وكالة مهر للأنباء- فاطمة صالحي: بينما يسعی رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتنفيذ مخططه بضم نحو 30 % من أراضي الضفة الغربية المحتلة، بما فيها مناطق غور الأردن يأخذ الأردن موقفا صلبا، يرفض الضم جملة وتفصيلا.
وتعرف حكومة الاحتلال الإسرائيلي أن خريطة تحالفاتها وطبيعتها قبل تنفيذ خطة ضم أجزاء من الضفة الغربية لن تكون كما هي بعدها، ولذلك فإن الحديث عن تفاصيل تلك التغيرات هو ما يشغل بال المحللين نظرا لتزامنها مع حساسية الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة والعالم.
في هذا المجال أجرت وكالة مهر للأنباء حوارا مع الكاتب والصحافي الفلسطيني خالد الجيوسي، ويأتي نص الحوار كالتالي:
س: كیف تقیم جدیة المعارضة الدولية ضد ضم الضفة الغربية وهل تؤثر علی العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والكیان الصهيوني؟
شهدنا بالفِعل عدد من المبادرات الأوروبية الرافضة لضم الضفة الغربيّة، ودعوات للاحتلال الإسرائيلي بعدم أخذ مواقف أحاديّة الجانب، إلى جانب مجموعة من جمع تواقيع لشخصيّات ونواب بريطانيين، وفرنسيين، لكن لا أعتقد أنّ الموقف الأوروبي سيتعدّى تأثيره الحبر الذي كُتبت فيه التّواقيع.
وفي سياق التماشي مع اعتبارات القانون الدولي، وأسس حل الدولتين، ولا ننسى أن دول الاتحاد الأوروبي، مقسومة فيما بينها، وتواجه أزمات ماليّة، واقتصاديّة، وأزماتها الداخليّة، أقوى من أن تجعلها تتّخذ موقف جدّي، وجائحة فيروس كورونا بحد ذاتها، ستجعلها تدخل في سبات عميق، لإيجاد حلول لأزمات المال والأعمال.
س: ما هی اسباب معارضة بعض الاطراف الاسرائيلة داخل الكيان الصهيوني علی خطة الضم؟
الأطراف الإسرائيليّة الرافضة لخطّة الضم، ليست معنيّةً بطبيعة الحال بقيام دولة للشعب الفلسطيني، ورفضها خطّة الضم، وما يترتّب عليها من مُصادرة أراضي الضفة، التي كان يأمل الفلسطينيّون إقامة دولة عليها ضمن حل الدولتين، يأتي خشية تفجّر الأوضاع في الضفّة الغربيّة، واندلاع انتفاضة شعبيّة، وانفراط عقد السلطة، وأجهزتها الأمنيّة، والتي لا تزال للأسف مُستمرّةً بالتنسيق الأمني، رغم الإعلان عن وقفه.
ذلك ما قد يُهدّد وجود الكيان العبري ودائماً ما تتحدّث نبوءات يهوديّة، عن احتمال عدم إكمال الكیان المحتل مئة عام على تأسيسها المزعوم.
وإذا ما حاولنا النظر بتفاؤل إلى هذه الخطّة المشؤومة، لعلّها ستُعجّل في حال تطبيقها، كتابة نهاية إسرائيل، وإتمام الخطّة قد يُعطي الشرعيّة لأبناء الضفّة، التحلّل من القوانين الدوليّة، التي كانت تحرّم عليهم "المُقاومة" بحجّة أو أمل زائف بدولة مُفترضة، ها هي الكيان المتحتل، تُريد تحويلها إلى "دولة ممر" مفصولة عن مُحيطها العربي، والإسلامي.
