وأفادت وکالة مهر للأنباء نقلا عن سانا أن الرئيس السوري اكد في كلمة له خلال الاجتماع أن ما يحدد قدرة المجتمعات على مواجهة العواصف الهدامة هي عوامل الاستقرار وتحصينه من الاختراقات الفكرية مشدداً على أن قياس تمسك المجتمع بالدين يكون من خلال قياس أخلاق المجتمع وسلوك أبنائه .
وأوضح الرئيس السوري أن القضايا الأمنية والمعيشية هي قضايا عكوسة تزول بزوال أسبابها بينما القضايا الفكرية والعقائدية هي قضايا مزمنة لذلك في القضايا الفكرية ما قد نكسبه يكون من الصعب التخلص منه وما قد نخسره من الصعب استعادته.
واعرب عن سعادته باللقاء غير المخطط للعاملین بالأوقاف واعتبر أن الوقت مناسب بکل تأکید لطرح قضايا ذات طابع عقائدي وفكري حتی في الوقت الذي يواجه فيه الكثير من التحديات وخاصة في الجانب المعيشي لأن القضايا الفكرية تتصف بالإزمان وكل مزمن يصعب علاجه وبالتالي في القضايا الفكرية ما قد نربحه قد يكون من الصعب التخلص منه.. وما قد نخسره قد يكون من الصعب استعادته..
واضاف: عندما نتحدث عن الفكر في منطقتنا، نتحدث عن شرق عقائدي.. شرق ديني.. عندما نتحدث عن الفكر فاليوم هذا الفكر هو الدين لأنه يدخل في كل جوانب الحياة.. يدخل في العقل.. يدخل في العاطفة يدخل في السلوك.. في الماضي.. وفي الحاضر.. وسيكون كذلك في المستقبل..
واعتبر خراب الفکر خراب المجتمعات وشبَّه وضع العالم بمحیط هائج أمواجه عاتية تضرب بكل الاتجاهات. تضرب بالاتجاه الأمني عبر الإرهاب وبالاتجاه الاقتصادي عبر الحصار والتجويع وبالاتجاه الفكري عبر دفع المجتمعات إلى الدرك الأسفل. واعتبر مجتمعاتنا کسفن في المحیط ویجب ان تمتلك عوامل الأمان والاستقرار
واعتبر خراب الفکر هو خراب المجتمعات وشبَّه وضع العالم بمحیط هائج أمواجه عاتية تضرب بكل الاتجاهات. تضرب بالاتجاه الأمني عبر الإرهاب. تضرب بالاتجاه الاقتصادي عبر الحصار والتجويع. تضرب بالاتجاه الفكري عبر دفع المجتمعات إلى الدرك الأسفل. واعتبر مجتمعاتنا کسفن في المحیط وعلیها ان تمتلك عوامل الأمان والاستقرار.
وأضاف الرئيس السوري: الأمواج مستمرة لا تتوقف تضرب بمجتمعاتنا بشكل مستمر. تضرب بنية المجتمع، عقائد المجتمع ورموزه. طبعا والامواج لاتکون عفویة لأنها لیست بفعل عوامل الطبيعة وإنما بفعل المصالح الدولية. وخلال القرن الماضي نحن نتراجع ونخسر والأعداء يتقدمون إلى الأمام. فعلینا أن نتسائل عن المسؤول عن هذه الخسارات؟ نحن أي العالم الإسلامي أم هم؟
وحث الرئيس السوري علی الفکر في وضعنا في العالم الإسلامي ونحن أصحاب البيت کیف نرید الردع؟ الردع بالقوة ام من خلال ردع دولي والمؤسسات الدولية غير موجودة والقانون الدولي والأخلاق الدولية التي كلها غير موجودة واعتبر تحصین المنزل هو اساس الحمایة وهو بیدنا.
وتابع الرئيس السوري : فإذاً لنبدأ بمسؤولياتنا. من الطبيعي عندما تحصل هجمات كالهجمة الأخيرة الإساءة لمعتقداتنا ولرموزنا وحصلت سابقاً، من الطبيعي في مثل هذه الأحوال أن يكون الرد الأول هو بالإدانة. الإدانة الحاسمة والموقف الحازم.لكن بالمحصلة هل تغير شيء؟ لا ولماذا بعد كل هذه الإدانات والردود والغضب تستمر هذه الإساءات؟ لأننا نغضب فقط نغضب لكننا لا نتصدى وهناك فرق كبير بين الغضب وبين التصدي. كل ما يحصل. كل ما نقوم به يدور حول مشاعرنا لا يدور حول مصالحنا وعندما نتحدث عن مصالحنا فهي لا تنفصل عن عقائدنا لأن العقائد أنزلت من أجل المصالح. وبين الهجمة والهجمة والإدانة والغضب يتحول الدين إلى كرة يتقاذفها الانتهازيون من السياسيين.
