منذ عقود عمل الغرب سيما الاستعماري منه على تسويق افكار ودراسات وابحاث تتحدث عن فقدان الشباب العربي والمسلم للأمل بأنظمته وبأوطانه، وبأنه يعيش في حالة احباط وصراع بينه وبين مجتمعه، وحتى بينه وبين ذاته، وبأنه شباب استهلاكي لا انتاجي.

وكالة مهر للأنباء - نسرين نجم(*): منذ عقود عمل الغرب سيما الاستعماري منه على تسويق افكار ودراسات وابحاث تتحدث عن فقدان الشباب العربي والمسلم للأمل بأنظمته وبأوطانه، وبأنه يعيش في حالة احباط وصراع بينه وبين مجتمعه، وحتى بينه وبين ذاته، وبأنه شباب استهلاكي لا انتاجي، وعمم على ادواته الاعلامية بمختلف وسائلها بتطبيق مفهوم "غسل الدماغ" القائم على قتل العقل وتغييبه، عبر التفنن بالكلمة.

فتأثير الكلمة في الآخر يتم عن طريق اساليب متقنة مدروسة متفننة بعرضها، وعبرها يتم الوصول الى نقاط الضعف لدى كل فرد ليتلاعبوا بها وفق غاياتهم، وهذا ما استغلته الجماعات الارهابية وغيرها من الجهات التي قامت بتجنيد العديد من الشباب سيما اولئك الذين يفتقرون للشعور بالامان النفسي، وغير مندمجين اجتماعيا في مجتمعاتهم ومع محيطهم.

وللاسف نجح الى حد ما الغرب بزرع هذه الافكار في مجتمعاتنا، وساعد بذلك ان بعض الجهات المعنية ان كان من وزارات او جمعيات او مؤسسات المجتمع المدني وتلك التي تعنى بالاحصاءات قامت بنقل دراسات وأبحاث الغرب عن الشباب دون القيام بدراسات دقيقة وابحاث واقعية، معتبرة ان المعلومات والارقام التي يجمعها الغرب اكثر دقة وشفافية، متناسين بأن الغرب المدعي يصنع المعلومة والمفردة كما تريد سياسته.

ووفق مخطط مدروس وممنهج وبعيد كل البعد عن الواقع المعاش، فتنقل هذه المعلومات وتعززها داخل المنظومة القيمية لكل مجتمع، والأخطر ان بعض الشباب صدقها لا بل واعتنقها، بظل تقاعس عدد كبير من الحكومات بإستيعاب هذه الفئة النابضة بالعطاء والتغيير والتجديد.

لكن ما حصل في الاونة الاخيرة من المقاومة البطلة للشباب اليمني والبسالة لدى شباب الحشد في العراق، والانتصارات التي حققها الشباب اللبناني في المقاومة الاسلامية والوطنية على العدو الصهيوني، والابداعات والابتكارات والانجازات التي حققها الشباب الايراني في مواجهة العقوبات القصوى وخلق مفهوم اقتصادي جديد هو "اقتصاد مقاوم"، والمواجهات البطولية للشباب في الجيش السوري ضد الجماعات الارهابية والتكفيرية.

انتصار الشعب الفلسطيني فضح الضعف والتهالك في المؤسسة العسكرية والسياسية للكيان الصهيوني

واخيرا وليس آخرا الصدمة التي تلقاها جيش العدو ومن خلفه الولايات المتحدة والدول المستعربة المطبعة نتيجة المواجهات النضالية المشرفة التي جرت على يد الشباب الفلسطيني في وجه كيان الاحتلال، والتي استطاع هؤلاء الشباب ان يفضحوا الضعف والتهالك في المؤسسة العسكرية والسياسية للكيان المحتل.

كل هذه المواجهات والمواقف البطولية لهؤلاء الشباب، اضف الى ذلك النقطة الاهم والتي لا يمكن ان نغفل عنها الا وهي الوعي الجمعي والذي تمثل بالمسيرات والاعتصامات والتظاهرات التي قادها الشباب العربي والمسلم وشارك فيها الكثير من النشطاء من مختلف الجنسيات وفي كافة انحاء العالم تنديدا ورفضا للعدوان الصهيوني على غزة، وعلى المقدسات الدينية في الاقصى، وصولا الى تمزيق العلم "الاسرائيلي" على اسطح السفارات الصهيونية كما حصل في فرنسا.

