يرى الكاتب والمحلل السياسي "حسين محمد الديراني" ان ما يجري من احداث متتالية في لبنان مدبرة من ألفها الى يائها من قبل العدو الصهيوني.

وكالة مهر للأنباء-عبدالله مغامسهز عصر الأمس إنفجار ضخم العاصمة اللبنانية "بيروت" كان أشبه ما يكون بقنبلتي هوريشيما ونكازاكي، خلّف إلى اليوم مايقارب 100 ضحية، وتناقلت القنوات والصحف التلفزيونية ذلك الخبر، إذ تصدر عنوان " إنفجار بيروت" جميع الصحف العربية والعالمية كما أنه تم إضاءة علم لبنان في كثير من الدول العربية والاوروبية والافريقية والاسيوية ووقوف الجاليات العربية في بلدان العالم وقفة تضامنية امام السفارات اللبنانية في جميع بلدان العالم كنوع من التضامن مع الشعب البناني في هذا الحادث المؤلم.

ولم تقتصر اضرار هذا الانفجار على المرفأ فحسب بل طالت اضراره كل احياء العاصمة وصولا الى ضواحي بيروت، حيث تساقطت المباني الواحدة تلو الاخرى وصولا الى مطار بيروت الدولي، واسمع دوي الانفجار لبنان بالكامل.

وفي هذا الصدد أجرت وكالة مهر للأنباء حواراً مع الكاتب والمحلل السياسي "حسين محمد الديراني". وأتى نص الحوار على الشكل التالي:

س: في الفترة الاخیرة كما سمعنا عن الضغوط التي مارستها الحكومة الامريكية والفرنسية على الحكومة اللبنانية ادت الى استقالة وزير الخارجية اللبناني من منصبه، ورأينا ايضاً حدوث اختراقات جویة وبحریة للسیادة اللبنانیة من الجانب الصهیونی، هل من الممکن ان یکون الکیان الصهیونی له ید فی هذا الانفجار؟ 

الانفجار المهول الذي هز العاصمة بيروت يوم امس, والذي وصف بأنه يأتي بالدرجة الثانية بعد تدمير مدينة هيروشيما اليابانية بواسطة قنبلة نووية أمريكية، وهناك مصدر اردني قدر الانفجار التي وقع في بيروت بانه يساوي هزة أرضية بدرجة 4.5 على مقياس رختر.

انه انفجار حوّل لبنان الى بلد منكوب من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه، حول بيروت الى هيروشيما جديدة، تناثرت جثث الضحايا في الهواء، وسقط العشرات بل المئات من الشهداء والالاف من الجرحى، والاضرار المادية التي قدرت بشكل سريع بحوالي 20 مليار دولار، وجمع اللبنانيين بكافة طوائفهم يلملمون جراحات بعضهم البعض، وهب شباب المقاومة الذين دافعوا عن لبنان للتبرع بدمائهم للمصابين من كل الطوائف.

هذا الانفجار العظيم بقراءتي لما يجري من احداث متتالية في منطقة الشرق الأوسط وخصوصا لبنان وسوريا المجاوران للحدود الفلسطينية المحتلة لم يكن حادثا عرضيا، او خطأ فنيا كما ذُكر في بداية نشر الخبر على انه جرى بسبب تماس كهربائي أدى الى انفجارات متتالية وصولا الى الانفجار المرعب في العنبر رقم 12 الذي يحتوي على مادة شديدة الانفجار "نترات الامونيوم" في مخازن مرفأ بيروت الدولي. ان هذا إنفجار مدبر من ألفه الى يائه من قبل العدو الصهيوني مستخدما عملائه واذرعه وجواسيسه في لبنان من الفاسدين والمفسدين السياسيين والعملاء على الأرض. 

نعم الإدارة الامريكية والفرنسية مارسوا الضغوطات على الحكومة اللبنانية نيابة عن الكيان الصهيوني لاسقاط الحكومة اللبنانية برئاسة الدكتور "حسان دياب" الذي يتمتع بروح وطنية سيادية عالية، فهذه الحكومة هي التي رفضت ان تتناغم مع المشروع الأمريكي في فرض القبول بصفقة القرن التي تهدف الى تصفية القضية الفلسطينية، وتأمين سلامة الكيان الصهيوني بفرض التطبيع السياسي والأمني والثقافي معه.

