تاريخ النشر: ٢٣ ديسمبر ٢٠٢٠ - ١٩:١٤

یمتحن المنتهیة صلاحیته ترامب غیرة العراقیین ووطنیتهم بالافراج عن المتهم الاول في جريمة ساحة النسور والذي ادی الی مقتل 14 شخصا وهم من المارة فقط عام 2007 بالعاصمة بغداد.

وکالة مهر للأنباء _ محمد حسن البحراني : کتب الإعلامي محمد حسن البحراني عن مجزرة ماساویة وقعت في بغداد عام 2007 التي حدثت علی ایدي 4 من عناصر شرکة "بلاك ووتر" الامریکیة وهم بول سلاو وإيفان ليبرتي وداستن هيرد ونيكولاس سلاتين والذین كانوا جزءا من قافلة مدرعة فتحوا النار وبطريقة عشوائية وأطلقوا القنابل اليدوية على المارة مما أدت المجزرة إلى شجب دولي بسبب استخدام المتعهدين الأمنيين في مناطق الحروب.

تمت إدانة كل من سلاو وليبرتي وهيرد عام 2014 في 13 تهمة قتل غير عمد و17 تهمة محاولة القتل غير العمد. أما قناص المجموعة سلاتين الذي كان أول من فتح النار فقد أدين بجريمة القتل العمد، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، أما البقية فصدر على كل واحد منهم حكم بالسجن لمدة 30 عاما.

ورفض قاض فدرالي الاتهام الأول مما أدى لحالة غضب في العراق، لكن نائب الرئيس في حينه، جوزيف بايدن، وعد بمتابعة تحقيق جديد دعمه القضاة. وبعد صدور الحكم عليهم قال مكتب المدعي العام الأمريكي في بيان له إن “مدى الخسارة الإنسانية التي لا داعي لها والمعاناة الإنسانية التي تسبب بها السلوك الإجرامي للمتهمين في 16 أيلول/ سبتمبر 2007 كان مذهلا”.

ویأتي ترامب المنتهیة صلاحیة قبیل رحیله ویعفي عن الجمیع یمتحن الغیرة العراقیة ووطنیته وخاصة بعد أن قرر البرلمان العراقي اخراج القوات الامریکیة من البلد بعد اغتیال قادة النصر وقبیل الذکری الاولی لاستشهادهم. فیقول البحراني: 

قبيل مغادرته البيت الابيض مهزوما اصدر الرئيس الامريكي ترامب قرارا بالافراج عن الحارس السابق في شركة بلاك ووتر نيكولاس سلاتن والذي حكم عام 2015 بالسجن مدى الحياة لاتهامه بالقتل العمد والتورط المباشر بأرتكاب مجزرة ساحة النسور وسط العاصمة العراقية عام 2007 والتي أودت بحياة سبعة عشر مواطنا مدنيا وجرح سبعة عشر اخرين ” كان جميعهم من عمال البناء وطلبة المدارس والاطفال..
وللأسف أقول أن هذه الجريمة النكراء التي وقعت في قلب بغداد في وضح النهار انذاك ربما كانت قد سقطت من ذاكرتنا كعراقيين كغيرها من عشرات الجرائم الأمريكية الاخرى قبل وبعد غزو العراق بالتقادم لولا قرار ترامب هذا بالعفو عن المجرم المذكور ، وكأن الرئيس الامريكي بقراره هذا أراد أن يقول لنا بوضوح تام : هاأنذا أطلق سراح نيكولاس سلاتن المدان قضائيا من محكمة امريكية بالقتل العمد لسبعة عشر مواطنا عراقيا بريئا من أبنائكم فماذا أنتم فاعلون ؟!!!
ترامب الذي بلغت وقاحته هذا الحد لايوجه بالتأكيد أية رسالة تحدي للطبقة السياسية التي حكمت العراق منذ 2003 حتى يومنا هذا ، لأنه على قناعة ان من حكم ويحكم العراق ليس اهلا لهكذا تحد فهو اما صنيعة أمريكية ، أو مهادن لها ، أو رافض لبلطجتها في العراق لكنه لايجرؤ على مواجهتها، لكن ترامب يتحدى بالتأكيد اصحاب الغيرة والوطنية من العراقيين .. يتحداهم في غيرتهم ووطنينهم في ظل واقع حال يؤكد ان الحديث عن اية سيادة للعراق بات مجرد كلام فارغ .. واقع حال لا يختلف عليه غالبية العراقيين..
في السادس عشر من ايلول سبتامبر عام 2007 وعندما وقعت جريمة ساحة النسور .. كان اقوى موقف أعلنته الحكومة العراقية انذاك قد تمثل بادانة الجريمة ، وتشكيل لجنة تحقيق عراقية امريكية مشتركة ، مع تهديد بأنهاء الخدمات الامنية لشركة بلاك ووتر كعقوبة لها ، الا أن بلاك ووتر بقيت تُمارس مهامها حتى نهاية 2011 وهو التاريخ المقرر لانسحاب قوات الاحتلال الامريكية ، بينما لم يصدر عن لجنة التحقيق المشكلة انذاك اي توضيح طيلة السنوات التي اعقبت الحادث ..
وكما يعبر بعض العراقيين فان قصة مذبحة ساحة النسور ، قد لفلفت كما لفلفت قبلها وبعدها عشرات الجرائم الاخرى المرتبطة بالوجود العسكري الامريكي في العراق منذ احتلاله حتى يومنا هذا لتشكل طعنة واضحة لكرامة وسيادة العراقيين على بلادهم وإصرارا على اذلالهم .. لكن لنؤشر على هذه القضية بشيء من الصراحة والموضوعية ..
عن أية كرامة نحن نتحدث والبعض من ابناء جلدتنا أصبح لايخفي امتعاضه حتى من مجرد استذكار ضحايا هذه الجرائم ..
عن أية أية كرامة نتحدث بينما لم يعد البعض من ابناء هذا الوطن يتردد في التعبير عن سعادته بأغتيال أحد أبرز رموزه الوطنية كالشهيد ابو مهدي المهندس مع رفيق دربه الشهيد قاسم سليماني بطلا تحرير العراق من الارهاب الداعشي بأمر مباشر من الرئيس ترامب ..
عن اي كرامة وسيادة للوطن نتحدث فيما لم يجرؤ من يزعم أنه حكم العراق بعد 2003 على مجرد الاستفسار من الحكومات الامريكية المتعاقبة عن مبررات بقاء أكبر قاعدة عسكرية في قلب بغداد تبلغ مساحتها نصف مليون متر مربع وتضم الالاف من قوات المارينز وعناصر المخابرات تحت عنوان السفارة الامريكية .. لاشك ان كرامة اي شعب وسيادة اي بلد عندما تتحول لدى الكثير من تجار السياسة في العراق الى مفردات قابلة للبيع والشراء في أسواق المزايدة والخطابة فأن علينا ان لاتستكثر على ترامب ومن هم على شاكلته من المقامرين والمتاجرين بمصائر الشعوب المقهورة في العالم تعمد التعامل بهذا المنطق الاستفزازي مع الشعب العراقي.

/انتهی/