تُعتبر جائِحة كورونا من أقوى الأحداث التي ميّزت العام 2019 والعام 2020، ولازالت حديث الجميع فقد عمَّ ضررها البلاد ولاسيما على الصعيد الإقتصادي، وتصدّرت أخبارها النشرات وعناوين الصحف والمجلات، وانتشرت نظريات كثيرة حول نشأته، منها ما هو صحيح وأكثرها ضربٌ من الخيال.

وكالة مِهر للأنباء_ عبادة عزت أمين: في تاريخ 20 ديسمبر/ 2019 أعلنت الصين بشكل رسمي عن ظهور سلسلة جديدة من فايروس "كورونا" في مدينة ووهان الصينية المسببة لمرض "كوفيد_19" الذي أصاب العالم بالذهول وأثّر على جميع القطّاعات لدول العالم، وعلى الجانب الآخر كان بمثابة نعمة لفئة معينة من الناس فأدى كورونا إلى زيادة كبيرة في دخلهم وخاصة الشركات المنتجة للأدوية ومُصنعي التطبيقات والألعاب الإلكترونية والشركات الكبرى وغيرهم ممن استفادوا من تلك الجائحة، فازدادوا غناً على غنائهم، وكما قالت العرب: "مصائب قومٍ عند قومٍ فوائدُ".

انتشرت نظريات عديدة فيما يتعلق بسبب انتشار الفايروس، فمنهم من اعتبر مصدر المرض هو الخفافيش التي يأكلها الشعب الصيني_ علماً بأنهم يأكلونها منذ زمن بعيد ولم يحصل شئ كهذا الأمر من قبل_ ومنهم من قال أن الفايروس تسرّبَ من أحد مختبرات "ووهان" الصينية، إلا أن مديرة المختبر المُتهم "وانغ يانيي" نفت في تصريح لها تلك الإتهامات التي وجهها رئيس الوزراء الأمريكي "مايك بومبيو" والرئيس الامريكي "ترامب".

ووصفه البعض بأنه ابتلاء من رب العالمين على البشرية كافة وإنه جند من جنود الله أرسله على عباده لحكمة لا يعلمها إلا الله، مستندين إلى الآية الكريمة في سورة المُدّثر بعد بسم الله الرحمن الرحيم "وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ" وأيضاً استندوا إلى بعض الاحاديث المنقولة عن نبي الرحمة عليه وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم في هذا الباب.

ويعتقد البعض أن "كوفيد _19" وما خلّفه من ضحايا هو علامة على ظهور الإمام المهدي عليه السلام مستندين بذلك إلى روايات مسنودة للإمام عليه عليه السلام وكرم الله وجهه الطاهر حيث قال: "بين يدي القائم موت أحمر ، وموت أبيض ، وجراد في حينه ، وجراد في غير حينه ، أحمر كالدم . فأما الموت الأحمر فبالسيف ، وأما الموت الأبيض فالطاعون".

 وفي رواية أخرى "قدام القائم موتان : موت أحمر وموت أبيض ، حتى يذهب من كل سبعة خمسة ، الموت الأحمر السيف ، والموت الأبيض الطاعون".

ويعززون رؤيتهم بانتشار الجراد الأحمر الذي انتشر في الآونة الأخيرة وخاصة في إفريقيا وأهلك الحرث والنسل وأيضاً الذي انتشر مؤخراً في مكة المكرّمة وغطّى برج الساعة، لاسيما بأن الجراد جند من جنود الله يرسله نذيراً على من طغى كما أرسله سابقاً على قوم فرعون.

ومال بعض الناس إلى كونه "مؤامرة" من حكومات الظل المتحكمة في زمام الأمور في الخفاء، واصفين المرض وعملية الحجر وإخضاع البشرية كافة لقوانين معينة تصدر من مصدر واحدة، بالمناورة لتطبيق معالم النظام العالمي الجديد والذي تكون فيه حكومة واحدة تحكم العالم أجمع وعملة واحدة _لعلها تكون العملة الإلكترونية_ وجيش واحد _ هو جيش النظام العالمي الجديد_ ودين واحد _دين "لوسفر" الشيطان_، وأيضاً يستشهدون بتضارب الأخبار حول المرض، من علائم المرض إلى الأدوية المستخدمة وأيضاً التناقضات الموجودة في تصريحات منظمة الصحة العالمية حول كورونا على حد قولهم.

