وكالة مهر للأنباء - جومانا خربوطلي: لم تكن الكتالة هنا سهلة كسابقاتها، فلقد اربكني الحاج قاسم سليماني نفسه، اربكني بوصيته، وصيته التي كانت عبارة عن سموٍّ روحيٍّ مع نفسه وجّهها الى كلً من اوكل اليه قيادتهم، ولعائلته، ووجّهها لنا نحن دوي الشهداء، هيبة تلك الوصية انه شدّد فيها متواضعاً على عدم تنميق الكلام، فلن اجرؤ على تجاوزها. إذاً بصراحة، قاسم سليماني.. من أنت؟، ماذا قدمت لنا كذوي شهداء؟، لماذا بكيناك وافطرت قلوبنا لاستشهادك؟، استراتيجيّاً.. ميدانياً.. دفاعياً.. جهادياً.. في هذه المجالات هنالك الاقدار ليحلل ويكتب ويوثّق.
ان الذي اثر فيّ كإنسانةٍ وامراةٍ حرّة.. هي نقطة الضوء.. نقطة الضوء.. أخلاقياتك وإنسانيتك، لأنك ادركت ان مشكلة الحياة الكبرى منذ الازل لم تتغير.. الحرب على أشدّها بين خدّام انفسهم ومصالحهم، وبين خدام المثل العيا.. فكلما ازدادت آفات الانانية ونسيان المصلحة العامّة، كلما برز التسلط والطغيان. وبرز الصراع،؛ ليس بين رجُلين أو بلدين، إنما صراعٌ بين خيرٍ وشرّ. وقد بلغ الحقّ والظلم أقصى طرفيه وأبعد غاياته.تعطشت الانسانية لمن يحررها ويسمو بها، فلا بقاء للانسانية سوى بالتضحية والفداء والبذل.
تحتدم المعارك.. يتصدى الشرفاء.. منهم من ينتظر ومنهم من يرتقي شهيداً من بطشٍ وارهابٍ وسفكٍ للدماء. لن يغير الغدر المعادلة.. وبقيت ادلة انسانيتك ونبلك في وجداننا شهيداً حياً، قائداً متواضعاً، وانت الموصىي ان يكتب على قبرك الجندي دون القاب. مع انك الجنرال، صاحب قادة المحور وصاحب الامكانات والخطط.. تتعامل مع المقاتلين كما تتعامل مع قادتهم بنفس السويّة، تجلس مجلسهم، وتأكل مهعم.. وفي القتال بطل المقدمة.
انت الموصىي ان يكتب على قبرك الجندي دون القاب. مع انك الجنرال، صاحب قادة المحور وصاحب الامكانات والخطط.. تتعامل مع المقاتلين كما تتعامل مع قادتهم بنفس السويّة، تجلس مجلسهم، وتأكل مهعم.. وفي القتال بطل المقدمة
القائد الرمز، انت ثمرة والدين فقيرين، أحسنوا تربيتك وتنشئتك، فكنت الواثق الزاهد العاشق لله، نظيف اليد، صاجب الحساب الخالي في البنك والراتب البسيط كأيّ موظف. عائلتك صابرة مضحية، وأولادك طلبة ككلّ الطلاب. رجل بأمة.. في كلّ تصريحاتك وانجازاتك قائد ثابت الموقف، تعاملت مع قوىً متعددة الاجناس والقوميات والاديان وكنت منهم على حدٍّ سواء، لم تتعاطى بطائفيةٍ أو تعصبٍ مع احد. وأردفت جهادك بمساندة المؤتمرات الداعمة للتقرب بين المذاهب بكلّ الطرق والامكانات، مؤكداً على ذلك في جلسات الجنود التثقيفية، لتحفظ المنطقة من جنون الفوضى التكفيرية، فكان لك دورٌ بطوليٌّ مشرّف في مواجهة ودحر جحافل الارهاب، واعلان نهاية مشروع داعش الارهابي، مخلّصاً أرواحنا من فكرٍ تكفيريٍّ كلم قلوبنا وأبكى مآقينا وأيتم أولادنا.
