وأفادت وکالة مهر للأنباء نقلا عن الوقت أن الكيان الصهيونيّ یواصل تمدده في إفريقيا وخاصة في إثيوبيا حيث اتفق الطرفان، الجمعة المنصرم، على العمل المشترك في قطاع المعلومات والأمن وما ادعوا أنّه "مكافحة الإرهاب" بالمنطقة، ضمن أهداف تل أبيب وأديس أبابا لتعزيز العلاقات الطويلة الأمد، واجتمع نائب رئيس الوزراء الإثيوبيّ، دمقي مكونن، مع نائب وزير الأمن الصهيونيّ، جادي يفيركان، لبحث العلاقات الثنائيّة وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، وأكّد مكونن على الالتزام بتعزيز العلاقات مع الصهاينة، مثمناً الدعم الذي تقدمه تل أبيب لبلاده.
منفذ استراتيجيّ
تعود العلاقات الدبلوماسيّة بين إثيوبيا والكيان الصهيونيّ للعام 1992، ويوجد سفارات وعلاقات دبلوماسيّة بينهما، وبما أنّ أديس أبابا تعد منفذاً استراتيجيّاً نحو دول القرن الإفريقيّ، فإنّ تل أبيب تحاول فتح قنوات سياسيّة وأمنيّة وبناء قواعد عسكريّة تكون داعمة لها في حروبها المستمرة في المنطقة، وتحاول مد جذور التعاون مع أثيوبيا وأرتيريا وجيبوتي.
بما أنّ ملف النيل هو من أهم محاور تلك القضيّة، وأنّ الوجود الصهيونيّ في منابع النيل حقيقة مطلقة وفق الوقائع، بسبب افتقار الكيان الغاصب للموارد المائيّة، تسعى تل أبيب لدعم أثيوبيا تكنولوجياً ليستفيد الكيان من مواردها المائيّة
وبما أنّ ملف النيل هو من أهم محاور تلك القضيّة، وأنّ الوجود الصهيونيّ في منابع النيل حقيقة مطلقة وفق الوقائع، بسبب افتقار الكيان الغاصب للموارد المائيّة، تسعى تل أبيب لدعم أثيوبيا تكنولوجياً ليستفيد الكيان من مواردها المائيّة، ما يعني دعماً صريحاً لأديس أبابا في نزاعها مع مصر بما يخص “سد النهضة"، وما يؤكّد ذلك تصريحات رئيس وزراء العدو، بنيامين نتانياهو، في المؤتمر الصحفي مع رئيس الوزراء الإثيوبيّ آبي علي، في زيارته للأراضي الفلسطينيّة المحتلة، سبتمبر المنصرم، حيث قال: “نعتقد أن بإمكاننا تقديم بعض الخبرة لأثيوبيا والتي اكتسبناها للدفاع عن أنفسنا”.
وتتالت التصريحات العدو الغاصب عن ملف المياه، وقد أشارت نائبة المدير العام للشؤون الإفريقيّة بخارجيّة الكيان الصهيوني، آينات شيلين، أنّ تل أبيب على استعداد لتقاسم تجربتها الواسعة في إدارة المياه مع أديس أبابا، وسبق ذلك إعلان سفير العدو لدى إثيوبيا، رافائيل موراف، أنّ بلاده تعمل على إدخال نظام الريّ الحديث في إثيوبيا.
ووفق مواقع إخباريّة نقلاً عن موقع “ديبكا” العبريّ، فإنّ كيان الاحتلال أكمل نشر منظومة صواريخ الكيان الصهيوني المضادة “السبايدر ” حول “سد النهضة في يوليو 2019، لحمايته من أيّ استهداف مصريّ محتمل.
علاقات برلمانيّة
بعد يوم من توقيع اتفاق التعاون الثنائيّ بين العدو الصهيونيّ وإثيوبيا في مجال المخابرات والأمن، اتفق الطرفان على تعزيز علاقاتهما البرلمانيّة، أجرى رئيس مجلس النواب الإثيوبيّ، تاجيسي تشافو، محادثات مع نائب وزير الأمن العام الصهيونيّ، غادي يفاركان، وادعى الجانبان أنّ شعبيّ إثيوبيا والكيان لديهما علاقات تاريخيّة، وأنّهما بحاجة إلى العمل من أجل زيادة تعزيز العلاقات الشعبيّة والبرلمانيّة وكذلك مجالات التعاون الأخرى، وفق وكالة الأنباء الإثيوبيّة الرسميّة (إينا).
واتفق الجانبان على العمل معاً من خلال تشكيل لجنة برلمانيّة مشتركة لتوفير بناء القدرات لأعضاء اللجنة الدائمة، وأجرى يفاركان خلال زيارة عمله الرسمية لإثيوبيا، مناقشات مع كبار المسؤولين الحكوميين حول سبل تعزيز العلاقات بين البلدين والتي تصب أولاً وآخراً في مصلحة تل أبيب.
يشار إلى أنّ التعاون بين تل أبيب وأديس أبابا شهد تطوراً واضحاً في الفترة الأخيرة، وكان رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي علي، ورئيس الوزراء الصهيونيّ، بنيامين نتنياهو، في أيلول 2019، قد اتفق على تفاهمات واتفاقيات لتعزيز التعاون والتجارة البينيّة بما يعادل عشرة أضعاف حجمها السابق.
تواجه تل أبيب مشكلة نقص المياه الرئيسيّة من خلال إثيوبيا التي تملك مورداً مائيّاً جيداً في إفريقيا، ما يجعلها تهرع لتعزيز علاقاتها مع اديس بابا، فمن ناحية ترضي رغبتها في الحصول على مياه إثيوبيا، ومن ناحية أخرى تستفيد إلى أقصى درجة ممكنة من قصة النزاع الإثيوبيّ المصريّ، لإقامة وتعزيز علاقات الكيان مع الجبهة المخالفة لمصر.
ومن الجدير بالذكر، أنّ الإصرار الإثيوبيّ على عملية ملء سدّ النهضة بدعم صهيونيّ، أثار حفيظة مصر، بعد تعثر المفاوضات مراراً، والسبب الرئيس لمعارضة مصر هو الاعتقاد أنّ السد سيقلّل من إمدادات مياه النيل، وربما تصل تدخلات الکيان الصهيونيّ الغاشم، الواضحة والمؤثرة في هذا الملف الشائك، إضافة إلى استمرار الخلافات المعقدة بين الجانبين، إلى وقوع صراع عسكريّ.
في النهاية، تواجه تل أبيب مشكلة نقص المياه الرئيسيّة من خلال إثيوبيا التي تملك مورداً مائيّاً جيداً في إفريقيا، ما يجعلها تهرع لتعزيز علاقاتها مع اديس بابا، فمن ناحية ترضي رغبتها في الحصول على مياه إثيوبيا، ومن ناحية أخرى تستفيد إلى أقصى درجة ممكنة من قصة النزاع الإثيوبيّ المصريّ، لإقامة وتعزيز علاقات الكيان مع الجبهة المخالفة لمصر.