نحن على أعتاب من اكتمال ست سنوات منذ بداية العدوان على اليمن في يوم الـ26 مارس 2015م، هذا اليوم الذي شن تحالف العدوان السعودي الأمريكي عدوانا شاملا على بلادنا وفرض حصارا مطبقا على شريحة واسعة من أبناء الشعب اليمني.

وکالة مهر للأنباء _ ماجد الغيلي : خلال هذه السنوات دمر العدوان البنية التحتية لليمن واستهدف كل شيء دون مراعاة أدنى معايير إنسانية، وجرائمه الموثقة والمستمرة وأعظمها جريمة الحصار الخانق تشهد عليه بذلك، حيث استهدف المستشفيات والمدارس وصالات الأعراس وصلات العزاء، والمزارع والمصانع والأسواق والمدن والقرى، استهدف النساء والأطفال والشيوخ، ومنع ولا زال يمنع دخول المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة متسببا بأزمة خانقة في الوقود ما أدى لتوقف عدد من المستشفيات عن العمل وبالتالي وفاة العديد من المرضى.

كما أغلق تحالف العدوان مطار صنعاء الدولي بشكل كلي وتم حرمان الشعب من حقهم في السفر للخارج لأبسط حقوقهم كالعلاج والتعلم ناهيك عن التجارة والاستيراد، ودمر العديد من الطائرات اليمنية في حرم المطار، وبذلك خرج المطار عن الخدمة إلا عن المنظمات الأجنبية التي تذهب وتجي بشكل شبه يومي، مع تأكيد إدارة المطار جهوزيته لاستقبال وتسيير الرحلات المدنية إلا أن تحالف العدوان يريد إبقائه على حاله بدون أدنى مبرر.

وعند إقفال العالم مطاراته بسبب جائحة كورونا كإجراء وقائي ومنعا لنشره من دولة إلى أخرى، تعمد النظام السعودي بشكل لم يسبق له مثيل في إدخال هذا الفيروس إلى اليمن ونشره بين أوساط المجتمع اليمني مرة عبر مرتزقته الذين تحقق للجهات المعنية إصابة بعضهم به في جبهة ميدي وجبهات الحدود، والمغتربين الذين أجبرهم على العودة إلى اليمن عبر منافذ برية فتحها لهم، ومرة أخرى عبر إلقاء طائراته الحربية لصناديق بها كمامات ملوثة ومستخدمة من مصابين بالفيروس، في عدد من المحافظات اليمنية ما تسبب بوقوع مئات الوفيات في صفوف المواطنين وآلاف الإصابات، ولولا لطف الله وتدخله لكان هذا الفيروس فتك باليمنيين خاصة في ظل الوضع الصحي المتدهور والفقر الذي ضاعف منه العدوان وقلة الإمكانات ومنع وصول المستلزمات الطبية الضرورية.

إن هذا العدوان تسبب بأكبر كارثة إنسانية على مستوى العالم بحسب تقارير للعديد من المنظمات الدولية، ومع ذلك يقف العالم متفرجا والشعب اليمني يموت كل يوم بسبب العدوان تارة والحصار تارة أخرى، فيما المنظمات تسترزق باسم الشعب اليمني من خلال المؤتمرات التي تدعو المانحين للدفع فيها بسخاء، وتطلب مساعدات لتأكلها هي وتقدم لليمنيين الفتات مما تسميه مساعدات والتي اتضح أن بعضها كان منتهي الصلاحية ولم يعد صالحا للاستخدام الآدمي، ورغم المطالبات لهذه المنظمات أن تقدم المساعدات بشكل نقدي إلا أنها تصر على أن تقدمها بشكل مواد غذائية غالبا ما تكون فاسدة أو رديئة الجودة في أحسن الأحوال، وذلك لتجعل من الشريحة التي تستلم هذه المساعدات تنتظر ولا تعمل شيئا كالزراعة والإنتاج المحلي وأعمال أخرى كثيرة تحصل من خلالها على متطلبات العيش الكريم. 

على مستوى الاقتصاد اليمني قام تحالف العدوان بنقل البنك المركزي من صنعاء حيث مقره الرئيسي إلى عدن الذي يوجد بها فرع لهذا البنك، ولم يقف عند هذا الحد، بل قام بطباعة كمية كبيرة تقدر بالمليارات من الريالات مما تسمى بالعملة الجديدة بغير غطاء ما يجعلها في حكم المزورة، أغرق بها السوق وأراد أن يتم التعامل بها حتى في المناطق التي يسيطر عليها المجلس السياسي الأعلى في خطوة خبيثة تهدف للإضرار بقوت المواطن وإفقاد العملة القديمة قيمتها أمام الدولار، الأمر الذي تداركته حكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء وألغت التعامل بها نهائيا لتعود من حيث أتت، وليتضرر حينها الشعب في الجنوب كونه رضي بالاحتلال والممارسة التعسفية التي يمارسها بحقه قادة التحالف هناك ومسؤولي ما تسمى بحكومة المرتزقة والذين لم يعملوا لهم شيئا، لا خدمات، لا كهرباء، ولا رواتب بشهاداتهم هم، وفي المقابل ينهبون ثرواتهم ويسيطرون على مقدراتهم لتذهب إلى البنك السعودي ويتم تموليها في الحرب العدوانية على أبناء اليمن الأحرار، ويجندونهم كمرتزقة ليقاتلوا نيابة عنهم في الحد الجنوبي في الصفوف الأولى دفاعا عن النظام السعودي ويستخدمونهم كدروع بشرية في حالة غريبة وشاذة أن يصبح اليمني يقاتل أبناء وطنه مع دولة أجنبية محتلة!

