انبثاقا من التعاليم الاسلامية المشرقة ، اعطت الثورة الاسلامية مكانة ودورا ساميا للمرأة. في ظل الجمهورية الاسلامية الايرانية، تسعى المرأة الى اثبات قدراتها في المجالات الاجتماعية المختلفة دون الابتعاد عن البيئة المنزلية وتربية الابناء واداء دورها كزوجة وكأم .

دراسة عامة لمكانة المرأة قبل وبعد الثورة الاسلامية

لقد كان النموذج المعتمد في العهد البهلوي لتطوير وتحديث ايران نموذجا مبتورا من النموذج الغربي الذي كان ينحصر في اطار مظاهر المدنية الغربية . وبالطبع كانت المرأة في تلك الفترة جزءا من ذلك النموذج . ولهذا السبب فان النموذج كان النموذج المطروح عن المرأة في العهد البهلوي لم يمثل كامل النموذج الغربي ولا يمت بصلة الى واقع المجتمع والمرأة الايرانية .

لم يكن غريبا طبيعي استحالة تطبيق هذا النموذج او القبول به ؛ لهذا السبب لم تتبوء المرأة مكانة لائقة على مستوى المجتمع .وكان النظام البهلوي دوما يدافع عن هذا النموذج ويقوم بالترويج له . واصطدم هذا النموذج الذي كان يرتكز في الغالب على مظاهر المدنية الغربية حاجزا جديا في داخل المجتمع يتمثل بتعاليم الدين الاسلامي التي سادتها أوجه اختلاف كثيرة مع المرأة التي ينشدها النموذج الغربي . ولهذا السبب ظهر اختلاف حاد منذ البداية بين ذلك وبين الدين كانت ذروته واقعة رفع الحجاب .

كان رضا شاه يزعم ان من مظاهر الحضارة والمدنية ان يتوحد زي الناس اي يضع الرجال القبعة البهلوية فوق رؤسهم وتلقي المرأة حجابها ويتحرر الاثنان من معتقداتهما الدينية.

في الثامن والعشرين من شهر ديسمبر عام 1962اقيمت مراسم بحضور الشاه البهلوي في مبنى معهد التعليم العالي في طهران لمنح شهادة الديبلوم للخريجات وظهرت جميع الطالبات في تلك المراسم سافرات ثم اطلقوا على ذلك اليوم اسم يوم حرية المرأة ورفع الحجاب .( واقعة رفع الحجاب 1373:27)

جاء في كتاب ذکریات اشرف: كانوا يطاردون النساء الهاربات الى عقر دورهن ويفتشون خزانات البستهن بحثا عن التشادور وتمزيقه .

جاء في كتاب ذکریات اشرف : كانوا يمنعون النساء المحجبات من ركوب الباصات ولم يكن رجال الشرطة يألون جهدا في اهانة وضرب النساء المحجبات في الطرق والمعابر .حتى ان بعض رجال الشرطة خاصة في المدن والقرى كانوا يسحبون الايشاب من فوق رؤوس النساء ويمزقونها وكانوا يطاردون النساء الهاربات الى عقر دورهن ويفتشون خزانات البستهن بحثا عن التشادور وتمزيقه .

في تلك الفترة ملأت الظواهر افكار واذهان بعض البيادق الاصلية للنظام لاسيما النساء المتنفذات في البلاط مثل اشرف بهلوي ،بحيث بقين يتحسرن على الاصلاحات الظاهرية في ذروة الثورة بدلا من التأمل والتمعن في اسباب الاحتجاجات الشعبية لاسيما النسوية منها .

العرف الذي ولدته الافكار والسنن والعادات والتقاليد الشعبية في العصر البهلوي لم يكن يطيق تحمل حضور المرأة في المجتمع ومشاركتهن في صنع القرارات السياسية وما الى ذلك .

سعي ابان العهد البهلوي للاستفادة من المرأة كمظهر من مظاهر التحديث والعصرنة . من المسلم به ان النظام البهلوي لم يعر أهمية للمشاركة السياسية من قبل الشعب ، ولم يكترث ايضا بالحقوق السياسية للمرأة ولهذا السبب بالتحديد لم تتحقق مطلقا المشاركة السياسية للمرأة في العهد البهلوي . وعلى الرغم من ذلك سعى النظام البهلوي عبر اتخاذ بعض السياسات الدعائية لاظهار نفسه بمظهر الملتزم بالحقوق السياسية والاجتماعية للنساء والادعاء بانه ورغم وجود المشاكل والرفض يسعى لوضع خطوات لتطبيق الحقوق السياسية والاجتماعية للشريحة النسوية .

