وكالة مهر للأنباء - زينب شريعتمدار : كُلّف رئيس تيار المستقبل "سعد الحريري" برئاسة وتشكيل الحكومة الجديدة للبنان، في ضوء ما أسفرت عنه الاستشارات النيابية الملزمة التي أجريت في وقت سابق من اليوم، والتي أفضت إلى اختياره من قبل 65 عضوا بمجلس النواب، وأعلنت الرئاسة في بيان لها أن الرئيس "ميشال عون" وبعد استشارات نيابية ملزمة استدعى "الحريري لتكليفه بتشكيل الحكومة".فبعد أن كلف الرئيس ميشال عون، في 31 أغسطس/أب الماضي سفير لبنان في برلين مصطفى أديب بتشكيل حكومة تخلف حكومة حسن دياب، التي استقالت إثر انفجار مرفأ بيروت، بدأت مشاكل تشكيل الحكومة بالظهور تدريجياً.
وتزامن التكليف مع زيارة تفقدية لبيروت أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تتهمه أطراف لبنانية بالتدخل في شؤون بلادهم الداخلية، ومنها عملية تشكيل الحكومة، في محاولة للحفاظ على نفوذ باريس بالبلاد، ويرى بعض المحللين السياسيين أن المبادرة الفرنسية ترتبط بمصالح استراتيجية لفرنسا تتخطى عملية تشكيل الحكومة، لذلك باريس غير مستعدة للتخلي عنها.
حيث تعي وتدرك فرنسا أن أي تأثير في سوريا أو لبنان مستقبلا لا يمكن أن يتم دون التحالف مع حزب الله كقوى كبير، لذلك خالف ماكرون التوقعات الأمريكية بعزل حزب الله وعقد لقاءات مع قياداته خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت.
ومن هذا المنظور، اعتبر المحللين السياسيين اللبنانيين أن " الفرنسيين اقنعوا بضرورة التنازل لحزب الله وأقنعوا الحريري بهذا التنازل ".
فخرقت مبادرة رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري، الجمود الذي يعيشه ملف تشكيل الحكومة، بعد فشل المبادرة الفرنسية، واقتناع باريس بالتنازل لـ"حزب الله".
وفي هذا الصدد اجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء "شريعتمدار" حوارا صحفيا مع المحلل السياسي اللبناني الدکتور " طلال عتريسي " . وأتى نص الحوار على الشكل التالي:
* في ظل هذه الاوضاع الراهنة وبعد انفجار مرفأ بیروت الدولي، وفشل رئيس الحكومة اللبنانية المكلف مصطفى أديب بتشكيل الحكومة الجديدة وسط استمرار الأزمة السياسية في لبنان، هل یتمکن الحریري ان یکون رئیسا للحکومة اللبنانیة ؟
ان رئيس الحكومة اللبنانية المكلف مصطفى أديب فشل في تشكيل الحكومة اللبنانية لأنه اعتمد قاعدة لم تكن مقبولة من الأطراف السياسة، هذه القاعدة تقوم على مبدأ التفرد بالرأي أي بأنه هو من يختار الوزارء الاختصاصين غير السياسين، وهذا يعني أن الحكومة ستتشكل بإرادة المكلف مصطفى أديب.
وهذا مارفضه الوزراء للقوی السياسة الشیعیة بشكل اساسي والقوى المسيحية وایضا التيار الوطني الحر رفض المسألة، ولهذا السبب وصل اديب في تشكيل الحكومة الى طريق مسدود ولهذا استقال.
* برايك وبما ان حزب الله لم يسم الحريري هل سيدعمه بعد تشكيل الحكومة ؟
بالنسبة الى الحريري الذي طرح نفسه مرشحا رئاسيا وتم تكليفه من قبل قسم من النواب فهو من حيث المبدأ سيعتمد قاعدة مختلفة وهذا واضح أنه سيتشاور مع الكتل السياسية لتسمية الوزارء، اي الكتل السياسية هي التي تسمي الوزراء، لكن الوزراء سيكون من المتخصيص وليس من الوجوه السياسية في الأحزاب المعروفه، وهذا من حيث المبدأ سيسمح له بتشكيل الحكومة وهذه كانت عقدة اساسية بالنسبة الى الحكومة الماضية.
يبقى هنا نقطة في الموضوع الداخلي أن تشاور مع التيار الوطني الحر ضروري ايضا لكي يكون التيار ممثلا من خلال وزراء يسميهم التيار أو رئيس الجمهورية عندما يحصل الأمر بهذه الطريقة نعم تنجح الحكومة بالتشكّل وتصبح حكومة شرعية، وبالتالي ان القوى السياسية يعني الثنائي الشیعي سيسمي وزرائه والقوى الاخرى ستسمي وزرائها، لكن سيكونوا متخصصين وغير سياسين.