س: قد وجّه بنیامین نتنیاهو مؤخرا تحذیرا ضد بینی غانتس حول اختیار خطة الضم أو الإنتخابات المبكرة هل یمكن أن نشهد انهيار الحكومة الاسرائيلية بعد اجراء خطة الضم؟
هذا الخلاف بين نتنياهو، وغانتس حول الضم، نتج عنه كما نقلت صحف عبريّة، توقّف الاتصالات مع الولايات المتحدة الأمريكيّة، بسبب التباين بين مواقف الأحزاب، وهذا قد يعني تراجع حماسة أمريكا في دعم نتنياهو.
وكلّما زادت فجوة هذه الخلافات، كلّما زادت احتمالات انهيار الحكومة، فنتنياهو الذي يخشى السجن بتُهم الفساد، لن يتنازل بسهولة عن مقعده لرئاسة الحكومة، كما أنه متمسّك بتمرير مخطّط الضم، ويُهدّد بالذهاب إلى الانتخابات في حال عدم تنفيذه.
ولعلّ هذه الخلافات قد تُساهم في انهيار خطّة الضم، قبل الحديث عن انهيار حكومة الاحتلال، أو على الأقل تأجيلها، ونحن على موعد مُحتمل لتغيير الإدارة الأمريكيّة، ونتنياهو قد لا يجد أفضل من دعم دونالد ترامب، وفوز جو بايدن، قد يُبدّل الكثير من الحساب، وهو فوز ينتظره الأردن، الرافض هو الآخر لضم غور الأردن، وتحويله (الأردن) لاحقاً إلى وطنٍ بديل.
س: كیف تقیم معارضة السلطة الفلسطینیة مع خطة الضم؟
موقف السلطة الفلسطينيّة من خطّة الضم، باهت، وشكلي، ولا يرقى لمُستوى الحدث، وينتظر عوامل خارجيّة على أمل أن تُحدث تغييرًا، كان يُمكنها على الأقل دفع الشارع إلى مُواجهات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، دون رفع شعار التهديد بالفوضى، في حال تنفيذ الضم، وهو ما لم يُثنِ إسرائيل عن الاستمرار بتجهيزاتها لتنفيذ الضّم، وهو ما يعني أنّ الحكومة العبريّة، لا تُقيم وزناً لتهديدات السلطة.
س: كیف ستكون ردود أفعال الفصائل الفلسطینیة؟
المشهد هُنا بالنسبة إلينا مُشوّش، فحتى الفصائل الفلسطينيّة المُقاومة، تنتظر التنفيذ للضّم، إلا أنها تعتبره بمثابة "إعلان حرب"، لا بُد من تفعيل سلاح المُقاومة هُنا، وإطلاق الصواريخ على تل أبيب والمستوطنات، والابتعاد عن الدبلوماسيّة المعهودة.
فإسرائيل لا تفهم إلا لغة القوّة، وشاهدنا ما فعله به "حزب الله" في لبنان، حين أجبرها غلى الانسحاب، وبدون شروط مُسبقة، بقيادة السيّد حسن نصر الله.
س: قد أعلن سماحة قائد الثورة الاسلامية في إیران بأن السلطة الفلسطینیة تؤدي دورا بارزا في تحریر فلسطین هل هناك رؤية جدیدة لدی ایران تجاه السلطة الفلسطینیة؟
شخصيّاً، لا أعوّل كثيرًا على الشّخوص الحاليّة التي تقود حالة الانبطاح في السلطة الفلسطينيّة، لكن حديث قائد الثورة الإسلاميّة السيّد علي خامنئي عن دورٍ لها في تحرير فلسطين، أعتقد أنه سيكون في مرحلة ما بعد الضّم وتنفيذه فعليّاً على الأرض، وتحلّل هذه السلطة أو بعض الوجوه الجديدة فيها، من التعقّل والاتفاقيّات، ولكن هذه المرّة، بدعم من محور المُقاومة، وتحويل الضفّة إلى غزّة جديدة، تحمل السّلاح في وجه المُحتل حتى التحرير، وعودة فلسطين كاملةً، من النّهر إلى البحَر.