وكالة مهر للأنباء - عبدالله مغامس: زادت التعقيدات أمام تشكيل الحكومة اللبنانية، على خلفية دخول كل من رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، في سجال علني متبادل، في ظل استبعاد أي خرق إيجابي لانهاء الأزمة، في حين انه بات الجمود سيد الموقف، فالخروج من المأزق الحالي، الذي يكبر يوميا يصطدم بجملة عقبات سياسية وحزبية.
وردا على حديث للحريري، اعتبرت الرئاسة اللبنانية أنه "يحاول من خلال تشكيل الحكومة فرض أعراف جديدة خارجة عن الأصول والدستور". وكان الحريري قد حمّل الرئيس عون مسؤوليّة تأخير تشكيل الحكومة، مؤكدا أنه قدم "لرئيس الجمهورية اقتراحا بتشكيلة من 18 وزيرا اختصاصيين غير حزبيين".
في حين لم تتوصل المساعي والاتصالات بين بعض السياسيين اللبنانيين إلى حل لتشكيل الحكومة التي لا تزال متعثرة في غياب أي مبادرات لإعادة الزخم لتأليفها. وخيّر الرئيس اللبناني، ميشال عون، رئيس الحكومة المكلف، سعد الدين الحريري، بين تشكيل حكومته فورا أو إفساح المجال أمام الآخرين، ليرد الحريري بالدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة وطالب الرئيس عون بمصارحة اللبنانيين بشأن أسباب عدم التوقيع على التشكيلة الحكومية.
إن التأخير في تشكيل حكومة في لبنان يرجع جزئيّاً إلى أسباب داخلية، ولكن هذه الأسباب هي نفسها مدفوعة بقضايا إقليمية أوسع، وبما أن الصراع الاقليمي يزداد تعقيدا وشدة في الظرف الحالي فليس من المرجح أن يحدث في المستقبل القريب تحقيق تقدم في المحادثات حول تشكيل حكومة لبنانية بمعزل عن التأثير الإقليمي.
وفي هذا الصدد اجرت وكالة مهر للأنباء حوارا صحفيا مع مسؤولة العلاقات العامة في هيئة قضاء طرابلس في التيار الوطني الحر "مايا فريد الخوري"، واتى نص الحوار على الشكل التالي:
* من هو المسبب الرئيسي للازمة اللبنانية واختلال توازن البلاد هل هم الاحزاب والتوجهات السياسية ام هي مشاكل فساد ام اياد خارجية لا تريد للبنان بالنهوض؟
لا يمكن فصل الداخل عن الخارج في الازمة اللبنانية فلطالما كان لبنان ساحة تصفية حسابات متعددة على المستوى الإقليمي والدولي ومما يسهّل هذا الموضوع هو استزلام اكثر الاحزاب الداخلية للخارج.
لكن فيما يتعلق بنهوض لبنان من عدمه لا نستطيع ان نتّهم الاطراف المتصارعة في لبنان سواء في الداخل او الخارج بانها تسعى لاغراق لبنان فالطرفين يسعى كل من وجهة نظره الى قيام لبنان ورفاهيته لكن الخلاف يكون في شروط وآلية هذه القيامة فهنالك مشروع يريد للبنان قيامة سيادية للدولة بعيدا عن الخنوع والتطبيع وجعل الفساد الداخلي قانون يُعمل به وبين من يرى قيامة لبنان تكمن من خلال التطبيع مع كيان العدو والابقاء على الشخصيات الفاسدة التي تحكم البلد منذ ٤٠ عاما.
الازمات السياسية المتتالية تخللتها حروب واعتداءات واغتيالات خلفت انقسامات وشللاً في المؤسسات الدستورية وأرخت بثقلها على آليات صنع القرار ووضع السياسات العامة وخطط التنمية
واذا اردنا التوسّع أكثر في اسباب الازمة الحاصلة اليوم فلا بد لنا ان نبدأ بالتحدث عن السياسات والهندسات المالية التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة منذ عام ١٩٩٠، ومنذ بدء الاقتراض لتمويل اعادة اعمار لبنان بعد انتهاء الحرب الاهلية ثم بناء اقتصاد اعتمد بالدرجة الاولى على الخدمات والسياحة وجذب الاستثمارات الخارجية، كما تحويل اقتصاد لبنان من منتج الى ريعي.
في المقابل عدم حصول اصلاحات بنيوية في الادارة والمرافق العامة بسبب البيروقراطية والمحسوبيات ونظام المحاصصة الطائفية الذي تكرّس بعد الحرب، وتثبيت سعر صرف العملة الدائم، كما ان الازمات السياسية المتتالية ايضا التي تخللتها حروب واعتداءات واغتيالات خلفت انقسامات وشللاً في المؤسسات الدستورية وأرخت بثقلها على آليات صنع القرار ووضع السياسات العامة وخطط التنمية.
