تاريخ النشر: ١٢ أبريل ٢٠٢١ - ١٧:٣٩

توفّيَ العلّامة وقاضي الشرع والمثقّف السيّد محمد حسن الأمين عن عمر 75 سنة. كان الراحل قد أصيب بفيروس كورونا، ما ترك مضاعفات سلبية على صحته. وأمضى نحو أسبوعين في العلاج المكثّف، لكن الأطباء كانوا يأملون باستعادة عافيته، إلى أن عاد التدهور إلى رئتَيه وقلبه الی أن وافته المنیة السبت.

وأفادت وکالة مهر للأنباء نقال عن الاخبار أنه ولد العلّامة الأمين، في بلدة شقرا (قضاء بنت جبيل) سنة 1946، حيث درس المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، فيما كان يتابع دراسته تحت إشراف والده السيد علي مهدي الأمين، في علوم اللغة والنحو والصرف والمنطق. وانتقل الى حوزة النجف في العراق عام 1960، حيث تابع دراسة الفقه وأنهى دراساته العليا عام 1972، تاريخ عودته إلى بلدته شقرا في جبل عامل.

دخل الراحل سلك القضاء الشرعي الجعفري عام 1975، ثمّ عُيّن قاضياً في مدينة صور حتى عام 1977، قبل أن ينتقل إلى مدينة صيدا وبقي رئيساً لمحكمتها حتى سنة 1997، حين نُقل إلى المحكمة العليا بصفة مستشار إلى يوم وفاته.

اهتمّ بالأدب والشعر منذ صغره. وكانت له مساهمات في "مجلة النجف"، كما شارك في إصدار وتحرير "مجلة الكلمة" في النجف، الى جانب مساهمات في مجلة "عبقر". وله عدة مؤلفات؛ منها: "الاجتماع العربي الإسلامي"، "نقد العلمنة والفكر الديني"، "بين القومية والإسلام"، "الإسلام والديموقراطية"، "مساهمات في النقد العربي"، "وضع المرأة الحقوقي بين الثابت والمتغير"، "حقوق وواجبات المرأة المسلمة في لبنان" (مع آخرين)، "الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر، سموّ الذات وخلود العطاء".

علاقته بفلسطین ورجاله

كان العلّامة الأمين، الى جانب الراحل السيد هاني فحص، من رجال الدين الذين انخرطوا في العمل السياسي المباشر. وكانا على علاقة وطيدة بمنظمة التحرير الفلسطينية وخصوصاً حركة "فتح" وربطتهما علاقات خاصة مع قيادتها ولا سيّما الرئيس الراحل ياسر عرفات ورئيس السلطة الحالية محمود عباس. إضافة الى علاقات مع قيادات الأحزاب والقوى التي شكّلت الحركة الوطنية في لبنان، وتفاعلا مع المنظمات العربية والإسلامية. وأظهرا اهتماماً خاصاً بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران.

أدّى العلّامة الراحل دوراً بارزاً في مرحلة التصدي للاحتلال الإسرائيلي للجنوب عام 1982. وتحوّل منزله في صيدا الى مركز يلتقي فيه مناضلون وناشطون في مقاومة الاحتلال، كذلك وثّق علاقات قوية مع القيادات الفاعلة في المدينة من علماء وقيادات مدنية وسياسية من مشارب فكرية مختلفة. وظلّ على تواصل وثيق بالقوى الفلسطينية في مخيمات الجنوب. وكانت له مواجهات مباشرة مع قوات الاحتلال التي عملت لاحقاً على إبعاده إلى بيروت. ومن هناك واصل دوره في التحريض على مقاومة الاحتلال، وجرى تعطيل محاولة اغتيال كان العدوّ يعدّها له في العاصمة.

عاد إلى الجنوب بعد تحريره عام 1985، ورفع من مستوى حضوره السياسي والثقافي والأدبي، واشتهر بانفتاحه على الحوارات مع أصحاب الأفكار الأخرى سياسياً وعقائدياً. لكن في مرحلة التسعينيات، ظهر التوتر على علاقته مع القوى البارزة على الساحة الشيعية وخصوصاً حركة أمل، قبل أن يشوب التوتر علاقته مع حزب الله، وهو ما استمر حتى وفاته.

صوت داعم للمقاومة

لم تربط الراحل علاقة جيدة بسوريا، وكان الحذر أساس العلاقة بين الجانبين، وخصوصاً أنه ظلّ في موقع المناصر لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح. لكن علاقته مع حزب الله أخذت بعداً مختلفاً، من الناحيتين الفكرية والسياسية. وقد ظلّ صاحب صوت داعم للمقاومة في وجه الاحتلال. على أن القطيعة بين الجانبين قامت فعلياً في مرحلة ما بعد عام 2006. حين بدا الراحل، كما السيد هاني فحص، أقرب إلى القوى المخاصمة لحزب الله. وابتعد الراحل تدريجياً عن النشاط العام بمعناه المتعارف عليه في القرى والبلدات الجنوبية.

ربطت الراحل علاقات جيدة بمعظم قوى فريق 14 آذار وشخصياته السياسية والثقافية والإعلامية والدينية. وأمضى سنواته الأخيرة في الجنوب، فكانت له صلات ناشطة مع مرجعيات دينية وسياسية في عراق ما بعد عام 2003. واشتهر العلّامة الراحل بمواقفه النقدية للعقل المتحجّر دينياً، وتأييده للأفكار التي تعزّز الحوار وحقوق المرأة والتنوّع. كما كان له تصوّره الخاص لتطوير مؤسّسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وخصوصاً بعد وفاة الشيح محمد مهدي شمس الدين.

ووري العلّامة الأمين في الثرى عصر أمس الأحد في بلدته شقرا. وصدرت بيانات نعي له من قبل العديد من القوى والشخصيات في لبنان والخارج.

/انتهی/