عام 2014، وبعد سيطرة تنظيم "داعش" على مساحات واسعة من العراق، أعلن المرجع الديني السيد علي السيستاني فتوى "الجهاد الكفائي"، فشكلت على إثرها هيئة "الحشد الشعبي"، التي أسست لمرحلة جديدة بمواجهة التنظيم ودحره التي تجددت اليوم.
الحشد، وفي مرحلة حساسة سياسياً وأمنياً، أطلق بكافة ألويته إلى جبهات القتال لهدف واحد، هو تحرير البلاد من الإرهاب.
على مدى السنوات الست الماضية، سجل الحشد إنجازات عديدة ليس آخرها تحرير المحافظات من احتلال "داعش" مع الإشارة إلى عمليات "قادمون يا نينوى" الواسعة التي كان للحشد دور بارز فيها ضمن القوات المسلحة العراقية.
بعد عامين على تأسيسه، انضم الحشد رسمياً إلى القوات المسلحة بأمر ديواني، لينضوي تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة مع تشكيل هيكلية منفصلة تراعي الجوانب الإدارية والمالية.
ورغم مواجهة الحشد الشعبي العديد من محاولات التشويه والعرقلة نجح في إفشال مخطط تفكيك العراق الذي رسم ضمن مخطط واسع لزعزعة المنطقة كاملة.
رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق فالح الفياض أكد للميادين أن "ميزة الحشد أنه تكامل مع جميع القطعات والتشكيلات العسكرية في العراق وقاتل معها كتفاً بكتف".
وقال الفياض للميادين، إن "الحشد الشعبي مؤسسة عسكرية عراقية تمثل أحد الأذرع الهامة في منظومة الدفاع الوطني، وليس كيان سياسي يتعاطى مع المتغيرات السياسية".
ولفت إلى أن "الحشد منسجم مع منظومة الدولة العراقية بالكامل، وله خصوصية الانطلاق بمواجهة الإرهاب وخصوصية جانب البناء الفكري وميزة التضحية التي وسمت هذه القوات أعطتها قوة وخبرة كبيرة في المعارك لمواجهة نمط جديد من الحروب، هو نمط الحرب ضد الإرهاب والجيوش الإيديولوجية التي غزت العراق وحاولت أن تغير حالته السياسية والاجتماعية والثقافية".
وأضاف الفياض أن "الحشد الشعبي يخضع لاستراتيجية المعركة التي تديرها القوات المسلحة العراقية ضد الإرهاب، وليس للحشد أي مهام خارج العراق، وإنما المهام التي يتكلف بها من قبل منظومة الأوامر الصادرة للدفاع عن وحدة العراق وسيادته".
ونوّه إلى أن للحشد أيضاً دوره الاجتماعي في اسناد الوزارات أوقات الأزمات مثل وزارة الصحة وإدارة الموارد المائية خلال الفيضانات، مشدداً على أنه "منظومة مرتبطة بالقوات المسلحة العراقية، وهو ذراع أساسي من أذرع العراق في الدفاع عن أمنه وسيادته".
رئيس هيئة الحشد الشعبي أوضح أن "الأخير تأطّر في قانون سنه البرلمان العراقي، لذا هو ليس مادة للرغبات والضغوطات، وكل الحكومات العراقية المتعاقبة، وآخرها حكومة مصطفى الكاظمي، هي متبنية للحشد وداعمة له"، مشيراً إلى أن "الكلام عن زيادة انضباط وتكامل كافة القطاعات العراقية بما فيها الحشد الشعبي هو ليس كلام عن أصل الوجود، بل كلام عن تفاصيل هذا الوجود وآلياته".
وكشف الفياض للميادين، أن "هناك من يحاول أن يشكك بهذا الكيان، لكن المرجعية الدينية العليا والبرلمان العراقي والحكومة كلها متفقة على احترام الحشد الشعبي والسعي لتكامله وانضباطه ضمن منظمة الدولة بالكامل، فهو يمثل إرادة عراقية".
وشدّد على أن "مشروع الاستقطاب في المنطقة كبير، طرف يتمنى العراق بشكل وطرف ثان يتمناه بشكل آخر، فيحاول أن ينمي هذه القوة أو يضعفها، لكن الشعب العراقي يملك إرداته السياسة الكاملة"، معتبراً أن "الأمر ليس خاضعاً للأمزجة أو تمنيات الأطراف الخارجية، ولا يمكن الكلام للخضوع للمطالب الأميركية أو أي جانب آخر".
وأشار الفياض إلى أن "الحشد الشعبي قدم تضحيات كبيرة وقادة أساسيين من أجل الدفاع عن العراق وسيادته ولكي لا يكون طرفاً في أجندات لا تخص العراق ومصالحه"، مشدداً على أن "الأطراف مخطئة عندما تعتقد أنه يمكن إزالة مكون أساسي من مكونات القوة العراقية لتحقيق هذه الأجندة".
وتابع: "أي جهة سواء أميركا أو غيرها تريد السيطرة على العراق تسعى أن تضعف هذا الكيان".