أضف الى ذلك، سياسة الدين التي اعتمدتها هذه المنظومة، التي حكمت منذ ال ٩٠، اغرقت البلاد في الدين العام متأملةً ان يوماً ما هذا الدين "بينشطب بشحطة قلم" مقابل السلام مع اسرائيل.
اضف الى ذلك، نحن اليوم نتعرض لحصار دولي وعربي يمكن اختصار اسبابه بثلاثة نقاط:
١. رفض توطين الفلسطينيين.
٢. رفض ابقاء النازحين السوريين.
٣. الاصرار على حقنا في ترسيم الحدود والمحافظة على نفطنا وعدم التفريط به.
* هل وجود حزب الله في الحكومة شكّل عائقاً امام ووصول المساعدات والدعم الدولي الى لبنان؟
في الواقع ان وجود حزب الله في الحكومة لم يشكل عائقاً اما المساعدات الدولية، ذلك ان لحزب الله الحق السيادي بالمشاركة في الحكومة طالما انه يمتلك كتلة نيابية تشارك في الندوة البرلمانية، لكن كي نجيب بشكل دقيق على السؤال علينا اولا تحديد عن اي مساعدات دولية نتكلم ؟.
قالت مسؤولة العلاقات العامة في التيار الوطني الحر ان المتحدة الامريكية هي من تمنع المساعدات عن لبنان ليس حزب الله
الولايات المتحدة الأمريكية تمتنع عن مساعدة لبنان وتمنع من يعملون لصالحها من ذلك مثل فرنسا والسعودية بسبب حزب الله و هذا صحيح، لكن الحزب لمن يمنع المساعدات من الصين وايران وروسيا والتي هي بدورها تصنف دولية، وهذه المساعدات يتم عرقلتها داخل لبنان عبر ادوات الولايات المتحدة الأمريكية اي فعليا الولايات المتحدة الامريكية هي من تمنع المساعدات عن لبنان ليس حزب الله.
* هل مسألة تشكيل الحكومة هي الحل لاخراج لبنان من دوامة الانهيار؟
تشكيل الحكومة هو بداية الحل وليس كل الحل فوجود ادارة سياسية تتمتع بكل الصلاحيات الدستورية تستطيع البدء بالاصلاحات والمعالجات التي تعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان وعلى راس هذه الاصلاحات هو التدقيق الجنائي لأنه لم يعد ممكناً الفصل بين تأليف الحكومة والتدقيق الجنائي، حيث تحوّلت المماطلة بإجراء التدقيق إلى نهج ثابت لدى المعنيّين به، ولا سيما مصرف لبنان ووزارة المالية.
وهذا يعبّر بوضوح عن أن زمن تأليف الحكومة لم يحن بعد، فرئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، حاسم في المضيّ حتى النهاية في التدقيق الجنائي معتبراً أنه "معركة تحرّر"، والرئيس المكلّف سعد الحريري لن يؤلّف إلا إذا ضمن اعتماد التدقيق الجنائي، الذي يطاله ويطال حلفاءه.
لا بد من التنويه الى انه ورغم كل الحملات الاعلامية والشائعات التي تطالنا، والهجوم العنيف على فخامة الرئيس العماد ميشال عون وعلى عهده وعلى التيار الوطني الحر، وكلنا نعلم انها حرب سياسية مفتعلة من "مافيا الطائف" رداً على اوادمية ونضافة ووطنية فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي قال لأميركا في عقر دارها :نحن منقرر مش انتو بتقرروا عنا"، والذي قال لا للتوطين، لا لابقاء النازحين ونعم لحق لبنان في الدفاع عن نفسه امام اي اعتداء اسرائيلي، ولن نتنازل عن ارضنا وثرواتنا النفطية والمائية.
سيذكر التاريخ ان عهد الرئيس عون كان عهد التأسيس لبناء لبنان القانون والمؤسسات والقضاء على الفساد
رغم كل هذا سيذكر التاريخ انه في عهد الرئيس ميشال عون تم وضع اول مسمار في نعش الفاسدين، سيذكر التاريخ ان عهد الرئيس عون كان عهد التأسيس لبناء لبنان القانون والمؤسسات والقضاء على الفساد المستشري فيه منذ عشرات السنين.. سيذكر التاريخ ان يوما من الايام لبنان قد تم عرضه للبيع ووحده الرئيس ميشال عون من اوقف بيعه، وقطع ايادي كل من سوّلت له نفسه ان يمد يده على لبنان، وحمى سيادته ولم يساوم لا على بلده ولا على شعبه ولا على مقاومته.
