وکالة مهر للأنباء - محمد صالح الاستاذ: بعد أربع سنوات من الفوضى والتصريحات العنترية رحل المعتوه ترامب مهزوما وملاحق سياسيا، وقد يصل به الأمر إلى العزل السياسي الدائم وهي التسوية المتوقعة حتى لا يصبح أول رئيس أمريكي تنفذ بحقه عقوبة السجن، ولم يسجن أي رئيس أمريكي سابقا لعدة إعتبارات، وجاءت الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن السياسي المخضرم المعتّق مع مجموعة من المتخصصين في مجالاتهم، والملامح الأولية للسياسة الخارجية بأن هذا الفريق ينتهج سياسة لبس قفازات ناعمة تغطي أيدٍ تحمل سموم قاتلة، وقد أثار إنتباهي في الإدارة الجديدة أنتوني بلينكن وزير الخارجية الذي يعتنق الدين اليهودي.
وتحدث عن تاريخ معاناة أسرته ومواجهتهم الصعوبات في بعض الأحداث القاسية على البشرية جراء الحروب والأزمات الإقتصادية، والإستهداف لليهود، ويدل ذلك على نزعة إنتقامية يهودية تمكن هذا السرطان الخبيث من الإنتشار والسيطرة على مفاصل صناعة القرار الدولي، وهو شخص يتقن اللغة الفرنسية ويعارض شعار أمريكا؛ أولا، لأنه يجعل أمريكا وحيدة بمفردها، وتنتهج سياسة تضر بمصالح الحلفاء، وكانت ردة الفعل من المفوضية الأوروبية تصريح رئيسة المفوضية ( الآن أصبح لدينا صديق في البيت الأبيض ) والمقصود الرئيس الأمريكي والإدارة الجديدة.
نهج الإدارة الامريكية هو إشراك الحلفاء في التطبيق العملي مما يعني أن القضايا في الشرق الأوسط أو غرب آسيا كما يسميها السيد القائد سيكون التعامل معها بأسلوب المجاميع، وهو ما سيجبر مجلس التعاون الخليجي بتنسيق المواقف مع الكيان الصهيوني المحتل
ويبين ذلك نهج الإدارة في أسلوب عملها، وهو إشراك الحلفاء في التطبيق العملي مما يعني أن القضايا في الشرق الأوسط أو غرب آسيا كما يسميها السيد القائد سيكون التعامل معها بأسلوب المجاميع، وهو ما سيجبر مجلس التعاون الخليجي بتنسيق المواقف مع الكيان الصهيوني المحتل، وهنا سيتضح جليا تطبيع المواقف السياسية تجاه القضايا التي تديرها واشنطن بالريموت كونترول، وكأن العصابة الصهيونية تقول ولا الضالين، ويرد عليهم المطبعين، آمين، ولذلك على شعوب المنطقة الوعي واخذ الحذر حول خطورة هذا الوضع، وسيتردد كثيرا في تصريحات المسؤولين ما يسمى حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
حل الدولتين وتقسيم القدس مرفوض رفضاً قاطعاً، وهذا الحل هو حل صهيوني، وهو مشروع تطبيع يغطّيه عبارات السلام والأمن والمصالح المشتركة وهو السيناريو الذي يريد الصهاينة فرضه وإستمراره، لكن الحل لا يأتي بالتسليم لهم، بل الحل يأتي بالقوة بتحرير فلسطين وتحرير القدس وتحرير الجولان السوري المحتل وإستمرار مشروع حركات المقاومة، وهو حق دولي يضمنه قوانين حقوق الإنسان (حق مقاومة المحتل )، والتاريخ يعلمنا بأن من يهن يسهل الهوان عليه ويصبح ذليلا، ويأتي زمان يبايعكم المحتل بقدمه لأنه يده مشغوله بنهب الثروات وسفك دماء الأبرياء، وتقادم الحق المسلوب لايعني سقوطه أو تحوله إلى ملكية المحتل، مازال الشباب يؤمنون بحق تحرير فلسطين، فالمقاوم ينقل روح المقاومة ويورّثها إلى أبناءه.
مصطلح تصدير الثورة، ليس المقصود فيه ثورة إسقاط أنظمة، بل هو تصدير مبادئ يمكن للأنظمة أن تطبقها، والمقصود هو أن تكون ثروات الدول لشعوبها، وسيادة الدول على قراراتها، وإستقلالية الهوية الثقافية للأمة، وتمكين الدول من إستقلاليتها وسيادتها من خلال الإكتفاء الذاتي والإعتماد على شعوبها
أيام قليلة تجمعنا مع مناسبة عودة الإمام الخميني رحمة الله عليه من باريس، ومناسبة عيد إنتصار الثورة الإسلامية، وكثيرا مايتردد مصطلح تصدير الثورة، ليس المقصود فيه ثورة إسقاط أنظمة، بل هو تصدير مبادئ يمكن للأنظمة أن تطبقها، والمقصود هو أن تكون ثروات الدول لشعوبها، وسيادة الدول على قراراتها، وإستقلالية الهوية الثقافية للأمة، وتمكين الدول من إستقلاليتها وسيادتها من خلال الإكتفاء الذاتي والإعتماد على شعوبها في القدرات العسكرية، والإنتاج الصناعي، وإستغلال الثروات الإستغلال الأمثل، وإستثمار القدرات البشرية، والخوض في مجالات تطوير العلوم وعدم حصرها على دول معينة.
