وکالة مهر للأنباء _ هناء سعادة : في مستهل حديثه، ثمن السفير الإيراني الجهود الحثيثة التي يبذلها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خاصة في الشق الدبلوماسي، من أجل حلحلة الأزمات لإنهاء مُعاناة الشعوب المستضعفة، ما مكن البلد من لعب دور جوهري على المستويين الإقليمي و الدولي. فبحسبه، عرفت الدبلوماسية الجزائرية قفزة نوعية على كافة الأصعدة، منها الثنائية، حيث مهدت الطريق لإعادة تأكيد الطرفين (الإيراني و الجزائري) على ضرورة تعزيز العلاقات وتحسينها.
و في نفس السياق، عبر سعادة السفير عن تطابق مواقف البلدين إزاء القضايا الإقليمية و الدولية ، داعيا إلى مزيد من التشاور والتعاون بما يخدم مصلحة الشعبين و شعوب المنطقة.
ولم يفوت السفير الفرصة للتذكير بالمشاعر النبيلة التي يكنها الدكتور حسن روحاني رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية لنظيرة الجزائري، و التي عبر عنها في الرسالة التي وجهها له عقب إصابته بفيروس كورونا، معربا فيها عن أمله في الشفاء التام له وأن يراه في بلده إلى جانب الجزائر حكومة وشعبا (تم إجراء المقابلة قبل عودة الرئيس الجزائري إلى الجزائر).
وعلى الصعيد الإقتصادي، دعا سعادة السفير إلى ضرورة تكثيف التعاون الاقتصادي وزيادة حجم الاستثمارات المشتركة في البلدين، مبرزا رغبة القطاع الخاص الإيراني في المشاركة بمختلف المجالات، مثل الزراعة والإسكان والصيدلة والصحة والخدمات التقنية والهندسية بعد تغيير قانون الاستثمار الجزائري.
يعد تعزيز العلاقات الاقتصادية في القطاع الخاص أحد نقاط القوة التي يمكن التعويل عليها أكثر من أي وقت مضى في العلاقات بين إيران والجزائر.
يعد تعزيز العلاقات الاقتصادية في القطاع الخاص أحد نقاط القوة التي يمكن التعويل عليها أكثر من أي وقت مضى في العلاقات بين إيران والجزائر. ويمكن التأكيد على أن التعاون الاقتصادي بين البلدين في القطاع الخاص عرف استمرارا غير منقطع حتى في أثناء تفشي جائحة كورونا. وبالإضافة إلى ذلك، أعربت الشركات الإيرانية الناشطة في مجال الصحة، والتي اكتسبت خبرة قيّمة على مر السنين، عن رغبتها في نقل الخبرات إلى الشركات الجزائرية. ومن ناحية أخرى، وفي الفترة نفسها، تم إجراء عديد المفاوضات باستخدام تقنيات التحاضر عن بعد بين الفاعلين الاقتصاديين في القطاع الخاص في البلدين وهي لا تزال جارية لحد الساعة حيث نأمل بعد انحسار انتشار الفيروس أن تصل هذه المباحثات إلى النتائج المرجوة. ونظرا للتغيرات التي عرفتها بيئة الأعمال الجزائرية، لا سيما التغيير في قانون الاستثمار، أبدى القطاع الخاص الإيراني رغبته في المشاركة في قطاعات مثل الزراعة والإسكان والصيدلة والخدمات التقنية والهندسية، والتي نأمل أن تتحقق من خلال توفير الشروط. إن أرضية التعاون بين البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية جاهزة. أظهرت لنا جائحة كورونا أن الدول الإسلامية ذات المنظور الوثيق لديها الفرصة لمزيد من التعاون، سواء في مجالات التجارة أو إنتاج المواد الطبية أو نطاقات البحث. ونأمل أن ينمو جو التعاون المشترك بشكل ملحوظ خلال هذه الفترة وفي فترة ما بعد الجائحة.
أما بخصوص العلاقات الإيرانية و الأمريكية، إنتقد السفير الإيراني سياسة الإدارة الأمريكية الأحادية، التي لم يتمخض عنها سوى المزيد من التوترات والأزمات، حيث أخلت هذه الأخيرة بإلتزاماتها فيما يتعلق بالمعاهدات الدولية، ومن الأمثلة على ذلك انسحابها من اتفاقية باريس للمناخ وخطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) أو ما يعرف بالاتفاق النووي، مذكرا أن هذا الإنفاق هو "اتفاق متعدد الأطراف تم الحصول عليه عقب مفاوضات مطولة بين إيران والقوى الكبرى، وتمت المصادقة عليه من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في القرار المرقم "2231، مضيفا أن هذا التصرف الغير قانوني فرض أقصى قدر من الضغط على إيران، معتبره كما قال السيد وزير الخارجية الإيراني الدكتور جواد ظريف في تعبير دقيق "بالإرهاب الاقتصادي".