سيذكر التاريخ انه في زمن التطبيع العربي الاسرائيلي، وحده لبنان وعلى رأسه فخامة الرئيس العماد ميشال عون بقي صامداً شامخاً مقاوماً رغم الحصار الدولي والعربي و"الداخلي "
* كيف تقرأين تهديدات رئيس الجمهورية للحريري بتشكيل الحكومة أو الانسحاب؟
فخامة الرئيس العماد ميشال عون لا يهدد لكنه يلقي الحجة على الرئيس المكلف امام الشعب خاصة انه عاجز دستوريا عن ازاحة الرئيس المكلف عن التكليف ضمن الاطر الدستورية.
وبالتالي ما قام به فخامة الرئيس هو حرصاً منه على تشكيل الحكومة لوضع حد لما آلت اليه الظروف في البلاد، خاصة انه لم يتبقَ الكثير من الوقت لانتهاء ولايته ولا يمكنه ان يبقى متفرجاً على رئيس مكلف يضع التكليف بجيبه ولا يريد تشكيل حكومة غير آبه بوضع الشعب المنهار.
طريقة التعامل هذه لا تصلح مع أناس خسروا الحرب بالطيران السوري لكنّهم أعادوا التوازن بنضالاتهم
طريقة التعامل هذه لا تصلح مع أناس خسروا الحرب بالطيران السوري لكنّهم أعادوا التوازن بنضالاتهم اضف الى ذلك ان الرئيس المكلف سعد الحريري اراد ان يتشبه بوالده الشهيد رفيق الحريري وحاول ان يتعامل مع رئيس الجمهورية وكأنه باش كاتب عنده. من هنا اقول له:
"يا شيخ سعد لا انت رفيق الحريري ولا الرئيس ميشال عون هو الياس الهراوي، هيديك الايام ولّت لأن اخر رئيس حكومة تعامل مع رئيس الجمهوري ك" باش كاتب" استشهد في ال ٢٠٠٥، رحمة الله عليه. كما ان طريقة التعامل هذه لا تصلح مع أناس خسروا الحرب بالطيران السوري لكنّهم أعادوا التوازن بنضالاتهم ".
* كيف تقرأ التحذير الفرنسي "يجب إنهاء تعطيل تشكيل الحكومة اللبنانية"؟، في حين قال دبلوماسي فرنسي إن بلاده وشركاءها الدوليين سيحاولون زيادة الضغط على الساسة في لبنان. ما هو المخرج من كل هذه الازمات برأيك؟
ان حاجة الادارة الفرنسية لصنع انجاز بالملف اللبناني كي تصرفه في الانتخابات المقبلة هو حاجة ملحة خاصة ان ادارة ماكرون متهمة بالتبعية التامة لواشنطن لكن لا نستطيع ان ننسى ان الإدارة الفرنسية تمتلك اوراق ضغط فعلية على بعض القيادات السياسية في لبنان وخاصة الحسابات المالية الموجودة باسمهم في المصارف الاوروبية.
* ما هو المخرج من كل هذه الازمات؟
في ظل فساد مستشرٍ منذ٣٠ سنة، وارادة خارجية مطعمة بتآمر الداخل تريد فرض اجندتها في موضوع الغاز، الحدود، التوطين تسعى لقتل الروح المقاومة لاعتداءات الكيان الصهوني المستمرة.
يجب على كل الاقطاب الداخلية المشاركة في حصارنا ان تعلم انها مهما فعلت وتآمرت لن تصل الى مبتغاها
هناك رئيس جمهورية عنيد لم يعتد الإذعان والرضوخ، لم ولن يساوم على بلده وشعبه ولن يسمح للتواطؤ الداخلي والخارجي بـ"لَي ذراعنا"، رئيس جمهورية استطاع من خلال ما بقي له من صلاحيات، فرض معادلة مزدوجة على الرئاستين الثانية والثالثة هما: " مش هيك بتحكوا معي، وما فيكن ما تحكوا معي".
من هنا يجب على كل الاقطاب الداخلية المشاركة في حصارنا ان تعلم انها مهما فعلت وتآمرت لن يصلوا الى مكان، فمخرجهم الوحيد هو وضع يدهم بيد الرئيس ميشال عون وتشكيل حكومة تتبني الاصلاحات المطلوبة للنهوض بالبلد كما عليهم ان ينتزعوا من رأسهم فكرة عرقلة التدقيق الجنائي الذي سيفضح المستور وسيحد من الفساد، وصولا لبناء دولة القانون والمؤسسات.
/انتهى/