الهدف الاسمى لجهادك كان لينتصف مهضومو الحقوق والضعفاء، وليعيش الانسان في عزٍ وكرامةٍ. فكان لا بد من محاربة من صنع الارهاب أصلاً.. العدو الامريكي والصهيوني. أقلقت الصهاينة وأرعبتهم، وكان ذلك سبباً لحياكتهم المؤامرات السريّة لاغتيالك، لانك القائد سليماني من شكّل خطراً وتحدياًً جديّاً للكيان الغاصب.
القائد الشامخ.. فكرك ومنطقك وقدرتك على ادارة الازمات، ومعرفتك بالعدو والاحاطة باهدافه وسياساته حددت هدفك باقتلاع الاحتلال والاستكبار الامريكيّ.. مهدّدا ان وجودهم لم يعد آمناً، وأن استعداد قواتك استعدادٌ لحظيٌّ لا يهدأ. لكن العدو لن يهدأ أيضاً، وأقصى ما استطاع فعله هو بيان الخسة والوقاحة باعتراف البنتاغون أن الجيش الامريكي بامرٍ من الرئيس الامريكي ترامب هو من قام بعملية اغتيال القائد قاسم سليماني. جريمةٌ علنيةٌ، شديدة الوضوح.. تنتهك القوانين الدولية. جريمتهم وكلُّ جرائمهم تثبت لنا حقيقتين:
الحقيقة الاولى: أن عدوّك وعدوّنا هو نفسه، عدوٌ غاشمٌ وحشيٌّ جبان، يغتال الشرفاء لانه يهزم في المواجهة فيكون الاغتيال والغدر أهم أدواته وأساليبه.
اما بالنسبة الى الحقيقة الثانية هي ان هدير الحرب وساحات الوغى لم يأخذ ألقاً ورفعةً من أولوياتك. همّك من الدنيا بأسرها ما كانت تلحُّ بالسؤال عنه: هل أنا إنسانٌ جيّد؟ هل أنا رجلٌ صالح؟، ليكون الجواب شهادةً تعتزّ بها أمام الله وتعتبرها أعظم شهادة تكريم الى ان وصل بك التواضع والانسانية لطلب براءة الذمة والتماس الصفح من الشهداء ان قصرت معهم او مع ابنائهم.
أيها القائد الشهيد، في حضرة الشهادة يقف الجميع في وقار بينما نحن ذوي الشهداء نقف وقد لامست جباهنا النجوم لتكريمٍ فاح أريجهُ من عبق خطابك للأمة حين أوصيت موجّهاً ان الشهداء محور عزّتنا وكرامتنا جميعاً، فلتنظروا اليهم جميعاً باعينكم وقلوبكم وألسنتكم بإكبارٍ وإجلال كما هم حقّاً، عرّفوا أولادكم على أساميهم وعلى صورهم وانظروا الى ابنائهم بعين الادب والاحترام، وعاملوهم بعنايةٍ واهتمام.
قاسم سليماني الشهيد الانسان.. لهذا احببناك ولهذا بكيناك. ىن لك ان تستريح بعد ان جهدت كثيرا من شبابك الى ان منّ الله عليك باستجابة دعائك بلقائه شهيداً في سبيله. وحققت شوقك باللحاق بركب الشهداء، وها انت قائدهم سلّم لنا عليهم.. قبّل لنا جباههم.. أخبرهم انهم وضعوا على رؤوسنا تيجان الغار. باقون في ارواحنا وقلوبنا فخراً سرمديّاً، لكن في الحقيقة، عيوننا تشتاق لرؤياهم، نغمضها علّنا نرى اطيافهم الطاهرة.. على النهج هم السابقون ونحن اللاحقون.. وبدل القاسم قواسم باذن الله.
/انتهى/