وخرج المواطنون في فعاليات شعبية غاضبة أحرقت فيها صورا للحکام المتصهینین، ولافتات تندد باتفاقيات التطبيع الجديدة، وشهدت الفعاليات مشاركات واسعة من قادة الفصائل ومسؤولین رسميین، في إطار تلبية أولى الفعاليات التي دعت لها “القيادة الموحدة للمقاومة الشعبية”، رفضا لمخططات الاحتلال، واتفاقيات التطبيع العربية.
وحمل المشاركون سواء الذين خرجوا في الضفة أو في قطاع غزة، لافتات موحدة كتب عليها “التطبيع خيانة”، و “القدس ليست للبيع”، و “لم نفرط بفلسطين”، کما رفع المشاركون صورا لمسئولي الإمارات والبحرين وأخرى لرئيس الوزراء الصهیوني بنيامين نتنياهو، والرئيس الأمريكي دونالد ترمب، وعليها إشارة “x”.
وفي مدينة غزة، نظمت فصائل المقاومة الفلسطينية وقفة احتجاجية ضد اتفاقيات التطبيع أمام مقر المجلس التشريعي تحت عنوان “التطبيع خيانة” بمشاركة جمعية الوفاق البحرينية، وأكدت أن “اتفاق التطبيع مع العدو الإسرائيلي لن يجلب الأمن والاستقرار للعدو الإسرائيلي”، وشددت الفصائل في بيان لها تلي خلال الوقفة “من يظن أنه يستقوي بالإسرائيلي لحمايته فلينظر إلى التاريخ”، واعتبرت يوم توقيع الاتفاق (الثلاثاء) بأنه “يوم أسود على حكام الذل”،
وجاء في البيان “إن هذه لحظة الحقيقة وعلينا توجيه طاقاتنا إلى الاحتلال ونحن على موعد مع انتفاضة جديدة في الأراضي الفلسطينية”.
وأكد جمعية الوفاق البحرينية في كلمة مسجلة للقيادي فيها حسين الديهي، ألقيت خلال الفعالية على رفضها المطلق للتطبيع العربي، وقال “ما جرى فضح السلطات البحرينية والإماراتية وما كانت تخفيه منذ زمن كبير حول تطبيع العلاقات مع الاحتلال”.
وأوضح أن الشعب البحريني عبر عن تضامنه الكامل مع القضية الفلسطينية وعن إدانته الواسعة لهذا الأمر الخطير، مشددًا على أن شعب البحرين “لن يكسره القمع والخداع الإعلامي تجاه القضية المركزية للأمة الإسلامية والعربية، وستبقى فلسطين قضيته الأولى”.
وفي مدينة الخليل نظمت فعاليات ومؤسسات المدينة وقفة احتجاجية حاشدة ضد التطبيع، حمل خلالها المشاركون من نساء ورجال أعلام فلسطين، ورفعوا لافتات ضد التطبيع، وقال فهمي شاهين القيادي في حزب “فدا” “جئنا اليوم لنعلن رفضنا المطلق لكل عمليات التطبيع والهرولة مع دولة الاحتلال “، مؤكدا أن التطبيع يأتي على حساب الحقوق الفلسطينية.
وأصيب عشرات المواطنين، بحالات اختناق، جراء استنشاقهم الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الاحتلال في منطقة باب الزاوية وسط مدينة الخليل، حيث اندلعت هناك مواجهات شعبية.
وفي مدينة نابلس شمال الضفة، نظمت مسيرة أخرى، خرجت وسط المدينة، ونددت باتفاقيات التطبيع، وطالب المشاركون الدول العربية خاصة والعالمية بالوقوف الى جانب القضية الفلسطينية، وفي كلمة خلال المسيرة قال عضو لجنة التنسيق الفصائلي في المدينة محمد دويكات “أن القضية الفلسطينية تواجه خطر التطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي، في إطار التصفية للحقوق المشروعة، والالتفاف على الثوابت الوطنية، التي يؤكد الجميع على التمسك بها”، وأضاف “نحن نراهن على وعي الشعوب العربية المناوئة لسياسة التطبيع مع الاحتلال، وكل أحرار العالم الذين يقفون جنبا الى جنب مع الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية، التي لن نتنازل عنها”.
