أكد رئيس مؤسسة الفكر الإسلامي المعاصر للدراسات والبحوث في لبنان علی أنه لا تزال جذوة رفض التطبيع حيّة في الشّعوب العربية والتطبيع لم يجد مكانًا له لدى الشعب المصري والأردني والفلسطيني إلى الآن.

وكالة مهر للأنباء- فاطمة صالحي: صرح رئيس مؤسسة الفكر الإسلامي المعاصر للدراسات والبحوث في لبنان الشيخ «جعفر فضل الله» بأن أنظمة عربية وصلت إلی انعدام الوزن أمام السياسة الأمريكية في المنطقة لأنها يجب إتباع السياسات الأمريكية إن تريد الحفاظ علی السلطة.

وتابع بأن الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني يحتاجان إلى نجاحات إعلامية وسياسية، ولذلك تمّت المسارعة إلى الإعلان عن حالات التطبيع من بعض الدول العربية.

وفيما يلي نص حوار وكالة مهر مع رئيس مؤسسة الفكر الإسلامي المعاصر للدراسات والبحوث في لبنان الشيخ «جعفر فضل الله»:

*ما هي اهداف حقيقية لعملية التطبيع بين الأنظمة العربية والكيان الصهيوني؟ 

هذا الأمر له جانبان: الأوّل هي طبيعة الأنظمة التي كرّست في الأنظمة بعد الانتداب، والتي ظلّت مرتهنة للضغوط الأمريكية حفاظًا على مصالحها، إضافة إلى ذلك الفتن التي عمل عليها في المنطقة منذ إعلان قيام الكيان الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين، وحالة الاستنزاف العربي، ما أوصلها أخيرًا إلى حالة من انعدام الوزن أمام السياسة الأمريكية، وهذا ما عبّر عنه الرئيس الأمريكي (ترامب) بأنّه قادر على تدمير بلدان عربية كبرى ضمن أيام إذا ما أراد ذلك، وهذا يمثّل تهديدًا ضمنيًا للحكومات القائمة، وأنّها لكي تحافظ على نفسها فلا بدّ أن تسير تبعًا للسياسة الأمريكية في المنطقة، ولو كان ذلك ضدّ شعوبها ومصالحها. 

والثاني: هو حاجة الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني إلى نجاحات إعلامية وسياسية، ولذلك تمّت المسارعة إلى الإعلان عن حالات التطبيع من بعض الدول العربية، بعد سلسلة الإخفاقات التي عانتها السياسة الاستكبارية في المنطقة. 

*هل توثر الانتخابات الرئاسية الأمريكية علي تسريع العملية؟ 

نعم، هذا ما يبدو، إضافة إلى محاولة الالتفاف على نمو حركات المقاومة في المنطقة، عبر إدخال الواقع العربي في حالة ضدّية مع كلّ عمل مقاوم، ما يُمكن – بحسب توقّع هؤلاء – أن يُضعف الاحتضان الشعبي العربي والإسلامي لأي عمل مقاوم للاحتلال، الذي لم يعد احتلالًا لهؤلاء، وبالتالي يجعله محاصرًا بشكل وبآخر. 

*هل هناك مواجهه ورفض شعبي للتطبيع في الدول العربية؟ 

لا تزال جذوة رفض التطبيع حيّة في الشّعوب، وإن تعرّضت وما تزال للكثير من الاهتزاز بسبب عوامل الضغط السياسي والاقتصادي على الشّعوب، وبعض الإخفاقات التي مني بها الإسلاميون في بعض تلك الدول، إضافة إلى الضخّ الإعلامي الذي يعمل على تشويه حركات التحرّر والمقاومة من جهة، ويدفع الإنسان العربي والمسلم إلى الشعوب بفقدان الثقة بالنفس أمام الآخرين، ولا سيما الدول الاستكبارية والكيان الصهيوني. 

ولكنّني أعتقد أنّ التطبيع الذي لم يجد مكانًا له لدى الشعب المصري والأردني والفلسطيني إلى الآن، على الرغم من مرور سنوات على توقيع الاعتراف بالكيان الصهيوني من قبل أنظمتها يدلّ على أنّ هذه القضية عصيّة على الإلغاء من وجدان الشّعوب. 

يبقى أن نُشير إلى أنّ هذا الأمر يحتاج إلى تخطيط من قبل قوى التحرّر والمقاومة، والعمل على تعزيز عناصر الوحدة الإسلامية والعربية بين الشّعوب، وإزالة كلّ أسباب التشنّج والتوتّر المذهبي والطائفي، مما يعدّ ثغرات يمكن للأعداء النفاذ إليها لنشر الفتن وإضعاف قوّة الجبهة المواجهة للتطبيع والعدوّ؛ إذ لا يمكننا مواجهة اتحاد المستكبرين على مواجهتنا من خلال المزيد من التمزّق والانجرار وراء الفتن. كذلك يجب العمل على سدّ الثغرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لشعوبنا، سواء عبر تعزيز الإصلاح في الأنظمة إن وجدت، أو عبر التكافل بين المؤمنين بالقضية، وذلك لمنع أيّ ثغرة يمكن للأعداء ان ينفذوا منها. 

*بشأن تشكيل الحكومة اللبنانية كيف تقيم العملية في ظل التدخلات الأمريكية السعودية الفرنسية؟ 

المشكلة في لبنان أنّه صيغ نظامه الطائفي بطريقة سمحت للخارج بأن يتحكّم بالكثير ممّا يجري فيه، وما يعني كثيرًا من الدول الكبرى هو الخيارات المرتبطة بالصراع الجاري في المنطقة، ولا سيما ما يتعلّق بالعدوّ الصهيوني والتطبيع الذي يُراد إزالة كلّ العقبات أمامه. ولذلك لا نستطيع فصل التعقيدات عمّا يجري خارج لبنان، في الوقت الذي لا يمكن أن نعزل هذه التعقيدات عن الواقع الداخلي؛ إلّا أنّ جزءًا كبيرًا من حماية هذا الواقع الداخلي هو الخارج نفسه، وهذا واضح لمن يراقب التصريحات والمواقف للدّول المهيمنة على السياسة الدولية والإقليمية. 

ولذلك ما نعتقد أنّه المسار الصحيح هو العمل على تصحيح النظام، واعتماد مبدأ الكفاءة والوطنيّة والنظافة في المواقع، وفي الوقت نفسه يتمّ تسييج البلد تجاه المؤامرات الخارجية من الناحية الأمنية والسياسية والاقتصادية، وانطلاق الجميع من تحديد مصلحة البلد ليكون قوّة في المنطقة، وقادرًا على المنافسة الحضارية انطلاقًا من غناه في الموارد الطبيعية والبشرية التي ينقصها الإرادة والتخطيط؛ وإلّا فإنّ الخارج لن يتعامل معنا إلّا وفق مصالحه، ومن مصالحه بقاء العصبية الطائفية جزءًا من النظام، ليستطيع النفاذ من خلالها إلى أوراق القوّة ليمزّقها.. ونعني بالعصبية الطائفية أن ترى كلّ طائفة شرارها خيرًا من خيار الطوائف الأخرى، بحيث تدافع عنهم وعن شرورهم وفسادهم./انتهى/

سمات