واصل السفير حديثه، مؤكدا عزم الجمهورية الإسلامية الإيرانية على المضي قدما بفضل شعب إيران العظيم الذي و لأكثر من أربعة عقود، لم يستسلم للغطرسة الأمريكية وواجه سياسة الضغط الأقصى بأقصى قدر من المقاومة.
أما فيما يتعلق بآفاق حل الخلافات بينهما مع تولي الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن زمام الأمور، صرح السفير أنه على الأمريكيين تمهيد الأرضية لإعادة تنفيذ هذه الاتفاقية المتعددة الأطراف لأنهم هم من خلقوا المشكلة بانسحابهم من الاتفاق النووي وليس إيران، مؤكدا إلتزام بلده بالوفاء بالتزاماتها في حالة التزام الآخرين بهذا الاتفاق.
يجب إبداء أي تعليق أو رأي عن جو بايدن بعد وضع سياساته وخططه وتنفيذها. لكن من المنتظر، كما رأينا في الحملة الدعائية، أن تتخلى الإدارة الأمريكية الجديدة عن سياساتها الأحادية وخلق التوترات في العلاقات الدولية، ومن خلال الوفاء بالتزاماتها ومراعاة القوانين الدولية، ستوفر الأرضية للأمن والسلم الإقليمي والدولي.
وفي ذات السياق، نعى سعادة السفير العالم الإيراني الإسلامي البارز، الشهيد فخري زاده، الذي إغتالته أيادي الغدر و الإرهاب، منددا بهذا الفعل الجبان والجريمة السافرة التي تعد انتهاك للقانون الدولي، ذاكرا مناقبه بإعتباره أحد كبار العلماء في إيران ومفخرة من مفاخر العالم الإسلامي الذي قام بأعمال علمية وبحثية في مختلف المجالات مع مجموعة من العلماء الإيرانيين الشباب.
أضاف السفير أن الشهيد إختتم مسيرته الحافلة بالإنجازات بمشروع لقاح كوفيد ـ 19 الذي إعتبره خدمة عظيمة للمجتمع البشري، مشددا أن ما يقض مضجع الأعداء من الصهاينة وأنصارهم هو تمكن المسلمين من الوصول إلى التقنيات والعلوم الجديدة.
وبخصوص التحقيقات و تداعيات هذا الفعل الجبان، أشار السيد مشعلجی زاده إلى تورط الكيان الصهيوني الغاصب الذي لطالما ارتكب أفعالا مماثلة في حق الأبرياء، معربا عن أمله في أن يدين المجتمع الدولي وبصوت عال مثل هذه الأعمال الإرهابية وأن يتم خلق جو في الممارسة العملية حتى لا يجرؤ مرتكبو هذه الجرائم على تكرارها مرة أخرى في أي مكان في العالم.
لا شك في أن الكيان الصهيوني قد ارتكب مرارًا وتكرارًا مثل هذه الجرائم في أعمال مماثلة في شكل إرهاب الدولة. وفي هذا الاغتيال أيضا، بحسب المسؤولين الإيرانيين المعنيين، هناك أدلة وأسباب على تورط الكيان الصهيوني فيه. وبعد اغتيال هذا العالم الإيراني البارز، أعلن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران عن إجراءين كتعليمات: أولاً ملاحقة هذه الجريمة ومعاقبة مرتكبيها وثانياً متابعة الجهود العلمية والفنية للشهيد في كافة القطاعات التي كان يعمل فيها. والجدير بالذكر أن المتابعة جارية ومستمرة في كلتا الحالتين."
كما تم التطرق في خضم هذا اللقاء إلى رغبة الكيان الصهيوني في تصفية الشهيد محسن زاده كما جاء على لسان رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، قبل عامين في أحد المؤتمرات الصحفية، معتبره “أبو القنبلة النووية الإيرانية”. و كتعقيب على ذلك، شدد السفير على تحامل القوى الإستكبارية على الدول الإسلامية بهدف منعهم من التطور و التمكن من التقنيات الحديثة، موضحا أن الأنشطة النووية للجمهورية الإسلامية الإيرانية لها أغراض سلمية وهي مخصصة للخدمات الإنسانية ولا سيما في مجال الطب والعلاج.