وفي مدينة جنين نظمت أيضا فعالية أخرى، وقال القيادي في حركة حماس وصفي قبها، خلال الفعالية “الخطوة الأولى لمواجهة انتهاكات الاحتلال وتهافت الأنظمة للتطبيع هو أن لا نألوا جهدا لطي صفحة الانقسام”.
كما خرجت مسيرة في مدينة طولكرم، بمشاركة فصائل العمل الوطني وفعاليات المدينة، رفضا للتطبيع الاماراتي البحريني، واحتشد المشاركون وسط ميدان الشهيد ثابت ثابت، وقال منسق الفصائل فيصل سلامة “نطالب الأنظمة العربية وعلى رأسها الإماراتية والبحرينية العدول والتراجع عن توقيع هذه الاتفاقيات المذلة، وأملنا كبير في الجماهير العربية برفض هذا التطبيع المهين والمذل”، وأضاف “بدون الحقوق الفلسطينية وفي حال التنكر لها، فلن يكون هناك سلام ولا استقرار في ظل هذا التعنت الإسرائيلي الأمريكي”.
وقد دعا جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح إلى “فعل شعبي مقاوم” يبدأ الثلاثاء، وذلك من أجل أن يعلم الاحتلال أن هناك “ثمن سياسي واقتصادي لاحتلاله”.
وترافقت الفعاليات التي نظمت في الضفة وغزة، مع أخرى أقيمت في عدة مخيمات لللاجئين في الخارج، وأخرى أقامتها الجاليات الفلسطينية ومناصرين للقضية الفلسطينية، أمام مقرات السفارات الإماراتية والبحرينية في عدة عواصم أوروبية.
وقد أعلن رئيس اتحاد الجاليات الفلسطينية في أوروبا على القادي، أنه سيتم تسليم السفراء رسائل لولي عهد الإمارات وملك البحرين والمسؤولين في البلدين تؤكد أنهما انتهكا قرارات الجامعة العربية ومبادرة السلام العربية، لافتا إلى أن هناك تنسيق مستمر مع مختلف الجاليات العربية والإسلامية في أوروبا لتنظيم سلسلة فعاليات رافضة للتطبيع وللتأكيد على الحق الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة في الأيام القادمة.
يشار إلى أن القيادة الموحدة للمقاومة الشعبية، التي شكلت قبل أيام، دعت في بيانها التأسيسي إلى تفعيل المقاومة الشعبية تحت راية علم فلسطين، وقررت الدعوة لأن تكون أولى الفعاليات هي يوم توقيع اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، كتعبير عن حالة الغضب الشعبي العارمة، ودعت لأن ترفع فيه راية فلسطين في المدن والمخيمات الفلسطينية كافة والساحات في الخارج، للتأكيد على رفض رفع علم دولة الاحتلال على سارية أبو ظبي والمنامة.
كما دعت القيادة الموحدة للمقاومة الشعبية لاعتبار يوم الجمعة القادم، “يوم حداد” تُرفع الأعلام السوداء، شجباً لاتفاق أمريكا – إسرائيل – الإمارات – البحرين، في كل الساحات والمباني والبيوت، على أن تقرع الكنائس أجراس الحداد، وتخصص خطبة الجمعة لـ “رثاء أنظمة الردة والخيانة لقضية العرب والمسلمين المركزية”، على أن يرافق ذلك فعاليات تشمل كل نقاط التماس في الضفة العربية.