ويتطلب ذلك قدرة الشعوب على الصبر وإستمرار العمل وتحمّل أقصى الظروف حتى تسترجع كرامتها المهدورة، ويأتي تزامنا مع هذه المناسبة وجود إدارة أمريكية جديدة تحاول إستعادة هيمنتها المطلقة على العالم، كما حصل بعد إنهيار الإتحاد السوفييتي، ولكن الهيمنة الفردية المطلقة على العالم إنتهت، ووزير الخارجية الجديد أنتوني بلينكن تبين أنه لايملك مشروع واضح، فهو ليس هنري كيسنجر أو بريجنسكي الذي ساهم في صناعة أسامة بن لادن أو كونداليزا رايس التي وضعت مشروع الربيع العربي وتغيير الأنظمة والتحالف مع التيارات الاخوانية للصعود بها للحكم مما يعطي الكيان الصهيوني الذريعة على شن الحروب.
وبالإشارة إلى هنري كيسنجر فهو الرجل التنفيذي في الحركة الماسونية وكانت ثمرة أعماله توقيع إتفاقية السلام بين مصر والكيان الصهيوني، وسبقها في عام 1975 ثلاث أحداث رئيسية:
- إغتيال الملك فيصل رحمة الله عليه.
- نشوب الحرب الأهلية في لبنان.
- توقيع إتفاقية الجزائر بين الشاه المعزول والمقبور صدام.
وتلك الأحداث الثلاثة خدمت مصالح الكيان الصهيوني، وساهمت في تأمين وجوده، ويأتي السؤال حول وزير الخارجية الجديد أنتوني بلينكن اليهودي الذي يضع مصالح الكيان الصهيوني المحتل؛ أولاً، ماهي الأجندة التي سيعمل على تنفيذها؟ وماهي الأولويات في سلم التنفيذ بوقت تعاني فيه أمريكا داخليا من أزمة إقتصادية وإنقسام سياسي يحتاج ترميمه وتوحيده فترة ليست بالقليلة لإعادة بناء الثقة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري؟ وداخل الحزب الجمهوري نفسه والذي دمره ترامب علما بأن بلينكن ليس بالمختلف عن كيسنجر وبريجنسكي وكونداليزا رايس وقد كان ضمن ال12 شخص في الغرفة مع باراك أوباما لمتابعة عملية تصفية بن لادن، وضمن الفريق الذي صنع الإتفاق النووي الإيراني.
الإتفاق النووي الإيراني الذي يسعى بايدن إلى تفعيله يأتي بعد أزمة جائحة كورونا، والأضرار على الإقتصاد العالمي هذا الإتفاق يحقق منافع إلى الشركات الأوروبية، ولكن ربط هذا الإتفاق بشروط أخرى لن تقبله إيران، مثل التفاوض على وقف برنامج الصناعات الصاروخية أو التفاوض على عدم تطوير الإستخدامات السلمية للطاقة النووية، فهذا الإتفاق يعتبر مخدر لمبادئ الثورة، ويضعف حلفاء إيران روسيا والصين.
لن تستطيع الإدارة الأمريكية بمفردها مواجهة روسيا والصين، ولذلك ستغذي جذور توتّرات سياسية، وتجر الدول إلى فخ الحرب لإستنزاف قدرات الصين، ويمكن أن تكون مع تايوان، وسيتم تأجيج الخلافات مع هونج كونج، ولا نستبعد الدعوة إلى الجهاد لنصرة مسلمي الإيغور، ( وهي حركات جهادية توظف لخدمة المصالح الأمريكية ودعم مشروع الهيمنة )، وكذلك تخفيض سعر الدولار ورفع أسعار النفط يرهق الإقتصاد الصيني، لأنها المستهلك الأكبر، وتمتلك رصيد نقدي ضخم من الدولار.