بذلت مساعي في العهد البهلوي لتطبيق بعض الاجراءات لتحديث المجتمع ورغم ان البعض من تلك الاجراءات حققت مكاسب لطبقات محدودة من المجتمع لكنها لم تفضي الى ايجاد تحول اساسي في اوضاع عموم المجتمع .

فلو كانت هناك مؤاومة مناسبة منذ بداية الارتباط بالغرب بين العناصر الثلاثة الاسلام والوطنية والتغرب لكان بامكان التركيب المناسب والمنطقي بين هذه العناصر الثلاثة ان يؤسس للهوية الوطنية وركائز التنمية بيد انه وللاسف لم يتحقق ذلك .

لقد اعطيت قيمة اكبر للنزعة الوطنية القشرية بدلا من الاسلام لكن تلك النزعة الوطنية هي ايضا لم تكن مرتكزة على النظرة الواقعية ولا على التاريخ الواقعي للبلاد حتى انهم سعوا بشكل من الاشكال لرش الغبار على الماضي القريب لايران وانكاره . وانحصر تعريف الوطنية على الحضارة الايرانية القديمة لما قبل الاسلام فقط ولهذا السبب بذلت جهود اكبر خاصة في عهد محمد رضا بهلوي للربط بين التراث القديم لما قبل الاسلام وبين مستقبل يقوم على مرتكزات النموذج الاوروبي .

المرأة بعد الثورة الاسلامية

بعد انتصار الثورة الاسلامية حدثت تغييرات جذرية في البنية السياسية والاقتصادية والثقافية للمجتمع الايراني وتبلور نظام شعبي يقوم على دعائم الاسلام اتخذ من الاستقلال والحرية والجمهورية الاسلامية شعارا اساسيا له.

بعد انتصار الثورة الاسلامية حدثت تغييرات جذرية في البنية السياسية والاقتصادية والثقافية للمجتمع الايراني وتبلور نظام شعبي يقوم على دعائم الاسلام اتخذ من الاستقلال والحرية والجمهورية الاسلامية شعارا اساسيا له. وادى ذلك لاحداث تغييرات جذرية في الكثير من المعايير و المواقف ولم تكن المرأة مستثناة من ذلك ؛ وبالتالي تم طرح نموذج جديد للمرأة في المجتمع بعد انتصار الثورة الاسلامية يختلف تماما عن النموذج الذي سعى النظام البهلوي لتقديمه حول المرأة .بعد انتصار الثورة الاسلامية حدثت تغييرات جذرية في البنية السياسية والاقتصادية والثقافية للمجتمع الايراني وتبلور نظام شعبي يقوم على دعائم الاسلام اتخذ من الاستقلال والحرية والجمهورية الاسلامية شعارا اساسيا له.

تحول في النظرة

جسد تأسیس الجمهوریةالاسلامیة الایرانية الحضور الشعبي ودوره البارز في الحكومة اما اسلامية النظام فانه يعبر عن وفاء الحكومة والنظام الجدید للدين الاسلامي. لقد قدمت الجمهوریة الاسلامیةالایرانية نظاما سیاسیا جدیدا للعالم صادق عليه الشعب الايراني في الاستفتاء الشعبي لعام 1979 وبنسبة 3/98.

وكشف الحضور الملحمي للشعب في اثمار الثورة الاسلامية وصيانتها خلال الاشهر والسنوات الاولى التي اعقبت الثورة عن الدور الاساسي والمحوري للشعب في تقرير مصير المجتمع . وتعكس جليا العبارة المأثورة للامام الخميني الراحل رضوان الله تعالى عليه ( الميزان صوت الشعب ) ‌النظرة التي تبلورت بعد الثورة الاسلامية والتي اعطت دورا محوريا للشعب . وحلت هذه النظرة مكان النظرة الرائجة قبل الثورة ومن ابرز معالمها محورية الشاه وتجاهل المشاركة الشعبية الفاعلة في السياسة وفي سائر حقول المجتمع.

اذن ، يجب دراسة التغييرات المتحققة حول الحضور السياسي للمرأة والاراء المتداولة بهذا الخصوص في باطن هذا التحول الجذري .

اثر انتصار الثورة الاسلامية توفرت امكانية مشاركة المرأة في المعترك السياسي بشكل واسع . وتولى القائد الكبير للثورة الاسلامية الدور الاساسي في تحقيق هذه النظرة. حقيقة الامر ان التأکیدات و التوصیات المتكررة للقائد قبل الثورة الاسلامية بشأن مشاركة النساء في التظاهرات وكذلك تأکیداته بشأن مشاركة النساء في عمليات التصويت والانتخابات بعد انتصار الثورة الاسلامية تعكس ايمانه الواقعي بالحقوق السياسية للمرأة. للتطبيق الفعلي للنظام الجمهوري وفي نفس الوقت الاسلامي لابد من المشاركة السياسية النسوية الواسعة.