وطالبت القيادة الفلسطينية كلا من الإمارات والبحرين بالتراجع الفوري عن هذه الخطوة “لما تلحقه من ضرر كبير بالحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني والعمل العربي المشترك”، وجددت دعوتها للدول العربية بضرورة التمسك بالمبادرة العربية للسلام كما جاءت في العام 2002، كما دعت المجتمع الدولي للتمسك بالقانون الدولي وبقرارات الشرعية الدولية.
وكان رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية، وصف يوم التوقيع على الاتفاقية الإمارتية الإسرائيلية بـ “الأسود”، وقال “نشهد يوما أسود في تاريخ الأمة العربية وهزيمة لمؤسسة الجامعة العربية، التي لم تعد جامعة بل مفرقة، وأصبحت رمزا للعجز العربي”، وأضاف “هذا اليوم سوف يضاف إلى رزنامة الألم الفلسطيني وسجل الانكسارات العربية”، وقال في وصفه لليوم أنه يشهد قتل مبادرة السلام العربية وموت التضامن العربي.
من جهته كان القيادي في حركة حماس، حسن يوسف قال إن البيان الأول للقيادة الموحدة للمقاومة الشعبية، يعد رسالة إلى الشعب والجماهير العربية والإسلامية بأننا منحازون إلى قضيتنا، وموحدون في الدفاع عنها، أضاف “شعبنا متوحد بخطواته وأهدافه ووحدته الوطنية، وهو تمثّل من خلال تشكيل القيادة الموحدة، بناء على توصيات اجتماع الأمناء العامين للفصائل”، وأكد أنه “لا خيار أمامنا، وإننا سنضرب كل من تسول له نفسه، تجاوز ثوابتنا، تحت أي ظرف من الظروف”.
إلى ذلك فقد تواصلت حملت التغريد في مواقع التواصل الاجتماعي على وسوم “#التطبيع_خيانة”، و “#لا_للتطبيع”، بمشاركة فاعلة بدأت منذ ليل الاثنين، وتضاعفت مع بداية يوم الثلاثاء، وقد دعت الدائرة الإعلامية لحركة فتح في قطاع غزة، للمشاركة الواسعة في تلك الحملة المستمرة، وقالت “غم ما تمر به قضيتنا أعدل قضية على الأرض، ورغم كل المؤامرات والصفقات المشبوهة، والساقطين في بئر التطبيع مع الكيان المجرم، وإن كانوا عربًا ومسلمين، إلا أننا
ومسلمين، إلا أننا قابضون على جمرة الحق لطالما لنا دبة قدم على الأرض، أو نفسٌ في الصدور”، وقالت إن هذه الحملة ستكون “التحاقا بالحملات العربية الشعبية الرافضة للتطبيع ودعما لمواقف كل حر شريف يرفض الخيانة”.
وفي مدينة غزة، اتحدت الإذاعات المحلية في موجة بث، تحت شعار “موحدون.. ضد التطبيع”، وقال داوود شهاب رئيس المكتب الإعلامي لحركة الجهاد الإسلامي خلالها “التطبيع لن يحقق لشعوب المطبعين سوى الخيبة، وما يجري حالياً حرب على عقيدة شعوب هذه المنطقة وهويتهم وهم يتحدثون على دين جديد”، مضيفاً “الاتفاق لن يُجني أي شيء لتلك الدول، بل ستُجني اسرائيل المليارات من وراء الاتفاق ،كونهم أمام سوق شهيته مفتوحة”.
وقالت الجبهة الديمقراطية إن يوم الغضب الفلسطيني يتوجب أن يشكل “يوماً للتحول في المجابهة الوطنية للاحتلال والاستيطان”، وأضافت في بيان أصدرته أن ذلك يتم من خلال “استراتيجية وطنية شاملة، بما في ذلك إلغاء اتفاق أوسلو وبروتوكول باريس الاقتصادي، وإعادة تجديد العلاقة مع دولة الاحتلال في الميدان، وفي المحافل الدولية باعتبارها دولة احتلال استعماري استيطاني عدواني دموي، مارق، متمرد على قرارات الشرعية الدولية وقوانينها”.