وحتى ان الرأي العام العالمي تغيرت نظرته بالمجمل تجاه الكيان الغاصب نتيجة الجرائم التي ارتكبها بفلسطين المحتلة والتي تم توثيقها ونقلها عبر وسائل مواقع التواصل الاجتماعي.

كل هذه التحركات وحركات المقاومة والتحرر التي يقودها الشباب تدل على نهضة قومية واعية، وتشير للانتماء للارض بعكس ما روجت له الماكينات الاعلامية التابعة لمحور الشر، وتثبت على مدى تمسك هؤلاء بهويتهم الوطنية، وبأنهم ابناء عقيدة وأصالة ومبادئ وقناعات لا تهتز بكلمة ولا بدراسة.

التجربة الاخيرة اظهرت ان الحلفاء في محور المقاومة هم قلب واحد، ويد واحدة

ما حصل سيما في الفترة الاخيرة من المواجهات البطولية لهؤلاء الشباب الذين كانوا كبنيان مرصوص من فلسطين المحتلة الى الجمهورية الاسلامية ولبنان والعراق وسوريا واليمن العزيز، سيما انه كانت هناك غرفة عمليات مشتركة لمحور المقاومة وهذا يعطي زخما واندفاعا اكثر واكثر لشباب المحور، ما حصل ان هذه التجربة الناجحة اظهرت محور المقاومة بقلب واحد ويد واحدة.

وما لفت الانظار والقلوب تلك الشهامة اليمنية التي هزت مشاعرنا وأبكتنا، فهم رغم الحصار القاسي ورغم فقدانهم لأدنى مقومات العيش، وجدناهم يقيمون حملات مالية للتبرع لأهل غزة، ويطل علينا قائدهم الشاب الفذ ليطلعنا بأنه مستعد ان يقسم الخبز بالتساوي بينه وبين الشعب الفلسطيني.

هذه الروح القتالية الرائعة تعجز العلوم والكتابات عن وصفها، ويقف علم النفس حائرا امام عظمة ما حصل، وكيف ان فئة قليلة استطاعت ان تغلب اقوى واعتى دول العالم، وكيف نجحت في 11 يوما ان تنسف عمليات التطبيع مع العدو.

قالت نسرين نجم ان ما نحتاجه هو استثمار الطاقات والكفاءات وتحصين هذه الانتصارات عبر تعزيز ثقافة المقاومة ليس فقط العسكرية بل الثقافية والفكرية والنفسية

ما حصل ليس بسهل ولا بيسير انما هو يدل على ان شبابنا أصيل، هويته واضحة، يرفض الظلم والطغيان، ما يحتاجه هو الاهتمام والرعاية والاستفادة لا بل استثمار طاقاته وكفاءاته وابداعاته، كما حصل في الجمهورية الاسلامية، ما نحتاجه هو تحصين هذه الانتصارات عبر تعزيز ثقافة المقاومة ليس فقط العسكرية بل الثقافية والفكرية والنفسية، لان الحرب الحالية والقادمة ستكون اصعب واشرس واقسى لانهم سيتوجهون نحو دواخلنا نحو ذواتنا.

ولنعمل كما قال سماحة القائد السيد الخامنئي (دام ظله الشريف):" ما اؤكد عليه هو الروحية الثورية، معناها ان الانسان الثوري، الذي يمتلك الشجاعة والمبادرة، ان يكون ايضا من اهل العمل، ان يبدع ويبتكر، ان يخترق الطرق المسدودة، يفكك العقد الصعبة، لا يخاف من اي شيء، يتمتع بالامل بالمستقبل، يتحرك بوضوح وأمله بالله نحو المستقبل، هذه هي الثورية، هذا هو الانسان الثوري، يجب المحافظة على هذه الروحية الثورية"./انتهى/

(*) اختصاصية في علم النفس الاجتماعي