في المقابل، وكما كانت هذه السنوات الست سنوات عدوان وظلم وقهر وحصار، كانت في ذات الوقت سنوات صمود واستبسال ودفاع مقدس وانتصارات على كل المستويات يسطرها أبطال الجيش واللجان الشعبية.

يظهر ذلك جليا في كل خطاب لقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي الذي يلقيه عشية هذه المناسبة ويدشن فيه الصمود للعام الذي يليه، وهذه المرة سيدشن الصمود للعام السابع معتبرا يوم السادس والعشرين من مارس يوماً وطنياً للصمود، كما يدعو للحضور الكبير والمشرف في هذه المناسبة لكي يسمع العالم صوت هذا الشعب الممتلئ بنبرات الحرية والعزة والكرامة.

كما يظهر من خلال تنامي القدرات العسكرية والتصنيع العسكري وآخرها ما كشف عنه قبل أيام في معرض الشهيد القائد للصناعات العسكرية، الأمر الذي يبين ما وصلت إليه قدراتُ التصنيع العسكرية للقوات المسلحة اليمنية من السلاح بكافة أنواعه الاستراتيجية البحرية وَالجوية وَالبرية، من صواريخ باليستية إلى الطائرات المسيرة إلى المدفعية والقناصة وغيرها مما حفل به المعرض.

وكمثال على تنامي القدرات العسكرية، عملية توازن الردع السادسة للقوات المسلحة اليمنية والتي نفذتها في العمق السعودي في 7  مارس 2021م مستهدفة شركة أرامكو السعودية في ميناء رأس التنورة ومواقع في الدمام وعسير وجيزان، عملية عسكرية كبيرة تؤكد التنامي المتسارع في القدرات النوعية للقوات المسلحة اليمنية، والتي ادعى تحالف العدوان في أكثر من مرة أنه قام بتدميرها ليأتي اليوم الذي يتم إثبات عكس ذلك على أرض الواقع.

بهذه العملية الكبيرة والواسعة وقبلها عمليات الردع الخمس السابقة يفرض اليمن معادلة جديدة تستوجب من قوى العدوان القبول بشروط صنعاء شاء ذلك أو أبى طالما واستمر في عدوانه وحصاره على أبناء الشعب اليمني، فاليوم وبعد ستة أعوام من الصمود لم يعد اليمن كما كان في أول يوم شُّن عليه العدوان، هناك متغيرات كثيرة تصب في صالح اليمن واليمنيين وتغرق الطرف الآخر في حرب استنزافية تنهكه عسكريا واقتصاديا وحتى على مستوى سمعته على مستوى الإقليم والعالم بأنه مجرم وقاتل للأطفال والنساء، وأنه ابتدأ حربا ظالمة وغير مبررة وهو الآن يذوق وبال ما صنع، وفي حال حصلت تسوية فستكون بالشروط التي يفرضها أنصار الله الحوثيين باعتبارهم الممثل الحقيقي والشرعي عن أبناء الشعب اليمني وبصفتهم المكون الأصيل الذي اصطف خلفه مختلف أطياف وفئات الشعب اليمني وقواه الحره لمواجهة هذا العدوان المتغطرس والظالم.

ست سنوات من الصمود في وجه العدوان هي برغم التضحيات الكبيرة صنعت من اليمن رقما صعبا في المنطقة، ست سنوات أخرست ألسنة الباطل وأبواق العدوان، ست سنوات أرت الحرب المدمرة في اليمن كل من له عينين مدى بشاعة وإجرام النظام السعودي ومن تحالف معه من دول وتعاون معه من مرتزقة كأدوات تحت المظلة الأمريكية والإسرائيلية ولتنفيذ مشروعهم المدمر في المنطقة العربية، ست سنوات يقطف حصاد انتصاراتها المتوالية شعب صامد أبي رفض الذل والانبطاح وسعى بشكل دؤوب للتصدي لهذا العدوان بكل أشكال التصدي والدفاع والدعم للجبهات بالمال والسلاح والرجال، ست سنوات من العدوان تغيرت المعادلة لصالح الطرف المستضعف وهو هنا الشعب اليمني الذي كان يراد له الاحتلال ولعرضه الاستباحة ولأرضه الاحتلال ولثرواته النهب والسلب بغير حق كما هو حاصل في المناطق الرازحة تحت الاحتلال في المحافظات الجنوبية وعلى رأسها مدينة عدن التي يسمونها بالعاصمة المؤقتة.

هذه المتغيرات تؤكد أن الإعداد لمواجهة الأعداء بالمتاح والمستطاع له ثمار كبيرة لا يتخيلها الإنسان إلا عندما يدرك كيف سيكون الحال فيما لو لم يكن هناك ذلك الإعداد وترك المجال مفتوحا أمام الأعداء لينالوا ما يريدوا ويفعلوا ما يشاءوا بلا ممانعة أو أدنى مقاومة.
وبذلك نختم لنؤكد أن تحالف العدوان كلما استمر أكثر كلما تم استنزافه أكثر وضعف أكثر وفي المقابل كلما طور الطرف المدافع نفسه أكثر وضاعف من قدراته بشكل أكبر وسقفه تصاعدي لا يقف عند حد، سيتحدث حينها الواقع بالطريقة التي ستؤلم قوى العدوان حيث الوجع الكبير.

/انتهی/