واضاف أن فرنسا لديها انتخابات العام القادم ورئیسها يريد أن يستقطب المصابين برهاب الإسلام. وترکیا لديها انتخابات في عام 23 وأردوغان لم يعد لديه من الأكاذيب ما يقنع بها شعبه وبدأ يخسر شعبيته فقرر أن ينصب نفسه حامياً للإسلام.
واعتبر أن كل ما يحصل هو عبارة عن رد فعل. الغضب هو تنفيس ولكنه ليس فعلاً. وقال:"هم يحاربوننا بالفعل ونحن نرد برد الفعل ودائماً من يعمل دائماً برد الفعل يخسر. واضاف أن غضبنا لم يتحول إلى فكر وخطة عمل وبالتالي يعرف الأعداء أن هذه المجتمعات لا تستطيع أن تقوم بشيء أكثر من الغضب.
الصحيح الذي يجب أن یتخذه الوسط الدیني حیال الهجمات علی الدین، هو استخدام المصطلحات الصحيحة والسلوك الصحيح المنطلقة من تعاليم ومقاصد الدين. وهو تحویل الغضب الی الانتاج ونقاش وحوار وافکار وخطط
وتابع أننا في حالة حرب قد تكون اقتصادية او عسكرية وقد تكون فكرية تتوجه باتجاه العقائد واکد أننا یجب علینا أن نأخذ الموقع الصحیح والاتجاه الصحيح كي لا نخسر المعركة. الحرب بکل مصطلحاتها من الهجوم والرصد و الکمائن ولو أردنا أن نقوم بعملية الإسقاط العسكري، ما هو الموقع الصحيح الذي يجب أن یتخذه الوسط الدیني والمجتمع المسلم؟ واجاب قائلا :"بكل بساطة هو استخدام المصطلحات الصحيحة وهو السلوك الصحيح المنطلقة من تعاليم الدين ومقاصد الدين. وهو اولا تحویل الغضب الی الانتاج ونقاش وحوار وافکار وخطط مازال خطط هجوم علینا ان نجهز خطط عمل وثانیا لانقاطع البضائع ایام واسابیع وثم تعود الامور کما کانت فهي ستعطي رسالة تذبذب ولم نکن مبدئیین.
وفي موضوع "الصورة التي نقدمها عن الدين وعمن نقتدي به ومن يمثل هذا الدين على الأرض" قال الرئيس السوري: هو الرسول عملياً والذي قدم لنا نماذج في الهدوء ورباطة الجأش حتی مع الذین مع الذين حاولوا الإساءة له وإلقاء القاذورات عليه. فهل يجوز للمسلمين أن يتبعوا الرسول في العقيدة ويخالفوه في السلوك؟
واضاف أن الدين ينتصر بالتطبيق وعملياً عندما نطبق الدين بشكله الصحيح في المجتمع من خلال تطبيق المقاصد أو الوصول إلى مقاصد الدين فعندها سيكون المجتمع معافى وسليماً. وعندها ينتصر الدين. فالدين إذا افترضنا أنه ينتصر فلا ينتصر إلا إذا انتصر المجتمع والمجتمع لا ينتصر إلا إذا كان سلوكه بشكل عام سليماً.
وتابع الرئيس السوري: بالمحصلة الرسول رمز مقدس ليس فقط لكي نحبه وإنما لكي نقتدي به. القرآن رمز مقدس ليس فقط لكي نحفظ ونفهم بل لكي نطبق ما ورد به. والله رمز مقدس ليس فقط لكي نعبده وإنما أيضاً لكي نطيعه فبهذه الأشياء عندما نسأل أنفسنا هل تعاملنا من خلال هذه المسلمات مع هذه الرموز؟ لو عاد الأنبياء وتحديداً النبي الكريم محمد إلى هذا العالم ما هي التي ربما تؤلمه؟ لا شك الکثیر. هل يؤلمه أكثر كلام بعض السفهاء الذي نسمعه من وقت لآخر أم يؤلمه أكثر ارتكاب الكبائر؟
وقال الرئيس السوري: قتل الأبرياء أليس واحداً من الكبائر. نبدأ فقط في حصار العراق في التسعينيات ولاحقاً غزوه في 2003 وصولاً إلى اليمن وليبيا وسورية هل هذا من الكبائر؟ كيف للمسلم أن يغضب على كلام سفهاء لا يعني الرسول لو كان موجودا ولم يهتم به عندما كان حياً.. ولا يغضب من الكبائر؟ أين هي المظاهرات؟ أين هو الغضب؟ أين هي الأفعال للدفاع عن هؤلاء الأبرياء؟ هل نستطيع أن نميز بين تحريف القرآن والشرك بالله؟ من الصعب. من يحرف القرآن لا بد أنه مشرك وتحريف القرآن بدأ منذ عدة سنوات والآن تعرفون أن هناك الكثير من الآيات بدؤوا بتحريفها أو إخفائها وصولاً لاحقاً إلى تغيير مضمون القرآن من أجل أسباب سياسية ولم نسمع غضباً. هل من الممكن أن نجتزأ الدين؟! غير ممكن. هل من الممكن أن نتعامل بازدواجية؟!
