على امتداد طريق المطار رفرفت على الجانبين الاعلام العراقية والفرنسية، وهو ترحيب يعد، قياسا بوضعنا، من الدرجة الفاخرة، فالرئيس الفرنسي الزائر ايمانويل ماكرون هو الاوروبي الاكثر حركة والشخصية التي اسرت قلوب العرب اثر تفجير مرفأ بيروت.

ظهور ماكرون في بغداد قادما من بيروت يعطي دلالة بالغة الجدية كون فرنسا ادخلت بغداد في دائرة اهتمامها وتسعى عبر سياسة حريرية  الى زج نفسها في المنطقة نيابة عن “الاوروبي” لتأمين الجبهة الشرقية للمتوسط. ماكرون الذي يبلغ راتبه قرابة 15 الف يورو يبدو منتشيا بنصره في لبنان وهو قادم الى بغداد ليقنع العراقيين بخطوات جريئة تجاه السلطنة التركية ويبحث ايضا مع الكرد “في بغداد” قضية حزب العمال، والخطوات الواجب اتخاذها في حالة توسع الاتراك في تدخلهم العسكري شمال العراق.

الفرنسيون يأملون تطوير التعاون العسكري والتدريبي بين البلدين. والعراق يتطلع بشغف الى ان يكون لفرنسا الدور الفاعل في تسليح الجيش والتدريب. كما ان فرنسا ستقدم ضمانات وافية بشأن توطيد العلاقات الاوروبية العراقية من خلال بناء جسور مع الدول الكبيرة في الغرب من القارة تمهيدا لاخراج العراق من عزلته.

اذا ما وقعت الحرب في المتوسط او اذا ما تصاعدت عمليات التضييق على الاتراك حماية لليونان وقبرص فان موقع العراق في المنطقة سيكون له الدور الاكبر في ادارة العمليتين وهذا يتطلب من بغداد ان تكون دقيقة في تقييمها للموقف وشديدة الحذر من الوعود. 

الفرنسيون سيجملون الامر وسيحاولون الا تكون عروضهم السرية محرجة للعراقيين وسوف يتصرفون على اساس الصداقة العريقة بين البلدين والحرص على الا يتدهور الصراع في المتوسط الى حد التورط بوضع تكون نتائجه وخيمة وبالتحديد في مسألة التوغل العسكري التركي في الاراضي العراقية. فرنسا النشيطة سوف تمضي قدما في سياسة اظهار القوة على المستويين الدبلوماسي والعسكري وهي مفوضة لفعل الكثير دفاعا عن اوروبا فما تخطط له تركيا لا يبدو انه سيتوقف او يعاد النظر به. وحتى في حال الجنوح للسلم فان الديك الرومي الضخم ستبقى عينه على غريمه صاحب الفزعة: الديك الفرنسي الرشيق.