اثر انتصار الثورة الاسلامية توفرت امكانية مشاركة المرأة في المعترك السياسي بشكل واسع . وتولى القائد الكبير للثورة الاسلامية الدور الاساسي في تحقيق هذه النظرة.

اضافة الى الحضور الفاعل في المجتمع تلزم المرأة بمراعاة بعض الحدود لاسيما فيما يتعلق بالارتباط والاختلاط بالرجال . ومن ابرز اوجه ذلك ،التقيد بالحجاب والاحتشام بالزي الاسلامي . بعبارة اخرى ، المشاركة والحضور الفاعل في المجتمع وعدم تجاوز حدود الشريعة.

ان تغيير النظرة السائدة حول الحقوق الاجتماعية للمرأة وحضورها في الاجتماع بعد انتصار الثورة الاسلامية اديا الى احداث تحول واسع على صعيد النشاط الاجتماعي النسوي لابد من الاخذ بعين الاعتبار عدة امور لدراسةهذه الظاهرة العلمية : اولا ان النظرة الجديدة التي سادت بعد انتصار الثورة الاسلامية حول المرأة ادت لان تمارس شريحة كبيرة جدا من النساء حقوقها الاجتماعيةوفي العهد البهلوي ايضا ادى نفس هذا الامر لان تمتنع غالبية النساء الايرانيات تحت تأثير ونفوذ النظام من ممارسة النشاط الاجتماعي لاسباب وبواعث تتعلق بالدين والتقاليد حيث لم يكن بالامكان مزاولة النشاط العلمي و الثقافي و التعليمي و الرياضي والفني كالسينما والمسرح والموسيقى وما الى ذلك من القبول مع الاجواء السائدة في تلك الحقول بغية التكيف مع الرؤى والمعايير المطبقة من قبل النظام وهذا ما كان يحول دون ولوج المرأة الايرانية العفيفة والمسلمة الى معترك النشاط الاجتماعي . ولكن بعد انتصار الثورة الاسلامية وتطبيق النظام الاسلامي ازيلت الحواجز والقيود امام المرأة الايرانية لممارسة النشاط في مختلف مجالات المجتمع ولهذا السبب بالذات اتخذ النشاط الاجتماعي النسوي في ايران أبعادا واسعة .

كان للمرأة الايرانية دور بناء ومؤثر للغاية في انتصار الثورة الاسلامية حيث تفاعلت بشكل سريع مع التغييرات بسبب مظاهر الحرمان والاضطهاد التي كانت تكابدها ونظرا لما تحلت به من حيوية وسعة الصدر. كما اظهرت تضحيات في الدفاع عن الثورة. في المقابل اتاحت الثورة الاسلامية استلهاما من افكار ورؤى الامام الراحل البيئة الخصبة لتفتح مواهب المرأة الايرانية وتوفير ارضيات النماء والرقي امامها .

حققت المرأة ازدهارا خاصا في عهد الثورة سواءا على الصعيد العلمي او الدراسي وعلى اصعدة اخرى كما وقفت جنبا الى جنب الرجل في الازمنة التي انيط بها ممارسة العمل النضالي والجهادي. توجد حالات عديدة للادوار الايجابية التي اضطلعت بها المرأة الايرانية بعد الثورة الاسلامية . واستطاعت المرأة ان تلعب دورا بارزا في اجهاض المؤامرات من خلال مشاركتها في مختلف الفعاليات والتنظيمات في المراحل الحساسة بعد انتصار الثورة الاسلامية .وشهدت مشاركة المرأة الايرانية نموا كميا وكيفيا في مختلف الانشطة الاجتماعية والسياسية التي اعقبت انتصار الثورة .

ان الحضور النسوي الفعال في مختلف الحقول السياسية والاجتماعية والثقافية في البلاد مؤشر على نمو ورقي شخصية المرأة في عصر الثورة.

ان الحضور النسوي الفعال في مختلف الحقول السياسية والاجتماعية والثقافية في البلاد مؤشر على نمو ورقي شخصية المرأة في عصر الثورة. في المقابل ، وفر النظام الجمهوري الاسلامي المناخات الملائمة للمرأة منها زيادة حصة الاناث في مجال التعليم العالي وتأسيس فروع تخصصية لهن واناطتها بالمهام والمسؤوليات المتعلقة بالشؤون الاجتماعية واقامة الحدود الالهية ووظيفة الامر بالمعروف و النهي عن المنكر ومسؤولية الدفاع عن الحقوق الاسلامية والمجتمع الاسلامي وما الى ذلك ... على العموم ،خطت المرأة المسلمة خطوات رصينة اثر استعادتها لهويتها بفعل الثورة الاسلامية .