في هذه الطریقة حزب الله الذي لم یسم الرئیس الحریري لانه یختلف معه في کثیر من القضایا الاقتصادیة والسیاسیة، ولکنه عندما تتشکل الحکومة وعندما یتعاون الحریری مع حزب الله في تسمیة الوزراء، اعتقد أن حزب الله سوف یدعم الحکومة، لان الوضع في لبنان كارثي بسبب الأزمات الاقتصادیة والسياسية الكبيرة، فبالتاكيد ستحتاج الحکومة الجديدة الی الدعم والی العمل ووضع البرامج وتنفیذها باسرع وقت ممکن، اذن حزب الله سیدعم الحکومة بعد تشکیلها حتی لو لم یسمیها الرئیس الحریري.
الحكومة طبعا ستواجه ضغوط خارجية قوية (ضغوط سعودية وضغوط امريكية).
الفرنسيون ربما سيتعاونون أكثر مع الحكومة طالما أن الرئيس الحريري يقول بأنه سيعمل وفق المبادرة الفرنسية، طالما أن فرنسا هي فتحت باب المساعدة وباب الدعم لتشكيل الحكومة، وبالتالي سيكون هناك فرق في التدخل الخارجي بين فرنسا التي ستحاول تسهيل الأمور وبين السعودية التي لاتزال ترفض مشاركة حزب الله في الحكومة وفي الوقت نفسه ستسمتر في تاييد الولايات المتحدة بفرض العقوبات على حزب الله، فالرغبة الامريكية في تشكسل الحكومة يعود الى ثلاث نقاط مهمة:
النقطة الاولى، ان عدم ممانعة الولاية المتحدة الأمريكية لتشكيل الحكومة يعود الى سبب انها تريد هذه الحكومة ان تكون موجودة لأن المفاوضات حول ترسيم الحدود تحتاج في نهاية الأمر الى موافقة الحكومة.
النقطة الثانية، ان الولايات المتحدة لا تعرف الى اين يمكن أن يصل الوضع في لبنان اذا استمر هذا الانهيار وبالتالي ليس لديها خطط واضحة لما بعد الانهيار، لهذا السبب هي تفضل أن يكون هناك حكومة بالاخص شخص مثل الحريري، كي تستطيع أن تتعاون معه وبالتالي يمكن ان تقبل بتشكيل هذه الحكومة وهي قد تراجعت ایضا عن شرط عدم وجود حزب الله في الحكومة اذن هناك تراجع سعودي امريكي عن منع حزب الله في المشارکة في الحكومة ولکن في نفس الوقت ستکون الولایات المتحدة الامریکیة تحدیدا في موقع من یضغط علی الحکومة ومن ناحية اخرى ستفرض العقوبات علی حزب الله وعلی شخصیات الحزب.
الكيان الصهيوني دائما يريد لبنان ان يكون دولة غير مستقرة ولهذا السبب استراتيجية حزب الله تحديدا هي الاستقرار في لبنان.
حزب الله حریص علی عدم حصول أي فتنة مذهبیة و يعتبر أن الحريري هو الممثل الاقوى برلمانيا و سياسيا و شعبيا على مستوى الطائفة السنية في لبنان. و هو لهذا السبب يشجع و یدعم وجوده في رئاسة الحكومة والتعاون معه.ولهذا السبب حزب الله يريد أن تكون هناك حكومة متوازنة قوية، لا تكون بيد الامريكي أو بید السعودي أو غيره، ولهذا السبب رفض تشكیل حكومة مصطفي اديب. اما حكومة الحريري فهي ستكون من حیث المبدأ حكومة متوازنة، يمكن ان تحفظ الاستقرار.
حزب الله حریص علی عدم حصول أي فتنة مذهبیة في لبنان، ويعتبر أن الحريري هو الممثل الاقوى برلمانيا وسياسيا وشعبيا على مستوى الطائفة السنية في لبنان، وهو لهذا السبب يشجع ویدعم وجوده في رئاسة الحكومة والتعاون معه في هذه الحکومة، وهذا یحفظ الاستقرار في لبنان.
والنقطة الثالثة، ان حزب الله لن یوافق علی کل مایریده الرئیس الحریري، یعني مثلا هو یعتقد آن الصندوق النقد الدولي لایوافق علی کل مایریده وهذا ما اعلنه بشکل واضح وان القضایا تخضع للدرس والمناقشة والموافقة وعدم الموافقة، اذن هذه هي استراتیجیته وفي المقابل استراتیجیة الكيان تسعى دائما لزعزعة الاستقرار والامن في لبنان.