لقد أكدت عمليات التفتيش العديدة التي أجرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية ذلك مرارًا وتكرارًا. لكن كما قيل، فإن الكيان الصهيوني لا يريد لأي دولة إسلامية أن تتقدم. ولهذه الغاية، يحاول ضربها بعديد الأدوات التي يوفرها له أنصاره. كان الشهيد فخري زاده أحد أهداف إرهاب الدولة منذ بضع سنوات. ولمنع تحقيق هذا الهدف، اتخذت الجمهورية الإسلامية إجراءات لحمايته، ولكن في النهاية حدثت هذه الجريمة للأسف لأسباب سيتم الكشف عنها لاحقًا. إننا نشهد في مناطق مختلفة من العالم حالات مماثلة من العمليات الإرهابية تمكنت من طمس الإجراءات الأمنية الوقائية وتنفيذ اغتيال شخصيات بارزة، خاصة عندما تحظى العمليات بدعم إرهاب الدولة."
“إن محاولة التطبيع خطأ استراتيجي من قبل الدول التي تسلك هذا الطريق وستكون النتيجة بلا شك تعزيز محور المقاومة في المنطقة والوحدة والتضامن ضد هذا الكيان المغتصب”.
وبالرجوع إلى موجة التطبيع العربية المخزية مع الكيان الصهيوني، عبر السفير عن إستيائه الشديد، منددا بهذا الإنبطاح الذي سينقلب عليهم لا محالة، معتبرا هذه الخطوة خطأ استراتيجيا من شأنه تعزيز محور المقاومة.
“إن محاولة التطبيع خطأ استراتيجي من قبل الدول التي تسلك هذا الطريق وستكون النتيجة بلا شك تعزيز محور المقاومة في المنطقة والوحدة والتضامن ضد هذا الكيان المغتصب”.
وكرد على تطبيع المغرب مع الكيان الصهيوني، إعتبر السيد حسین مشعلجی زاده أن هذا الإعتراف ما هو إلا ذل وخضوع لن يجلب أي فائدة للدول المطبعة.
“أظهرت العملية التاريخية في التسوية أن العالم الإسلامي والدول التي توافق على التسوية مع الكيان الصهيوني لا تستفيد منها على الإطلاق، بل هذا الكيان الذي يسعى علانية إلى التوسع، هو الذي يستحوذ على حصة الأسد. في ضوء ذلك، من الواضح أن كل الدول المستقلة وذات السيادة وكذلك الأمة الإسلامية وشعوب العالم الحرة، تدين هذه الأعمال ولا تخضع لهذا الذل.
وبخصوص مآل القضية الفلسطينية، بعد موجة التطبيع، أكد السفير أنه:
من الطبيعي أن تظل قضية فلسطين هي الأولوية والقضية الرئيسة للعالم الإسلامي.
من الطبيعي أن تظل قضية فلسطين هي الأولوية والقضية الرئيسة للعالم الإسلامي. دفعت محادثات التسوية السابقة الفلسطينيين فعليًا إلى استنتاج أن الكيان الصهيوني لم يلتزم حتى بالحد الأدنى من التنازلات التي تعهد بها لهم، بل العكس، ازداد بمرور الوقت نطاق الأراضي المحتلة والمستوطنات الإسرائيلية.
وعن قضية الصحراء الغربية أوضح السفير أن قرار الإدارة الأمريكية بخصوص مصير هذا البلد ماهو إلا حبر على ورق لا يسمن و لا يغني من جوع، لأنه قرار أحادي عديم التأثير لافتقاره إلى الشرعية القانونية.
"ما فعلته الإدارة الأمريكية تجاه الصحراء وأعلنت عنه، يعتبر جزء من سياساتها الأحادية الجانب والتي ليس لها أي تأثير بسبب افتقارها إلى الشرعية القانونية. إن معالجة قضية الصحراء الغربية مسؤولية الأمم المتحدة وتتم من جانبها، ونعتقد أن على جميع الدول احترام قرارات هذه المنظمة في ما يتعلق بالصحراء الغربية."
و أردف السفير معقبا على فتح الإمارات قنصلية في العيون المحتلة المتزامن مع التطبيع، قائلا: "مثل هذه الإجراءات ليس لها تأثير في معالجة وحل القضايا الإقليمية، ولا سيما تلك التي يتم البحث فيها في اللجنة الرابعة لمنظمة الأمم المتحدة، ولن تُغير طبيعة هذه القضايا."
/انتهی/