يرى الكاتب والمحلل السياسي اللبناني "حسين محمد الديراني" ان بيروت ستبقى عصيةً على الهيمنة الصهيونية مادامت يد المقاومة قوية ومتينة، وستبقى المقاومة هي الحامي والنّصير لبيروت المنكوبة الحزينة وستعيدها كما كانت عروسة الشرق عفيفةً مصونةً مقاومةً.

افادت وكالة مهر للأنباء-عبدالله مغامس: بتاريخ 4 اب 2020 كانت بيروت على موعد مع كارثة تاريخية رهيبة، وعصف بها ذلك الانفجار المهول المدمر الذي أذهل العالم من هول منظره الجهنّمي القاتل، مناظر ذكرتنا بتدمير مدينتي هيروشيما ونكازاكي اليابانيتين بواسطة قنابل نووية ألقتها القوات الامريكية في أواخر الحرب العالمية الثانية عام 1945 وفي السادس من شهر اب تحديدا، ليكون شهر اب شهر الاحزان والموت والدمار.

فالمسؤولة عن تدمير المدينتين اليابانيتين كانت واضحة حيث أعلنت عن مسؤوليتها الاجرامية مفتخرة بذلك باعتبار هذا العمل الاجرامي نصراً قد حقّقته على الإمبراطورية اليابانية.

ويرأى الكاتب والمحلل السياسي اللبناني "حسين محمد الديراني" ان الولايات المتحدة الامريكية بنت كيانها على جماجم الملايين من المواطنيين الأمريكيين الأصليين، وتعتبر نفسها سيدة على العالم بفرض هيمنتها العسكرية والاقتصادية والثقافية، ومن يخرج عن طوعها وسيطرتها تشن عليه عدوان ارهابي مدمر، بينما المسؤول عن تفجير مرفأ بيروت ما زال يترقّب لمن يكشف عن وجهه القبيح، وليس بعيدا عن دائرة "الويلات المتحدة الامريكية" ومن يدور في فلكها، وسوف ينال العقاب الأليم. 

واضاف الكاتب انه بعد الانفجار المهول في مرفأ بيروت بساعات قليلة بل بدقائق معدودة، وقبل الشروع في إغاثة المصابين الجرحى الذي بلغ عددهم الآلاف، والشهداء الذي بلغ عددهم الى الان 180 شهيدا، والمفقودين بالعشرات، وقبل إغاثة وإيواء المشردين الذين فاق عددهم عشرات الالاف، خرجت علينا الشاشات الصفراء والحمراء والسوداء المشتركة التي تعمل بإشراف وتمويل الإدارة الامريكية والكيان الصهيوني والدول الخليجية التي تتزعّمهم السعودية لالقاء اللّوم والتهمة والمسؤولية على المقاومة الاسلامية اللبنانية "حزب الله"، قبل انجلاء الغبار عن عاصمة المقاومة المنكوبة "بيروت"، وكأن هذه القنوات الفضائية كانت على علم بموعد الكارثة، واعدّت تقاريرها الكاذبة المزيفة السخيفة مسبقا.

وكان اللبنانيون الشرفاء في ذلك اليوم على موعد مع كلمة لسماحة الأمين العام لحزب الله السيد "حسن نصر الله" للحديث عن حرب تموز عام 2006 والانتصارات التي انجزتها المقاومة، وعن التهديدات الامريكية-الصهيونية المتواصلة على جنوب لبنان، وعن اخر مجريات الاحداث في المنطقة، والحصار المفروض على لبنان وسوريا، لكنه اجّل كلمته احتراما لارواح الشهداء، ليطل علينا بعد يومين من الكارثة باديا على محياه علامات الحزن والالم، وكظم الغيظ.  

