس كورونا للمجتمع هناك، وفي هذا يقول المتظاهرون: "نحن نرى صعوبة الوضع، فيما تقوم الحكومة بتبذير الأموال، ناهيك عن منح السلطة لرجل تحت لائحة اتهام جنائية، غالبًا ما ينسى أصحاب السلطة من أعطاهم تلك السلطة، وهذا هو تعريف الفساد"، بحسب قولهم.

أكثر من ذلك؛ يؤكد المُتظاهرون أن الفقراء في الكيان يُشكلون أكثر من نصف عدد السكان، وبهذا يتوجب عليهم وكما يقولون إجبار الكنيست على تشريع قانون يمنع المشتبه به أو الجنائي من العمل كرئيس للوزراء، أو وزير، وإذا كانت المحكمة لا تستطيع معالجة فقرة الأخلاق، ثم يجب علينا وكما يقولون النزول إلى الشوارع وهزِّ أركان هذه الحكومة.

على صفيحٍ ساخن

على صفيحٍ ساخن؛ ربما هو الحال الذي وصلت له حكومة الكيان، فالتظاهرات التي كانت محدودة في مدينة تل أبيب، بدأت تنتشر في بقية المدن، فحيفا ومُستوطنات القدس وبئر السبع عجّت هي الأخرى بالمُتظاهرين المُطالبين بعدم اقتطاع رواتبهم الشهرية بعد أن أقعدهم فايروس كورونا في منازلهم، بالإضافة لوقوع اشتباكات بين أصحاب الأكشاك في سوق الرملة وضباط الشرطة، وذلك لليوم الثاني على التوالي، بعدما احتج التجار على استمرار إغلاق الأسواق هناك.

ونظم المظاهرات ائتلاف من النقابات المهنية والمنظمات العمالية والعديد من الجماعات المناصرة، ويتمثل الطلب الأساسي في أن تمنح حكومة الكيان لهؤلاء العمال مائة بالمائة من الراتب الذي حصلوا عليه قبل أزمة كورونا، فما قدمته حكومة نتنياهو حتى الآن وحسب ما قالو هو مثل الباراسيتامول لمريض السرطان، والمغزى من ذلك أنّ حكومة الكيان لم تُقدم لهم ما يسدُّ رمقهم، خصوصًا إذا علمنا أنّ أكثر من مليون عاطل عن العمل، ناهيك عن مئات الآلاف من المستقيلين الذي لا يعرفون كيف سيتدبرون أمرهم، وآلاف غيرهم من المستأجرون الذين لا يعرفون كيف سيدفعون مُستحقات الشهر القادم.

خُلاصة القول؛ يعتقد الكثير من سكان الكيان الإسرائيلي أنّه إذا كان لدى السياسيين في السلطة خطة؛ فهي أنّهم -أي السياسيين- سيتبادلون المزايا بين بعضهم وسيمنحونها للأعضاء المؤيدين لهم، مع استمرار إغلاقهم لكافة الفعاليات في الكيان مُتناسين الأزمة التي سيُحدثها هذا الإغلاق، ويتساءل سًكّان الكيان؛ إذا كانت الحكومة المُشكلة حديثًا هي حكومة طوارئ وطنية.. اليوم نحن نعيش هذه الحالة، بالفعل يوجد حالة طوارئ مع وصول أعداد العاطلين عن العمل إلى أكثر من مليون شخص، وهو رقم قياسي على الإطلاق في تاريخ الكيان، وعليه فإنّ حكومة نتنياهو الوليدة حديثًا باتت مهددة من قبل الناخبين الذين أخذوا أصواتهم بعدما وصلت حالة الجوع في الكيان إلى مستوياتٍ قياسية لم يشهدها الكيان منذ اغتصاب فلسطين قبل أكثر من سبعين عامًا. 

المصدر: الوقت