وتطرق الفياض إلى موضوع "ألوية العتبات المقدسة" ضمن الحشد الشعبي، واعتبر أن "ما موجود من مشاكل وطروحات ضمن الحشد هي طبيعية في مؤسسة فتية تسعى لأن تتكامل وأن تكون كاملة الأهلية من الناحية القانونية"، موضحاً أن "ألوية العتبات المقدسة هي أشد الناس حرصاً على وحدة الحشد الشعبي، ووضعت لها آلية خاصة بالارتباط بسبب بعض الاعتراضات على آلية العمل، والصيغة الإدارية المؤقتة ترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة بلجنة خاصة، ولكن كل وجودهم الاداري والمالي ضمن الحشد الشعبي".
وشدد الفياض للميادين، على أن "الشهيد أبو مهدي المهندس خدم العراق في كل مراحل عمله السياسي والميداني"، لافتاً إلى أن "ما قدمه الشهيد أبو مهدي المهندس من انجازات كبيرة تدفع الجميع لاكمال الطريق".
عودة الاحتجاجات إلى الشارع العراقي مطالب محقة وعفوية أم مفتعلة بخلفيات سياسية؟
رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق فالح الفياض، أكد للميادين أن "قرار البرلمان العراقي بسحب القوات الأميركية مرتبط بشكل أساسي بعملية اغتيال الشهيد المهندس".
وقال الفياض إن "الحكومة العراقية متبنية لقرار البرلمان بسحب القوات الأميركية وبدأت بالحوار مع واشنطن لتحقيقه"، مشيراً إلى أن "الحكومة العراقية منسجمة مع قرار البرلمان ورغبة الشعب العراقي بخروج القوات الأجنبية من البلاد".
ولفت إلى أن العراق كسر ظهر داعش وانتهى منظومة "دولة الخلافة" وما بقي عبارة عن مجاميع هنا أو هناك، مؤكداً أن "الإمكانية الواقعية لعودة داعش ككيان موثر في العراق قد انتهت".
وأضاف الفياض أن "هناك من يستثمر موجات الاحتجاجات المحقة من أجل العبث والتشويش في البلاد"، معتبراً أن "حكومة الكاظمي هي ليست انقلاباً على الواقع السابق إنما جاءت بدعم البرلمان".
وقال إنه "يجب ألا نخاف من الاحتجاجات السلمية إنما يجب الحذر من المندسين الذين يستغلونها لأجندات معينة"، معلناً أنه "مع التغيير الإيجابي والإصلاح الحقيقي لكن المرفوض هو العنف أثناء التظاهرات".
وصرح رئيس هيئة "الحشد الشعبي" أن "عوامل الوحدة الوطنية متصاعدة في العراق ولا يمكن إثارة النعرات الطائفية مرة أخرى"، منوهاً إلى أن "الصراع الدائر في الإقليم ينعكس على العراق وأمنه القومي".
وأشار إلى أن "العراق تجاوز محنه الداخلية المتعلقة بهويته السياسية"، مشدداً على أنه "يجب إعطاء فرصة للحكومة الحالية في ظل جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية".
وأكد الفياض أن "أي انتخابات قادمة لن تتجاوز الدستور ومحاولات تخويف العراقيين من المستقبل لا يخدم البلاد"، معتبراً أنه "ليس أمام العراق إلا أن يكون بلداً مستقلاً وليس تابعاً لكي يقوم بدوره ومسؤولياته في المنطقة".
وبخصوص موقف بلاده من الدول الجوار، قال رئيس هيئة الحشد الشعبي، إن "العراق يتعامل مع كل جيرانه وخصوصاًً سوريا التي نشترك معها في محاربة الإرهاب"، مشيراً إلى أن "الروابط السورية العراقية تاريخية وجغرافية وعشائرية ودمشق البلد الأهم بالنسبة لبغداد".
ولفت إلى أن "العراق بلد مهم في المنظومة العربية ويمكن أن يلعب دور الجسر بين الجميع، لردم الهوة بين دول المنطقة"، منوهاً إلى أن "مفهوم النأي بالنفس هو مفهوم سلبي وبغداد تأخذ المواقف التي تناسب مصالحها".
وشدد الفياض على أن "العلاقة بين بغداد وطهران تمر بأفضل ظروفها"، معتبراً أن زيارة الكاطمي ولقاءاته مع قائد الثورة والرئيس روحاني تدل على عمق العلاقات والمصالح المشتركة".
كما أكد موقف بغداد ثابت باحترام سيادة لبنان، لافتاَ إلى أن "ما حدث في مزارع شبعا اللبنانية عكس إرباك الاحتلال الإسرائيلي وقلقه".
وأشار الفياض إلى أن "إسرائيل" تواصل اعتداءاتها على العديد من الدول العربية، معتبراً أن ما حدث في مزارع شبعا هو أمر مفتعل من قبل "إسرائيل" والهدف منه هو استدراج الطرف الآخر.