* هل سيكون الحريري منقذ لبنان من الوضع الاقتصادي والاجتماعي والصحي ؟
من غير المؤكد ان يستطيع الحريري من مواجهة هذه الازمات، اذا لم يكن هناك تغيیر في طریقة تفکیره وتغییر في خططه وبرامجه الاقتصادية والاجتماعية، لان الحریري حكم لبنان عدة مرات وهو احد الاشخاص واحدی الاتجاهات التي اوصلت لبنان الى هذا الانهيار، فسعد الحريري یتحمل جزءا کبیرا من المسؤولیة عن هذا الانهیار وبالتالي هو لایستطیع ان ینقذ لبنان اذا ابقى على طریقة تفكيره.
اذن نحن امام احتمالين اما ان يستمر الحريري بنفس عقليتة وسياستة القديمة وبالتالي سيزيد من مشاكل لبنان، او ان يكون لديه استعداد ومن خلال ضغط الاطراف الاخرى السياسية مثل حزب الله وحرکة امل و التيار الوطني الحر لكي يعمل وفق رؤية مختلفة مثل بناء الاقتصاد وبناء الزراعة ( عدم الاعتماد على الخارج )، وتقوية الانتاج الداخلي وعدم الاعتماد بشکل قوي على القروض والدیون الخارجیة.
لانستطیع ان نقول ان الحریري هو المنقذ، لکن نستطیع ان نقول ان الحکومة ورئیس الحکومة بأمس الحاجة الی منهج جدید في العمل لکي یکون هو المنقذ فعلیا.
فبهذه الطريقة يمكن أن يغير الوضع في لبنان وینقله الی الافضل، اما اذا استمر بالعقلية السابقة نفسها، فلن یحقق شیء وسیفشل وستسقط حكومته بعد بضعة اشهر.
الجمهورية اللبنانية بأمسّ الحاجة الی معالجة القضایا الاجتماعیة الاقتصادیة، وبناء محطات للکهرباء، الی غیر ذلک مما یحتاج المجتمع اللبناني، لهذا السبب لانستطیع ان نقول ان الحریري هو المنقذ لکن نستطیع ان نقول ان الحکومة ورئیس الحکومة تحتاج الی منهج جدید في العمل لکي یکون هو المنقذ فعلیا.
في المحصلة تشکیل الحکومة یعتبر من جهة خسارة للمملکة السعودیة لانها کانت دائما ترفض، کما قال الملک سلمان في خطابه الی الامم المتحدة، أن حزب الله حزب ارهابي لایجب أن یکون متواجداً في الحکومة اللبنانیة.
حکومة ستتشکل بوجود حزب الله في هذه الحکومة و خسارة للمملکة السعودیةکانت دائما ترفض کما قال الملک سلمان في خطابه الی الامم المتحدة أن حزب الله حزب ارهابي لایجب أن یکون موجودا في الحکومة اللبنانیة.
هذه الحکومة ستتشکل وسیکون لحزب الله وجودا في هذه الحکومة من خلال وزراء هو یسمیهم وبالتالي هو یکون موجودا في الحکومة، اذن هذه خسارة للمملکة السعودیة.
المملکة السعودیة لاترید تسویة بین الحریري وبین رئاسة الجمهوریة وهذه التسویة یبدو انها حصلت وسیکون هناک تفاهم، وبالتالي السعودیة هي الخاسر الاكبر من تشکیل الحكومة.
ولا يجب ان تعمل الحكومة وفق رغبات رئيسها فقط کما اشرنا لان الرئیس الحريري لديه رؤية اقتصادية غيرمقبولة ولديه ایضا توجهات سیاسیة امریکیة غربیة خلیجیة لایمکن الموافقة علیها ولهذا السبب یحتاج رئیس الحکومة الی المراقبة والمتابعة وان یکون الفریق الحکومي فریق قوي.
* هل ستكون هذه الحكومة مؤيّدة لخطوات التطبيع التي حصلت، وهل الموافقة على تشكيلها کما یقول البعض هو لتعجيل في عملیة التطبیع او في ترسيم الحدود وبالتالي ان یصبح لبنان علی خطی البحرین و الامارات ؟
طبعا هذا غیرممکن وغیرصحیح، مایجري للمفاوضات لترسیم الحدود هي مفاوضات تقنية ولیست سیاسیة، ولبنان لایمکن في ظل موازین القوی الحالیة وفي ظل وجود المقاومة وفي ظل وجود قوی سیاسیة کبیرة ترفض التطبیع على الرغم من الضغوط الامریکیة و الخلیجیة والسعودیة، ولایمکن باي شکل من الاشکال أن تقوم هذه الحكومة بأي خطوة تجاه التطبیع مع العدو الصهيوني.
/انتهى/