فمال أصحاب هذه النظرية إلى كون كورونا "مؤامرة" من بعض الناس لأغراض في نفس إبليس، وهذا ما نود أن نسلط الضوء عليه في مقالنا هذا، كون مثل هذه الأفكار لا يتم نشرها في الإعلام الرسمي ويتم إتهام أصحابها بأتباع "نظرية المؤامرة" ونظراً إلى ازدياد أتباع هذه النظرية في الآونة الأخيرة ارتأينا من واجبنا الإعلامي والأخلاقي تسليط الضوء على أصوات هذه الناس ليجدوا لأًصواتهم مكاناً بين صفحات الصحف والمجلات.

كورونا "مؤامرة" يُراد منها إخضاع الناس لقوانيين قسرية بحجة الصحة والسلامة

يرى أصحاب هذه النظرية أن هنالك أشياء لم يتم إعلانها حول كورونا في الإعلام الرسمي، وأن الغاية مما تم إعلانه على القنوات الرسمية هو ترهيب الناس وتخويفهم وترويضهم للإنصياع للتعليمات الصادرة من اصحاب الشأن، وان إجراءات الوقاية ليست صحيحة ولاسيما إجبار الناس على ارتداء "الكمام" ويقولون أن ارتداؤه لوقت طويل خطر على صحة الفرد ويؤدي إلى نقص نسبة الاكسجين في الجسم واستبداله بثاني أكسيد الكربون الصادر عن هواء الزفير الامر الذي يؤدي إلى أضرار بالجهاز المناعي وسقوطه امام أصغر فايروس يتعرض له؛ والإحتجاجات في ألمانيا ودول اوروبية اخرى على إجراءات الوقاية دليلٌ على هذا الكلام، ويعتقدون أن "كورونا" تم تدبيره بليل لغاية في نفس إبليس، وأن التهويل الإعلامي وبث الرعب في نفوس الناس وتهويل أعداد الإصابات بالمرض أمرٌ مطلوب ولديهم عدة شواهد على ذلك،  منها:

أولاً: من أهم الشواهد التي يستشهدون بها هو تصريح الرئيس "التنزاني" حيث قال أنه أرسل عينات من ماعز و خراف وزيت سيارات وعينة من طير "الكواري" وعينة من أرنب وغيرها من العينات وجاءت نتيجة أكثر العينات مثبتة أي أنها مصابة بكورونا ويجب حجرها كما يقول الرئيس التنزاني، حيث شكك الرئيس بالقائمين على الإختبارات وقال لربما تم دفع المال لهم لفعل هذا الأمر.

ثانياً: يستشهد أصحاب هذه النظرية بان هنالك كتب تم كتابتها منذ وقت طويل تتحدث عن إحتمالية إنتشار وباء في زماننا هذا كنوع من أنواع الحروب البيولوجية، علماً بأن هذه الحروب ليست جديدة وتم استخدامها مسبقاً بطرق مبسطة. وهنا قائمة ببعض الكتب التي تحدثت عن هذا الموضوع

_ كتاب "عيون الظلام ": أثار كتاب "عيون الظلام"، الذي صدر منذ 39 عاماً جدلاً واسعاً، عقب تداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي صفحاته مجدداً، وتضمنت الصفحات أحداث ظهور وباء في مدينة ووهان الصينية، عقب تطور أعمال بحثية داخل مختبر صغير تتعلق بالأسلحة البيولوجية.

وأطلق الكاتب الأمريكي صاحب الرواية "دين كونتز" على الفيروس اسمين، هما "ووهان– 400"، و"السلاح المثالي"، مشيراً في أحداث الكتاب إلى أن الفيروس الذي تطور داخل المختبر يضر الإنسان فقط، وانتشاره سريع ما يسبب أخطار كبيرة على المدى البعيد.

التشابهات بين أحداث الرواية وملابسات تفشي فيروس كورونا الجديد في مدينة ووهان الصينية، أثارت الكثير من التساؤلات حول حقيقة كورونا، وهل تعد الرواية تنبؤا بالفيروس؟.

