اعتمدت إدارة الأمم المتحدة للتواصل العالمي قرارا بالاحتفال باللغة العربية في 18 كانون الأول بعنوان الیوم العالمي للغة العربية.هذه المناسبة سمحت لنا فرصة لعرض مقدمة کتاب "إن مع الصبر نصرا" باللغة العربیة.

وکالة مهر للأنباء: کل من تعلم اللغة العربیة تعرّف على جمالها و سحر أنغامها ووقع موسيقى حروفها وكلماتها على القلب حبّها لفصاحتها و بلاغتها لأنّها كلام الله الذي يكلّم به خلقه.

و هكذا حال أغلب المؤمنين من غيرالعرب فإنّهم و إن لم يتلقّوا دروس اللغة العربية و آدابها لكن لاستئناسهم المستمر بالقرآن الكريم قرآءة و حفظاً و تدبّراً اكتسبوا خلفية و استعدادا لفهم و استيعاب العربية نظراً إلى مخزونهم اللغوي المتلقّى من وحي القرآن. 

فبمناسبة الیوم العالمي للغة العربیة نأتي بمقدمة کتاب "إن مع النصر صبرا" وهو كتاب صادر عن مكتب حفظ ونشر آثار الإمام الخامنئي، يوثق جانباً من مذكراته الجهادية، ويضم في فصوله الخمسة عشر محطات من حياته الاجتماعية والعلمية والثورية خلال الأربعين عاماً الممتدة من ولادته وحتى انبلاج فجر الثورة.

فقبل عامین تقریبا وعلى أعتاب الذكرى السنويّة الأربعين لانتصار الثورة الإسلامية، انعقد في مجمع السيد الشهداء الواقع في ضاحية بيروت الجنوبية حفل "أربعون ربيعاً" احتفاءً بهذه الذكرى. وكانت كلمة الحفل لسماحة السيّد حسن نصر الله الذي أطلق في ختام كلمته كتاب "إنّ مع الصبر نصرا" الذي يروي ذكريات الإمام الخامنئي باللغة العربية حول مرحلة مكافحة نظام الطاغوت وتمنّى السيد نصر الله الاعتناء بهذا الكتاب وقرائته لأنّ الراوي أراد فيه أن يخاطب الشعب والشباب العربي بلغتهم العربيّة.

جاء الكتاب ثمرةً لحوارات عفوية تم تسجيلها أثناء جلسات كان يقيمها قائد الثورة الإسلامية –قبل عقدين من الزمن- على نحو أسبوعي ويتناول فيها مواضيع مختلفة باللغة العربية، كان يعود خلالها في بعض كلامه إلى مشاهد من فترة النهضة وذكريات السجون والمنفى، وجد البعض في تحريرها ضرورة وفي نشرها إفادة، فاستجاب سماحته لذلك وبدأ بقص ذكرياته بالعربية.

تولى الدكتور محمد علي آذرشب تنقيح النصوص -المروية شفوياً- وتنسيقها لتناسب القالب المطبوع، ليطلقه مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي بالتزامن مع الذكرى الأربعين لانتصار الثورة الإسلامية من بيروت، مستهلاً بإهداء خطي من سماحة الإمام الخامنئي إلى شباب العرب والیکم مقدمة الکتاب بخط قائد الثورة الإسلامیة الامام الخامنئي:

بسم الله الرّحمن الرّحیم
الحمد لله ربّ العالمین وصلّی الله علی سیّدنا محمّد وآله الطّاهرین

وبعد، صحیحٌ انّ هذه المذکّرات إنّما ألقیتُها باللّغة العربیّة -وهي اللّغة الّتي أحبّها من صمیم قلبي- إلّا أنّ لهجتي الّتي أملیتُ بها هذه القصّة الطّویلة لم تکن لهجة العربي الّذي تکلّم بها منذ نعومة أظفاره، بل کانت لهجة الأعجمي الّذي لا یحسن التّکلّم بالعربیّة، فهو حینما یتکلّم یکون دائماً علی وشك الغلط في البیان، أو الرّکاکة في التّعبیر، أو الضّعف في التّألیف، أو استعمال کلمة دارسة لا یستعملها النّاطقون باللّغة في هذا العصر، أو عدم تذکّر الکلمة المحتاج إلیها في بیان المراد، أو حتّی عدم العلم بها. فهو یتکلّم بالتّلکّؤ وعلی حذَرٍ من الانزلاق، کمن یمشي علی طریق صعب غیر معتاد علیه.
 
ومعلومٌ أنّ الحوار علی مثل ذلك النّمط یختلف کثیراً عمّا یجده القارئ في هذا الکتاب من الفصاحة في التّعبیر، والعذوبة في البیان، والاتّزان في تنسیق العبارات، واستخدام کلماتٍ یستسیغها -عادةً- کلّ من یقرأ هذه الصّفحات.
 
▫️فلا بدّ أن یکون القارئ الکریم علی علمٍ بأنّ کلّ هذا الجمال والکمال إنّما هو من فضل تصرّف الأخ الأدیب الفاضل الدکتور آذرشب في التّرتیب والتّنسیق وتحسین اللّفظ وتزیین العبارات -طبعاً بغیر أدنی تصرّف في المطلب والمعنی المراد- فلهُ الشّکر، ولله الحمد أوّلاً وآخراً.
ثمّ إنّي أحبّ أن أُهدي الکتاب إلی شباب العرب الّذین یعیشون في نفس سنّ صاحب المذکّرات حینما کانت تمرّ علیه تلك الأحداث.
وفّق الله الجمیع لما یحبّ و یرضی
السیّد علي الخامنئي

/انتهی/