استقالة وزير الخارجية "ناصيف حتي" قوبلت بتعيين وزير خارجية جديد في اليوم الثاني من الاستقالة، مما شكل صدمة للإدارة الامريكية، وفشل مشروعها في اسقاط حكومة الدكتور "حسان دياب"، ولم تنجح كما نجحت في العراق واسقطت حكومة الدكتور السيد "عادل عبد المهدي" الذي أراد للعراق التمتع بنوع من الاستقلالية والسيادة الوطنية، لذلك باعتقادي ان للعدو الصهيوني اليد العليا في تنفيذ هذا الانفجار المخيف الكبير وإن كان التنفيذ بايادي لبنانية على الأرض، او عبر طائرات مسيرة كما ذكر بعض شهود عيان، والتحقيقات الميدانية قد تؤدي الى كشف بعض الحقائق الخفية.  

س: في تصریحات للرئیس الامریکی دونالد ترامب یقول فیها بأن انفجار مرفأ بیروت یبدو هجوما مروعا، وهناک بعض الجنرالات یرجحون وقوع هجوم أو انفجار قنبلة من نوع ما فی مرفأ بیروت وهناک قراءات عسکریة اخری تقول بان مستودع نترات الامونیوم لا ینفجر لوحده بل یحتاج الی خلیط مع مواد أخری، برأیکم هل هذا اعتراف بان الحادث کان متعمدا، وان هناک جهة رسمیة وراء هذه الکارثة؟ 

الرئيس الامريكي "دونالد ترامب" يعاني من امراض نفسية تظهر عليه من خلال تصريحاته الصبيانية والعشوائية، والاعلام الأمريكي بات يسخر من تصريحاته وبياناته المثيرة للسخرية والضحك، وأصبحت تدار حلقات تلفزيونية في أمريكا حول تصريحاته التي أصبحت تستخدم للضحك والترفيه والاستهزاء، تصريحه هذا يستبق التحقيقات الميدانية، او قد يكون ضمن ترويج لرواية معدة سلفا، واتهامات مدبرة مسبقة كما حدث عند اغتيال الرئيس رفيق الحريري وابعاد التهمة عن الفاعل الحقيقي وهو الكيان الصهيوني وحمايته من كل اتهام وابعاده عن دائرة المشتبهين، ولكن في حالة هذا الانفجار المهول هذا ليس لديه الأقنعة الكافية لقلب الحقائق وتغطية الجناة وحماية المدبرين، توقيت الحادث يجعلنا نعتقد ان الكارثة متعمدة وبفعل فاعل، وهناك جهات رسمية سياسية متورطة في مساعدة الكيان الصهيوني في هذا العدوان، ولن استبق التحقيقات التي سوف تكشف عن المتورطين ومحاكمتهم. 

س: ان ما جری فی مرفأ بيروت کارثة انسانية، هل برأيکم ان الحکومة الحالیة والطبقة السیاسیة یتحملون مسؤولیة هذا الانفجار باعتبار ان هذا النظام لا یبالی بحیاه اللبنانیین؟ هناك آراء أخرى تقول ان السلطات اللبنانية عام 2014 قامت بالقبض على سفينة كانت محملة بمئات الاطنان بمواد شديدة الانفجار والتي كان هدفها تدمير سوريا عبر الخلايا الارهابية وقامت السلطات اللبنانية بوضعها بمستودع في مرفأ بيروت الدولي في ذلك الوقت، اذن السلطات اللبنانية التي قبضت عليها تعرف مكان تخزينها وتعرف حجم الدمار التي يمكن ان تسببها هذه المواد؟ 

نعم ما حدث في مرفأ بيروت كارثة إنسانية كبيرة على الصعيد السياسي والأمني والاجتماعي والمعيشي. ولبنان كان يعيش مرحلة حرجة جراء انتشار جائحة كورونا والحصار الاقتصادي والاعتداءات الصهيونية المتكرر على الأراضي اللبنانية وخرق اجوائها، ومنع لبنان من التوجه شرقا للحصول على مساعدات لتأمين احتياجات المواطنين من تأمين الكهرباء والدواء والغذاء.