_ رواية "نهاية أكتوبر": هي رواية للكاتب الأمريكي "لورانس رايت" وتدور أحداثها عن ظهور جائحة عالمية في الشرق الأوسط، وتنتشر تدريجيا في كافة دول العالم، كما تتناول أحداث انتشار أوبئة قديمة في العالم، مثل الطاعون والكوليرا، وأشار الكاتب "رايت"، في تصريحات سابقة، إلى أن كتابة الرواية كانت تتطلب استشارة خبراء وباحثين في مجال الرعاية الصحية، قبل تفشي فيروس كورونا، موضحاً تشابه أحداث العزل الصحي في الرواية، وما رأه لاحقاً مع بداية ظهور الفيروس في الصين بنهاية العام الماضي.

_ كتاب "نهاية الأيام": الكتاب من تأليف الطبيبة النفسية سيلفيا بروان، وقامت بإعداد الكتاب عقب انتشار فيروس "سارس" عام 2003، وعلى الرغم من صدور الكتاب منذ 12 عاماً بعنوان "نهاية الأيام.. تنبؤات ونبوءات حول العالم"، إلا أن أحداثه تشابهت مع ملابسات انتشار فيروس كورونا المستجد حالياً.

ودارت أحداث الكتاب حول مرض شديد الخطورة، تتشابه أعراضه مع أعرض فيروس كورونا المستجد، وفي أحداث الكتاب الخيالية يصيب المرض الجهاز التنفسي للمصاب، ويصعب إيجاد علاج لمواجهته.

 وهنالك العديد غيرهم من الكُتّاب الذين تنبّأوا بظهور وباء في العالم، أو على الأقل بظروف مشابهة لما نعيشه الآن، ومنهم "إيميلي جون مانديل" في روايتها "المحطة 11"، و"لينج ما"  في رواية "انقطاع"، إذ كتبوا بحساسية شديدة عن عالم ما بعد الوباء، فضلًا عن رواية مايكل كريتشتون الغامضة عن الوباء القاتل الذي يجتاح العالم The Andromeda Strain ، عام 1969، لكن حسبما قال محرر الواشنطن بوست، فإن تلك الروايات لم تأت بالدقة التي جاءت بها روايةنهاية أكتوبر"  للكاتب الأمريكي لورانس رايت.

ثالثاً: ومن الأمور التي يستشهد بها أصحاب هذه النظرية هي مقابلة للكاتب في مجال "المؤامرة" "ديفيد أيك" والتي تعرّضت للمنع خلال بثّها المباشر على قناة "لندن ريال" _كما يقولون_، والتي تحدّث خلالها ان هنالك طائفة دينية تمثل 1% من سكان العالم متنفذة في الحكومات وتسيطر على مواطن صنع القرار وخاصة في الدول التي لها تأثير قوي على مستوى العالم، والتي تعمل على هدم الإقتصاد العالمي الحالي وإلغاء العملات الورقية وإستبدالها بالعملة الإلكترونية كخطوة من خطوات الوصول إلى النظام العالمي الجديد، اذ اعتبر هذا الوباء وسيلة لهدم الإقتصاد العالمي واستبدال العملات الورقية بعملة إلكترونية يسهل التحكم بها واستخدامها لإغناء أحدهم وإفقار الآخر.

رابعاً: يربط الكثير من أصحاب هذه النظرية مرض "كوفيد _19" واللقاحات التي تم إنتاجها في بعض الدول ويتم العمل على إنتاجها في دول أخرى

بما ورد في "سفر رؤيا يوحنا" في العهد الجديد من "الكتاب المقدس" عن رقم الوحش "666" والذي سنتوسع في شرحه بالجزء القادم من هذا المقال.

وضعنا بين يديك عزيزي القارئ لمحة عن الأقوال الشائعة حول كورونا وسلطنا الضوء على مالم يتم عرضه في الإعلام الرسمي، ولسنا بصدد الدفاع عن أحد أو الترويج له ولكن من باب العلم بما يجري في هذا العالم الملئ بالمشاكل والآراء والأفكار.

فبالنظر إلى ما سبق ما هو رأيكم؟ هل فعلاً هنالك من عَمِلَ على نشر هذا الوباء لأغراض في نفس إبليس أم أنه وباء كغيره من الأوبئة التي تعرّضت لها البشرية وسيمر كما مرّ غيره ويصبح العلامة المميزة لعام 2019 في كتب التاريخ؟

يتبع...