نفى السيد حسن نصرالله تفياً قاطعاً وجود اي تخزين للسلاح في مرفأ بيروت بل واكد حزب الله ان معرفته ومعلوماته عن مرفأ حيفا وما يحتويه اكثر بكثير من معلوماته عن مرفأ بيروت لانه من اختصاص المقاومة. وقال المحلل السياسي بان السيد "حسن نصرالله" بدأ كلمته معزيا عوائل الشهداء من اللبنانيين والسوريين وكافة الجنسيات الذين سقطوا جراء هذا الانفجار الرهيب من كل أطياف وطوائف ومذاهب الشعب اللبناني وجنسيات اخرى، وموعزا لرجال المقاومة على بذل جهودهم لإنقاذ المصابين وتقديم كافة العون والمساعدات لهم، وإيجاد مأوى للمشردين بسرعة فائقة، وكان فصل الخطاب في كلمته هو نفيه نفياً قاطعاً، وهو الصادق الامين عن وجود أي تخزين للسلاح في مرفأ بيروت، وان حزب الله لا يهيمن ولا يسيطر وليس له أي نفوذ اداري او امني على المرفأ، ولا يعلم كيف يدار المرفأ لان ذلك من اختصاص الدولة اللبنانية وشأنها الإداري، بل اكد على انه يعرف ما في مرفأ حيفا وما يحتويه لانه إختصاص المقاومة للاقتصاص من الكيان الصهيوني في حال شنّه أي عدوان على لبنان.

وإستنكر الحزب ما قامت به بعض وسائل الاعلام اللبنانية والخليجية من سرعة الاعداد لاتهام "حزب الله" بالتفجير دون وجود ايّة حجة او دليل، مستندين على تأثير مفعول مقولة "إكذب إكذب ثم إكذب، حتى يصدقك الناس"، وهذه من أساليب الحرب الناعمة التي تترك اثارها السلبية في الشارع والمجتمع، ويمكن ان تجيش الشارع بواسطة الأكاذيب والافتراءات الحاضرة والمعلّبة في صندوق اعدّه لهم الكيان الصهيوني ببراعته في صنع المؤامرات لقتل الشعوب وتدميرها.

 
وافاد "الديراني" ان الانفجار المدمّر لبيروت ما زال قيد التحقيق من قبل السلطات الأمنية اللبنانية الموثوقة لمعرفة حقيقة اسباب هذه الكارثة، ومن يتحمل مسؤوليته؟ وهل حصل الانفجار جراء تقصير بسبب الإهمال والفساد الإداري والسياسي اللبناني؟ ام هو عدوان خارجي؟

لن نستبق التحقيقات، لكن نميل كل الميل الى تحليل ان هذا الانفجار تقع مسؤوليته على الكيان الصهيوني بشكل مباشر عبر اطلاقه صواريخ ذكية، او غير مباشر عبر اذرعه الطويلة في لبنان المستعدّين لتقديم كل ما يشتهيه هذا الكيان الصهيوني على طبق من ذهب ولو كان على حساب السيادة والكرامة المفقودة عند بعض اللبنانيين، نميل الى هذه الفرضية لاسباب منطقية، وادلة ميدانية، وقرائن عديدة منها : 

- توتر واستنفار الجيش الصهيوني ووقوفه على " اجر ونص" على الحدود مع لبنان بإنتظار رد المقاومة الحتمي لاكثر من شهر قبل وقوع الانفجار الذي أدى الى إستراحته ولو لفترة وجيزة. 

- الاعتداءات الصهيونية المباشرة وغير المباشرة، وغير العلنية على قوات الحشد الشعبي العراقي، وعلى منشئات حيوية اقتصادية وعسكرية إيرانية كان اخرها تفجير منشأة نطنز النووية الإيرانية عبر احد عملائه على الأرض، وعدوانه العلني المتكرر على سوريا. 

- من الأدلة الميدانية تخزين مادة "نترات الامونيوم" المصادرة من سفينة "روسوس" في العنبر رقم 12 بعلم ومعرفة رئيس فرع المعلومات التابع للرئيس "سعد الحريري"، ومدير المرفأ "حسن قريطم" التابع لتيار المستقبل، والتي كانت تقدر ب 2750 طناً من "نترات الامونيوم" الخطيرة، والتقارير التي تحدّثت عن تهريب كمية كبيرة منها الى سوريا لصالح الجماعات الإرهابية المسلحة في سوريا. 
ولو اعدنا مشاهدة التفجيرات الضخمة التي كانت تنشرها الجماعات الإرهابية في سوريا والتي تشبه تفجير بيروت لكن بحجم اصغر، وعلى قدر ما تصل اليه اياديهم الإرهابية، وهنا يجب إعادة مشاهدة تفجير مستشفى الكندي في حلب، وتفجير الشاحنات والسيارات المفخّخة الانتحارية التي كانت تحتوي على مادة "نترات الامونيوم" المهرّبة من لبنان. 