وتابع الرئيس السوري: عبر التاريخ لم يحصل أن هناك عقيدة انهارت بهجوم خارجي بالعكس تماماً. دائماً كان الأبناء يتمسكون بها وتصمد. فالخوف على الدين من الخارج غير مبرر ولا مكان له. دائماً الخطر يأتي من الداخل. الخطر من أبناء الدين ومن اتباع الديانات ومن اتباع العقيدة. ويبدأ هذا الخطر بالتخلف والتطرف وبالتعصب وبعدم قدرة أبناء أو اتباع تلك العقيدة على التفكير السليم. أما الإرهاب فأنا لم أتحدث عنه ولم أقل بأن الإرهاب يشكل خطراً لأن الإرهاب هو مجرد نتيجة وليس سبباً.
الإرهاب ليس منتجاً إسلامياً. هو منتج لثغرات لها علاقة في المجتمع ولكن من يستغل هذه الثغرات هو المجتمع الغربي
واضاف أن الإرهاب ليس منتجاً إسلامياً. هو منتج لثغرات لها علاقة في المجتمع ولكن من يستغل هذه الثغرات هو المجتمع الغربي. هو من حرض الإرهاب في هذه المنطقة والأهم من ذلك أن جزءا من الإرهاب الذي يضرب عندهم في أوروبا لا علاقة له بالإرهاب الموجود لدينا. هم أدخلوا الفكر الوهابي فقط مقابل البترودولار والآن يدفعون الثمن. ولكنهم يلقون بالمسؤولية على المسلمين وعلى تطرف المسلمين.
واعتبر أن التصدي يبدأ من معرفة الخطر ويبدأ أيضاً من معرفة نقاط الضعف. النقطة التي لم تكن ظاهرة للكثيرين وما زالت هي تحديد هوية العدو الحقيقي. وذکر نموذجا وهو التیار اللیبرالي الحدیث والذي یشبه تسويق الديمقراطية بالنسبة لأمريكا والتي تستخدم الديمقراطية من أجل الهيمنة على الشعوب وتستخدم حقوق الإنسان من أجل شن الحروب واعتبره مثل السرطان الذي یسمی المرض الخبیث لأن الانسان لایشعر به ویتطور تدریجیا.
واکد أن اللیبرالیة الحدیثة أساس منهجيتها هو تسويق الانحلال الأخلاقي بشكل كامل وفصل الإنسان عن أي مبادئ أو قيم أو انتماءات أو عقائد من أجل الوصول لأهدافها.. وكأمثلة عملية هذه الليبرالية الحديثة هي من سوق الزواج المثلي من خلال التسويق الذي ابتدأ في السبعينيات تدريجياً إلى أن وصلوا إلى أن أصبح هذا قانوناً.
واشار الرئيس السوري الی منهجیة مرجعیة الفرد بدلا من المرجعية الجماعية. وبالتالي مرجعية الفرد المقصود فيها رغباته فكل ما يرغب به هذا الفرد هو صحيح بغض النظر عن المجتمع.. فإذاً رغبات الفرد هي الأساس لا الأسرة ولا المجتمع الأكبر اي الانسلاخ عن الأسرة والانسلاخ عن الوطن وعدم الانتماء الی اي شیء وتحویل الانسان الی الی الحیوان.
وشدد علی أن هذه هي أيديولوجيا ذات هدف سياسي لكنها لا تستطيع أن تصل إلى هذا الهدف من دون الأدوات الاجتماعية. وتسائل قائلا: ما هي المشكلة بينهم وبين الدين؟ بالمظهر لا توجد مشكلة. لا مانع لديهم من أن نصوم ونصلي ونزكي ونحج وكل شيء.. لكن يجب أن نتخلى عن المبادئ والقيم. يعني مقبول الدين الفارغ من المضمون مسموح به. الدين المتطرف مسموح به أما دين صحيح فغیر مسموح على الإطلاق.