دول أوروبا لن تستطيع معاداة روسيا دون وجود بديل للغاز الروسي، وهو المشروع الذي ربط مصالح أوروبا مع روسيا بحيث لا يمكنهم إعتبار روسيا عدو، وهو أحد أسباب أن أمريكا لن تستطيع فرض الهيمنة المطلقة والقيادة الفردية للعالم
بالإضافة إلى دعم الإقتصاد الهندي وهو المشروع الأمريكي المناهض للمشروع الصيني، وهو دعم الدول الصناعية مثل كوريا الجنوبية والهند واليابان وكذلك تطبيق العقوبات الإقتصادية على الصين والضغط على الدول لعدم التعاون مع الصين وتحريك المنظمات الدولية ضد الصين ( منظمات حقوق الإنسان ووكالات التصنيف الإئتماني، والمؤسسات المالية مثل صندوق النقد والبنك الدولي والبنوك المركزية )، بهدف خلق نظام عالمي متكامل ضد الصين، وتهيئة الظروف المضادة للإقتصاد الصيني، وتجريح النظام السياسي الصيني، ومهاجمتهم إعلامياً حتى في السينما، لأن الإدارة الأمريكية لديها قناعة بعدم قبول الشعب الصيني، لترك العقيدة الشيوعية والتحول إلى العقيدة الليبرالية حتى وإن تحسنت ظروفهم المعيشية.
دول أوروبا لن تستطيع معاداة روسيا دون وجود بديل للغاز الروسي، وهو المشروع الذي ربط مصالح أوروبا مع روسيا بحيث لا يمكنهم إعتبار روسيا عدو، وهو أحد أسباب أن أمريكا لن تستطيع فرض الهيمنة المطلقة والقيادة الفردية للعالم، فذلك الزمان ولى إلى غير رجعة، وحتى في العالم الإفتراضي الذي خلقه الأمريكان إستطاعت الصين التفوق عليهم في الإستخدام وتطوير البنية التحتية التكنولوجية.
وتمتلك الصين قاعدة بيانات ضخمة وأنظمة متطورة وعسكريا تدعم كوريا الشمالية في مشروعها النووي بأسلوب الأيدي الخفية، وتهدد حلفاء أمريكا في شرق آسيا وتبين أن الإدارة الأمريكية ليست إدارة تحمل مشروع واضح شبيه بمشروع الطريق والحزام الصيني أو مشروع أوراسيا الروسي، بل إدارة تحاول إستعادة أمجادها من خلال محاربة النمو والتطور في الدول المنافسة لها، وسيجبرهم ذلك على إعادة إحياء حلف الناتو الذي ظهر في البداية لحاجة الدول للحماية من تهديدات الإتحاد السوفييتي، ولكن إنتفت تلك الحاجة ولم يعد لها وجود والمشروع الروسي اليوم مختلف كثيرا عن المشروع السوفييتي، فالروس تعلموا الدرس، فما هو الدافع أو التهديد الذي سيجعل حلف الناتو في حالة نشاط.
أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي يعتقد بأن إيران دولة إرهابية، وأن الكيان الصهيوني المحتل ليس عنصري، وفق هذه القناعة لن تكون السياسات الجديدة مختلفة عن سابقاتها
التحدي الأكبر للصين وروسيا هو القضاء على أي نشاط إرهابي بالعالم، لأن هذه الأنشطة تتذرع بها أمريكا للتوسع عسكريا وشن الحروب، مما يستوجب إرتفاع قدرات الأجهزة الإستخبارية في روسيا والصين لمنع حدوث أي عمليات إرهابية في جميع دول العالم، وفتح السفارات والقنصليات الصينية في العالم من مهامه فرض الأمن والتصدي لأي نشاطات إرهابية، وكيف يمكنهم التصدي للتمويل الرقمي المجهول المصدر، (شركات تنشأ بشكل متسارع).
أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي يعتقد بأن إيران دولة إرهابية، وأن الكيان الصهيوني المحتل ليس عنصري، وفق هذه القناعة لن تكون السياسات الجديدة مختلفة عن سابقاتها، وبلينكن يتفق مع بعض حماقات ترامب بأن الصين صنعت فيروس كورونا وصدرته إلى العالم، ويناقض نفسه بأنهم لايملكون المعلومات الكافية حول ذلك مما يعني إستمرار الهجمات الإعلامية المضادة للصين.
دول العالم أمام خيار صعب، ويتطلب مهارات دبلوماسية عالية الجودة، ويسندها إقتصاد قادر على النمو، وقوة عسكرية تخلق الردع السريع لتحجيم الحلم الأمريكي في العودة إلى الهيمنة المطلقة، والقيادة الفردية، ويمكن أن يستمر القلق لدى الشركات الأوروبية تجاه الإستثمار طويل المدى في إيران، لأن التساؤلات الجديدة؛ ماذا لو عاد مايك بومبيو بعد 4 سنوات على رأس الإدارة الأمريكية؟ وهل يمكن للحزب الديمقراطي أن يحافظ على الريادة الأمريكية؟ وماهي حصة الشركات الأوروبية إذا نفذت أجندة السلبطة الأمريكية وأرسلت جيوشها إلى الحروب أو عرضت مؤسساتها إلى الهجمات السيبرانية، هل يغامرون بوضع رهان كبير على صديقهم بايدن ؟.
/انتهى/