- ما قاله الخبير الروسي "فيكتور موراخوفسكي" عن الانفجار "ان كمية 2750 طنا كانت كفيلة في تدمير بيروت بشكل كامل وقتل اكثر من مليون نسمة"، فالكميّة الكبرى كانت قد سرقت وتم تهريبها، هنا نستنتج ان العدو الصهيوني كان يستهدف قيادة المقاومة المتمثّلة بالسيد "حسن نصر الله" حتى لو أدى ذلك الى تدمير بيروت ولبنان بالكامل. 

تقوم الدول الغربية بتقديم مساعدات مشروطة بالتغييرالسياسي في لبنان، كما اسرعت ام الخبائث "امريكا" لتقديم المساعدات وفرض شروطها المصدّق عليها من قبل الكيان الصهيوني مسبقاً.يرى الكاتب والمحلل السياسي انه بعد حصول الكارثة تقدّمت دول عديدة لتقديم المساعدات للشعب اللبناني، وكانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية من أوائل الدول التي أرسلت مساعدات انسانية فورية عاجلة، ثم قامت العراق وسوريا دون شروط مسبقة بتقديم مساعدات للبنان، ثم اسرعت دول أوروبية لتقديم  المساعدات المشروطة بالتغيير السياسي في لبنان، كما اسرعت "ام الخبائث، أمريكا" لتقديم المساعدات وفرض شروطها المُوقّع عليها من قبل الكيان الصهيوني مسبقاً، وهي التي كانت قد فرضت حصاراً اقتصادياً خانقاً على الشعب اللبناني، وظهرت مجموعات لبنانية رخيصة ترقص وتهلّل خلف الرئيس الفرنسي "ماكرون" والمبعوث الأمريكي "ديفيد هيل" مهندس العدوان على سوريا والعراق واليمن ولبنان وفلسطين، وتدعو من خلال إشاعة الفوضى والاعتداء على القوات الأمنية اللبنانية الى اسقاط الحكومة اللبنانية سعياً لاعادة "الصبي المدلّل" للإدارة الامريكية "سعد الحريري". 

وان ما تقوم به تلك المجموعات اللبنانية الفاقدة لروح الوطنية، والتي ترقص على أرواح الشهداء ودماء الجرحى، واعتداءات على كرامة ورموز المقاومة ما هو الا لاستفزاز جمهور المقاومة للقيام بالتصدي لهم وزعزعة الامن في لبنان، لكن هذا جمهور المقاومة الواعي صاحب البصيرة ملتزم بقيادة المقاومة بعدم الرد على استفزازات الشارع لعدم اعطائهم فرصة اشغال البلد بحرب أهلية تحرق الأخضر واليابس وتريح العدو الصهيوني. 

ستبقى المقاومة التي حمت بيروت وحررتها عندما دنّسها واحتلّها العدو الصهيوني، والتي اهدت انتصاراتها عام 2000 وعام 2006 لكل المسلمين والعرب، وكما دفعت بخيرة شبابها دفاعا عن حدود لبنان امام زحف الإرهابيين لاستباحة الأراضي اللبنانية، واستشهد المئات من صفوة ونخبة المقاومة في الدفاع عن المقدّسات والمساجد والكنائس في سوريا، وستبقى المقاومة هي الحامي والنّصير لبيروت المنكوبة الحزينة وستعيدها كما كانت عروسة الشرق عفيفةً مصونةً مقاومةً، لا تنجسها الصهيونية بانجاسها، ولا تلبسها من مدلهمّات ثيابه، ولا تغرقها في بحر مؤامراتها، بيروت ستبقى عصيّةً على الهيمنة عليها من قبل الصهيونية العالمية تحت أي ذريعة من الذرائع ما دامت يد المقاومة قوية ومتينة، وهي هكذا وستبقى الى الابد. 

بيروت والمقاومة لكما منا كل التحية والسلام. 

/انتهى/

سمات