وتطرق الی الحل لمشاکل الأمة بعد معرفة العدو وقال: الحماية الوحيدة هي تحصين المنزل وعلینا ان نعرف ما هو أهم عامل في التحصين؟ تحدثنا عن علاقة هذه الليبرالية بالدين فلا بد أن تكون البداية من الدين اي الدين الصحيح. والدین لا يبدأ سوى من الفقه ولکني لااتحدث عن الفقه المطلوب لكل مسلم فهناك حد أدنى من الفقه وهو العلم والمعرفة مطلوب لكل ممارس للدين لا يجوز لمسلم أن يمارس الشعائر من دون أن يعرف أين هي المقاصد. كل شعيرة من الشعائر التي نقوم بها يجب أن يعرف ما هو الهدف.
وشدد الرئيس السوري علی اهمیة اللغة العربية التي تحمل الفكر والثقافة وهي لغة القرآن وهناك هجمة حتى على لغة القرآن. ولو تمكنوا من اللعب بهذه اللغة فسيكون هناك أيضاً حاجز بين المسلم وبين القرآن لا نستطيع أن نفك اللغة عن العقيدة واللغة عن المجتمع والمجتمع عن العقيدة هي مثلثات أو مربعات مترابطة.
الأسرة هي الوحدة الأصغر في مجتمعاتنا الشرقية وليس الفرد كما تحاول الليبرالية الحديثة تسويقه. الأسرة هي الحاملة للعادات والتقاليد والثقافة وكل ما يمثل الهوية نراه في الأسرة. والفرد هو عضو فيها والأسرة لا يمكن أن تؤسس إلا على الغيرية لا يمكن للأنانية أن تبني أسرة لأن هذه الوحدة هي أساس سلامة المجتمع
وقال: الأسرة؛ الأسرة هي الوحدة الأصغر في مجتمعاتنا الشرقية وليس الفرد كما تحاول الليبرالية الحديثة تسويقه. الأسرة هي الحاملة للعادات والتقاليد والثقافة وكل ما يمثل الهوية نراه في الأسرة. والفرد هو عضو فيها والأسرة لا يمكن أن تؤسس إلا على الغيرية لا يمكن للأنانية أن تبني أسرة. لأن هذه الوحدة هي أساس سلامة المجتمع عندما تكون سليمة فالأسرة الأكبر يصبح سليماً. لذلك ركز الدين على هذه الأسرة ولذلك من أهم الخطوات لضرب هذه البنية الاجتماعية هي ضرب الأسرة والنزول باتجاه الفرد. فإذاً في عملنا الديني يجب أن نركز على موضوع الأسرة في عملنا الديني والاجتماعي وأيضاً نتحدث عن هذا الموضوع. لأن الأسرة بدأت تتفكك بفعل عوامل مختلفة، تطور الحياة والعوامل التقنية وبفعل الهجمة التي تحصل على الثقافة.
وطرح الرئيس السوري نقطة هامة وهي فصل الدين عن الدولة وقال: "الحقيقة لم يأتني أي شخص وقال لي نريد هذا الشيء لأكون أميناً في الطرح ولا أفترض بأن هذه هي قضية كبيرة ولكنها متداولة من وقت لآخر وبالنهاية عندما يكون هنالك موضوع يتم تداوله لفترات طويلة ولا يحسم لا بد من أن يكون هناك رأي رسمي في هذه النقطة وقد سئلت من ضمن الأسئلة كيف يمكن فصل الدين عن الدولة قلت لهم ممكن ولكن في حالة واحدة عندما نفصل الدين عن المجتمع لأن الدولة تتجذر حيث يتجذر المجتمع. لا تتجذر حيث تريد أن تتجذر هي. وعندما ينفصل المجتمع عن جذور محددة فلا بد للدولة أن تنفصل عن هذه الجذور فهي مرآة لهذا المجتمع. وكما نرى بأن مجتمعاتنا عقائدية وستبقى عقائدية لقرون إلى ما شاء الله والله أعلم لا نعرف. ففصل الدين عن الدولة بالشكل الذي يطرح يعني فصل الدولة عن المجتمع. واعتبر علاقة الدین والاخلاق قویة لاتنفصل والدین یحول الاخلاقیات الفردیة الی الاجتماعیة اولا وأن الدین یردع الانسان الاخلاقي من الانحراف والدین هو الذي ینظم العلاقات الاخلاقیة.
وفي منتهی کلامه تحدث عما یتعلق بسوریا و الحفاظ علی عروبة المجتمع السوري والثقافة العربیة بالمعنی الحضاري ولابالمعنی العرقي.
وانهی کلامه بالتنویه بدور المؤسسة العریقة الدینیة ودورها في الحرب العسکریة والطائفیة في منع الفتنة والتقسيم وفي منع التطرف وفي تطهير المناطق التي تحررت من بقايا الفكر التكفيري المتخلف متمنیا التوفیق للجمیع في خدمة الوطن.
/انتهی/