الحكومة اللبنانية الجديدة تسعى لذلك ولكنها تصطدم بجدار الفيتو والرفض والحصار الأمريكي، وقد تتحمل جزء بسيط من ما حدث في الانفجار لان مسببات الانفجار كانت موجودة منذ عام 2014 بزمن حكومة "نجيب ميقاتي" ثم حكومة "سعد الحريري" هذه السفينة التي تتحدث عنها والتي صودرت عام 2014 وكانت تنقل أسلحة الى سوريا واسمها " فتح الله " تختلف كليا عن السفينة التي كانت محملة ب 2750 طنا من نترات الامونيوم شديدة الانفجار، وهنا لب الموضوع الذي سوف اتحدث عن تفاصيله.

هذه السفينة التي كانت تحمل المواد المتفجرة كانت قادمة من جورجيا ومتوجهة الى موزنبيق، واثناء مرورها في بحر الشرق الأوسط تعرضت الى عطل فني فيها فتوجهت الى ميناء بيروت ورست هناك، وتم احتجازها واحتجاز طاقمها، وبقيت في مرفأ بيروت مع طاقمها بعد ان تم منعهم من النزول او المغادرة، وبعد رفعهم دعوى لاخلاء سبيلهم لدى شركة المحاماة اللبنانية " بارودي وشركاه " طلب مكتب المحاماة من قاضي الأمور المستعجلة في بيروت اخلاء سبيل طاقم السفينة فامر القاضي "نديم زوين" باخلاء سبيلهم، وبقيت السفينة راسية منذ عام2014 مع فرار مالكها ولم يطالب بها، ثم تم افراغ حمولتها في المستودع رقم 12 الذي انفجر يوم امس. 

وقبل عام قدّم امن الدولة تقريرا للرئيس "سعد الحريري" ووزير داخليته "ريا الحسن" عن خطورة المواد ولم يحرك ساكنا.  

وبرأيي ان قضية السفينة منذ انطلاقها من جورجيا الى موزنبيق وادعاء الأعطال في عرض البحر لترسو في بيروت، ثم فرار صاحب الشحنة المدمرة وعدم المطالبة فيها، ثم نقل حمولتها وتخزينها في المستودع رقم 12 ليست صدف على الاطلاق، لكنه عمل استخباراتي إسرائيلي بامتياز لوضع قنبلة نووية صغيرة في مرفأ بيروت وتخزينها لاستخدامها بالوقت المناسب، وقد جاء الوقت المناسب بعد ان عاش الكيان الصهيوني هاجس رد المقاومة الحتمي على استشهاد الشهيد " علي كامل محسن " اثر عدوان صهيوني على سوريا، ورفض المقاومة لاي اعتذار او تهديد مما ادعى الى استنفار كبير داخل الكيان الصهيوني واجهزته العسكرية والأمنية لعدة أسابيع، كما ان استهداف المرفأ يشكل تدميرا للعصب الاقتصادي والحيوي للشعب اللبناني الذي يعتمد على المرفأ بنسبة 80 بالمئة من استيراده وتصديره، وكان الكيان الصهيوني يهدد منذ أسابيع انه سيستهدف المنشئات الحيوية فيما لو أقدمت المقاومة على الانتقام لمقتل الشهيد "محسن". 

واستطيع القول ان الكيان الصهيوني قام بعملية عدوانية استباقية هجومية على لبنان دون تحمل المسؤولية لتحقيق أهدافه الكبرى والاستراتيجية في منع او ثني المقاومة عن الرد الحتمي، وتدمير العصب الحيوي اللبناني ولصرف النظر عن مواجهة الكيان الصهيوني في الوقت الحالي مستخدما قواته الاستخباراتية والعسكرية والأمنية. 

ومن اثار هذه الكارثة تم تأجيل كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لاجل غير مسمى بسبب الكارثة والفاجعة اللبنانية الكبرى، والتي كان ينتظرها الملايين من الانصار والمؤيدين لنهج المقاومة. 

واستخلص بهذه الاية الكريمة " بسم الله الرحمن الرحيم " 

"وإذ يمكر بك الذين كفروا ليُثبتوك او يقتلوك او يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين". 

/انتهى/